الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفلسفة اليونانية - هل أغنت المسيحية ؟ (2-2)

مجدى زكريا

2013 / 8 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


" المسيحية المتأثرة بالهلينستيه " و " الفلسفة المسيحية "
ابتداء من القرن الثانى بعد الميلاد , عقد المفكرون " المسيحيون " العزم على بذل قصارى جهدهم ليجتذبوا المفكرين الوثنيين. ورغم التحذير الواضح الذى قدمه الرسول بولس من " الكلام الفارغ الذى ينتهك ماهو مقدس " ومن " متناقضاضات ما يدعى زورا معرفة " . ضمن هؤلاء المعلمون تعاليمهم مبادئ فلسفية من الحضارة الهلينستيه المحيطة بهم. فمن مثال فيلون بدا لهم انه من الممكن التوفيق بين الكتاب المقدس والافكار الافلاطونية.
وبالطبع , كان الحق المؤسس على الكتاب المقدس هو الضحية الحقيقية. فقد حاول المعلمون " المسيحيون " ان يظهروا ان المسيحية منسجمة مع المذهب الانسانى اليونانى - الرومانى. وقد جعل أقليمس الاسكندرى وأوريجانس ( من القرنين الثانى والثالث بعد الميلاد ) الافلاطونية المحدثة اساس ما صار " الفلسفة المسيحية ". وأسقف ميلانو , أمبروس , كان قد " تشرب احدث التعاليم اليونانية انذاك , المسيحية والوثنية على السواء - وبشكل خاص اعمال . . . افلوطين الوثنى التى تتبع الفلسفة الافلاطونية المحدثة ". وقد حاول ان يقدم للاتينيين المسيحية بحلة اغريقيه رومانية وسار اوغسطس على غراره.
وبعد قرن , حاول ديونيسيوس الاريوغباغوسى ( الملقب ايضا بديونيسيوس الزائف ) وهو راهب سورى على الارجح , ان يوحد الفلسفة اليونانية المحدثة واللاهوت المسيحى. ووفقا لاحدى دوائر المعارف , " جعلت كتاباته جزءا كبيرا من القيم الروحية والعقائد المسيحية فى العصور الوسطى تصطبغ بصبغة الفلسفة الافلاطونية المحدثة . . . وقد اثر ذلك تأثيرا بالغا فى طبيعة العقائد المسيحية , من حيث الدين , ومن حيث العبادة , حتى يومنا هذا ". وكان ذلك استخفافا واضحا بتحذير الرسول بولس من " الفلسفة والخداع الفارغ حسب تقليد الناس ".
لقد لوحظ ان الافلاطونيين المسيحيين اعطوا الوحى الاولوية واعتبروا الفلسفة الافلاطونية افضل وسيلة متوفرة لفهم تعاليم الاسفار المقدسة وتقاليد الكنيسة والدفاع عنها.
كان افلاطون نفسه مقتنعا بوجود نفس خالدة. والجدير بالملاحظة هو ان ابرز التعاليم الخاطئة التى تسللت الى اللاهوت المسيحى هو تعليم خلود النفس. ولا يمكن تبرير هذا التعليم بحجة ان ذلك يجعل المسيحية اكثر جاذبية للجماهير. فعندما كرز الرسول بولس فى اثينا , قلب الحضارة اليونانية النابض , لم يعلم قط العقيدة الافلاطونية للنفس. على العكس , كرز بالعقيدة المسيحية للقيامة رغم ان كثير من سامعيه اليونانيين استصعبوا قبول ما قاله.
وبخلاف الفلسفة اليونانية , تظهر الاسفار المقدسة بوضوح ان الانسان لا يملك نفسا بل هو نفس ( تكوين 2 : 7 ) فعند الموت لا تعود النفس موجودة. تخبرنا الجامعة ايضا فى 9 : 5 " الاحياء يعلمون انهم سيموتون. اما الموتى فلا يعلمون شيئا وليس لهم اجر بعد لان ذكرهم نسى ". فالكتاب المقدس لا يعلم عقيدة خلود النفس.
والتعليم المضلل الاخر يتعلق بمركز يسوع فى وجوده السابق لبشريته , وهو انه كان معادلا لابيه. يشرح كتاب كنيسة القرون الثلاثة الاولى : " كان لعقيدة الثالوث . . . اصلها فى مصدر غريب كليا عن مصدر الاسفار اليهودية المسيحية ". وماهو هذا المصدر ؟ ان هذه العقيدة " نمت وطعمت فى المسيحية على ايدى الاباء الافلاطونيين ".
وفى الواقع , مع مرور الزمن واذدياد تأثر اباء الكنيسة الافلاطونية المحدثة , وطد الثالوثيين اقدامهم. وعلى ما يبدو مكنتهم الفلسفة الافلاطونية المحدثة فى القرن الثالث من التوفبق بين ما لا يتفق - جعل اله ثالوثى يبدو وكأنه اله واحد. وباستخدام الحجج الفلسفيه ادعوا ان ثلاث شخصيات يمكن ان تكون الها واحدا مع حفاظ كل منها على شخصيتها الفردية.
لكن حق الكتاب المقدس يظهر بوضوح ان الله وحده هو الاله القادر على كل شئ. ويسوع المسيح هو ابنه المخلوق والادنى مكانه منه , والروح القدس هو قوة الله الفعالة. فعقيدة الثالوث تهين الاله الحقيقى الوحيد , وتضل الناس , وتجعلهم يبتعدون عن اله لا يمكنهم ان يفهموه.
وكان الرجاء الالفى المؤسس على الاسفار المقدسة الضحية الاخرى للتأثير الافلاطونى المحدث فى الفكر المسيحى ( رؤيا 20 : 4 -6 ) ويشتهر اوريجانوس بادانته الالفيين. ولماذا كان مقاوما جدا لالهذه العقيدة المؤسسة بشكل لا يقبل الجدال على الكتاب المقدس والتى تتكلم عن حكم المسيح لألف سنة ؟ تجيب دائرة المعارف الكاثوليكية : " على اساس الافلاطونية المحدثة التى بنى اوريجانس عليها عقائده . . . لم يستطع ان يؤيد الالفيين ".

لم يكن لأى من التطورات المذكورة انفا صلة بالحق. فالحق هو كامل التعاليم المسيحية الموجودة فى الكتاب المقدس. والكتاب المقدس هو المصدر الوحيد للحق.
لكن عدو الله , عدو الحق والجنس البشرى - الشيطان ابليس - استخدم ويستخدم تنوعا كثيرا من الاساليب المخادعة ليفسد هذا الحق. وبين الادوات الاكثر مكرا التى استخدمها هى تعاليم الفلاسفة اليونانيين الوثنيين التى هى فى الواقع انعكاسا لافكاره الخاصة. وقد استعملها بهدف تغيير محتوى وطبيعة التعاليم المسيحية.
وهذا المزج غير الطبيعى للتعليم المسيحى والفلسفة اليونانية هو محاولة لاضعاف حق الكتاب المقدس , مما يخفف من قوته وجاذبيته لطالبى الحق الودعاء , الجديين , والراغبين فى التعلم. كما انه غالبا ما يدنس نقاوة تعاليم الكتاب المقدس الواضحة تماما كالبلور , جاعلا الفرق بين الحق والكذب مبهما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #


.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع




.. #shorts yyyuiiooo


.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #




.. يهود #بريطانيا يعتصمون أمام البرلمان في العاصمة #لندن للمطال