الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهداف الضربة العسكرية الأميركية المرتقبة للنظام الطائفي في سورية

قصي غريب

2013 / 8 / 30
مواضيع وابحاث سياسية



إن سياسة التجاهل والتردد، من قبل الإدارة الأميركية، تجاه الثورة السورية، كانت السبب الرئيس والأساس في دفع النظام الطائفي " المدلل في المنطقة هو وإسرائيل " من قبل الجماعة الدولية إلى استخدام الأسلحة الكيميائية في 21 آب 2013، ضد الشعب السوري الثائر، والذي تزامن مع الذكرى السنوية لإعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما في 18 آب 2011، عن ضرورة تنحي بشار الأسد عن السلطة، وتصريحه في 20 آب 2012، بأن استخدام الأسلحة الكيميائية خط أحمر، وسوف يغير قواعد اللعبة، ويتطلب رداً حازماً.
فأصبحت الإدارة الأميركية تواجه تحدياً واختباراً من قبل النظام الطائفي في سورية، وتأييد، ومساندة، من قبل النظام الإيراني، من خلال تعريض مكانة الولايات المتحدة الأميركية، وهيبتها، ومصداقيتها، وقوتها، في العالم وبخاصة في المنطقة للإهانة، من خلال اختبار الخط الأحمر الذي وضعه الرئيس باراك أوباما حول استخدام الأسلحة الكيميائية، فلقد كان استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل النظام الطائفي، وبتشجيع من قبل النظام الإيراني، الهدف منه التحدي والاختبار، والأهم منه تحقيق انتصار تكتيكي على الثوار في ريف دمشق، الذين يحكمون الحصار على دمشق، من أجل أن يرفع فيه من معنويات قطعان عصاباته المنهكة، ويضعف من معنويات الثوار المرتفعة بالإيمان بالنصر، من خلال إرسال رسالة إليهم، بأنه سوف يستخدمه كلما سنحت الفرصة، أو في أي وقت من الأوقات، وإن الخط الأحمر الأميركي لا قيمة له، في حين كان الهدف من استخدامه للنظام الإيراني هو عبارة عن بالون اختبار لقياس عزم رد الفعل الأميركي، وإسقاطه على محاولة سعيهم الدؤوب لإمتلاك السلاح النووي.
ولذلك أخطأ النظام الطائفي، ومؤيده، ومسانده النظام الإيراني في حساباتهم لقياس عزم رد فعل الإدارة الأميركية، فقوة، وهيبة، ومصداقية، الولايات المتحدة الأميركية وبخاصة عندما تهدد أو تحذر دولة ما في العالم، ولاسيما إذا كانت من عالم الجنوب، لا يستطيع أي من الرؤساء الأميركيين تجاوزه، وصرف النظر عنه، وعدم الوفاء به، حتى وإن كان الرئيس باراك أوباما أكثرهم تردداً في الدخول في مغامرة عسكرية جديدة نتيجة الغزو الأميركي الكارثي لأفغانستان، والعراق، الذي سبب الكثير من الخسائر المادية والمعنوية للولايات المتحدة الأميركية، فضلاً عن التزامه بوعوده التي قطعها للشعب الأميركي.
وقد جاء تصاعد الإدانات الدولية والإقليمية ضد استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، وبخاصة من قبل بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، ليجعل من الصعوبة الكبيرة أمام الولايات المتحدة الأميركية البقاء خارج المشهد السياسي، والدبلوماسي، والعسكري، من منطلق تهديد مصالحها الاستراتيجية، وإهانة سمعة مصداقيتها التي أصبحت على المحك، ولاسيما في ظل التصميم على ألا تمر هذه الفعلة من دون عقاب، لأن مثل هذا الهجوم بالسلاح الكيميائي يتطلب رداً حازماً، وإمكانية استعداد حلفائها للمشاركة والمساعدة في القيام برد دولي منسق لتنفيذ الخط الأحمر الذي وضعه الرئيس باراك أوباما.
ولهذا سوف تكون هناك حاجة ملحة للإدارة الأميركية لتبني سياسة القوة الصلبة الأكثر حزماً من أجل احتواء القتال، وإنهاء الصراع في سورية، سواء على طاولة المفاوضات، أم في الحرب التي ترجحها المعطيات والمؤشرات، والتي تؤكد أن الإدارة الأميركية مصممة على استخدام القوة العسكرية ضد النظام الطائفي في سورية، وتوجيه ضربة في العمق، ولكن السؤال المهم ما الأهداف التي تسعى إليها الإدارة الأميركية من وراء استخدام القوة، وتوجيه ضربة عسكرية للنظام الطائفي في سورية ؟، وبخاصة أن استخدام القوة، وتوجيه ضربة عسكرية أميركية كما ذهب البعض لا تأتي من أجل عقاب النظام الطائفي جراء انتهاكه للأعراف الدولية بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية، فلو كان الأمر كذلك، فإنه سوف يؤدي فقط إلى تحديد الأدوات الملائمة للأسد لتنفيذ عمليات القتل الجماعي، ولا إلى تغيير ميزان القوى بين الثوار، وقوات النظام، فلو كان الأمر كذلك، لقامت الولايات المتحدة الأميركية بتغيير استراتيجيتها على الأرض من خلال تدريب وإمداد المعارضة السورية المنتقاة بالأسلحة، ولا إلى وضع نهاية لرحيل بشار الأسد، وأركان نظامه، وفقاً لما صرح به الرئيس أوباما في عام 2011، فلو كان الأمر كذلك، فسوف يتطلب هذا قيام الولايات المتحدة الأميركية بحملة، على غرار الحملة التي قام بها حلف شمال الأطلسي في البوسنة.
ولذلك يبدو لنا أن البعد الحقيقي من استخدم القوة وتوجيه ضربة عسكرية للنظام الطائفي في سورية هو من أجل تحقيق الأهداف الأتية :
- التأكيد على أن الولايات المتحدة الأميركية لا تزال صاحبة القرار والفعل في الساحة الدولية.
- محاولة استعادة الثقة بقدرات الولايات المتحدة الأميركية العسكرية، وتجاوز عقدتي غزو افغانستان وغزو العراق، وما خلفتاه من أثار كارثية على النفسية الأميركية، والاقتصاد الأميركي، بتحقيق انتصار سريع وحاسم على نظام عصابات طائفية استباح شعبه ودمر دياره، وقد قال الرئيس باراك أوباما : " لا نسعى إلى الدخول في صراع طويل الأمد في سورية كما حدث في العراق ".
- تأكيد مصداقية الولايات المتحدة الأميركية في الالتزام بتنفيذ وعودها، والتي ظهر من خلال تجاهل وتردد سياستها الخارجية تجاه الثورة السورية، أن النظام الطائفي في سورية، وحليفه النظام الإيراني قد استغلا هذا التجاهل والتردد بمهارة، وأظهرها كذابة بامتياز وتمارس " الجعجعة بلا طحن "، مما أساء إلى مصداقيتها، وهيبتها، ومكانتها، وقوتها، وسمعتها، في المنطقة، والعالم، وقد قال السيناتور جون ماكين : " إن مصداقية بلاده سوف تتراجع بشكل كبير إذا لم تتخذ الولايات المتحدة موقفا جدياً من الصراع في سورية ".
- تنحية بشار الأسد وعائلته عن السلطة، وليس إسقاط النظام، وفتح ملف حقوق الإنسان، وملاحقتهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية.
- تدمير البنى العسكرية السورية، وربما جزء من البنى المدنية، بحيث تصبح سورية أقل خطراً على المصالح الأميركية والغربية في المنطقة وبخاصة على أمن واستقرار إسرائيل، وإنهاك الشعب السوري، وعلى مدى عقود، بتوجيه كل اهتمامه إلى إعادة بناء دياره، وترتيب أوضاعه الداخلية، وقد أكد السفير الأميركي في إسرائيل بأن الهجوم سيكون شديداً.
- وضع السلاح الكيميائي السوري، باعتباره قد أصبح لهم يهدد السلم والأمن الدوليين، تحت وصاية وإشراف الأمم المتحدة، ونزعه، وتحييده، كسلاح ردع يمتلكه الشعب السوري ضد إسرائيل.
- استغلال الفرصة السانحة لتوجيه ضربات جراحية قاصمة للجماعات الجهادية الإسلامية المتطرفة، التي ترتاب منها الولايات المتحدة الأميركية، وتعدها أدبيات السياسة الخارجية الأميركية، إرهابية، ومعادية لها، ولأصدقائها.
- التقليل من فرص نجاح القوى الثورية الوطنية السورية الحقيقية من تولي قيادة وحكم الدولة.
- فرض الحل السياسي في سورية برغبة، وانطباع، وتصور، ورؤية، الولايات المتحدة الأميركية، وتمكين الجماعات المدنية والعسكرية الموالية لها سواء كانت من المعارضة أو التي ستقف معها من النظام، لاسيما وأن وزير الخارجية جون كيري كان قد أكد على أن بلاده ترغب برؤية الحكومة والمعارضة السورية على طاولة المفاوضات بغية تشكيل حكومة انتقالية بحسب إتفاق جنيف 1، فالحل السياسي الأمثل لدى الإدارة الأميركية في سورية، يتمثل في تنحي بشار الأسد عن السلطة، مع المحافظة على مؤسسات النظام الطائفية، وبخاصة الجيش، والشرطة، والمخابرات، وهذا ما ورد في بيان جنيف 1، من أجل استمرار المحافظة على استقرار أمن إسرائيل، واحترام قوانين اللعبة الدولية في المنطقة.
- رسالة إلى النظام الإيراني الذي يسعى حثيثاً إلى امتلاك السلاح النووي، بأن استخدام السلاح غير التقليدي سوف يكون الرد عليه من قبل القوة العسكرية الأميركية والغربية بالردع والعقاب القاسي، وقد قال الرئيس الأميركي باراك أوباما : " يجب معاقبة نظام الأسد على استخدامه السلاح الكيميائي "، كما قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج : " لا يمكننا أن نسمح في القرن الحادي والعشرين بفكرة أنه يمكن استخدام الأسلحة الكيميائية من دون عقاب "، ولذلك فإن استخدام القوة العسكرية للدفاع عن مصداقية، وهيبة، ومكانة، وسمعة، الولايات المتحدة الأميركية، من شأن ذلك أن يعزز أيضاً من مصداقية التزام الرئيس باراك أوباما بمنع حصول النظام الإيراني على قدرات تصنيع السلاح النووي.
- تعزيز وتقوية جانب أصدقاء الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة وفي مقدمتهم : إسرائيل، والمملكة العربية السعودية، والأردن، لاسيما بعد أن أدت السياسة الخارجية الأميركية المترددة والمتناقضة تجاه الثورة السورية إلى تعزيز فقدان مصداقيتها، ومن ثم انكماش وتراجع هيبتها، ومكانتها، وتأثيرها، في المنطقة، والذي كان له تأثير سلبي على قوة، ومكانة، حلفائها، لحساب تعزيز قوة ومكانة النظام الإيراني الإقليمية.
وبناء عليه سوف يبقى تحقيق هذه الأهداف الأميركية على أرض الواقع مرهوناً بزمن تنفيذ الضربة العسكرية المرتقبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نواب في الحزب الحاكم في بريطانيا يطالبون بتصنيف الحرس الثوري


.. التصعيد الإقليمي.. العلاقات الأميركية الإيرانية | #التاسعة




.. هل تكون الحرب المقبلة بين موسكو وواشنطن بيولوجية؟ | #التاسعة


.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة علما الشعب جنوبي لبنان




.. المتحدث باسم البنتاغون: لا نريد التصعيد ونبقي تركيزنا على حم