الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجربة الإخوانية فى حكم الدولة المصرية

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2013 / 7 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


صحيح أن الأخوان المسلمين تعرضوا للظلم منذ نشأة الجماعة فى عام 1928م لكنهم لم يبادوا أو يقتلوا. من المعروف أنهم كانوا على صلة بالنظام السابق وكانوا يعقدون معه اتفاقات وتفاهمات وصفقات. وعلى حد قول المحامى ثروت الخرباوى القيادى السابق بجماعة الإخوان فى برنامج على قناة "أون تى فى" يوم الخميس 31 يناير الماضى فإن الدكتور مرسى سبق أن صرح أن الجماعة لن تقوم بمزاحمة رموز الوطن فى دوائرهم خلال الانتخابات البرلمانية فى عام 2005م. ويقصد بهؤلاء فتحى سرور وزكريا عزمى واحمد عز. جاءت ثورة 25 يناير المجيدة التى شارك فيها الإخوان بعد تردد لتعطيهم فرصة عظيمة لكى يقودوا سفينة الوطن إلى بر الأمان ولكى يردوا الجميل للشعب المصرى غير أن السفينة توقفت فى وسط المياه تحاصرها الأمواج من كل جانب مما حدا ببعض الثوار أن يهبوا لانقاذ ما يمكن انقاذه.

الشعب المصرى طالما تعاطف مع الإخوان وساندهم على اعتبار أنهم متدينون وعير مغالين فى الدين. أتذكر حين كنت طالبا فى السبعينيات أن زار مدينة قنا الأستاذ عمر التلمسانى المرشد العام حينذاك الذى استقبل استقبالا حافلا فى دار الشبان المسلمين. لقد كانت كلماته ساحرة تنطلق معها سماحة الإسلام وبساطته. لعل مسئولى الإخوان يتذكرون جيدا أن هذا الشعب وقف بجانبهم فى انتخابات 2005م حيث تم انتخاب ثمانية وثمانين عضوا، أى حصلوا على 20% من عدد المقاعد ليصبحوا أكبر كتلة معارضة فى البرلمان. وكذلك حصلوا على 47% من عدد المقاعد فى الانتخابات البرلمانية التى أجريت بعد الثورة. فور انتخاب الإخوان فى مجلس الشعب عام 2012م قرروا تطبيق مبدأ الإقصاء حيث سيطروا على كافة اللجان المهمة ثم سرعان ما سعوا للسيطرة على مقاليد الأمور من خلال إصدار تشريعات تتعلق بالانتخابات الرئاسية. المثير للدهشة أن المحكمة الدستورية العليا أصدرت حكما تاريخيا فى 14 يونيو 2012م ببطلان القانون الذى أجريت على أساسه الانتخابات البرلمانية وترتب على ذلك انهيار اللجنة المنوط بها كتابة الدستور.

ورغم أن الإخوان سبق أن تعهدوا أنهم لن يقوموا بترشيح أى أحد فى الانتخابات الرئاسية 2012م إلا أنهم قاموا بترشيح خيرت الشاطر رئيسا للجمهورية لكنهم علموا أن هذا الترشيح سوف يرفض لاعتبارات قانونية فقاموا بترشيح الدكتور محمد مرسى. لقد تعاطف الشعب مع مرشح الإخوان بعد أن تعهد فى أكثر من لقاء تلفزيونى أنه سوف يخضع لإرادة الشعب وأنه سوف يترك السلطة لو قرر جزء من الشعب ذلك. الجدير بالإشارة أن الشعب المصرى وجد نفسه بين خيارين لا ثالث لهما: الدكتور مرسى والفريق شفيق. لا شك أن الإخوان أول من أعلنوا أن المنافسة فى جولة الإعادة سوف تكون بين مرسى وشفيق. لقد كانوا فرحين بهذه النتيجة لأن شفيق محسوب على النظام السابق. لقد أدركت معظم القوى الثورية أن فوز الفريق شفيق الذى يعتبر مبارك أستاذه ومعلمه معناه عودة مبارك للسلطة مرة أخرى. وبالفعل أعلنت الكثير من القوى السياسية مثل حركة 6 ابريل وخلافه تأييدها لمرسى الذى فاز فى 16 يونيو 2012م بمقعد الرئاسة. وانتهى الأمر بأن أختار الشعب مرشح الاخوان الدكتور محمد مرسى الذى حصل على 51%.

لقد مر عام على حكم الرئيس مرسى والإخوان لكنه لم يستطع أن يقدم علامات أو إشارات أن الشعب فى بؤرة الاهتمام. لم يستطع الرئيس أو الجماعة تقديم حلول ناجزة للأزمات الاقتصادية الطاحنة أو لمواجهة تدهور الوضع الاقتصادى فى مصر التى احتلت رقم 34 فى قائمة الدول الفاشلة فى عام 2013م أى أن الوضع تدهور منذ 2011م حيث كانت تحتل رقم 45. الغريب أن القائمة الواردة فى تقرير وكالة Poors and Standards تتضمن أكثر من مائة دولة حيث تأتى دولتان فى ذيل القائمة بتقدير CCC+: مصر وجاميكا. وبدلا من مواجهة أزمة انقطاع الكهرباء نتيجة نقص وقود الطاقة ومواجهة سد النهضة الاثيوبى الذى يهدد الوطن وبدلا من وضع أسس إعادة الأمن والأمان إلى الشارع المصرى فقد رأيناه يتجه لتحقيق أهداف أخرى. لقد بدأ فترته الرئاسية بإلغاء قرار رقم 350 لسنة 2012م الذى أصدره المشير طنطاوى تنفيذا لحكم المحكمة الذى اعتبر مجلس الشعب منحلا وهذا القرار الذى كان يتعلق بعودة مجلس الشعب المنحل لممارسة صلاحياته وفقا للإعلان الدستور الصادر بتاريخ 30 مارس 2011م زعزع الثقة بينه وبين الشعب وقدم إشارة مفادها أنه رجل لا يحترم القوانين. الغريب أن أعضاء المجلس لم يكذبوا خبرا فوجدناهم يرتدون ملابسهم فى عجالة ويسرعون الخطى إلى مجلس الشعب ليعقدوا جلسة غير أن فرحتهم لم تكتمل حيث أصدرت المحكمة الدستورية العليا فى 10 يوليو قرارا جديدا بحل مجلس الشعب وبعدم دستوريته. وبالفعل رضخ الرئيس لكلمة المحكمة وفى 11 يوليو أعلن الرئيس تراجعه عن قرار عودة المجلس مؤكدا التزامه بأحكام المحكمة.

لم يفقد الرئيس الأمل بل عقد العزم على إصدار إعلان دستورى فى 21 نوفمبر 2012م، إعلان يتضمن قرارات مثل تعيين نائب عام جديد وتحصين قراراته الرئاسية وجعلها غير قابلة للطعن منذ توليه مقاليد الحكم وحتى انتخاب مجلس شعب جديد. فعل ذلك بعد أن حاصر موالوه المحكمة الدستورية ومنعوا قضاتها من دخول المبنى لممارسة عملهم. كما رأيناه يقوم بتعيين وزراء من الإخوان فى وزارات مهمة مثل الثقافة والشباب والتعليم والتموين. وهؤلاء الوزراء سرعان ما عملوا على أخونة المؤسسات التى يترأسونها. لم يعر الرئيس اهتماما لأصوات الألم التى تصدر من فئات الشعب. فمثلا انتفض المثقفون لأن الوزير اتخذ عدة قرارات قبل الوصول إلى مكتبه فى الوزارة: إقالة مديرة الأوبرا وإقالة رئيس هيئة الكتاب ومدير دار الوثائق والمحفوظات ليستبدلهم بشخصيات موالية له. المهم أن الأخطاء التى ارتكبها الرئيس منذ توليه مقاليد الحكم كان من الممكن تفاديها لو أنه أتخذ القرارات بنفسه ومن دون تدخل أى طرف من خارج مؤسسة الرئاسة. من الواضح أن الرئيس مرسى لم يستفد من تجارب مبارك لأنه أرتكب ذات الأخطاء، منها عدم الاستماع للأصوات الآتية من الخارج وإقصاء أصحاب الخبرة والمعرفة والاعتماد على أهل الثقة.

لعل ما حدث للتجربة الاخوانية لا يمكن أن يتكرر فى مكان آخر سوى مصر. لقد تلاشت التجربة الاخوانية مع حكم مصر فى غضون سنة منذ انطلاقتها فى 30 يونيو 2012م. الغريب أن الجماعة التى ظلت تستعد للانقضاض على الحكم فى مصر طيلة ثمانين عاما انتابتها مشاعر الغرور والكبر معتقدة ان مكانتها لن تتزحزح فى المنظومة المصرية. ورغم أن ثورة 30 يونيو كانت معلنة ومذاعة قبل اطلاقتها بعدة شهور إلا أن رجال الجماعة ونساءها وشبابها فوجئوا بالعدد الهائل الذى خرج ليقول:"لا للإخوان". لم يدرك الاخوان أنهم وفروا كل العون لهذه الثورة: أزمة البنزين والسولار وانقطاع الكهرباء ورغيف العيش وخطاب د. مرسى قبل الثورة بثلاثة أيام.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اهل الكهف
د/سالم محمد ( 2013 / 7 / 10 - 16:39 )
ان مشاهدة الاجتماع الرئاسى الخاص بموضوع سد النهضة و ما ورد فيه من مبادرات و افكار و مقترحات يؤكد ان هؤلاء الاخوان يعيشون فى عالم خيالى خاص بهم و انهم يتحركون فى كهوف و فى زمن القرن السادس الميلادى .
انهم يذكروننا بالقصة التى اوردها الكتاب المقدس و اعاد القرآن روايتها و اسلمتها عن اهل الكهف الذين ينتمى اليهم (الاخ) عبد الحكيم عثمان الذى صدعنا بخزعبلاته و صلعمياته مستغلا’ روح التسامح لدى (الحوار المتمدن) .

اخر الافلام

.. #shorts - 80- Al-baqarah


.. #shorts -72- Al-baqarah




.. #shorts - 74- Al-baqarah


.. #shorts -75- Al-baqarah




.. #shorts -81- Al-baqarah