الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاء الأسواني بين الأدب والسياسة-الحلقة الثالثة

بدرالدين حسن علي

2013 / 7 / 29
الادب والفن


علاء الأسواني بين الأدب والسياسة " الحلقة الثالثة "
من عمارة يعقوبيان ، شيكاغو ، نيران صديقة ونادي السيارات
بقلم : بدرالدين حسن علي
إستعرضنا في حلقتين سابقتين السيرة الذاتية ل د. علاء الأسواني ، وقلنا أنه درس طب أسنان في شيكاغو وله عدة روايات هي: عمارة يعقوبيان ، شيكاغو ، نيران صديقة ونادي السيارات ، وتناولنا بعض تصريحاته في الشأن السياسي ومن بينها تصريحاته عن ثورة 25 يناير في مصر ، و30 يونيو وما بعدها ، ثم تحدثنا عن روايته عمارة يعوقبيان وفيما يلي نكمل الحديث عن روايته عمارة يعقوبيان .


في الرواية نجد أن الدكتور حسن رشيد من أعلام القانون في مصر والعالم العربي وواحدا من مثقفي الأربعينيات ، تزوج من صديقته الفرنسية جانيت أثناء دراسته في باريس واصطحبها معه الى مصر وأنجبا معا ابنهما الوحيد حاتم ، لا يذكر حاتم أنه رأى أباه يصلي أو يصوم ، الغليون لا يفارق فمه والنبيذ الفرنسي دائما على مائدته ، والفرنسية كانت لغة التخاطب في البيت ، كان غارقا في أبحاثه وأعماله ومحاضراته في كلية الحقوق بجامعة القاهرة ، وزوجته جانيت تعمل كمترجمة في السفارة الفرنسية ، وأقامت علاقة جنسية مع أحد موظفي السفارة وشاهدها ابنها حاتم في ممارسة فاضحة ، مما زاد في تعقيد حياته. قضى حاتم طفولة حزينة ووحيدة ، على عكس الأطفال ، كان يحب أيام المدرسة ويكره الاجازة الصيفية الطويلة التي يقضيها وحيدا بلا أصدقاء ، ويقضي وقتا طويلا مع الخدم ، الى أن اعتدى عليه السفرجي ادريس النوبي واغتصبه جنسيا في سن التاسعة من عمره، وامتدت علاقة حاتم بادريس سنوات حتى مات الدكتور رشيد وغادر ادريس وبقية الخدم المنزل ، وأثرت غيبته في نفسية حاتم وانغمس بعد ذلك في حياته الشاذة الصاخبة ، وبعد وفاة أمه ، تحرر من آخر قيد على ملذاته وورث دخلا ثابتا يكفل له حياة رغدة بالاضافة لمرتبه من الجريدة ، قام بتجديد شقته الكبيرة في عمارة يعقوبيان ، ثم يتعرف على المجند عبد ربه من الأرياف الذي كان يشبه ادريس فمنحه مالا وأغواه ، وللشواذ ألقابا يطلقونها ، الشاذ الذي يلعب دور المرأة يسمى ( الكوديانا ) والفحل يسمى ( البرغل ) وبعد العملية الجنسية ، يحتقر البرغل الكوديانا ، وكثيرا ما يقوم بتعنيفه وضربه وتحقيره وايذاؤه جسديا . ص 111 – 116.
استطاع حاتم أن يقنع عبد ربه بأن ينتقل مع زوجته وابنه الى القاهرة من الأرياف وتمكن من استئجار حجرة لهم على سطح العمارة ، وما لبث أن مرض ابنه الصغير وتوفي نتيجة المرض ، وفجأة أفاق عبد ربه على ضميره الذي بدأ يؤنبه ويعزي سبب وفاة طفله لعلاقته الشاذّة غير السوية مع حاتم ، على الرغم من تدينه ومواظبته على الصلاة والصيام ، فقرر مغادرة الشقة الى الأرياف ، وسلم مفاتيح الحجرة للبواب لاعادتها لحاتم ، الذي بدأ بالبحث المتواصل عنه ، حتى وجده ، وأغراه بالمال ، واستعاده لمنزله ، وظن أنه امتلكه مرّة ثانية ، لكن عبد ربه أصر على العودة لزوجته وقريته ، فهدده حاتم وأساء اليه بالشتائم الاستعلائية ، فثأر عبد ربه لكرامته وخنق حاتم بيديه .
كريستين ، صاحبة المطعم ذو الطراز الأوروبي الفخم ، تغني في البار لترفه عن الزبائن أغنية للمطربة الفرنسية اديث بياف ، ( لا لست نادمة على شيئ ... أي شيئ ، لا الخير الذي قدم الي ولا الشر .. كل شيئ يتساوى عندي ، أشعلت النار في ذكرياتي .. أحزاني وأفراحي لم أعد أحتاج اليهم ، تخلصت من الماضي وعدت الى نقطة الصفر لكي أبدأ في حبك .
غادر زكي الدسوقي البار بصحبة بثينة ، وهو يشرح لها تاريخ المنطقة الجميل ، وظل زكي يترنح الى أن وصل أمام عمارة يعقوبيان ، وهتف صارخا ، شايفة الطراز المعماري البديع ؟ العمارة دي ، منقولة بالمسطرة عن عمارة شفتها بالحي اللاتيني في باريس ، وواصل قائلا ، عارفة يا بثينة ، أنا باحس أن عمارة يعقوبيان ملكي أنا أقدم ساكن فيها .
أما طه الشاذلي إبن البواب وبعد تدينه إشترك في المظاهرات وألقي القبض عليه وسجن وعذّب وتم اغتصابه جنسيا ، وقرر الانتقام من الضابط العقيد صالح رشوان الذي أشرف على تعذيبه ، حيث كان العسكر ينادونه باسم فوزية ويجبرونه على أن يقول أنا فوزية ، وأدخلوا عصاة في مؤخرته امعانا في الاهانة ، فانضم لمعسكر تدريب عسكري تابع للجماعات الأصولية الاسلامية ، وتم زواجه من أرملة ناشط اسلامي تكبره بثلاث سنوات قبل ارساله في المهمة الانتقامية ، ثم وضعت خطة الانتقام بصورة متقنة وداهمت المجموعة القتالية التي تضم طه الشاذلي منزل العقيد صالح رشوان، وأطلقوا عليه وابلا من الرصاص ، وأصيب طه الشاذلي بزخات من رصاص الحماية العسكرية وقتل في العملية العسكرية .




يسرد الأديب علاء الدسوقي على ألسنة أبطال الرواية أن الأوضاع في مصر كانت منضبطة أيام العهد الملكي أكثر منها في أيام ثورة العسكر الناصرية ، حيث الفلتان والفوضى اذ قامت بمحو شامل لكل الانجازات السابقة التي وصفوها بالعهد البائد ، وقاموا بتخوين معظم رجالات حزب الوفد المصري الذي قاد حركة المقاومة ضد الاستعمار البريطاني ودفع المصريون المثقفين ثمنا باهظا من أرواح الشباب التي سقطت برصاص الجنود البريطانيين الذين واجهوا مظاهرة طلبة الحقوق السلمية بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع ، ومع ذلك نرى النخبة من أبطال الرواية من أبناء الطبقة البرجوازية كزكي بك الدسوقي يتحسر على عهد الاستعمار البريطاني الذي كان يدير البلد بانضباطية وشفافية أكثر من عهد العسكر الذي اتسم بالفساد والمحسوبية وانتشار البلطجة التي تمثلت ببلطجة الضباط في كل محافل الرواية ، من الاستيلاء على الشقق الفارغة بالعمارة ـ للروح الديكتاتورية والاستعلائية التي تمثلت في رفض طلب قبول طه الشاذلي بكلية الشرطة لأنه ابن بواب ، حيث سيادة الفوارق الطبقية ما زالت منتشرة على الرغم من تشدق الضباط الأحرار بتحقيق قيم العداله والمساواة في المجتمع ، تبرز الرواية عن أن الأجنبي الانجليزي أكثر انسانية ورحمة وشفقة في تعامله مع الانسان المصري من الضباط الأحرار المصريين ، ثم تبرز الرواية بشكل واضح الاستهتار بمبادئ اللغة العربية ومحاولة التشدق والتباهي باللغات الأجنبية التي تنم عن عقدة نقص في نظرة الانسان المصري للقيم العربية والاسلامية ، ولا أدري ان كانت هذه الملاحظات تعكس بالضرورة رأي الكاتب نفسه أم رأي الأغلبية الأرستقراطية التي أبرزها الكاتب في شخوص الرواية .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق