الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الإسلامي والعلماني أسرار مجتمع مخفي مقارنة بين المحافظين علي دواي وعدنان الزرفي

خالد ابراهيم الحمداني

2013 / 8 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بين الإسلامي والعلماني أسرار مجتمع مخفي
مقارنة بين المحافظين علي دواي وعدنان الزرفي
قد تبدو عملية المقارنة التي يقوم بها شخص يعيش في العراق والنجف بالخصوص مثلي مغامرة خطيرة في زمن الدم المستباح هذا, لكني وكما اعتدت القول اردد كما قال ابن الكوفة أبو الطيب المتنبي
رماني الدهر بالأرزاء حتى فؤادي في غشاء من نبال
فصرت إذا أصابتني سـهـام تكسرت النصال على النصال
وهان فما ابالي بـالـرزايا لأني ما انتفعت بأن أبالي
وعملية المقارنة بين شخصيتين تبدوان مختلفتين تماما انتماءا وفكر ا وسلوكا لكنهما يشتركان بتلك الكتلة الكبيرة التي انتخبتهما في كل من محافظتي العمارة والنجف وحجم الهالة الإعلامية التي أحاطت بهما ولربما يصح القول أن البارومتر الذي نستطيع به فهم ما يحصل في مجتمعاتنا ومدى التصاعد أو الانحدار الذي تهوي له مفاهيمنا الدينية والثقافية والتاريخية ,,, ورغم أني من اشد الحانقين على المجتمع ألنجفي بجزئيه الحضري والريفي إلا أني لم أنكر يوما إنه برغم سوء هذا الانحدار الذي وصل إليه مجتمعنا لكنه لا يرقى إلى مستوى الانحدار الحاصل إجمالا في المجتمع العراقي بأكمله من تهاوي أخلاقي وقيمي وديني ورغم الذي أشر له مفكرون وعلماء اجتماع ابتداءا من الوردي وانتهاءا بالصدرين الأول والثاني في معالجتهما لطبيعة هذه التركيبة النجفية التي وقفت باتجاه أي حركة إصلاح أو تجديد ,, إلا إننا لا يمكن أن نتجاوز في أي قراءة أو تحليل تاريخي إن الريادة النجفية بقيت ممسكة بدفة حركة المجتمع في العصرين الحاضر والحديث ورغم إن بعض التيارات القومية واليسارية وجدت لها مؤسسين في الناصرية أو بغداد إلا إن صمام الزعامة ظل في النجف الاشرف والحركة الوطنية رغم كل الحروب التي شنت عليها بقيت متمثلة في زعامات ألحبوبي والجزائري وغيرهم من رموز الحركة الوطنية بل إن التيار البعثي على نشازه كانت قوته متمثلة في قيادات نجفية لا زالت حاضرة اليوم ومعروفة باسماءها بل إن التاريخ يشهد بان المقاتلين النجفيين شيوعيين وقوميين قاتلوا من أقصى كردستان وانتهاءا بالاهوار ,, وبقيت جذوة التيار الديني متمثلة بالشهيدين الصدرين وحزب الدعوة الإسلامية أسيرة النجف ولم تخرج هذه الحركات من البوتقة النجفية ,,,
بعد هذه المقدمة التاريخية نعود لجدلية المقارنة بين مجتمعين يتمثل احدهما بالقولبة العشائرية البحتة وحداثة المدنية المتمثلة في مجتمع العمارة الذي لا يختلف عن الحكمة الشهيرة لشيوخنا المسنين الذين يرددون في قراءتهم لعشائر العراق انك كلما انحدرت جنوبا تتصاعد البداوة والعصبية والاستغراق في البعد القبلي البعيد عن أي وجه مدني
لقد زرت العمارة إبان أيام النظام السابق وزرتها بعد العام 2004 إبان حركة المقاومة ضد الأمريكان ورأيت أن التغير الحاصل في طبيعة المجتمع في العمارة اثر التجربة الصدرية كان بسيطا إن لم نقل سطحيا لان القيم القبلية كانت لا زالت متحكمة في لب الفرد الميساني واستغرب فعلا من خطأي حينما لم أدرك البعد الخفي الذي حصل في هذا المجتمع وهو ما أنتج شخصية وطنية إسلامية مثل علي دواي ولا أقول صدرية لان الصدريين لدينا كثر وخاصة في النجف وهم لا يرقون إلى شعرة من شعر علي دواي ,, فعلا إن قراءة الصدر الأول في سننه القرآنية للمجتمعات وما أسس له كل علماء الاجتماع من كارليل إلى فايبر يتكسر أمام حقيقة ملموسة على الأرض إن الفطرة البشرية أقوى من أي قانون اجتماعي لقد استطاع علي دواي أن يثبت بإخلاصه وتواضعه جدلية الإنسان والإنسان قبل كل شيء والمجتمع الإسلامي الذي يعرف أن يميز بين علي ومعاوية أو بين علي والحجاج أو عبيد الله بن زياد أو غيرهم من ولاة أو محافظي الجور الإسلامي الجديد , ورغم إني لا أميل إلى التبسيط في المعالجات الاجتماعية إلا إني سأجعل هذا الموضوع مقدمة للبحث الذي سأحرص على إصداره حول التغير المجتمعي في العراق
وبالمقارنة البسيطة بين التجربتين النجفية والميسانية يتضح لنا عظم الفارق بين التهاوي النجفي الذي انحدر غرائزيا في تمجيد زعامة تخلو من أي انتماء ثقافي أو اسري في واحدة من مظاهر النموذج التكراري الذي طرحه الصدر الأول في تعريفه للمجتمع المنهار وهي تمظهر جديد لمجتمع الكوفة أيام ابن زياد والحجاج وخالد ألقسري وأنا مؤمن وواثق إن حجم التأييد الكوفي أيام أولئك الولاة لا يختلف عن زمننا هذه والفرق هو حجم التهاوي الذي أضحى لشباب الكازينوهات والطبقة الجاهلة قصب السبق إعلاميا وثقافيا و سياسيا ,,وهذه الفروق بين دواي والزرفي هم الفرق بين زمنين وليس فقط مكانيين إذ إن المجتمع النجفي تهاوى زمنيا وعقليا لدرجة انه صار يصدق أمثولة العلماني العادل خير من الإسلامي الجائر في محاكاة لقول الطوسي الشهير عن الكافر العادل خير من المسلم الجائر ,, في ضحك على الذقون إذ إن الخواء الثقافي والفكري لمحافظ النجف لا يمكن أن ينتج عدلا اجتماعيا أو إعمارا كما يشاع مثلما يشاع في كتب بعض المؤلفين من أبناء العامة الذي كانوا يحاولون تلميع صورة الحجاج بالقول إن اعمارا كبيرا حصل في زمانه كما يذكر خير الله طلفاح في كتابه عن تاريخ الحجاج ,, ورغم الفارق إلا أن البعد الحضاري يبقى هو هو فمستوى المقارنة بين مجتمع العمارة ومحافظهم هو لصالح المحافظ علي دواي الأعلى ثقافة ومهنية وإخلاصا وتدينا في حين يبقى السيد محافظ النجف الأدنى في التاريخ النجفي ثقافيا وحضاريا في مقارنة مع مجتمع صبغته العامة الدينية ويمتد عمقه الحضاري مدنيا وعشائريا إلى أعماق التاريخ وهذه مقاربة عجيبة ينبغي فعلا أن نقف أمامها بتجرد لنستطيع أن نفهم مشاكل اجتماعية كبيرة يعاني منها مجتمع تسوده اليوم القيم المادية المستغلة ناهيك عن التردي الأمني والضعف القانوني و مشاكل تسيد المهاجرين من خارج المدينة وعقدة الحقد والانتقاص التي يمارسها المهاجرون على المجتمع النجفي ولنا عودة في سلسلة مقالات تحليلية لخفايا مجتمع النجف .

خالد ابراهيم الحمداني - كاتب وباحث- النجف الاشرف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إسرائيلية ضد إيران في أصفهان.. جيمس كلابر: سلم التصعيد


.. واشنطن تسقط بالفيتو مشروع قرار بمجلس الأمن لمنح فلسطين صفة ا




.. قصف أصفهان بمثابة رسالة إسرائيلية على قدرة الجيش على ضرب منا


.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير تعليقا على ما تعرضت له




.. فلسطيني: إسرائيل لم تترك بشرا أو حيوانا أو طيرا في غزة