الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ادركوا من تبقى من نخب العراق

حميد الموسوي

2013 / 7 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أدركوا ما تبقى من نخب العراق وكفاءاته وطاقاته الكامنة
السيد حميد الموسوي

لا أحد ينكر على العراقيين قدراتهم الخلاقة وقابلياتهم الابداعية في كافة المجالات وعلى مر العصور كيف لا وهم بناة اول حضارة في تاريخ الانسانية، فمنهم صدرت رسوم الأبجديات وخرائط البحار والعمران والسدود والجسور والقلاع والقصور. ومنهم اخذت الشعوب علومها وصناعتها وأسفارها وثقافتها. وظل العقل العراقي يواكب الحركة الانسانية في شتى مجالات الحياة وتفوق في العديد منها وصار عملة نادرة تتسابق عليه المستشفيات الاوربية، في مجال الطب، والشركات العالمية في مجالات الهندسة والاقتصاد، ووكالات الفضاء في مجالات الفلك، كما سجل الملاك الفني الوسطي العراقي أعلى نسبة في العالم العربي من حيث التقنية والابداع والتعامل مع الآلة الحديثة. لكن هذه الطاقة الابداعية كانت الضحية الاولى لإستبداد السياسات الظالمة التي تناوبت على حكم العراق وخاصة في تاريخه الحديث. فقد حاولت تلك السلطات، بأساليبها الخبيثة في الترغيب والترهيب وتمكنت من تسخير تلك الطاقات لأغراضها وتحقيق اهدافها في محاولة لتحجيم ومحاصرة تلك الكفاءات ووضعها امام خيارين لا ثالث لهما اما تنفيذ املاءات السلطة ذات التوجه الحربي والصناعات التدميرية "فيما يخص الكفاءات الهندسية وطواقمها الوسطية الكفوءة" أو الصناعات الكيمياوية ذات التدمير الشامل بالنسبة للملاكات الطبية واجبارهم على اعاقة الخصوم بالسموم وبتر الأعضاء والتشويه وصلم الآذان، وحصر الطاقات الأخرى في مهن وصناعات مشابهة خاضعة لسلطات عسكرية وتعامل مذل ومهين، وأما الفرار الى خارج العراق ووضع تلك المؤهلات في خدمة شعوب أخرى وأوطان أجنبية. هذا اذا تمكن المعني من الافلات من زمر السلطة ومخابراتها مع انها تابعت البعض من العلماء والكفاءات وقامت بتصفيتهم حتى وهم خارج العراق.
وبسقوط السلطة الاستبدادية وحلول عهد جديد ومع تطلع العراقيين بصبر نافذ لميلاد عراق ديمقراطي حر تطلعوا بنفس العيون الى طاقاته الكامنة المتمثلة بالكفاءات والنخب الخلاقة سواءا التي هاجرت تحت ضغوطات السلطات الجائرة او التي لا زالت مترددة في الدخول في عملية البناء الجديدة لسبب أو لآخر ولكن هذه التطلعات أصيبت بالخيبة والاحباط وزادتها يأسا وقنوطا الهجرة المعاكسة ولأسباب مختلفة يأتي في مقدمتها الخوف من التصفيات الجسدية على أيدي الارهاب والتي تتقصد استهداف الكفاءات العلمية وان كانت تلك التصفيات تطال الصغار والكبار ولا تفرق بين الأخضر واليابس مضافا لهذا السبب قلة فرص العمل لهذه الكفاءات اثر توقف المشاريع الصناعية والزراعية والسياحية والخدمية نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية. ولم تقتصر الهجرة على الكفاءات والنخب بل تبعتها رؤوس الاموال والتي أخلت بقطاعات واسعة يشكل رأس المال الركيزة الرئيسة في نشوئها ما سيضطر الدولة الى فتح الباب امام الاستثمارات الاجنبية.
لقد استطاع العراقيون خلال فترة الحصار "المتفق عليه" والذي تسببت به السياسات الحمقاء للسلطة السابقة، تنفيذ العديد من المشاريع الضخمة وبامكانات متواضعة وطرق بسيطة فقد تمكنوا من اعادة بناء الجسور والمطارات وتشغيل المحطات الكهربائية ومصافي النفط وخطوط السكك الحديد وتوصلوا الى تصنيع الطائرات المسيرة والدبابات والزوارق المسيرة اضافة لإنتاج الأجهزة المنزلية باستخدام "المواد المعادة" لعدم توفر المواد الاحتياطية. كل هذا وغيره جرى في ظروف قهر وحرمان وتسلط عسكري دكتاتوري، كانوا مدفوعين بغيرة وطنية ترجمت اخلاصهم لهذه التربة وأثبتت جدارتهم وكفاءتهم غير عابهين بمن يعتلي كراسي السلطة ما دام الهدف هو خدمة العراق. واليوم وبرغم تكرار الظروف القاسية وان كانت بلبوس آخر وبرعب أشد وفساد أشمل، تنبري الغيرة العراقية مستعينة بطاقاتها الكامنة وكفاءاتها المغبونة فتعيد عمل الكثير من المصانع والمحطات الانتاجية وبأكلاف وصلت الى نسب تعد تافهة قياسا بما تتقاضاه الشركات الاجنبية، فعلى سبيل المثال لا الحصر استطاعت الكفاءات الفنية النفطية اعادة عمل احدى محطات التصفية بعدة ملايين من الدنانير فيما رصد لذلك العمل مائة وثلاثين مليون دينار كما تم اعادة عمل احد المطارات بمقاولة عراقية بواقع خمسة ملايين دولارا بعد ان رست المناقصة على شركة اجنبية بمبلغ ستين مليون دولار.
وتمكنت الكفاءات العراقية من اعادة عمل الخطوط الانتاجية في معمل سمنت الكوفة وتوفير هذه المادة المهمة عن طريق التمويل الذاتي بعد ان تم تشغيل احد الخطوط الانتاجية والاستفادة من مردوده المالي في تصليح الخطوط تباعا. هذا غيض من فيض ونقطة في بحر من قدرات العراقيين الخلاقة التي اعتصرتها عهود لمآربها الشخصية وأهلتها عهود جهلا بقيمتها وثرائها. أمثلة نسوقها على سبيل الاستشهاد متوخين الالتفات من الجهات الرسمية علها تتدارك البقية الباقية من هذه الثروة التي لا تعادلها كنوز الارض وتحميها من الاستهداف والتهجير والضياع واحتضانها واستثمارها والحفاظ عليها كأغلى ثروة وطنية.
صحيح ان العراق وطن وشعب ودولة صار نهبا للنكبات والأزمات، فهو ليس الوحيد إذ ما من شعب من شعوب العالم ولا وطن من أوطان الأرض الا وزلزل بالنوازل فهذه سنن الحياة "ان تكونوا تألمون فأنهم يألمون كما تألمون.. وتلك الأيام نداولها بين الناس". لكن ذلك لا يعني الاستسلام والاستكانة بل الانتفاض من ركام تلك الكوارث الى بناء افضل بكل اصرار وعزيمة.ومن أصلب من العراقيين عودا وصمودا؟! ومن أعظم منهم صبرا وعنادا؟! ومن أكثر منهم تضحية واتقادا؟!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غرقُ مطارِ -دبي- بمياهِ الأمطارِ يتصدرُ الترند • فرانس 24 /


.. واقعة تفوق الخيال.. برازيلية تصطحب جثة عمها المتوفى إلى مصرف




.. حكايات ناجين من -مقبرة المتوسط-


.. نتنياهو يرفض الدعوات الغربية للتهدئة مع إيران.. وواشنطن مستع




.. مصادر يمنية: الحوثيون يستحدثون 20 معسكرا لتجنيد مقاتلين جدد