الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذا ما جناه دستور الاخوان

بودريس درهمان

2013 / 7 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


عزل الرئيس مرسي عن منصب الرئاسة هل هو انقلاب على الشرعية الديمقراطية أم لا؟ كجواب على هذا السؤال، أعتقد أنه لا يجب اعتباره انقلابا على الشرعية الديمقراطية للرئيس و في نفس الوقت كذلك لا يجب اعتبار تدخل الجيش عملا مشروعا. لماذا؟ لان الاثنين معا حزب الاخوان المتأسلمين و مؤسسة الجيش استولوا على صلاحيات تحديد الدستور المخولة اصلا للشعب المصري.
لكي يتم اعتبار عزل الرئيس المصري انقلابا على الشرعية الديمقراطية يجب أن يكون هنالك دستورا يفرز جهازا تنفيذيا واضحا، و محدد الصلاحيات وفي غياب هذا الجهاز التنفيذي الواضح و المحدد المكونات و الصلاحيات لا يعدو أن يكون الامر صراعا دائما حول السلطة بين اطراف كل مرة يزيح فيها هذا الطرف الطرف الاخر.
غياب الجهاز التنفيذي الواضح و المحدد الصلاحيات و المكونات يتجلى في الصلاحيات التي تخولها المادتين 54 و 56 من الاعلان الدستوري لسنة 2011 لسلطة الرئاسة من جهة و سلطة الجيش من جهة ثانية.
المتصفح لنص الاعلان الدستوري سيتسائل لماذا تصلح المادة 54 التي تنص على انشاء مجلس وطني للدفاع يترأسه رئيس الجمهورية مع وجود المادة 56 التي تحدد مهام المجلس الاعلى للقوات المسلحة في ادارة البلاد على الشكل التالي:
"يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد ولـه في سبيل ذلك مباشرة السلطات الآتية :
1. التشريع.
2. إقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة ومراقبة تنفيذها .
3. تعيين الأعضاء المعينين في مجلس الشعب .
4. دعوة مجلسي الشعب والشورى لانعقاد دورته العادية وفضها والدعوة لاجتماع غير عادى وفضه .
5. حق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها .
6. تمثيل الدولة في الداخل والخارج، وإبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية ، وتعتبر جزءاً من النظام القانوني في الدولة .
7. تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم وإعفاؤهم من مناصبهم.
8. تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين وعزلهم على الوجه المبين فى القانون، واعتماد ممثلي الدول الأجنبية السياسيين .
9. العفو عن العقوبة أو تخفيفها أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون.
10. السلطات والاختصاصات الأخرى المقررة لرئيس الجمهورية بمقتضى القوانين واللوائح . وللمجلس أن يفوض رئيسه أو أحد أعضائه في أي من اختصاصاته . "
المادة 56 من الاعلان الدستوري المصري هي في حد ذاتها دستور لوحده و هي في غنى عن باقي المواد الدستورية الاخرى.
الرئيس المخلوع مرسي لم يسعى الى المساهمة في تنظيم و ترتيب الجهاز التنفيذي المحدد على الاقل في الحالة المصرية في السلطة الرئاسية في علاقتها بسلطة الجيش و سلطة كل الاجهزة الامنية الاخرى. بالكيفية التي تم بها صياغة الاعلان الدستوري يتضح انه كان يسعى فقط الى توظيف الجيش في تنفيذ مخطط يرى بأنه هو الامثل للحالة المصرية و هذا هو حال كل من يستفرد بالسلطة و يعطي لنفسه الحق في التصرف و في اختيار ما هو امثل للآخرين.
حاليا، كل الذين يتموقعون سواء مع الرئيس مرسي أو مع الجيش الوطني المصري لا يعملون الا على المساهمة في تعقيد الوضع اكثر. ليس بالقوة سيعمل الجيش المصري تنظيم السلطة في مصر و ليس بالقوة كذلك سيعمل المتظاهرون على تحرير الرئيس المخلوع مرسي و اعادته الى سدة الرئاسة.
كل الدول تعيش ازمات من هذا النوع، لكن الدول الديمقراطية تستطيع احتواء هذه الازمات عن طريق ايجاد تعديلات في تمفصلات و مساطر جهازها التنفيذي حتى يستطيع هذا الاخير احتواء كل دواعي الازمة و التصدعات.

كل جهاز تنفيذي متناسق و متماسك ، من المفروض أنه يتميز بالتمثيلية الشاملة لكل مكونات الشعب، لكن حينما ينحو هذا الجهاز التنفيذي الى التمثيلية الفئوية كما حصل مع الرئيس المصري المخلوع فان هذا الجهاز يحكم على نفسه بالدخول في المواجهات الميدانية مع باقي المكونات الاخرى. لقد انسحب من لجنة تعديل الدستور اللبراليون و العلمانيون و الديموقراطيون و الاقباط فماذا بقي في لجنة تعديل الدستور حتى يتوفر هذا الدستور على مكون التمثيلية الشمولية لكل مكونات الشعب المصري. ليس هذا فقط بل لقد استعان الرئيس المخلوع بقوة الجيش المصري و باقي الاجهزة الامنية الاخرى لتمرير بنود دستوره الغير متوفر على الشرعية التمثيلية لكل الشعب المصري و لما احس بتمكنه من الجيش و الاجهزة الامنية اراد ان يزيحها هي الاخرى غير مكترث بقوتها و تجربتها سواء في الصراع السياسي الداخلي المصري او في الصراع السياسي و الاستراتيجي الدولي.
كل جهاز تنفيذي ينبني على الانفراد بالقرارات مصيره المواجهة مع الشارع، حدث هذا للرئيس المصري جمال عبد الناصر و حدث للرئيس أنوار السادات كما حدث للرئيس حسني مبارك و هاهو يتكرر مع الرئيس الاخواني مرسي.
الجهاز التنفيذي للولايات المتحدة الامريكية مثلا يتحدد تقريبا في كل مؤسسات الدولة الامريكية و الجهاز التنفيذي للحكومة الفرنسية هو الاخر جهاز مزدوج نصفه رئاسي و النصف الاخر بين يدي رئيس الوزراء، و مؤسسة الجيش و اجهزة المخابرات هي تحت تصرف الاثنين و في استشارة دائمة معهما.
يصعب كثيرا سرد خصوصيات الاجهزة التنفيذية للدول الديمقراطية لكن ما هو مهم في هذه الاجهزة التنفيذية هي مسارات اتخاذ القرار فهذه المسارات هي محددة بالمكونات و المساطير و حتى حينما يحصل و تقرر هذه الاجهزة التنفيذية الاشتغال و اتخاذ القرار خارج المساطير و القوانين اثناء بعض الازمات الخاصة و المستعصية فإنها تقوم بذلك بالتشاور و الاتفاق و ليس بالاستفراد و الاقصاء.
اعتقد ان الرئيس المصري المخلوع اتخذ قرار الاتجاه مباشرة الى الحائط كما فعل سابقوه من الرؤساء المصريين المخلوعين و المقتولين، لأنه، ليس هنالك أي مبرر لأي رئيس دولة الاستفراد بالقرار لوحده و عزل الاخرين خصوصا و ان كل القضايا اليومية هي قضايا شائكة و مستعصية؛ و من يستعمل وسائل العزل و الاستفراد في حق القوى الاخرى سينتظر الرد و هذا ما حدث للرئيس مرسي و لحزب الحرية و العدالة التنظيم السياسي الممثل لحركة الاخوان المسلمين في مصر.
الزعماء السياسيون الذين يركبون مخاطر الحصول على مناصب ريادية في الاجهزة التنفيذية وهم لا يتوفرون على تصور و رؤيا واضحين لكيفية اشتغال و اتخاذ القرارات من طرف الجهاز التنفيذي الذي هم مكون اساسي فيه، مثل هؤلاء يعرضون شعوبهم و يعرضون انفسهم و القوى السياسية التي يمثلونها الى الخطر و هذا ما حصل للرئيس مرسي و حصل للشعب المصري ولحزب الحرية و العدالة المصري. لهذا انصح القوى السياسية الوطنية المغربية عدم الانصياع مع الرئيس المصري المخلوع و عدم الانصياع كذلك مع الجيش المصري اذ هو سعى أو تمادى في احتكار تمثيلية الجهاز التنفيذي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE