الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي - آراء وأفكار

عبد القادر خالد قدسي

2005 / 5 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


رد من مواطن سوري يقف على الرصيف السياسي
حول انعقاد المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي في مطلع شهر حزيران 2005

في الآونة الأخيرة, يدور الحديث بين الناس في سورية في أماكن العمل وفي المقاهي وحتى في حافلات النقل همساً أحياناً وبصوتٍ عالٍ في أغلب الأحيان. آراء متعددة وأفكارٌ مختلفة تلامس الأسماع حول المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي وما يمكن أن يتمخض عنه في تغيير طبيعة العمل السياسي في سورية. البعض يعقد عليه الآمال الكبار والبعض الآخر يتعامل مع الحدث الذي سيكون بسلبية مطلقة.

وقد شاركت في بعضها وسمعت عن بعضها الآخر, وهي إن عبّرت فإنها تعبّر عن بوادر حراك سياسي صحيح ومعافى عند المواطنين وفي جسم حزب البعث العربي الاشتراكي. وأغلب الذين سمعتهم أو شاركتهم النقاش كانوا يُجمعون على بعض الممارسات التي شابت مسيرة الحزب في العقود الماضية ومنها ما يلي:

اختلف ويختلف المهتمون بشؤون الممارسات التي قام بها حزب البعث في العقود الأخيرة في سورية وغيرها من البلدان العربية, ومثلما اختلفوا في طبيعتها ومدتّها اختلفوا أيضاً في تحديد نجاحها وفشلها, فبعضهم يرى أنّها لم تكتمل وبعضهم يرى أنّها مستمرة .

لا حاجة إلى القول أنّ الجميع متفقون على أنّ العلاقة مع الشعب وقواه الوطنية الديمقراطية هي النقطة الأساسية لكل منطلق مهما كانت النتيجة التي يصل إليها الإقرار بوجود الاختلاف بالرأي مع الذات ومع الآخر, لأنه في المحصلة النهائية لصالح الوطن أولاً والحزب والمعارضة الوطنية ثانياً, ولا يكون ذلك إلاّ بتعميم مفهوم المجتمع المدني سواء في حقل النظرية الفلسفية أو الحقوقية أو في حقل التاريخ الاجتماعي الواقعي الذي يتضمّن على الغالب التّعدد والتّكثر و يتضمن كذلك الاختلاف والتناقض, في حين تتضمن الدولة الحق والوحدة والانسجام.

يستدعي هذا المفهوم النّظر إلى حزب البعث العربي الاشتراكي ومؤتمره القطري العاشر المقرر عقده في الأسابيع القليلة القادمة من زاوية القوى الوطنية ومجموع الشعب لا من زاوية الحزبيين فقط.

المواطن الواقف على الرصيف السياسي في سورية, والذي أوقفه في هذا المكان ضيق صدور بعض القيادات الحزبية ومع الأسف تضيق أحياناً بل في كل الأحيان عند طرح أي مسألة فكرية أو تنظيمية من قبل أي من المهتمين بالشأن الحزبي داخل الحزب وخارجه. هذا المواطن السوري الواقف على الرصيف السياسي والذي يراقب بعقلٍ مفتوح ينتظر الكثير من المؤتمر القطري العاشر, ويطالب البعث أن يعود إلى نشأته وديناميكيته واعترافه بالآخر المختلف, انطلاقاً من أنّ المواطن السوري كائن سياسي يدرك أين يجب أن يكون مكانه في تفاعلات الوطن, ويدرك أيضاً أنّ الدوائر الخارجية وفي مقدمتها الصهيونية المدعومة من أمريكا ما انفكت تتآمر على وطنه سورية, ففي مرحلة ما قبل الحادي عشر من أيلول تجلى ذلك بصورة رئيسة في دعم وتمكين الكيان الصهيوني في فلسطين وفي دعم الأنظمة الاستبدادية في الدول العربية ونهب ثرواتها, أمّا بعد الحادي عشر من أيلول فقد أصبح التآمر سياسة مكشوفة ومعلنة للإدارة الأمريكية لها فلسفتها (الفوضى الخلاقة ؟) ولها مشاريعها التنفيذية (الشرق الأوسط الكبير !).

في ضوء هذا الواقع في سورية ولطبيعة الحياة الاجتماعية والسياسية فيها ولمجمل الظروف المحيطة بها- وهو واقع يدعو بمجمله إلى التنبّه والحذر وزيادة الوعي - أصبح واضحاً أنّ المسؤول عنه هو الممارسات الاستبدادية ومفاعيل المشاريع الامبريالية والصهيونية في المنطقة, وأنّ المخرج هو في نظام يعمم مناخات الحرية والديمقراطية ويعيد الناس إلى السياسة وإلى الاشتغال في الحقل العام, نظام يحترم التّعدد والتّنوع , يعيد بثّ روح المواطنة والوطنية, يتيح للمجتمع التّفتح والازدهار, حرٌّ في إرادته وخياراته.

لنغوصَ قليلاً بحكم علاقتنا مع بعض الأصدقاء البعثيين, ماذا نرى ؟ نرى أنّها علاقات أمر ونهي, والجواب المقبول الوحيد هو الامتثال والقبول, ولا نبتعد كثيراً إذا قلنا أنّها سمة تميّز الخطابات السياسية للمعارضة السورية أيضاً.

إنّ خطاب حزب البعث العربي الاشتراكي وهو الموجود بكثافة في الساحة السورية بحكم حيازته على السلطة, يميل إلى خلق صيغة لغوية ذات طبيعة أمرية فهو لا يهدف إلى إقناعنا بل إلى إخضاعنا, وإذا لم نخضع فنحن عُصاة, وهو يمتح من بئر السلطة المؤسَّسة على السكوت لا على الحوار, أصبح مؤسَّس على بنيات اجتماعية ذات معنى واحد تتحدر من الأعلى إلى الأسفل ولا تسمح بأي حركة في الاتجاه المعاكس, ويتميّز خطاب البعث بكونه خطاباً نهائياً وشاملاً يكتسب قداسته بتقادم العهد عليه ويحوِّله إلى خطاب مغلق يتميّز بالإبهام والغموض, حيث لا تمتلك إلاّ صفوة أو قلّة قليلة حدود تأويله وتفرض على الأكثرية من الأعضاء المتطلعين إلى الحصول على جزء من فتات كعكة السلطة القبول به والامتثال لأوامره ونواهيه.

من كل ما تقدّم يترتب على حزب البعث العربي الاشتراكي مهام كثيرة وهامة تطرح على مائدة المؤتمر القطري العاشر, محاولاً في مناقشتها إزالة كل العوامل السلبية التي ورد ذكرها والتي تراكمت بفعل مسيرته الطويلة في الحكم رابطاً طموحات المواطنين والوطن مع بعضها, صاهراً تطلعات أعضائه مع تطلعات المواطنين لأنّ المواطن هو ذخيرة الأمّة في التنمية والتّقدم, معيداً غرس الإيمان في نفوس أعضائه بأن البحث عن الحقيقة لا ينتهي وأنّ الإنسان لا يكتسب الحقيقة بمجرد انتمائه إلى الحزب, ويجب أن يسمع صوت جماهير المواطنين المبحوح ركضاً وراء رغيف الخبز والكرامة الإنسانية, والكرامة الوطنية والقومية المستباحة على أيدي أعداء الأمّة وحوارييهم.

عبد القادر خالد قدسي

اللاذقية 13/5/2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة


.. قوات الاحتلال تعتقل شابا خلال اقتحامها مخيم شعفاط في القدس ا




.. تصاعد الاحتجاجات الطلابية بالجامعات الأمريكية ضد حرب إسرائيل


.. واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل وتحذر من عملية




.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را