الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لنتفاوض هذه المرة كثوار، ولنترك التفاوض السياسي جانبا

مجدي مهني أمين

2013 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


غلطتنا الكبرى أننا عملنا ثورتين كبار، ولكن لم نكمل التفاوض مع من تسلموا السلطة كثوار، حدث هذا مع المجلس العسكري في ثورة 25 يناي، فقاد الإخوان الحوار مع المجلس وأداروه لمصلحتهم؛ جعلوا الانتخابات أولا، وعلى الأرض، أداروا تزييف الصناديق حتى سقطت الثمرة وحكموا البلاد، وصاغوا الدستورعلى هواهم، وصارت كافة المقدرات في يدهم.
- وكيف كان الحل من هذه الكارثة وهذا التزييف؟

كان الإخوان هم الحل، إذ لم يقدموا شيئا يذكر للمواطن الغلبان غير الجنة اللي وعدوه بها لما يصوت لمصلحتهم، وكيس الإرز وزجاجة الزيت ، لقد أوضحوا هم بأنفسهم للمواطن، إزاي هم كدابين ومزيفين، وأنه ليس لهم علاقة بأي دين، لأن الدين معاملة، ومعاملتهم لم تتفق مع فهم الناس للدين.

ثم خرج الناس في ثورة غير مسبوقة لمواجهة الرئيس، خرج الناس رغم الخطر من أن تنكل بهم جماعة الإخوان المسلمين، أو أن تصم الرئاسة آذانها عن مطالبهم، وهنا تدخل الجيش كي يحمي الناس ويحقق مطالبهم، فرحل مرسي وتسلم أمر البلاد رئيس المحكمة الدستورية.

وهنا تتكرر نفس الغلطة؛ فمع الرئيس المؤقت، ورغم وجود "جبهة تمرد" وباقي القوى كممثل شرعي للثورة، نجد أن من يدير الحوار هم السياسيون ومحدثو السياسة كـ "حزب النور"، وبدلا من أن يكون الهدف هو إرضاء الجماهير التي خرجت في 30 يونيو ، أصبح إرضاء "حزب النور" هو الهدف.

وكسب "حزب النور" المعركة الأولى في إزاحة الدكتور البرادعي عن رئاسة الحكومة، وإزاحة كل من تم ترشيحهم بدلا منه، وكسبوا المادة الأولى من الإعلان الدستوري، تمهيدا لدستور الدولة الدينية.. وهذا ليس بمستغرب، فقد كان "حزب النور" هو اللاعب الرئيسي في صياغة الدستور المعيب المسلوق اللي أرادوا به سرقة الثورة والبلاد والعباد.

الخطأ المتكرر أن جماهيرنا تقوم بثورة، ثم نتحول بعد الثورة إلى مفاوضين سياسيين، مفاوضين تواؤميين، فتأتي النتائج متواضعة، أو أحيانا ما تكون ضارة بالصالح العام. لذا فالحل أن نكمل التفاوض مع أولي الأمر بنفس الروح الثورية اللي صبها الشعب العظيم في قلوبنا، أن نكمل التفاوض مع أولي الأمر كثوار، وذلك لسبب بسيط هو أن الثورة لم تنتهِ بعد، لأنها لم تحقق أهدافها بعد.

لقد أثبتت الدولة الدينية فشلها في أول تجربة لها مع أكبر فصيل منها، الفصيل الذي كان يعد نفسه لتولى مهام الدولة منذ أكثر من 80 عاما، الفصيل اللي كانت قواعده في كل مكان، والذي دانت له الدولة بمعظم مؤسساتها. فشلت التجربة لأنهم:
- خادعوا الناس، ولم يحققواالحد الأدني من العدالة، ولا حد الكفاف لرفاهية الشعب.
- ولم تضف تجربتهم للدين شئيا بل حاولت أن تأخذ منه؛ إذ نسبوا أخطاءهم للدين، فكانوا، ولازالوا، يكرهون ويقتلون ويكذبون ويجندون الفقراء بإسم الدين.
- فشلت لدرجة أنها لم تشجع الناس أن يكملو معا أكثر من عام واحد.

لقد فشلت تجربة الدولة الدينية، ونحن الآن نريد دولة مدنية لا مكان فيها لأحزاب دينية، ولا لدستور يكرس للمذهبية الدينية، ولو كنا لا نزال نريد المزيد فلنكمل بوضوح مع الدولة الدينية، أما لو كنا قد تعلمنا فلننحِ الفكرة جانبا، ولنبدأ دولتنا المدنية الحديثة.

نحن الآن في مرحلة الحوار الثوري، حوار الخيارات وليس المواءمات، فالمؤامات تأتي لاحقا بعد أن تستقر البلاد ونرسي المبادئ الأساسية للدولة.

نتائج الحوارات لهذه المرحلة ستكون فاصلة، وهذه المرة لن نحاسب الرئيس المؤقت، ولا الجيش ولا الشرطة، بل سنحاسب القوى الثورية؛ فهى المسئولة في هذه المرحلة من الحوار مع أولي الأمر، هي المسئولة أمام التاريخ والشعب عن كل قطرة دم قد تسيل في ثورة ثالثة على دولة دينية قد تصل للحكم نتيجة لهذه الحوارات السياسية الضعيفة مع "حزب النور" وغيره التيارات الدينية.

فعلى كافة القوى الممثلة للثورة أن تدير تفاوضا ثوريا حول الخيارات الأساسية، وألا تدير تفاوضا سياسيا.. هذا التفاوض السياسي الذي يمكن أن يدار على شاكلة: "معلش .. والسياسة خد وهات.. وأصل فيه توازنات دولية" ..كلام من هذا النوع الذي قد يفقدنا ثقتنا في ثورتنا ويخرجنا بعيدا عن الدولة المدنية لنعود مرة أخرى لمشروع الدولة الدينية.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصعيد إسرائيل في شمال قطاع غزة هو الأعنف منذ إعلان خفض القوا


.. طفل فلسطيني برفح يعبر عن سعادته بعد تناوله -ساندويتش شاورما-




.. السيناتور ساندرز: نحن متواطئون فيما يحدث في غزة والحرب ليست


.. البنتاغون: لدينا بعض المخاوف بشأن مختلف مسارات الخطط الإسرائ




.. تظاهرة مؤيدة لفلسطين في بروكلين للمطالبة بوقف تسليح إسرائيل