الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تموز يا حبيب عشتار

مصطفى بالي

2013 / 7 / 19
القضية الكردية


منذ الأزل كان العشاق مادة لإبداع الشعراء,مراثيهم يرددها العشاق المتأخرون عن قطار الهوى ,أولئك المتعربشون بخاصرة اللغة،يغيرون في الجمل،في التعابير،في الأحاسيس،عسى ولعل أن يكون مصيرهم مختلفا عما سبقهم,أن يحظوا بجمالية الوصال,يرتشفونه رحيقا،سليبيلا,ويتجنبوا تجرعه علقما مريرا,لكن هيهات هيهات فمنذ الزل كتب التاريخ مآسي العشاق.
تموز هو الوحيد الذي حظي بعشتار في كل مرة،حيث يقتل بيد الآلهة عقابا لعشتار التي أهانت خلود الآلهة بحبها لإنسان فاني،تدفنه في صدرها فيعود أكثر شبابا أشد بريقا و رونقا،كطائر الفينيق أكثر قوة.
ذات عام من خريف قرننا الماضي،المضمخ بدماء أهلنا,الممزوج بدموع أمهاتنا كان تموز عاشقا صيفيا يعبر الحدود من الشمال نحو كوباني حيث الموعد مع عشتار في غفلة الآلهة.وذات عام من رحاب المقبرة التي وضعونا فيها تناسل تموز فأعلن أبناؤه عشقهم المتجدد لعشتار في آمد،جدران سجنهم لم تستطتع أن تمنع عشقهم لعشتار بينما تحول السجان لمتسول على أرصفة الزمن.و ذات صيف من تجليات الهوى عاد تموز لكوباني مرة أخرى,أخرج كل ما في داخله من فورة المشاعر،سكب كل ما في روحه مهراقا على مذبح عشتار الجميلة,فكان عرسا للحرية,رسالة لكل الآلهة التي حرمت تموز من عشقه,أن العشاق لا يمكن إلا ان يكونوا عشاقا,وإن ما يسمونه موتا فانيا لا معنى له في خلود العشاق,وإن عشتار الوفية التي تدفن حبيبها في صدرها تعلم يقينا أن تموزها يستحق منها أن تغضب الآلهة لأنه وفي لها جدير بعشقها.
عندما بدأت الحرب بين إينانا و آنكي,كان صوت إينانا مدويا مجلجلا,لم تتهمه سوى باللص,في دلالة رمزية أن اللصوصية هي أبشع صفة يمكن أن يحظى بها أحد,إذ هي التربع على كدح الآخرين و الاسترزاق بها,و منذ تلك الحرب الشهير و تزامنها مع ثورة تموز و عشتار كان اللصوص يتجمعون كالذباب حول كدح الشعوب العاشقة للحرية ليسرقوا منها نتاج كدحهم و يسرقوا منها بريق شجاعتهم,لكن دائما كانت مزابل التاريخ تفتح أفواهها كالغول الذي لا يشبع ليلتهم هؤلاء و يلفظهم من مؤخرته ,و يسقطهم في المستنقع كسقوط البعرة من مؤخرة العنزة.
إننا و نحن على أبواب الذكرى السنوية الأولى لثورة 19 تموز و على بعد واحد و عشرون عاما من مقاومات تموز التاريخية في رحاب المرور المبارك للقائد أوجلان لغرب الوطن من شماله,نرى بأم العين أن آنكي اللص يحاول أن يسرق كدح تموز بإغلاق المعابر,تجويع الناس,اختلاق القلاقل و الفتن,يتحالف مع أبناء الغبار الأصفر القادمون من أقاصي الجنوب ضد أبناء الوطن,يصرح بكل وقاحة هذه المرة أنه يريد اقتسام الكعكة و كأن عشتار الجميلة هي وجبة في عباب شهواته القذرة.يستخدم قطيعه النابح هنا وهناك ليرعب تموز وعشتار,لا يعلم المسكين أن من تحدى قوانين الآلهة وارتبط برابط عشق مخالف لقوانين الخلود الإلهي والفناء الإنساني لا يكترث بعواء قطيعه,وإن عشتار هي عشتار الروح الذي تستحق أن يضحي تموز بنفسه لأجلها,و أن(الفيفتي فيفتي)لن يكون إلا نعلا يلطم به وجهه لتسقطه من برجه الهش المتهاوي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف قارب أبو عبيدة بين عملية رفح وملف الأسرى وصفقة التبادل؟


.. الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد




.. حريق يلتهم خياما للاجئين السوريين في لبنان


.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تجتاح الجامعات الأميركية في أ




.. السعودية تدين استمرار قوات الاحتلال في ارتكاب جرائم الحرب ال