الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كذبتان: النظام الأمني والطبقة السياسية

وسام سعادة

2005 / 5 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ثمة تعبيران أيديولوجيان يكثر تداولهما في لبنان وتعوزهما الدقة: النظام الأمني والطبقة السياسية.
> كذبة كبيرة، نخشى لو صدّقتها أطراف المعارضة واعتمدتها منطلقاً نظرياً لنضالها. ثمة بالتأكيد نزوع عند اميل لحود الى الديكتاتورية ذات المسند العسكري، وهو نزوع خبرناه في وقت سابق مع جوني عبدو وميشال عون، إلا أن اميل لحود ليس في نهاية المطاف ديكتاتوراً، ولا هو يمتلك الشروط المادية والمعنوية لأجل ذلك. أن تهتف نخب سياسية وجماهير حزبية ضده ليل نهار متهمة اياه بالديكتاتورية، فهذا يكفي بحد ذاته لتبرئته منها، ولا نقول تبرئته من النزوع الملموس اليها.
لم يقم في لبنان <<نظام أمني>> بعد الطائف، وإنما نظام سياسي تابع لدمشق وتلعب فيه الأجهزة الأمنية دوراً أساسياً في تكبيل أو تأطير أو <<تشذيب>> الحياة السياسية، وتعبّر هذه المؤسسة والأجهزة عن شريحة بيروقراطية تتصوّر أنها نقية من الداخل مهما فعلت، وأن إحجام الجماهير عن مواكبتها يجبرها على استخدام كافة الوسائل الأخرى في معاركها مع البرجوازية المقاولاتية والمالية، بما في ذلك التصاهر مع الأجزاء الأكثر تصالحاً مع البيروقراطية في هذه الطبقة، والتي تجني جاهاً ومالاً من هذا التصالح والتصاهر. قد تمكن المساجلة في مدى انطباق مقولة <<الصراع الطبقي>> على لبنان، لكن من المؤكد أن إميل لحود يخوض المعركة على أنها حلقة من حلقات الصراع الطبقي، وهذا شعور لا يتميز به لوحده، فقد سبقه إليه ميشال عون وسمير جعجع بأشكال وحيثيات أخرى. وإذا كانت هذه الشريحة البيروقراطية ذات الامتيازات المالية والمعنوية الكثيرة تزيّن لنفسها بأنها نقية طاهرة على الصعيد المالي ذلك أن الاحتكار قائم في الطرف الآخر، والفساد شائع في الطرف الآخر، فإنها حين تُقدم على التنكيل بهذا أو ذاك أو إقفال محطة تلفزيونية تظلّ تزيّن لنفسها بأن أفعالها هذه لا تساوي شيئاً أمام تراث أمراء الحرب الملتحقين بالبرجوازية المقاولاتية والمالية. وهنا تمتهن اللحودية لعبة الانتقاء من أرشيف الحرب. تبقى الحرقة في قلب إميل لحود، كيف يُتّهم ببعض الملابسات الدامية، فيما كانت يداه نظيفتين في الحرب الأهلية (علماً انه لا يمكن كتابة تاريخ الحرب من دون تناول تاريخ الجيش ومخابرات الجيش في الحرب الأهلية، فالدولة انحسرت ولم تضمحل يوماً).
هذا بعض مما يدور في خلد إميل لحود (بتعابير أقل ماركسوية طبعاً) ويجعله يتصور أنه يقود الصراع الطبقي ضد <<الطغمة المالية>> و<<أمراء الحرب>>، منتظراً محاسبة <<الشعب>> لهؤلاء (شعب من خارج ساحتي الشهداء ورياض الصلح، ربما الشعب الطيفي خاصة <<تلفزيون الجديد>> التي توجهه ضد <<الطبقة السياسية>> وضد أمراء الأجهزة من غير اللحوديين) في الانتخابات التشريعية (على نحو ما حصل في البلديات). الا أن هذا التصور لا يعكس <<نظاماً أمنياً>> ذلك أن كل المجموعات التي يشار اليها <<بالأجهزة الأمنية>> متصلة بطريقة أو بأخرى بمواقع في البرجوازية المقاولاتية والمالية (وبالعكس)، وهي لا تميز كثيراً بين خوض الصراع ضد هذه الطبقة وبين خوضه داخلها. وهذا الخلط انما يعني أمرين:
1 انه من غير الدقيق أبداً الحديث عن <<نظام أمني>> وإنما عن مجموعات انكشارية ثقيلة الظل على الحياة السياسية. يظل منسوب <<التعريب الأمني>> متواضعاً اذاً في لبنان، ولا مجال لمقارنة بين <<النظام الأمني>> المزعوم في لبنان وبين النموذج التونسي مثلاً. يبقى لبنان، حتى مع إميل لحود، وحتى بعد التمديد القسري، نموذجاً للديموقراطية الرثّة Lumpen-democraty.
2 إنه من غير الدقيق أبداً الحديث عن <<طبقة سياسية>>، تنعت كما اللازمة بالفاسدة والمفسدة. فهذه طريقة الانكشارية الأمنية دائماً في الخلط بين الصراع مع البرجوازية المقاولاتية والمالية والصراع داخلها.
بدلاً من ثنائية <<النظام الأمني والطبقة السياسية>> التي تعوزها الدقة، تبرز الحاجة أكثر من أي وقت مضى لإعادة تداول مصطلحات <<النظام السياسي>> و<<الطبقة الاجتماعية>>، وهو ما ينتظر عادة من اليسار، الا أن اليسار غارق في معاركه الدونكيشوتية ضد النظام الأمني أو ضد النظام الطائفي، وقد ارتضى لنفسه، على دفعتين، صفة <<سنافر ساحة البرج>>.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق مستقل يبرئ الأنروا، وإسرائيل تتمسك باتهامها


.. بتكلفة تصل إلى 70 ألف يورو .. الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبل ي




.. مقتل شخص في قصف إسرائيلي استهدف سيارة جنوبي لبنان


.. اجتماع لوكسمبورغ يقرر توسيع العقوبات الأوروبية على إيران| #م




.. استخراج طفلة من رحم فلسطينية قتلت بغارة في غزة