الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختبارات جماعية على جماعة الإخوان المسلمين

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2013 / 7 / 15
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


في ما أشاهده اليوم من أحداث غريبة في مصر التي ناضلت من أجل الديموقراطية قبل عامين، وتناضل ضد الديموقراطية بشكل من الأشكال، أو بكلّ الأشكال، هذا العام، لا بدّ من أن أذكر أنّني كما تفاجأت بوصول الإخوان المسلمين إلى السلطة أتفاجأ بطردهم منها.

لكنّ المفاجأة قد تزول إذا ما توصلت لنتيجة مفادها أنّ من "سمح" لجماعة الإخوان المسلمين بتولي السلطة قبل عام، ها هو نفسه اليوم "يتيح" لهم باب "التخلّي" عن السلطة.

هي سنة اختبار لا شكّ، كما يؤكد المتبصرون أبعد في الشؤون العربية كافة، بعد اشتعال الثورات عام 2010، لكنّ السؤال من يختبر من؟

أهي أميركا تختبر الحكم الإسلاموي "السني" في أكبر دولة في الشرق وإيصال من يصل عبر الديموقراطية مع الحفاظ على مصالحها كما هي؟ أم أميركا الثائرة على نفسها مع رئيسها غير المسبوق، التي تريد أن تسلخ نفسها نهائياً من هذا الشرق، لتستبدله بمنبع اقتصادي آخر، في أولوية على أيّ أهمية استراتيجية؟

أم السعودية الساعية أبداً بمنظومتها الأميركية إلى تسيّد الشرق السنّي، كوكيل أميركي يقرن رعاية مصالح واشنطن ببث عقيدته، فتهدف في ذلك لكسر شوكة الإخوان المسلمين عبر إيصالهم إلى السلطة بهدف إحلال السلفيين مكانهم على مستوى البنى التحتية للمجتمع المصري مع ما في ذلك من فوائد عظيمة لآل سعود، وسند لدولتهم الثمانينية، لا تغيب عنه المشاريع القافزة كلّ مرة بخصوص ضمّ مصر إلى مجلس التعاون الخليجي؟ فالسعودية تعلم جيداً أنّ أسرع طريق لتفكك الإسلامويين وضعفهم هو في إيصالهم إلى السلطة، خاصة في بلد متطور مدنياً وثقافياً واجتماعياً كمصر؛ التي تفوق ثقافة أهلها ثقافة الإسلامويين الأصولية بأشواط عديدة اختبرت كوزموبوليتانية الملكية، وقومية الناصرية، وليبرالية الساداتية- المباركية.

أم هي إيران التي لا تريد لأحد منازعتها على زعامة لم تترسخ بعد على العراق والشام بلبنانها وفلسطينها وصولاً إلى سيناء، خوفاً من أن يكبر حليفها الإخواني ويستقل بنفسه في الجمهورية الإسلامية في مصر التي تشكل المقلب الآخر مذهبياً للجمهورية الإسلامية في إيران، وما في ذلك من سحب لأوراق طهران الفلسطينية، وهي التي رأيناها تتهاوى، ولو ظاهرياً، مع تقرّب حماس من قطر، وهي الممول الرئيسي للإخوان، وارتمائها في أحضان الجماعة في مصر؟

أم العسكر أنفسهم؛ أولئك المحترفون في "تنفيس" الجماهير؛ وهم الذين لم يتخلوا يوماً عن حكم مصر منذ ثورة الضباط الأحرار عام 1952 حتى اليوم، بحسب تحليل لمركز "ستراتفور" في الثالث من تموز (يوليو) الجاري تحت عنوان "الوجه المقبل للربيع العربي"؟

يبقى الإحتمال الأخطر، وهو اختبار الجماعة لنفسها في الحكم اختباراً نموذجياً، تسيدت فيه البرلمان والشورى واللجان الدستورية ورئاسة الجمهورية، وأجرت التبديلات في العسكر والخارجية والقضاء ودوائر الحكم المحلي؛ فأقالت من أقالت ونصبت من نصبت، وخاضت معارك سياسية غير مسبوقة مع مؤسسات الدولة، كما استفتت أميركا والغرب أصحاب المصلحة الإقتصادية، والإستراتيجية في المنطقة، فأثبت الإخوان نجاحهم في مجالات عديدة منها صون معاهدة كامب- ديفيد، ورعاية هدنة حماس مع الصهاينة، كما تمكنوا من المماطلة حتى آخر نفس مع صندوق النقد الدولي بعد حصول حكومة هشام قنديل على الموافقة المبدئية على القرض، رغم كلّ الإهتزازات الأمنية التي ضربت مصر في عهدهم والتي تمنع -منطقياً- إمدادها بالمبلغ الضخم. اختبرت الجماعة نفسها وانسحبت بهدوء وخضوع لم نعهده في حركات معروفة بعدم سلميتها -رغم كلّ الإستعراض الحاصل والدماء المهرقة- إلى مكان كانت فيه سابقاً في مرحلة من المراحل التي تحددها بنفسها، لتعاود يوماً ما مشروعها بالطريقة ذاتها أو بطرق أخرى وتعديلات، بحسب النتائج التي خرجت بها من اختبارها.

يكثر الجدل اليوم حول ماهية تحرك الجيش؛ إن كان انقلاباً على الشرعية، أم تصحيحاً للخط الديموقراطي، وبالتالي ثورة الجماهير المصرية التي "سرقها" الإخوان المسلمون منذ ما قبل الإنتخابات التشريعية. تلك الجماهير نزلت وتنزل اليوم وستنزل كلّ مرة؛ بهدف فردي لكلّ شخص فيها يجتمع مع غيره على كلٍّ واحد؛ تجسّد اليوم في رفض حكم الإخوان. لكنّ الجماهير نفسها لا يجب أن تنسى أنّ الإخوان المسلمين إذ "سرقوا" الثورة إنّما "سرقوها" بمساعدة أطراف، ورعاية أطراف، وإشراف أطراف، وتواطؤ أطراف، ورضا أطراف، وتطنيش أطراف، ربما تجتمع كلّها اليوم لاستكمال الإختبار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا