الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعلم ماركس وانجلز

نصيف الناصري

2013 / 7 / 31
الادب والفن


انسحبوا وخلا لنا العيد من معجزاتهم...





قوارب مُحمَّلة للغَجر المُهرّبين، رَسَت في شواطئنا وصعدت الأفراح
في شمس العيد. اللبان والتوابل والخناجر والأردية المطرّزة والنبيذ
والبخور والزيتون ووسامتهم التي لا تضاهى،
أفرغت أيّامنا من تَجهَّمها وتعاطفت مع فتياتنا
مهابة الضيوف والشباب الذين احتفظوا
برباطة جأشهم. بعض الأسياد الذين
يتشبّهون بالآلهة أرادوا شراء كلّ شيء بالنسيئة،
لكنّ الغجر رفضوا البيع لهم
أو البيع لنا بالنسيئة أو مقايضتنا منتوجات حقولنا ببضائعهم الفوَّاحة.
أرادوا الذهب. الأسياد في دنوّهم من البِركة اللامتناهية لسوء التقدير
ولأنهم لا يأمنون على كنوزهم وينقصهم العلو في الإتكاء على أريكة
الديمقراطية، انسحبوا وخلا لنا العيد من معجزاتهم ومن تمزيق العلماء
للخيام التي نحتفل فيها. وحدها عرّافتنا التي تعاكس الآلهة في نعمومة
أسرارها، امتلأت بالفراشات وقالت: { يركّب الغجر الأسنان للأيّام التي
يحتبس فيها المطر عندهم بالذهب }. حصلنا على كلّ ما نريد، ونزعت
شابّاتنا وعجائزنا حليهن وذخائرهن، ورحل الغجر الى بلادهم يحفّهم
نسيم شكراننا وامتناننا لهم.







الأيّام الخوالي...





صُفيّت أرضنا من كلّ ميت لا يرضى بقسمته في سقمه
الذي ينوء بحمله منذ ولادته، والأصحاء الذين أدمنوا
خمر قصب السكّر وظنَّوا انهم مُخلَّدين في إعاقتهم للأسى،
تَسلَّوا بإيلامهم لذرّيتهم وهم يحطّمون القبور العائمة
التي يروّح فيها الغرقى عن أنفسهم بتذكّرهم للأيّام الخوالي.
في إتقائنا لشرّ من يتباهى بنتفه لشعر رأسه أمام الحائك
الذي اغتاله عند أنواله، نسلب فتياتنا أقراطهن ونسلمها اليه
عن طيب خاطر. يقترن الطغاة والعوام بإرث مشابه في
غطرستهم وفي إفسادهم للنسيم الذي تنام في رضابه الثمار
والعصافير والشهب، وكلّ مُتجبّر يريق أمطار الآبار،
يقصي أطفال الفراشات عن أمهاتها في أيّام الفطام.
المنادون الذين يتدافعون فوق القناطر في الفجر على
موتهم، يدلّون الأسقام على تِرْسانة أسلحتنا، ونحنُ
نروّض الجروح في الدهاليز، والمباهج انصرفت الى
جهة أخرى. لا غصن يلوذ فيه الحيّ ولا محارة يغنّي
في ليلها الغريق، ونفاية فراغ حياتنا شائكة، والعصف
الدائم للعوائق لا يخطىء مُتلقّيه في حمله لنعشه بين
الأنقاض.







تبعوا طائر العنقاء في تعصّبهم للأسرار...






رؤى كثيرة للمتنبئين نُقحّت فيها أطراس مصائرنا على امتداد
التاريخ، والأسياد الذين تحكَّموا بنا ونقشوا آثارهم العصابية في
جلودنا وأكواخنا ونهبوا اقتصادنا في أزمان القحط، قاسمونا
خشب التابوت وأوعيتنا المصنوعة من قرون الحيوان. قيصر
وكولومبس ونابليون وانشتاين وبودلير، تخلَّوا عن شغفهم في الجنس
وداروا حول الهاوية من أجل الإمساك بالذرَّات المجحفة للفراغ،
لكنّهم أضاعوا البذار وأعِدَّت لهم في طفولتهم إفصاحات متعدَّدة
لهشاشة ما حاولوه. عدم اكتراث المرء بإيجاد تقنية قويمة لإزاحة
ورم يومه، يعجّل بتخلّيه عن التقاليد التي صانها الأسلاف طوال
حياتهم في المناجم. مخبرونا الذين ترتسم على وجوهم الفاقة،
تبعوا طائر العنقاء في تعصّبهم للأسرار لكنّهم أُسروا وماتوا مع
الخلاسيين في أرض العقبات المتعدّية على الآلهة.







أكثر إثارة من زفاف ملائكة في الربيع...





يشترط الأثرياء الذين يغرزون إبرهم في وجوه مَن نحبّهم، أن
نتخلَّى لهم عن الندى الذي يُنقّط فوق وجوه الموتى وهم ينعسون في
نعوشهم، وفتياتنا الممتلئات يوشمن وجوههن وأيديهن طلباً
للزواج. كلّ فتاة في تغطيتها لشفتيها بالنجمة الفوَّاحة للشبق،
أكثر إثارة من زفاف ملائكة في الربيع. هيلين اختطفها الجندي
الأرعن واعتكفت في غرفة بطروادة، وأمل الشفيعة نزلت الى
العالم السفلي للندن مع التاجر الثري العجوز، والذين تعلَّقنا بهم،
زوَّروا هويتهم ولم يكترثوا الينا وخدعوا الأخيار. أضداد تأتي
وأضداد تذهب، والتحيّز للأبهة والتلوّث بالعقاقير التي يشيخ
فيها ذهب العجائز، يعفينا من إنجذابنا بمرور الزمن الى المعشوق
غير العادل. الذكرى الجمعية للأثرياء وهم يُرَّتقون الأكداس الكبيرة
للمال التي خزَّنوها وبخلوا فيها علينا وعلى أنفسهم،
تفكَّك كلّ رابطة لزمالتنا معهم ومع النساء اللواتي أغروهن
وسرقوهن منّا. التباعد عند المحبين، زمن تنقصه السماحة
وينفث بسمومه المنغَّصات والمشاريع الخاشعة للرذيلة.






مدافن عظيمة ولّى فيها الملوك...






رهافة اورفيوسية نستعيرها من شعائرهم في نثرهم لأعضاء الموتى،
ويومهم بانتهاكه للشجرة المترعة بالمواقد الفريدة، يُجشّمنا عناء ما
يعيق نفسه في دفننا له. السفح عتبة الديمومة. النضارة. الشبهة.
الوثوق بمناجاة زرادشت لميتته المحتومة. إشارات لمناشدة الله في
أن يكفّ عن حسباننا طفيليات مضادة له ولجرأته. مشقّتنا معه طوال
القرون، أفعال مبتذلة يُجلّلها سعينا الى تركيز انتباهه على البؤس
الشامل في العالم. مدافن عظيمة ولّى فيها الملوك وعمّال الحفريات،
والجزر في كلّ أرخبيل، تستحوذ فيها الملائكة القساة على لحم الانسان
الذي تُرك يواجه مصيره معرّى من أيّ سند. موتى الأيّام الجافّة،
باستجابتهم للرنين في مرايا الشمس، تعذَّر عليهم المشي في فضاء
شقائق نعمان موتهم، والإستشهاد بمثالب كهنة القرى الذين نجوا من
الطوفان، ينتزع من الطبيعة الوقورة مناقبهم التي لا تُحصى. آخر الغزاة
الذين صاهروا هانيبال وقاسموه الإثم، قضوا سهراتهم يأكلون أضاحيهم
مع السيرينيات، لكنّ قبائل اسرائيل في تضوّرها جوعاً بالبرّية، خضعت
للفناء وحافظت على لمّهما للشمل. وحده الدغل في الصيف يبدي سخاء
الى الذين يستنكرون التعدين في أرض الموتى الأجلاف.





الخرائب التي تعجّ بما يروِّعهم...






صائدو غزال الرنَّة والشطّار الذين يجمعون الخرق في الشواطىء،
يعكفون في توسّطهم بيننا وبين مبخرة الشمس على تخفيف الأثقال التي
ننوء بحملها. أيّام محتضرة كثيرة نرقّص فيها عذابنا، لكنّنا لا نستطيع
كبح سأمنا في إطباقه علينا وعلى النهار. بابل الحلم، ربيع هلاك
وما يتقوّس في المعرفة، يفقد رغبته في الاستعانة بالطبيعة. مبوّقون
نعرفهم يتقدّمون في الليل مع شياههم ويقفزون فوق إيماننا بالعلم. وظيفة
قديمة للمفرزة التي تتغنّى بما نطمره في تعاوننا على إخفاء الزمرد.
يطغى بخار الأقلية في نبذها الضوء الأبيض للحاضر، وتنصب راياتها
وتصقل حجارة فزعها من الآخرين في الخرائب التي تعجّ بما يروِّعهم.
الرغبات في إلزامها لنا على الطيران في الأقاصي، لا تفصح عن نيّة
حسنة للمفرطين في إخمادهم لقواهم المُقطّعة. اعتناق النوم في الخزانات
والعيش مع كتائب سكّان الآبار، يثني المريض عن قتله لنفسه.








يبدون احتراماً عظيماً للفارّين من موتهم...





نجوم مفرطة بأخوّتها لهم تحرّكها الريح في الطرق التي يُبشَّرون
فيها بانعتاقهم من ما يفنيهم. إدراكهم لحقيقة الأرض التي لا تُسكن
والتي تخلو من البشارة المرجوّة للموت والحياة، يجعلهم يضحّون
بفضائلهم وخصالهم التي سبقوا وجودهم فيها. يتماثل تأليههم لأنفسهم
مع الذين ذبحوا آلهتهم وجلسوا القرفصاء في الشمس يندبون حظَّهم،
وفي تحويلهم عظام الموتى الى أشجار في البرّية، يُمهّدون لعلماء
الآثار السكنى في بيوت الرواد. يُكيّف المرء في اصطياده لميتته،
حياته بحذر كبير من رهابه حول إهالة الغبار عليه. شعوب هضبة
التبت تركت للعصافير مجابهة المجاعة وأخفت أسرّتها بين الغيوم
التي وفدت لتدمير الحواجز التي شيّدتها إتقاء الطوفان. الألمعيون
والذين يسدّون فراغ حياتهم باغراقهم أنفسهم في حروب مع الطوائف
الغريبة، يبدون احتراماً عظيماً للفارّين من موتهم. يستجيب كلّ من
يشنق نفسه ويحاكي سقمه في الهاجرة، الى ما توحيه اليه كرامته.
انتظار ما تمجَّه الفطرة ويتسلَّط بطغيانه، يعجّل باخراجنا من الوجود.








ابن شيخ قبيلة الأشجار، يرتد عن دينه ويلحق بالنوبيين...






كلّما عظمت مصيبتهم، أخفى أسيادهم نتائج الواقعة. قربان مراعاتهم
للانتحاريين والذين يتدفّق الدم من آبارهم. اشتداد التعذيب والسقم وما لا
يطيقه الممتحن في فصله عن انسانيته، يكرّس الظلم بين الجماعات التي
ترفع عقيرتها بالهياج وتطالب بتعويضات جمَّة لما لحقها من شرّ. الملوك
قعدوا بمفردهم في صرامة نظمهم الحربية، ولم تستغرب شعوبهم
إيلامهم لأنفسهم في الأراضي التي ديست فيها النعمة. النوبيون في صيدهم
للضباع إبان غزوهم لمصر، اعتقدوا أن الكهنة الذين يستخيرون الآلهة في
الدلتا، لا يثبّتون عليهم أذاهم للذين يضطجعون بجوار الفرعون الذي يقاوم
ذاته. مسافرون بلا دليل في البراري، اقتصدوا في إيمانهم واندفعوا مع
المأبونين. الظهيرة الجدباء والمستأنسة لعظام الماموث، حرمتهم العودة الى
ديارهم ، لكنّهم تفادوا الاصطدام بالمحتلين النوبيين وعلّقوا آمالهم على حذقهم
في الإفلات من ما يشابهونهم في نومهم. وسائل كثيرة استخدمها السحرة في ليل
الأعياد، والتراشق بالنبال وترصّد الفريسة الثاغية للمعجزة، لا يسعفان
الحظ. ابن شيخ قبيلة الأشجار في الربيع، يرتد عن دينه ويلحق بالنوبيين.






الاستحواذ على القسطنطينية...






تشابه غريب بين فتح الفرق الصوفية في الأناضول للقسطنطينة
وبين التعازي التي تلقّاها مَن أحرقوا طرائدهم في السفافيد. كلّ
جيش يبقي في الحرب على المتفرّجين، والذين تنبض قلوبهم في
الدراما، ولا يؤذي من يضرب رأسه بعرنوص الذرة. إستجابة
الله لصلاة محمد الفاتح، شبيهة بإستجابته لتضرّع الامبراطور
القتيل، لكن طيور السمان في زفافها فوق أشجار الصفصاف
بقيلولة الربّ، أهملت الرسالة والملاك الرسول كفّ عن التمعّن
في مرآته، والشمس انحنت ممتدحة القتلى المنشغلين بتعطير ما
عجزوا في الدفاع عنه. أقوام وجيوش عظيمة اجتمعت على البحر
لكن مدفع السلطان المحمدي الذي يجرّه 70 ثوراً، جعل الأسوار
والعزائم والأسلحة الكبرى تضطجع في ضمور شديد على الشعائر
المطمورة. المؤمنون في أثينا وروما والدول الاسكندنافية رحَّبوا
بالفارّين والشعراء وعمال المطابع وضبّاط سلاح الهندسة وكلّ
من له صنعة. عهد جديد تربّى فيه انسان العصور الحديثة على
المغالاة في نبش الطبيعة والأعماق القديمة للنفس. صروح فخمة
صعدت في البطولة وفي المصنّفات العلمية والشعر والموسيقى
وعلوم البحار. شعوب مهاجرة لها صلة قرابة مع اللقالق جابت
الصحارى والجزر المجهولة ووضعت ميزانها فوق نجوم
المستعمرات. الاستحواذ على القسطنطينية وازدهار حياة البشرية.
دافنشي. مايكل آنجلو والكاهن الأصهب انتونيو فيفالدي. عصر آل
ميديشي. مصارف وفنادق فلورنسة. نعمى عظيمة جابهت فيها
البشرية ما خسرته في العصور الكظيمة.







المسالك المريبة التي أضاع فيها الاسكندر المقدوني كلمة الله...






رجال ونساء يحملون تماثيل بوذا في المطارات ومكاتب العمل
والبواخر التي تعبر المحيطات. الابتلاء في القداسة يحتّم على
أعضاء الجماعة الإنصياع الى ما عبده أسلافهم في ماضيهم
الفردوسي. قبائل شديدة البأس في شرق أسيا تُبلّل نصيبها في
الموت بعدم حنثها في اليمين وتداوم على صداقة المعبود الجميل.
في تناولهم لزادهم في المترو وفي انتظارهم لمجيء المحبوب،
يشاركهم إلههم ما نذروه له من خير. في الهند والنيبال لا يتقبّل
بوذا دعوات عُبّاده الفقراء، أرضهم جرداء ولا يعيرون أهمية
لتكاثرهم بالملايين . طعامهم لا يكفيهم ونذورهم ضئيلة ويعرفون
أن الحكيم المستنير ضعيف البنية مثلهم، يحبّهم ويعطف على فأر
النخل الذي يأكلونه كما يأكلون الإوز. يتزعّزع الإيمان ويجرّد
نفسه من الخيلاء الإلهي في خداعنا للفئات التي تحتاج الى أخوّة،
وفي صلاة المريض بمحبة إلهه مع أضرابه في مكان العمل،
يتذمّر الكثير من الملحدين في تخبّطهم وتنحيتهم لأنفسهم عن
المسالك المريبة التي أضاع فيها الاسكندر المقدوني كلمة الله
المتيقّنة. يرقد الناس في حرمانهم من الظلال الندية لحدائق
الغفران، في عذوبة اجتهادهم والغيوم التي لا تنصاع لمشورتهم.







الإحاطة في المعجزة...






دمَّرتِ الشعوبُ الساميةَ إلهاتِنا الجميلاتِ الرؤومات وآلهتنا
الذين نعرفهم ويعرفوننا ونخاصمهم ويخاصموننا. فكرة الإله
الواحد المهيّمن، عصية على الفهم وتتعارض مع رغبتنا في أن
تكون لنا آلهة متعدّدة. الأكديون في اضطرابهم وحاجتهم الملحّة
الى المعارك، أطاحوا بانليل ومردوك. شعوب مثلهم أزاحت الغمام
عن العالم وأحرقت آلهة أخرى أكثر همجية من الإله الواحد.
الآن نرغب في الكمال وفي الحبّ، لكن لا عشتار ولا ديانا ولا
افروديت في حدائقنا المسودة في الظهيرة، والقصّاب الذي يبيعنا
اللحم المجمّد، لا يتساهل معنا في الأسعار. في الماضي كنّا نرفع
صلواتنا الى إله الصيد وإله الغابات ويقرّبان مابيننا وبين الطرائد
في البرّية والأدغال. مخاوف لا تطاق في حياتنا الراهنة وليس
بوسع إلهنا الإحاطة في المعجزة التي تتعطّل في ركوبنا الباص
وفي إعاقة من يفجّرون أنفسهم في المقاهي ويرمون القنابل علينا
وفي الاهتزازات التي يمرّ بها المريض بين حجارة ألمه الشاذّة.







رأفة الله وعدله...




يتنكَّر أتباع كلّ ديانة لوجود الله ويشكَّكون في رسله ويحرّفون
أقواله، وفي تعصَّب المؤمن لمعبوده، يضيق أفق العالم وتمّحي
الرابطة الإلهية بين الخليقة والخالق. البابا اوربانوس الثاني
وبطرك الناسك وزعماء القاعدة والاسماعيلية القدامى والذين
يجدفون ضد بوذا وضد زرادشت وماني، عانوا كثيراً في حياتهم
من تقريع الله لهم، ومن عدم رضاه وسخريته من كفاحهم وهم
يحشّدون الجموع العظيمة للفلاّحين وقطّاع الطرق وبائعات
الهوى والذين امتهنوا الكدية لإعلاء شأنه في الأرض. أشياء
فظيعة تؤرّق الذين حنقوا على البشرية وتخلّوا عن محبّة
وغفران الألوهة. يغادر المتصوّف أصيل يومه وهو متيقّن
من الاستقبال غير اللائق الذي يعنّفه فيه مالك الحياة والموت،
لكن الخلائق الأخرى التي أُزدريت في الطبيعة وسلكت الطرق
الصحيحة، تحظى برأفة الله وعدله أكثر من الجماعات المتعصّبة
في فقدانها للورع وعدم تخلّيها عن إرتكاب الإثم وقتلها البشر
بافتراض انهم كفرة.




الرحلة الى أرض الأحلام...





أساطيل ضخمة تُبحر من قادش الى اورشليم. معارك الله بين فيالق
المسلمين والصليبيين على أشدّها، لكنهم يستثنون فيها الحجّاج الذين
يبحرون الى مكَّة وبيت لحم من القتل أو الأسر. الرحّالة ابن جبير والعاشق
ابن حزم والقاضي المتآمر المؤرخ ابن خلدون كادوا أن يفقدوا حيواتهم في
سنوات ما ومعهم كلّ من هَفت نفسه الى التبرّك بالإله الذي نذر
له كلّ شيء. العواصف شديدة بين الاسكندرية وميناء غزَّة وفي
انتظارهم وتخيّرهم لمواسم أفضل للإبحار، كان ربابنة المراكب
وهم خليط من الأفرنج والمغاربة والصقليين، يقدّمون إغراءات
للمؤمنين والتجّار والمومسات وأولاد وأخوة الذين غرقت أخبارهم
في لجّة الأسر وتاهوا في صحارى دفع الفدية. أكثر الجواسيس
ألمعية ومهارة كانوا يلمّعون رشوة لا بأس بها من أجل الحصول
على معلومة عن المعسكرات أو طرق الحملات القادمة من شمال
فرنسا وريف اسكتلندا وبقية الاقطاعيات التي قصم أسيادها فجر
الفلاحين وإجبروهم على دفع الاتاوات. المفسرّون الحمقى حماة
قبر السيد المسيح والثأر له. سلوكياتتهم التي لا تنتمي الى
الانسانية كثيرة وتخزيهم، يعضّون عدوهم حين تنكسر سيوفهم،
ويجوّفون أشجار إيمانهم ويحشرون فيها مشاعر اللاعقل. الغبطة
التي يتلمّسها الحجّاج فيما بينهم وهم يصعدون الأخطار وتشدّ
عزائمهم في تطلّعهم الى الله، هي ملاصقتهم لبعضهم البعض في
الموت والحياة، وإمالتهم جذورهم العليا على أرض الانسانية،
والله كريم في كفاحه من أجل البشر، لكن قادة الفيالق والهمج
في تعصّبهم، يتصدّون له ويطردونه بلا عطف من منازله التي
يقصدها الحاج المحبّ والسهران الذين صاح على القراصنة:
" اتركوا الرحلة الميمونة الى أرض الأحلام تمرّ بطمأنينة، ولا
تتعدّوا على أبناء الربّ وأملاكه".





بعلم ماركس وانجلز...








استيلاؤهم على شجرة الليف التي أخفينا فيها طعام الطيور،
وإزاحتهم للتماثيل من أرض أسلافنا، وحشوهم صندوق
مستقبلنا بلحاء الأشجار اليابسة وأظلاف الحيوانات، تضليل
يرهقون فيه أنفسهم ويحاولون تدريب ممن هم على شاكلتهم
في التجمّل بالوقائع التي عاشوها. يشجّعنا تحفّظ الذين لحقتهم
النوائب على تخفيف التهمة عن المجرم في مساومتنا إياّه على
فك الشفرة في اعتقاده بخطيئتنا الجماعية. الماركسيون
والجزويت لمحناهم في الطوفان والأبنية التي تتداعى فوق
المجتمع، يعارضون حذف الألم من العالم ويتهمون التاريخ
بإنجابه للحمقى المتسلّطين. انشغلوا دائماً كلّما ازدادت تعاسة
الانسان، بمواساته وتعرية شقائه وإعلاء نزعته في التحرّر
والمعرفة. تنظيفنا للقطن في الصيف وانتظار مراكب التجّار،
لا يتم إلاّ بعلم ماركس وانجلز، وأحلامهم التي تلحق باقتصادنا
خسائر جمَّة، لا نحدث بها الكهنة الجزويت لئلا يغلقون كتبهم
ونعجز عن الإيجاب بحاجتنا لهم والى ربّهم. يصوّب المهرجون
سهامهم ضد الأشياء المقيتة ويطيلون معاناتنا في حياتنا
التعاونية، لكن المعلم الجزويتي يشدّهم الى عظام من ورّطوهم
ويستنزل للخليقة الرحمة ونعمى العيش في الدعوات الى الحرب.









الأيام التراجيدية للنيليين...







بلايا عظيمة حدثت في مجيء شعوب الهكسوس الى أرض الشمس.
الفلاّحون والصيّادون والجنود تراصوا في دفاعهم عن فساطيطهم
وذهب آلهتهم، لكن الوصفة الخاطئة للملك خرَّبت الأرض وهجرها طائر
أبي قردان. كلّ حقل يهجره هذا الصديق، يتورّم ويثغو في حاجته الى
كِمادات. جفاف يُضبَّب ليل الغرقى في مناحتهم، والدخان ينخر الشجرة
الفاترة، والحظائر خلت من رماة السهام وبريق النجمة المرمّدة. اوزيريس
أعيته الحيلة في كفالته لمن يموت في المعركة وطبقة الكهنة التي استحوذت
على خبز العمّال، تبخسهم حقّهم وتقلَّل من انتاجهم المضني. جماعات كثيرة
أخرى تخلّت عن إيمانها ووشت بالكاهنة القابضة على السرّ في " طيبة ".
لكن صلابة حرّاس السدود والتجّار الذين عادوا من البرّية وعمّال
المياومة المهاجرين، حقَّقت النصر بعد 100 سنة وشقَّت للمغيرين طرق
الهزيمة. الألوهية. الشهامة. الأيام التراجيدية للنيليين تزدري الطغام
والهمج في تظاهرهم بالقوَّة والورع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا