الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غوطة حلبجة

مصطفى بالي

2013 / 8 / 29
القضية الكردية


بين حلبجة و الغوطة مسافة تقارب الخمسة و العشرين رصيفا للتشرد بين سراديب السلطة و الثورات التي (وقودها الناس و الحجارة)،أوطان لها صكوك الغفران في فردوسهم ،إذ يجلسون بوقار كاذب على سدة النيابة الإلهية،يعدون(المؤمنين)بجنان الحرية،شعوب لها تصانيف القطيع،(ثوار و زعماء)لهم تراسيم البيادق على رقعة الوطن(الشطرنج)،اجترار البائسين للجرح المفتوح أسفل القدمين،و تباكي التماسيح على تشرد أحلام في أزقة التاريخ.
عندما يصل بنا النضج لحدوده القصوى تتسرب الهشاشة لعظام أفكارنا المتكلسة،نفقد شعورنا بالتشاؤم(وهو أمر مؤلم لا ريب)كما نكون قد قطعنا مسافات شاسعة عن شيء كنا نسميه التفاؤل فنصبح كمن فقد حاسة الذوق بالطعوم،لا شهية لنا و لا حنين للماضي كما أنه لا لهفة على غد لن يأتي،يلتبس علينا الأمر فلا نعد نفرق بين الشكل والمضمون,نلتمس أقرب طريق للبوح،نهمس للهواء أننا كنا مغبونون بهذا الشيء الذي يسمونه وطنا،فالولاء للقطط كان أفضل من الولاء للجغرافيا ذلك أن القطط على الأقل تحاول إنقاذ صغارها،بينما الأوطان تجلدنا في طفولتنا و تلتهم أجسادنا فيما لو شعرت بالجوع،ندرك أننا أثناء سيرنا في الدرب نحو مشتهانا قد أهدرنا الكثير من الوقت والجهد فتأخرنا عن الموعد بفارق مجزرة أو مجزرتين،فلم يعد الموعد كثير ذي أهمية لنا و لا تعود المحطة التي أهدرنا بيع أعمارنا لنصل لها بذاك الرونق الذي توقعناه،انتفخت كروش البعض الذي كان يراقب سيرنا،وصلنا منهكين شعثى،رثة ثيابنا،فلم نعد نصلح للمحطة،أصحاب الكروش،هم من كانوا متربصين بنا أكثر من الجزار،بدمعة أو دمعتين مهراقتين و بعض جمل منمقة,و أطقم طاهرة من الغبار كطهر المجدلية من كل دنس،فقدوا كل عوامل الشرف و الكرامة في سباتهم الطويل،و اكتسبوا عار الكرش المنتفخ كعاهرة لا تعرف لمن ذاك الجنين الذي في أحشائها، سيعتلون منبر جراحنا في بورصة المنابر القذرة ليحددوا من هو المجرم،دون أن ينسوا ابتساماتهم الصفراء على سذاجة المصدقين،و تهافت المتهافتين.
في الغوطة كما في حلبجة،هناك طفولة ستكتظ بهم سدرة المنتهى،وساسة ثعالب و فلاسفة مشعوذين كما وصفهم جبران،و سيكون هناك تطبيل و تزمير،وتجارة مربحة لمتقوتي العظام على موائد سادة الحديد،سيكون هناك ضربات وهمية لأماكن وهمية فيتحول فندق الرشيد في بغداد مثلا إلى الفورسيزنز في دمشق و وزارة الدفاع العراقية مقابل (ألبان هولير) إلى وزارة الدفاع السورية مقابل متحف التاريخ في دمشق.
سيرتفع التهويل و النعيق بحثا عن أكذوبة الأسلحة و ستفتح غرف النوم مجددا أما لجان التفتيش التي ستتناوب على بكارة دمشق كما تناوبت سابقا على بكارة بغداد في تناغم و تناسق ضمني بين بيادق السلطة المعمرين و بيادق السلطة الجدد المتلمظين لشفاه الشهوة الآثمة،و سيكون دراكولا سيد الموقف على حساب الطفولة اليانعة في رحاب سوريا،ستستمر حفلة الشواء البشري حتى تزكم رائحتها الأنوف،فتحل التوماهوك محل العصافير،و تزخ على سوريا سماء الرصاص و الفوسفور المنضب بدل الأمطار و الثلوج ليكتشف العالم بعد كل هذا أكذوبة الحرية و الكرامة و دجل الديمقراطية و ليكتشفوا كما في السابق أن المتهم الرئيسي قد حكم عليه بالإعدام و عجل في إعدامه ذات عيد كأنه أضحية لا لشيء، فقط ليخفوا سجلات القصف الكيماوي و ليعقدوا حلقات الدبكة على جثث الضحايا مقنعين إياهم أنه تم الأخذ بثأرهم بينما المجرمون الحقيقيون هم أصحاب الدبكة بالذات.
في الغوطة كما في حلبجة ستزدهر السياسة على حساب الدماء البرئية بينما ستحرم هي من ممارسة السياسة،ستكون موضعا لاستجرار الكثير من المعونات و بناء الكثير من مدن العبيد حول قصور أصحاب الكروش الآثمة بينما ستبقى هي أطلال مدينة و بقايا حياة،وقميص عثمان الذي أهدر الدماء منذ قرون و ما زال.
في الغوطة كما في حلبجة سيكتشف البسطاء أن (ديمقراطيتهم وحريتهم) الموعودة ما كانت سوى وباء حل بالبشرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لمن تكتب
علاء اوسو ( 2013 / 8 / 29 - 19:11 )
نعم يا صديقي --سيكون دراكولا سيد الموقف على حساب الطفولة اليانعة في رحاب سوريا،ستستمر حفلة الشواء البشري حتى تزكم رائحتها الأنوف،فتحل التوماهوك محل العصافير،و تزخ على سوريا سماء الرصاص و الفوسفور المنضب بدل الأمطار
وستزدهر السياسة على حساب الدماء البريئة
وسيكتشف البسطاء أن (ديمقراطيتهم وحريتهم) الموعودة ما كانت سوى وباء حل بالبشرية.
ولكن ما فائدة القول لسكان مدينة بل مدن زرناها وكانت فيها العديد من المكتبات المليئة بكتب المفكرين والفلاسة التي ارتفعت عليها غبار تلك المدن ودفنت في هذه التي يسمونها ثورة تحت رماد الابنية سكان هذه المدن يا صديقي لا يهمهم اي فكر يشرح لهم صدرهم على فهم الديمقراطية وعيش الحرية لانهم فقط لهم كتاب واحد حفظوا اياته عن ظهر قلب كتاب لا ينعلمون منه سوى العبودية ويقدسونه سكان هذه المدن يا صديقي عبيد وسيبقوا عبيدا ما دام قدوة سكان هذه المدن ضيوف في هذه الحياة ويعملون للحرية في عالم ما بعد الموت --والحوريات


2 - لمن تكتب
علاء اوسو ( 2013 / 8 / 29 - 19:13 )
نعم يا صديقي --سيكون دراكولا سيد الموقف على حساب الطفولة اليانعة في رحاب سوريا،ستستمر حفلة الشواء البشري حتى تزكم رائحتها الأنوف،فتحل التوماهوك محل العصافير،و تزخ على سوريا سماء الرصاص و الفوسفور المنضب بدل الأمطار
وستزدهر السياسة على حساب الدماء البريئة
وسيكتشف البسطاء أن (ديمقراطيتهم وحريتهم) الموعودة ما كانت سوى وباء حل بالبشرية.
ولكن ما فائدة القول لسكان مدينة بل مدن زرناها وكانت فيها العديد من المكتبات المليئة بكتب المفكرين والفلاسة التي ارتفعت عليها غبار تلك المدن ودفنت في هذه التي يسمونها ثورة تحت رماد الابنية سكان هذه المدن يا صديقي لا يهمهم اي فكر يشرح لهم صدرهم على فهم الديمقراطية وعيش الحرية لانهم فقط لهم كتاب واحد حفظوا اياته عن ظهر قلب كتاب لا ينعلمون منه سوى العبودية ويقدسونه سكان هذه المدن يا صديقي عبيد وسيبقوا عبيدا ما دام قدوة سكان هذه المدن ضيوف في هذه الحياة ويعملون للحرية في عالم ما بعد الموت --والحوريات


3 - الضحية
مصطفى بالي ( 2013 / 8 / 29 - 19:43 )
عادة تكون الضحية من أول المعجبين بجلادها
لذلك تجد المرأة خط الدفاع الأول عن الدين باعتبارها الضحية الأبرز للدين
و الشعوب بعامتها خط الدفاع الثاني عن الدين باعتبارهم ضحايا سلطة الغيبوبة

اخر الافلام

.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟