الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انهيار ركن من أركان - الشرق الأوسط الجديد -

سهر العامري

2013 / 8 / 18
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


انهيار ركن من أركان " الشرق الأوسط الجديد " سهر العامري
الحقيقة الماثلة للعيان الآن هي أن أحد أركان المشروع الأمريكي في المنطقة العربية ، والمسمى بمشروع " الشرق الأوسط الجديد " قد انهد بسقوط حكم الاخوان في مصر تحت ضربات الجيش المصري ، وبالمساندة العظيمة من قبل الجماهير المصرية رغم الدعم الكبير والسخي الذي قدم للاخوان من قبل الدوائر الغربية ، ويأتي في مقدمة هؤلاء الداعمين الولايات المتحدة الأمريكية ، وقد تجسد هذا الدعم بالتدخل المباشر لحكومات تلك الدوائر عن طريق ارسال وفود متعددة ومتلاحقة الى مصر من أكثر من دولة أوربية بالإضافة الى الوفود الأمريكية المدنية والعسكرية منها ، وقد صاحب وصول هذه الوفود الى القاهرة تهديدات مبطنة وعلنية للحكومة المصرية وللجيش المصري ، وقد تمثلت تلك التهديدات بقطع المعونات الاقتصادية والعسكرية عن مصر ، كما صاحبها حملة اعلامية واسعة النطاق على صفحات الجرائد الغربية ووسائل الاعلام المختلفة الأخرى ، تلك الحملة التي تباكت على حكم اخوان المسلمين المسلوب بانقلاب عسكري ! على حد زعم تلك الأبواق ، كما تعدت تلك الحملة الى وزير الدفاع المصري ، الفريق أول عبد الفتاح السيسي ، والى الحد الذي وصفه أحد المعلقين من على شاشة تلفزيون أوربي بأنه ، أي الوزير ، يعمل على اعادة مصر الى زمن الشيوعية في فترة الستينيات من القرن الماضي!
والغريب في الأمر هو أن أعداء الأمس في الظاهر قد اجتمعوا كلهم على دعم ومساندة اخوان مصر هذه المرة ، فقد خرجت مظاهرات في اسرائيل أمام السفارة المصرية في العاصمة منها تبكي على مصير اخوان المسلمين تماما مثلما ناحت الحكومة الايرانية في طهران وصرخ أوردغان في أنقرة على التوالي في وقت كانت فيه حماس تذرف الدموع في غزة ومثلها حزب الله في الضاحية الجنوبية من بيروت ، وعلى هذا يمكن القول أن النكبة التي حلت بأخوان مصر ، وهي نكبة عظيمة دونما ريب ، قد أظهرت زيف العداء بين تلك الأطراف ، مثلما أظهرت دعمها الخفي لمشروع الشرق الأوسط الجديد المصمم من قبل أمريكا والغرب للمنطقة العربية ، والذي بدأ تطبيقه الفعلي حين شنت الولايات المتحدة حربها على العراق عام 2003م .
لنبدأ من اسرائيل التي ترى هي والأمريكان في هذا المشروع ما يحفظ أمنها ، ويزيد من استقرارها ضمن نطاق دول جوار سيطر الاخوان على الحكم فيها ، وتحت هيمنة أمريكية لا يمكن لها أن تفرط بأمن حليفتها بالمنطقة ، أما تركيا فهي تنشد قيام حكومات عربية منسجمة في التوجهات والأهداف معها رغم أن بعض تلك الأهداف يراد منها ايهام المتدينين بقيام "دولة الخلافة الاسلامية" من جديد ، تلك الدولة التي لم تبصر النور أبدا لا في الماضي ولا في الحاضر ولا حتى في المستقبل ، ولا أريد الوقوف هنا عند الموضوع المختلف عن موضوع مقالتي هذه.
ومن المتباكين الآخرين على ما أصاب أخوان مصر من مصاب جلل هي إيران المساهم الحقيقي في المشروع الأمريكي في المنطقة العربية ، وقد بدأت مساهمتها في ذلك المشروع بوقوفها مع الأمريكان في حربهم التي شنوها على العراق ، والتي ربحت هي من خلال تلك المشاركة بمكاسب كثيرة منها على سبيل المثال : تحطيم العراق كبلد قوي لا يستطيع أن يقف عائقا أمام تحقيق مآرب إيران في البلدان العربية خاصة الدول العربية الخليجية التي تريد هي الانتقام منها لوقوفها مع العراق في حرب الثماني سنوات ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر إنها تهيمن اليوم بشكل واضح وجلي على شؤون حكومة المالكي التي تدير الحكم في العراق.
لقد هبت أمريكا والدول الأوربية الأخرى كذلك لنجدة أخوان مصر ، تلك الهبة التي تهدف وبكلمات واضحة الى صون وحفظ المصالح الغربية في المنطقة العربية ، وبالطريقة التي نشاهدها الآن في كل من العراق وليبيا وتونس ، فقد أصبحت هذه البلدان الثلاثة مفتوحة أمام النهب المنظم للشركات الرأسمالية الغربية حين بسطت تلك الشركات نفوذها على الثروة النفطية في كل من العراق وليبيا ، وتتطلع الى الشمس والمعادن في تونس ، وتحت ظلال ترحيب حكومات خانعة لا تختلف في خنوعها عن خنوع اخوان مصر الذين كان يراد لهم أن يكونوا ركانا مهما من أركان مشروع الشرق الأوسط الجديد في دولة لها مكانة كبيرة في الوطن العربي خاصة بعد أن استبدلت الادارة الامريكية في عهد الديمقراطيين برئاسة باراك أوباما أدوات ذاك المشروع التنفيذية من شن حرب مباشرة على زمن الجمهوريين بزعامة جورج بوش الابن ، مثلما هي الحال مع العراق ، الى تحريك الشارع العربي الذي ملّ حكم دكتاتوريات ساهمت الحكومات الغربية نفسها في تنصيبها ثم تخلت عنها. هذا التحريك الذي كان يهدف الى أن يتسلم الحكم اخوان المسلمين في البلدان التي تجري فيها ثورات ما سمي بثورات الربيع العربي !
لقد اختار الامريكان جماعة الاخوان لحكم مصر حين دعموا حملة إعادة مرشحها محمد مرسي المعزول بخمسين مليون دولارا على ذمة عضو الكونجرس الأمريكي، فرانك وولف الذي طالب بفتح تحقيق مع أوباما ووزيرة خارجيته هيلارى كلينتون بتهمة الخمسين مليون تلك ، وقد ندد وولف بما اعتبره ممارسات البيت الأبيض لخلق مناخ من الفوضى فى المنطقة من خلال دعم جماعة الإخوان لأجل انجاح مشروع الإسلام السياسي الذي ستكون مصر محطته في مراحله الأولى ثم يتحول الى الدول العربية الخليجية ، وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية التي أخذت موقفا حذرا من اسقاط نظام الرئيس حسني مبارك بعد أن تنامى الى أذهان القادة فيها خبر اقامة أمريكا لعلاقات سرية بينها وبين اخوان المسلمين في داخل المؤسسات الدينية السعودية ، وهذا ما دفع بالحكومة السعودية الى تقديم دعم قوي لرئيس جمهورية مصر الجديد عدلي منصور الذي شغل منصب مستشار وزير التجارة في المملكة العربية السعودية بين سنة 1983م ، وسنة 1990م . وهو ذات الدعم الذي قدم الى وزير الدفاع ، عبد الفتاح السيسي الذي شغل من بين ما شغل منصب ملحق عسكري في السفارة المصرية بالمملكة العربية السعودية كذلك .
يبدو أن السعودية إنما قدمت ذاك الدعم للرجلين ليس لمعرفتها بشخصيهما وحسب بل لأنها أدركت أن تسلم أخوان المسلمين للحكم في مصر خطوة من خطوات مشروع يزحف نحو دول الخليج العربي باستثناء دويلة قطر التي اندفعت مشاركة في هذا المشروع ردا منها على موقف السعودية المنحاز للبحرين ، مثلما ترى قطر ذلك ، في قضية الجزر المتنازع عليها بين الدويلتين .
لقد أخطأت الإدارة الأمريكية في تقدير حجم وقوة الجماهيرية التي عليها جماعة الاخوان في مصر ، ونست أن التيار العلماني فيها تيار راسخ ، وواسع ، ومتجذر ، أبصر النور قبل أن تفتح تلك الحركة عيونها على الحياة في مصر سنة 1928م وبدعم من المستعمرين الانجليز ، فالمعروف أن حركة التجديد والاصلاح في مصر قد نهضت في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي على يد مصلحين مشهورين من أمثال قاسم أمين الذي حاز كتابه "تحرير المرأة" الذي نشره سنة 1899 على دعم الشيخ محمد عبده ، وسعد زغلول ، وأحمد لطفي السيد ، ولم يقف تأثير هذا التيار عند الحدود المصرية بل امتد تأثيره الى بقية البلدان العربية.
خلاصة القول أن مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أراد التحكم بالنفط والشمس العربية قد أصيب بنكسة حادة ، كما أصابت جموع الشعب المصري الهادرة اخوان مصر بنكبة ما أصابتهم نكبة مثلها على مدى تاريخهم الذميم ، وإذا ما كانت الحكومات المصرية هي التي طاردتهم فيما خلا من السنين فها هو الشعب المصري يطاردهم اليوم في شوارع المدن المصرية رغم صراخ أوباما ، ونعيق القرضاوي .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا


.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024




.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال


.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري




.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا