الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حاصر حصارك لا مفر

مصطفى بالي

2013 / 7 / 21
القضية الكردية


على أوتار القلب كان الحزن يغني عرينا وجوعنا ذات شتاء مثلج من سيمفونية الكرد في تسعينيات القرن الماضي،كنا على بعد دمعتين من حلبجة نلوح لها بالوجد من خلف ظهورنا وعلى بعد خطوة من أحلامنا المرتجفة تحت سياط الأرض و السماء.
على سفوح بيضاء كانت النسوة يضعن أطفالاعراة في أحضانهن لعل بقية من حياة تتسرب إلى أوصال تلك الطفولة المهدورة.الكثير من الرجال والشباب بحثوا عن قبور دافئة تحمي جثثهم من سطوة البرد طالما كانت الحياة بخيلة عليهم،لكنهم لم يجدوا سوى بطون الوحوش والكواسر قبرا لأشلاءهم المرمية على قارعة الحياة.
نزعنا عن أجسادنا أسمالا أسميناها ثيابا،وحرمنا أبناءنا من بعض لقيماتهم،كانوا أصغر من أن نشرح لهم أننا نجمع كل ما نستطيع لإرساله إلى إخوة لنا مشردون في جبال كردستان،تقيأهم الإله بهيئة صدامية فنثرهم كذر الغبار في وجه القدر،حرمنا شبيبتنا الرعناء من مصروف جيبنا لندفع عن هؤلاء الأخوة بعضا من ما نستطيع من ضيم.
كنا نقسم بآلامهم لنؤكد في رسائلنا الغرامية بأننا عشاق حقيقيون ولسنا مراهقون،كنا وكنا وكنا......................

كانت الذئاب الرمادية تتربص بأبناء جنوبنا وتلمظ شفاه الشهوة والتشفي،تحت قبة السماء المثلجة كانت طائرات ما تلقي ببعض أكياس مملوءة بالخبز،لكن تلك الأرغفة المذلة لم تزيدهم إلا موتا وفناء،لأن الذئاب الرمادية قد وضعت السم في(الدسم)فتحالفت مع ملاك الموت لحصد أرواح شعبنا في جنوب كردستان.
أتذكر جيدا أن مئات الشباب الكردي في غرب كردستان تطوعوا لجمع التبرعات و الكثير منهم سافر إلى الجنوب على نفقته الخاصة لتقديم ما يمكن تقديمه من عون في تلك الظروف القاسية،وعندما كنا نواجه الأسئلة الساذجة بمدى فائدة ما نقوم به؟وهل سيحفظ التاريخ لنا ما نقوم به؟ كنا نجيب:هذا ما نسطتيعه وهذا واجبنا والتاريخ لا يستخدم الممحاة في صفحاته.
اليوم ونحن نسبح في بحر الأسئلة و تكاد تغرقنا الأجوبة المبكية يأخذنا تيار المفارقات الصادمة،فالذئاب الرمادية ذاتها تفرض علينا الحصار وجحافل البعث تقطع عنا أسباب الحياة وقطعان السلفية لا ترى في الحياة سوى لونها وتخيرنا بين الموت جوعا أو الموت ذبحا في رحلة بحثها عن فردوسها في ملكوت السماء ذلك المرصع بحور العين و أنهار الخمر التي لا غول فيها.
كل ما سبق اعتيادي إذا ما وضعنا المعطيات في سياقها لكن الغريب أن هؤلاء الأخوة الذين تحدثنا عنهم في جنوب كردستان كنا نتوقع منهم كأضعف الإيمان أن لا يكونوا شركاء في تجويعنا وقتلنا بردا،لكنهم نسوا سم الذئاب الرمادية و تحالفوا معهم ضدنا مبتسمين بمكر من سذاجتنا الطفولية و لتذهب الأخوة و الرابطة القومية إلى الجحيم طالما أن أرقام الحسابات تزيد وكرسيي الإمارة بخير.
يخبرنا التاريخ أنه ذات لحظة عماء أصدر ملك البرتغال حكما بالإعدام على كامل الشعب الهولندي ،لكن التاريخ كي يسخر من الملك أكد أن الملوك ستزول والشعوب لن تفني فهاهم البرتغاليون والهولنديون يتعايشون على أحسن ما يرام وكلا الشعبين لا يتذكران ذلك الملك إلى بعبارات القدح و الذم.
إن الكوفية التي تفرض الحصار علينا و تريد إسقاط إرادتنا تعلم جيدا أن إرادتنا لا تسقط و تلك الإرادة ستسقط الكوفية لكنها المسكينة لا تملك من أمرها شيئا،وسيبقى أبناء جنوب و غرب كردستان أخوة رغم عوادي الزمن.
لا نريد منكم أي شيء،لا نريد مساعدات،لا تعاملونا مثلما عاملناكم،لأنكم لا تستطيعون أن تكونوا مثلنا،فقط نريد منكم أن لا تكون سوطا بيد القتلة ضدنا
باختصار حصاركم لن يزيدنا إلا إصرارا ولن يزيدكم إلا عارا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة -هيومن رايتس ووتش- توثق إعدام 223 مدنيا شمال بوركينا ف


.. بعد فض اعتصام تضامني مع غزة.. الطلاب يعيدون نصب خيامهم بجامع




.. بينهم نتنياهو و غالانت هاليفي.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة


.. بسبب خلاف ضريبي.. مساعدات الأمم المتحدة عالقة في جنوب السودا




.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د