الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفلسفة اليونانية - هل أغنت المسيحية ؟ (1-2)

مجدى زكريا

2013 / 8 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


" رغم رفض المسيحية للحضارة اليونانية والرومانية الوثنية , تشربت فى الواقع الكثير من الفلسفات الكلاسيكية ". دائرة المعارف الاميركية
يحتل القديس اوغسطين مركزا لا جدال فيه بين الذين كان لهم تأثير جذرى فى الفكر " المسيحى ". ووفقا لدائرة المعارف البريطانية الجديدة , كان " عقل اوغسطين البوتقه التى انصهر فيها كليا دين العهد الجديد مع التقليد الافلاطونى للفلسفة اليونانية.كما كان ايضا الوسيلة التى نقل عبرها نتاج هذا الانصهار الى العالمين المسيحيين : الكاثوليكى الرومانى فى القرون الوسطى والبروستانتى فى عصر النهضة ".
وفى الواقع بقى ارث اوغسطين الى اليوم. فقد قال دوغلاس ت. هولدن عن مدى تأثير الفلسفة اليونانية فى العالم المسيحى : " لقد اصبح اللاهوت المسيحى مندمجا الى حد بعيد فى الفلسفة اليونانية حتى انه انتج افرادا تفكيرهم هو مزيج من تسعة اجزاء من الفكر اليونانى مقابل جزء واحد من الفكر المسيحى ".
يؤمن بعض العلماء بشكل راسخ ان هذا التأثير الفلسفى حسن المسيحية وهى فى مستهل نموها , اغنى تعليمها , وجعلها اكثر اقناعا. فهل كان الوضع كذلك فعلا ؟ كيف بدأ تأثير الفلسفة اليونانية ومتى ؟ هل ساهم حقا فى اغناء المسيحية ام تلويثها ؟
من المساعد تتبع عدد من التطورات بدءا من القرن الثالث قبل الميلاد حتى القرن الخامس بعد الميلاد , من خلال تفحص اربعة تعابير غريبة : (1) " اليهودية المتأثرة بالهلينستيه ". (2) " الهلينستيه المتطبعة بالمسيحية ". (3) المسيحية المتأثرة بالهلينستيه ". (4) الفلسفة المسيحية ".
ان التعبير الاول , " اليهودية المتأثرة بالهلينستيه ". هو فعلا متناقض. فلم يكن دين العبرانيين الاساسى , الذى اسسه الاله الحقيقى , ليلوث بالافكار الدينية الباطلة. ولكن من البداية , كانت نقاوة هذه الديانة مهددة بالفساد من جراء تأثير الممارسات والافكار الدينية الباطلة المحيطة بها - كتأثير المصريين , الكنعانيين , والبابليين. وللأسف , سمحت اسرائيل بأن تصير ديانتها الحقة فاسدة على نحو خطير.
وبعد قرون , عندما صارت فلسطين القديمة جزءا من الامبراطورية اليونانية التى كان الاسكندر الكبير يحكمها فى القرن الرابع قبل الميلاد , وصل هذا الفساد الى درجة لم يسبق لها مثيل مخلفا وراءه ارثا دائما وهداما. فقد جند الاسكندر اليهود فى جيشه , واثرت الاحتكاكات بين اليهود وغازيهم الجديد , تأثيرا عميقا فى الفكر الدينى اليهودى. ويشاع ان رئيس الكهنة ياسون اسس معهدا يونانيا فى اورشليم سنة 175 فبل الميلاد لترويج دراسة هوميروس,
وما يثير الاهتمام ان كاتبا سامريا فى النصف الثانى من القرن الثانى قبل الميلاد سعى الى تقديم الكتاب المقدس كتاريخ مكتوب بصيغة هلينستيه. وفى الواقع , لمحت بعض الاسفار اليهودية الابوكريفيه , كيهوديت وطوبيا , الى ىالاساطير اليونانية المثيرة جنسيا. وقد ظهر عدد من الفلاسفة اليهود الذين حاولوا ان يوفقوا بين الفكر اليونانى من جهة والدين اليهودى والكتاب المقدس من جهة اخرى.
والشخصية البارزة جدا فى هذا الخصوص هى فيلون. يهودى من القرن الاول بعد الميلاد. فقد تبنى تعاليم افلاطون ( القرن الرابع قبل الميلاد ) , الفيثاغوريين , والرواقيين. وقد تأثر اليهود تأثرا عميقا باراء فيلون. يلخص المؤلف اليهودى ماكس ديمونت تغلغل الفكر اليونانى فى الحضارة اليهودية قائلا : " اذ اغتنى العلماء اليهود بفكر افلاطون , منطق ارسطو , وعلم اقليدس. بدأوا ينظرون الى التوراه بمنظار جديد . . . وشرعوا يضيفون التحليل المنطقى اليونانى الى الوحى اليهودى ".
ومع الوقت بسط الرومان سيطرتهم على الامبراطورية اليونانية , ومعها اورشليم. وقد ادى ذلك الى مزيد من التغييرات المهمة , فبحلول القرن الثالث بعد الميلاد , كانت الاراء الفلسفيه والدينيه التابعة للمفكرين الذين حاولوا ان يطوروا ويوحدوا افكار افلاطون قد اتخذت شكلها النهائى الذى يعرف اليوم اجمالا بالافلاطونية المحدثة. وهذه المدرسة الفكرية اثرت تأثيرا عميقا فى المسيحية المرتدة.
" الهلينستيه المتطبعه بالمسيحيه "
خلال القرون الخمسة الاولى من عصرنا الميلادى , حاول بعض المفكرين ان يثبتوا وجود علاقه بين الفلسفة اليونانية والحق المعلن فى الكتاب المقدس. يذكر كتاب تاريخ المسيحية : " كان علماء الماورائيات المسيحيون يصفون اليونانيين الذين عاشوا فى العقود التى سبقت مجئ المسيح بأنهم كانوا يجاهدون بعزم لكن على غير هدى لمعرفة الله , محاولين مجازيا ان يبتدعوا يسوع من فكرهم الاثينى الفارغ. وان يخترعوا مسيحية من خيالهم الوثنى الضعيف ".
وقد طور أفلوطين ( 205 - 270 بعد الميلاد ) , وهو سلف هؤلاء المفكرين , نظاما مؤسسا بشكل رئيسى على نظرية افلاطون فى المثل ( ضمة على الثاء ). فقد ادخل افلوطين مفهوم النفس المنفصلة عن الجسد. يقول البروفسور ا. و. هوبكنز عن افلوطين : " كان لنظامه اللاهوتى . . . تأثيرا لا يستهان به فى قادة الفكر المسيحى ".
الى المقتالة الاخيرة " يتبع "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا