الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجاوزات العمرانيه وغياب المعالم الحضاريه ..

جاسم البغدادي

2013 / 8 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


كأن العراق لا تكفيه الفوضى السياسيه , والمواقف العشوائيه من هذا الطرف وذاك , والفساد الاقتصادي الذي يهدد الاجيال القادمه التي سيكتب عليها ان تولد على هذه الارض ,تأتي الفوضى العمرانيه والتجاوزات العشوائيه لتمحو كل بارقه امل في التطلع لأي صوره جماليه لمدن العراق وحواضره ...والتجاوزات العمرانيه قديمه العهد ,لكنها غالبا ما تكون بعيده عن الاطارالذي يحدّ المدينه بحيث لا تمثل تهديدا لتصاميم هذه المدن وشكلها العام ولذا لم يتم الاهتمام بها ولا التعامل مع ساكنيها الذين هم غالبا من المعدمين ماليا على انهم مخالفين للقوانين , لكن بعد السقوط ونتيجه الفوضى الاداريه التي اربكت نظام التخطيط العمراني والقوانين الرادعه للتجاوزات التي اصيبت بالشلل التام استفحلت هذه الظاهره وبدأت تتغلل داخل المدن لتعشش فيها وتفرض واقعا جديدا يفرض معالجه فوريه كالسرطان او يستشري ويتمدد ليشمل مساحات اوسع ومعالجات شبه مستحيله ..وقد بدأت هذه الظاهره كالمعتاد اجتهادات فرديه او جماعيه محدوده وسط معترك (الحواسم) ثم راح تتلملم وتتنظم تحت ايدي عابثه سرعان ما تكفلت بدعمها شخصيات و تكتلات سياسيه بصوره سريه لتنضج اخيرا وتغدو اشبه بالمؤسسات الاستثماريه التي تتعامل مع التجاوزات كفعاليه اقتصاديه تدر ارباحا كبيره وغدت قطعه الارض (المستقطعه)من الاملاك العامه لها قيمه شرائيه تحسب وفقا لقياسات الموقع ومستوى العمران في المنطقه فيكون سعرها حين الشراء رمزيا او قريب منه وعند البيع خياليا نسبه لكونها لقيطه لا سند ملكيه لها..والشراء حرام والبيع حرام ..وظاهره محرّمه تشيع بين المجتمع تــُضاف الى ظواهر اخرى محرّمه (وما اكثرها ) في المجتمع العراقي ...وقانون الهي قابل للتطبيق في كل شعوب الارض الا الشعب العراقي (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم)..
وكان ما كان مما لست اذكره __________ فظن ّ خيرا ولا تسأل عن الخبر
والغريب هنا انعدام ظهور الفتاوى الدينيه التي تحرم امتلاك تلك الاراضي وتدخلها تحت عنوان الاراضي المغتـّصبه التي لا تجوز الصلاه عليها كالفتاوى التي اطلقها العديد من رجال الدين والمرجعيات حول الاراضي التي انتزعها عبد الكريم قاسم (على قلتها) من الاقطاعيين (الملتزمين بدفع الخمس), تلك الفتاوى التي ساهمت الى حد بعيد في افشال قانون الاصلاح الزراعي الذي أ ُريد له انقاذ الفلاحين المستضعفين والمستعبدين من طبقه الملاك

.... ليست خطوره التجاوزات في تغيير الطابع العمراني للمدن فحسب -على اهميته - لكن بالتأثير على الخدمات الاساسيه للمواطن ولعقود طويله , فمن المعروف في تخطيط المدن الحديثه ان اول ما تتم المباشره به هو توفير الخدمات الرئيسيه كالماء والكهرباء وقنوات الصرف الصحي وتصريف المياه خصوصا عند حدوث امطار غزيره لايام , والجميع شاهد او عايش ما حصل قبل فتره ليست بالطويله من فيضانات عطلت كل اشكال الحياه في مدن كثيره ,مع ان هذه المدن لديها انظمه لتصريف المياه حتى وان كانت دون المستوى المطلوب , ظاهره التجاوزات العشوائيه ظاهره خطيره جدا وسيعاني منها العراق لامد بعيد مع صعوبه ايجاد حلول لها ,او تطبيق اي من هذه الحلول ..لان الاوان قد فات ...فلو تم فرضا توفير بعض الخدمات كالكهرباء والماء فان انظمه الصرف ومشاريع تصريف المياه لن يكون بمقدور احد تنفيذها بالشكل المطلوب , وكم وكم من المبالغ اهدرت منذ عقود طويله جدا على هذه الانظمه في الكثير من المدن العراقيه وما زالت تعاني من نفس المشكله كل عام ...والسبب ببساطه ان تخطيط وبناء تلك المدن اغفل ضروره تنفيذ تلك المشاريع وفق خطه مدروسه بعنايه تستند اولا الى مستوى الانحدار او الارتفاع في مستوى سطح الارض في تلك المنطقه (المسح العمراني) وتوجه شبكه الصرف , وهذا يتم قبل الشروع بأي بناء ...
العشوائيه والتجاوزات (مهما كانت مبرراتها ) خطر حقيقي يهدد الحياه المدنيه في العراق وميزانيه الدوله ,واهميه هذا الخطر بادراك انه لم يقتصر على وحده سكنيه هنا او وحده هناك بل انه غدا مدنا وقرى كامله تقطنها مئات الالاف من العوائل ..يعني مئات الالاف من الازمات والمشاكل المعقده التي ينؤ بحملها المستقبل الاتي فضلا عن غياب اي صوره جماليه للمدن العراقيه مستقبلا ...ليس الحل فقط بانشاء وحدات سكنيه لحل ازمه السكن بل بمحاربه هذه الظاهره وتوعيه الناس ان لا مستقبل لهم تحت سقف هذا البناء الشاذ ..تطبيق فوري لقوانين منع التجاوز او الفرز الغير قانوني الذي يشكل احدى الكوارث العمرانيه , وكذلك الاستغلال الغير مشروع للاراضي الزراعيه التي هي اصلا خارج التخطيط العمراني , ومعاقبه المستثمرين بكذا تجاوزات ولو بالاثر الرجعي , وكل هذا يتم عن طريق مسح ميداني شامل واحصاء دقيق تقوم به لجان تحت اشراف وزاره التخطيط , مع التركيز على ان تكاليف القيام بمثل هذه الاجراءات الان هي اهون واقل كثيرا من التكاليف التي ستتحملها ميزانيه الدوله مستقبلا اذا استمر هذا الوضع الشاذ ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله ينتقم لمقتل 3 من قادته وإسرائيل تحشد ألوية عسكرية ع


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يسحب اهتمام الغرب من حرب غزة




.. الأردن يؤكد أن اعتراضه للمقذوفات الإيرانية دفاعا عن سيادته و


.. رئيس وزراء قطر: محادثات وقف إطلاق نار بغزة تمر بمرحلة حساسة




.. تساؤلات حول أهلية -المنظومة الإسرائيلية الحالية- في اتخاذ قر