الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرصة الليبراليين العرب الذهبية

شاكر النابلسي

2013 / 8 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


-1-
لا شك أن دولة "الإسلام السياسي"، في مصر الكبرى، قد انهارت.
وربما كان هذا الانهيار من الضخامة، والقوة "المزلزلة"، ودقة الظرف، قد أدى بدولة "الإسلام السياسي"، الى زوال من غير رجعة.
فمن الصعب على دولة يتولاها "الإخوان المسلمون" أو "حزب النور" السلفي، أو حتى بعض حتى شيوخ الأزهر من الطامعين بالسلطة السياسية الى جانب السلطة الدينية، أن تقوم في مصر ثانيةً، بعدما عانى المصرين المُرَّ من حكم "الإسلام السياسي" المُزوَّر، والمُختَطف، على حد تعبير المفكر اللليبي الراحل الصادق النيهوم في كتابه (إسلام ضد الإسلام)؛ وكان يعني بذلك معنى صحيحاً، من أن إسلام "الإسلام السياسي" الذي شهدته مصر في السنة الماضية، كان ضد الإسلام النقي والقويم.
إذن، فقد انهارت دولة "الإسلام السياسي" المزيف، والمُختَطف في مصر، وعاد بعض الليبراليين المتنورين العصريين، ليحكموا مصر، ويعيدوا مصر الى المسار الليبرالي المتعثر، والمتواضع، والشاق كذلك.
-2-
ولا أظن، أن مصر يمكن أن تُكرر تجربة حكم "الإسلام السياسي"، المتمثل بالإخوان المسلمين في المستقبل القريب.
والمؤشرات السياسية، والإعلامية العربية، والعالمية، الأولية، تقول إن "الإخوان المسلمين" خسروا اليوم في مصر، وخارج مصر، خسارة أكبر من الخسارة التي خسروها في الأربعينات من القرن الماضي، والتي راح ضحيتها مجموعة من كبار المسؤولين المصريين، وعلى رأسهم النقراشي باشا (1888-1948) رئيس وزراء مصر لمرتين. كما راح ضحيتها الشيخ حسن البنا (1906-1949) نفسه بعد ذلك.
وكانت كل الظروف الدولية والإقليمية، تختلف عما هي عليه الآن من حيث:
1- لم يكن الإعلام بهذه القوة، والتنوع، الذي هو عليه الآن، بحيث يستطيع المتلقي متابعة ما يجري أولاً بأول، ولحظة بلحظة.
2- لم يكن الوعي السياسي الإسلامي والعربي، بالقدر الذي هو عليه الآن.
3- لم تكن الأحزاب السياسية الدينية الأصولية والسلفية كالإخوان المسلمين وحزب "النور" السلفي، بمثل هذه القوة والتنظيم ، كما الآن.
4- لم يكن الإرهاب العنيف، قد انتشر في العالم بعد، ولم تكن كارثة 11 سبتمبر 2001 قد وقعت.
5- لم تكن الجماعات الدينية المسلحة قد نشأت، بعد أن خرجت من عباءة "الإخوان المسلمين".
6- لم يكن الشقاق والصدام بين المسلمين والمسيحيين في مصر، قد بلغ الحد الذي بلغه الآن.
7- لم تكن السلطة المصرية العسكرية، قد طاردت، وعذَّبت، وسجنت، وشرَّدت الإخوان المسلمين، كما فعلت بهم في عهد عبد الناصر، والسادات، ومبارك.
8- لم يكن الإخوان المسلمون، قد نكبوا نكبتهم الكبرى في سوريا عام 1982 ، في مذبحة حماة، حيث قُتل أكثر من عشرين ألف قتيل.
9- لم يكن الإخوان المسلمين بالقوة والانتشار والتمركز الذي هم فيه الآن في العالم العربي، والإسلامي، والدولي.
10- وأخيراً، لم تكن السلطات العربية ضعيفة وهزيلة كما هي الآن، ولم يكن الشارع العربي واع وقوي كما هو الآن، من خلال ما يُطلق عليه " الربيع العربي".
-3-
لقد أصبح الرأي العام العربي والإسلامي مستعداً لسماع الليبراليين العرب الآن، كما لم يكن في أي وقت مضى، بعد أن جرَّب حُكم من ركبوا موجة "الإسلام السياسي"، ورأى هذا الشارع - بأم عينه - الاختلاف الفظيع والشنيع بين الشعارات الدينية، وبين التطبيق على أرض الواقع. فعلى الليبرالية العربية، أن تغير فوراً من طروحاتها وتتبنى الخطوات التالية إذا أرادت أن تنفذ فعلاً في العالم العربي وتفوز بما تحلم أن تحققه:
1- من الواضح أن الإسلام النقي والقويم قد اختُطف من قبل الأصوليين والسلفيين الذين حكموا باسم "الإسلام السياسي". وعلى الليبرالية العربية أن تُعيد هذا الإسلام المختَطف الى المسلمين، نقياً، طاهراً، وقويماً.
2- أصبحت الأصولية والسلفية الدينية، تدَّعي من أنها، هي الوصية على الإسلام، والحافظة له، والناقلة لأفكاره وآثاره. فعلى الليبرالية العربية أن تعلم عن الإسلام أكثر مما تعلم الآن. وعليها أن تثقف نفسها وكوادرها دينياً.
3- إن ما يُقنع الشارع العربي والإسلامي المتدين تديناً شعبياً، هو التبسيط والتوضيح. فعلى الليبراليين العرب أن يكون بسيطين وواضحين في مخاطبتهم للجمهور.
4- على الليبرالية العربية، أن تقتفي خطوات الزعيم التونسي الأكبر الحبيب بورقيبة حين أصلح المجتمع الإسلامي التونسي، من داخل الإسلام، وليس من خارجه، وأشرك معه جماعة من شيوخ جامع الزيتونة (أزهر المغرب العربي) في انتاج (مجلة الأحوال الشخصية)، عام 1957 ، والتي جرى تطبيق الكثير من بنودها في المغرب فيما بعد. وأعطت المرأة – خاصة - حقوقها الدينية والمدنية، التي كانت مهضومة.
5- على الليبراليين العرب، أن ينفوا نفياً تاماً أية علاقة لهم بالليبرالية الغربية، التي تُرمى عادة بالدعارة، والانفتاح الاجتماعي الجنسي الإباحي.
6- على الليبراليين العرب، التركيز على أن ليبراليتهم ليبرالية إسلامية ففي الإسلام جوانب ليبرالية كثيرة مخفية، بحاجة الى باحثين ومنقبين. فكما أن الأصولية والسلفية، وجدتا في الإسلام ما يخدم أغراضها السياسية، ويؤيد طروحاتها، فالليبرالية العربية سوف تجد كذلك، ما يخدم أغراضها، ويؤيد طروحاتها. فالإسلام كما قيل (حمّال أوجه). وسبق للمفكر المصري حسن حنفي أن قال، في محاضرة له في مكتبة الإسكندرية، "من أنك تجد في الإسلام كل ما تريد من الشمال الى الجنوب."
7- يجب الرد على طروحات الأصولية والسلفية، من نصوص إسلامية، وما أكثرها. وقد كان الليبراليون العرب في الماضي، يردون على الأصولية والسلفية في أقوال عمر بن الخطاب – مثلاً- وغيره من الصحابة الكرام، بأقوال لماركس، وانجلز، وهيغل، وديكارت. وهذا خطأ كبير وفادح. فالرد الليبرالي العربي، في مثل هذه الحالة، يجب أن يتم بأقوال لأبي حامد الغزالي، وابن رشد، ومحمد عبده على الأقل؛ أي من داخل الإسلام المستنير. وهو ما فعله الزعيم المنفتح بورقيبة في عام 1957 ، وما بعد ذلك، كما يقول لنا الباحث التونسي لطفي حجي، في كتابه عن بورقيبة ( بورقيبة والإسلام.. الزعامة والإمامة).
8- على الماركسيين العرب، أن لا يتحدثوا عن الليبرالية. ويجب ترك الحديث والدعوة الى الليبرالية الى كتاب ومفكرين ليبراليين معتدلين كطه حسين، ومحمد عابد الجابري (مغربي)، والصادق النيهوم (ليبي)، ورجاء بن سلامة (تونسية)، وفاطمة المرنيسي (مغربية)، وعزيز العظمة (سوري) ، وعبد المجيد الشرفي (تونسي) ومحمد أركون (جزائري) ، وهاشم صالح (سوري)، ونصر حامد أبو زيد (مصري)، وحسن حنفي (مصري)، وابراهيم البليهي (سعودي)، ويوسف أبا الخيل (سعودي)، وغيرهم.
(وللموضوع صلة).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقطاب طلابي في الجامعات الأمريكية بين مؤيد لغزة ومناهض لمع


.. العملية البرية الإسرائيلية في رفح قد تستغرق 6 أسابيع ومسؤولو




.. حزب الله اللبناني استهداف مبنى يتواجد فيه جنود إسرائيليون في


.. مجلس الجامعة العربية يبحث الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والض




.. أوكرانيا.. انفراجة في الدعم الغربي | #الظهيرة