الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معايير الحكم على كفاءة الإنفاق العام على التعليم العالي في العراق

فلاح خلف الربيعي

2013 / 8 / 18
التربية والتعليم والبحث العلمي


هذه المقالة هي عرض تفصيلي لمداخلتي على البحوث التي ألقيت في مؤتمر " ستراتيجية التعليم العالي واستحقاقاتها على الموازنة الاتحادية " التي عقدت صباح يوم السبت الموافق 18-8-2013 في قاعة السلام في جامعة النهرين من قبل المعهد العراقي للإصلاح الاقتصادي
وفيما يأتي نص المداخلة
كما جاء في معظم الأوراق المقدمة للمؤتمر فأن الإنفاق على التعليم هو بمثابة استثمار في رأس المال البشري يهدف إلى رفع مستوى العائد الاقتصادي الفردي ، فضلا عن مساهمته في رفع مستوى الدخل القومي ، وتتعدى التأثيرات الايجابية للإنفاق على التعليم النواحي الاقتصادية والتنموية لتمتد أثارها إلى تحسين النواحي الاجتماعية والصحية والبيئية والسياسية ، وتتميز معظم الدول النامية بهيمنة الإنفاق العام على التعليم وذلك لضعف دور القطاع الخاص كعنصر مكمل لتمويل التعليم ، وعليه فأن التمويل الحكومي يتحمل لوحده مهمة تلبية طموحات التوسع والتطور المطلوب في التعليم لمواكبة الثورة العلمية والتقنية والإيفاء بمتطلبات الجودة.
وركزت البحوث المقدمة على أهمية زيادة التخصيصات لتمكين الوزارة من رفع مستوى الإنفاق على التعليم لتحقيق الأهداف التي نصت الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي ، ولم ترد أية إشارة خلال عرض تلك الأوراق إلى متغير أخر مهم وهو رفع مستوى كفاءة الإنفاق العام ، وعليه سنتعرض بشيء من التفصيل لهذا المتغير
كما تشير الأدبيات الاقتصادية فأن الحكم على مدى كفاءة الإنفاق العام على التعليم يستند الى ثلاثة معايير
الأول:- هو معيار الكفاية ويقاس بعدد من المؤشرات من أهمها نسبة الإنفاق على التعليم إلى إجمالي الإنفاق العام نسبة الإنفاق على التعليم إلى إجمالي الإنفاق على الناتج المحلي بهدف التوصل إلى احتساب متوسط نصيب الطالب من الإنفاق على التعليم وعند مقارنة نسبة الإنفاق على التعليم في العراق التي لا تتجاوز 9% مع النسب السائدة في عدد في الدول العربية والنامية نجدها منخفضة ولا تنسجم مع الطموحات التي جاءت في ستراتيجية التعليم العالي.
الثاني :- هو معيار العدالة ، الذي يعني مدى حرمان أي طالب من الانخراط في العملية التعليمية ويقاس من خلال المؤشرات الآتية :-
1- مدى التمييز بين الطلبة بسبب التفاوت في مستويات الدخول أو القدرات المالية ومن خلال هذا المؤشر سنتعرف على مدى التحيز السياسات التعليمية للأغنياء وعلى حساب الفقراء ، وسبل تقليص الفجوة بين المناطق السكنية والفقيرة في النواحي التعليمية .
2- مدى التحيز في النوع لصالح الذكور وعلى حساب الإناث في فرص التعليم والتوظيف ، على الرغم من صعوبة العثور على دلائل تؤكد وجود مثل هذا التحيز، إلا إن تدخل العوامل الاجتماعية وبخاصة العادات والتقاليد يدفع بالقسم الأكبر من الإناث إلى تفضيل الكليات الإنسانية والاجتماعية والتخصصات الأخرى غير الملائمة لسوق العمل، مما يؤدي إلى أضعاف فرص حصولهن فرصة عمل مناسبة ويجعلهن أكثر عرضة لخطر البطالة.
3-هل هناك تحيز إقليمي ويقيس مدى التفاوت في المستويات التعليمية بين المناطق الجغرافية المختلفة داخل البلد الواحد.
4-مدى التمييز في جودة خدمات التعليم بين التعليم الحكومي و التعليم الخاص ، ونجد في العادة أن أصحاب الدخول المنخفضة يحصلون على تعليم اقل جودة ، مما سيؤدي بالنتيجة إلى اكتسابهم لمؤهلات ومهارات لا تتناسب مع الشروط والاحتياجات المطلوبة في سوق العمل مما يضعف من قدراتهم التنافسية ، ويزيد من احتمالية مواجهتهم فأنهم لخطر البطالة ، وحتى في حالة توظيفهم فأنهم سيحصلون على عائد اقتصادي منخفض مقارنة بنظرائهم من ذوي المؤهلات والمهارات المرتفعة .
الثالث :-أما المعيار الثالث والأخير من معايير تقييم سياسات الإنفاق العام على التعليم هو معيار الكفاءة الذي يتم في ضوءه التفرقة بين مؤشرين هما الكفاءة الداخلية والكفاءة الخارجية
1-وبقدر تعلق الأمر بالكفاءة الداخلية فأنها تقاس من خلال المؤشرات الآتية :-
أ- نسبة الإنفاق الاستثماري مقارنة بالإنفاق التشغيلي والجاري ، الاختلال يعود إلى ارتفاع نسبة الإنفاق الجاري الذي يعود بدوره إلى الارتفاع في نسبة الأجور والتعويضات من إجمالي الإنفاق التشغيلي وإجمالي الإنفاق
ب- الارتفاع نسبة الأجور والتعويضات من إجمالي الإنفاق التشغيلي وإجمالي الإنفاق العام على التعليم من الإنفاق الذي يعود بدوره إلى الارتفاع في نسبة أجور الإداريين وغير الأكاديميين التي تصل إلى أكثر من 80% من الأجور والتعويضات ، و يعكس هذا البند الارتفاع في نسبة الهدر وعدم كفاءة الإنفاق
2- يواجه الباحث عند محاولته قياس الكفاءة الخارجية للاتفاق العام على التعليم العالي بعدم وجود مؤشرات صريحة يمكن استخدامها لقياس تلك الكفاءة ، مما يدفع الباحثين إلى الاعتماد على المؤشرات الضمنية غير المباشرة ، التي من أبرزها
1- معدل القراءة والكتابة للبالغين ( أكثر من 15 سنة )
2- متوسط سنوات التعليم لمن هم أكثر من 25 سنة ، ويعد هذا المتغير هو الاكثر تعبيرا عن مستوى راس المال المعرفي بشقية الكمي والنوعي
3- مدى ملائمة تخصصات مخرجات النظام التعليمي مع احتياجات سوق العمل ،وغالبا ما يشير هذا المؤشر إلى عدم ملائمة تلك التخصصات للاحتياجات والشروط المطلوبة في سوق العمل ، فمعظم هؤلاء الخريجين هم من تخصصات اللغات والآداب العلوم والإنسانية والاجتماعية ، مما جعلهم الأكثر تعرضاً لخطر البطالة ، واضطرهم ذلك إلى العمل في مهن ووظائف لا تليق بمستوياتهم الدراسية وهي الإعمال الهامشية والخدمية التي لا تحتاج إلى تعليم أو شهادة أو مؤهل دراسي .
4- مستوى العائد الاقتصادي على التعليم وقد تأثر هذا المؤشر بضعف مستويات الأداء الاقتصادي العام في الدول النامية وما ترتب عليه من ضعف معدلات النمو الاقتصادي وضعف مستوى الدخل القومي فضلا عن ضعف دور النشاط الاقتصادي الخاص وقد أسهمت تلك العوامل في انخفاض العائد الاقتصادي على التعليم بشكل كبير وبالتالي انخفاض الكفاءة الخارجية للاتفاق العام على التعليم العالي .
وأخيرا فأن تبني الحكومات لسياسات الإصلاح الاقتصادي وما تبعها من تقليص الإنفاق على جميع القطاعات ومن ضمنها قطاع التعليم والتدريب ، وتخليها عن دور الضامن لتعيين الخريجين في مؤسسات القطاع العام والوظائف الحكومية ،قد أسهم في تراجع كل من مؤشرات الكفاءة الداخلية والكفاءة الخارجية وبالتالي تراجع جودة التعليم وكانت المحصلة النهائية لكل ذلك هي الارتفاع في معدلات التهميش الاجتماعي والبطالة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا