الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اصرار على الركض وراء السراب

نعيم الأشهب

2013 / 8 / 4
القضية الفلسطينية


على فرض أن ادارة أوباما جادة هذه المرة في تسوية النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي ، باعتبار ذلك قد غدا شرطا ومقدمة لا غنى عنها لبناء استراتيجية تستهدف تشكيل تحالف سني – اسرائيلي ضد محور ايران – سورية – حزب الله ، فما هي طبيعة هذه التسوية وما هو مقدار ما تحققه من الحد الأدنى لمطالب الشعب الفلسطيني الوطنية ، في الظروف الجارية فلسطينيا واقليميا ، وبالاشراف الأميركي المنفرد ؟.
فلسطينيا ، لم يحدث منذ وقوع الاحتلال الاسرائيلي لبقية الأرض الفلسطينية ، في حزيران 1967 ، أن كان الوضع الفلسطيني بهذا المستوى من التردي والسلبية ، حيث حالة الانقسام ووجود سلطتين متنافستين في كل من رام الله وغزة تترسخ كحالة دائمة ، وحيث تتشكل في كل من حماس وفتح الحاكمتين دوائر معنية باستمرار هذا الانقسام ، بينما تتفاقم مظاهر عجز التنظيمات الأخرى في الساحة الفلسطينية
واذا كان الوضع العربي واعدا على المدى المتوسط والبعيد ، بدعم نوعي للقضية الفلسطينية ، فان تركيزالحراك الجماهيري الهائل ، اليوم ، منصبا على الوصول الى سلطة تعكس طموحات الملايين التي تنزل الى الشوارع طلبا للعمل والعدالة الجتماعية والحرية .
أما فيما يتعلق بالولايات المتحدة ، الوصي الأوحد والمزمن على عملية التسوية ، فهي اليوم أكثر تحيزا لاسرائيل من أي وقت مضى للسببين التاليين : الأول – تضعضع قدراتها في المنطقة كنتيجة للانهاك الذي أصابها بسبب حربي أفغانستان والعراق ؛ والثاني – أن الحراك الشعبي المستمر في العالم العربي منذ أكثر من عامين وتداعياته ، حتى الآن ، أقنع واشنطن بأنه لم يعد في المنطقة من نظام يمكن الرهان عليه لحماية مصالحها في المنطقة ، عدا اسرائيل ، ولا سيما بعد انهيار رهانها على حركة الاخوان المسلمين التي لم تحتمل أكثر من عام واحد ؛ وبالتالي تزداد حاجة واشنطن لخدمات اسرائيل أكثر من أي وقت مضى . وهذا ما يدركه حكام اسرائيل جيدا ، وبناء عليه يرفعون سقف مطالبهم من واشنطن ، ولا سيما على حساب القضية الفلسطينية. ولعله لا يخلو من مغزى ومؤشر، في هذا الصدد، تعيين مارتن ايندك ، مشرفا على عملية التفاوض الجديدة . لقد تساءل داعية السلام الاسرائيلي ، أوري أفنيري بخصوص هذا التعيين : ألا يوجد بين الثلاث مئة مليون أميركي لتعيينه لهذه المهمة غير ايندك اليهودي؟ ولم يقل الصهيوني لا أقل من نتنياهو!.
واذا كانت اسرائيل ليس فقط ترحب بهذه الوصاية الأميركية المنفردة على العملية التفاوضية هذه ، بل وتشترطها ، فان قبول الطرف الفلسطيني بها ، بدلا من مؤتمر دولي أو حتى المشاركة الفعلية لأطراف اللجنة الرباعية الآخرين ، ليس له من تفسير الاّ الرضوخ المؤسف للضغوط الأميركية – الاسرائيلية ، وبالتالي الاستعداد للتراجع عن الثوابت الوطنية التي تمثل اجماعا وطنيا ملزما بما في ذلك لحركة فتح .
واذا كانت الشروط والظروف التي تتم في ظلها عملية التفاوض هذه ، تمثل حالة مثالية للطرف الاسرائيلي، وهو ما يفسر قبول أكثر حكومة يمينية في تاريخ اسرائيل بهذه المفاوضات ، فهذا يعني أن نتائجها محصورة سلفا بأحد احتمالين لا ثالث لهما:اما فرض المشروع الاسرائيلي للتسوية ، أو تكرار نتائج جولات المفاوضات السابقة ، والتي جنى ويجني منها المحتل المزيد من الوقت لمواصلة تغيير المعالم على الأرض.
ومن المفارقات أن القيادة الفلسطينية اذ تقبل بالعودة الى عملية التفاوض هذه ، وتتراجع عن شروط الاجماع الوطني المدعومة بالشرعية الدولية ، وفي مقدمتها الاعتراف بحدود 1967 كأساس لعملية التفاوض وايقاف عملية الاستيطان الكولونيالي المدان دوليا في الأراضي الفلسطينية فانها ، في الوقت ذاته ، ترضخ لتجميد أي توجه الى الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة .
أكثر من ذلك ، فالقيادة الفلسطينية تقبل بالعودة الى مصيدة المفاوضات العبثية دون شروط أو ضمانات دولية يمكن الثقة بها ، في وقت راح يتشكل بديل مضمون ، بعد أن فتح اعتراف الجمعية العمومية للأمم المتحدة بفلسطين كدولة مراقبة الطريق للانضمام الى بقية مؤسسات الأمم المتحدة ، بما فيها محكمة الجنايات الدولية ، وما يترتب على ذلك من امكانية جلب المحتلين أمام هذه المحكمة لتقديم الحساب على احتلالهم وجرائمهم ضد شعبنا ، وهذا ما لا يخفون فزعهم منه ؛هذا من جانب ، ومن الجانب الآخر ما تحقق من انجازات مرموقة في ميدان مقاطعة اسرائيل وعزلها على النطاق العالمي ، وكان قرار الاتحاد الأوروبي الأخير بمقاطعة منتجات المستوطنات الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة مؤشرا واضحا على المدى الواعد الذي بلغته هذه العملية وآفاقها.
ولعل أخطر القضايا التي من المتوقع أن يركز التحالف الاسرائيلي - الأميركي عليها هي المطالبة بالاعتراف ب " يهودية" دولة اسرائيل ، وهو من ابتكارات نتنياهو ويحظى بالدعم الأميركي، رغم أنه لم يطرح حتى في اتفاقات أوسلو التي تضمنت الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير ودولة اسرائيل . فهذا المطلب الاستفزازي يعني أولا: التخلي مسبقا عن الحق التاريخي للاجئين الفلسطينيين بالعودة وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 194 ، وثانيا: يحمل أخطارا جدية بترحيل فلسينيي 1948 ، اذا لاحت فرصة مواتية ، أو تبادل اقسام منهم مع المستوطنين ، في اطار تبادل الأراضي الذي قبلت به القيادة الفلسطينية سلفا. وجدير بالملاحظة، في هذا الصدد، أن المسؤولين الأميركيين ، بمن فيهم أوباما ، راحوا يرددون ، مؤخرا ، بشكل ملفت للنظراصطلاح "يهودية" دولة اسرائيل . ويبدو أن هذا تعبير عن قناعة لديهم بأن اسرائيل دون ان تكون يهودية ، بل وصهيونية ، لن تستطيع الوفاء بالخدمات المطلوبة أميركيا.
وفيما يتعلق بذلك الجزء الأصيل من الشعب الفلسطيني الذي بقي داخل اسرائيل ومصيره ، ينبغي التذكير والتنبيه بأنه جرى منذ فصله قصرا عن بقية شعبه لدى وقوع النكبة، نشوء قيادة تاريخية له ، تمثله وتنطق بلسانه ، وتحظى بثقته ، لدفاعها دون هوادة عن حقوقه وفي المقدمة منها صموده في أرض وطنه.
أما التنظيمات الفلسطينية المعارضة لهذه المفاوضات الخطيرة على القضية الفلسطينية ، فلا يمكن الاعتقاد بأنه يكفي منها ، الآن، اصدار البيانات ، أو القيام بفعاليات متواضعة ومنفردة، تحت راية العصبية الحزبية الضيقة ، بل المطلوب ودون تردد أو ابطاء التخلي عن هذه الراية الأنانية والعمل الموحد تحت راية الوطنية الفلسطينية ، لتعبئة الشعب المعارض والقلق على مصير قضيته المهددة أكثر من أي وقت مضى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على مركز رادارات في سوريا قبيل الهجوم على مدينة


.. لماذا تحتل #أصفهان مكانة بارزة في الاستراتيجية العسكرية الإي




.. بعد -ضربة أصفهان-.. مطالب دولية بالتهدئة وأسلحة أميركية جديد


.. الدوحة تضيق بحماس.. هل تحزم الحركة حقائبها؟




.. قائد القوات الإيرانية في أصفهان: مستعدون للتصدي لأي محاولة ل