الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي رحيل يشبه رحيلهم ؟...

أم الزين بنشيخة المسكيني

2013 / 8 / 31
كتابات ساخرة


هل تُصاب الحكومات أيضا بالصمم ؟ ما بال هذه الحكومة لا تسمع ؟ هل كبُرت في السنّ و صارت السقيفة طويلة ؟ سقيفة بني ساعدة الجُدد ؟أم أنّهم يسدّون آذانهم و يطلقون علينا أصوات الجوامع حتى لا نسمعهم نحن أيضا ماذا يتهامسون ؟ لقد تأكّدنا الآن أنّ حكومة "موتوا بغيضكم " لا تسمعنا ..لكنّ هذه يمكن أن تكون أيضا مناسبة جميلة كي نطلق حناجرنا بأصوات أعلى و أصفى عن حرّيتنا ..." ارحلوا " : كم دوّت هذه العبارة الجميلة مثلما دوّت عبارة "ديغاج"حسنة الصيت ..على الأقلّ صرنا نقولها بالعربية هذه المرّة و في الجمع " ارحلوا " . لم يعد لدينا دكتاتورا واحدا . لقد فرّخ الاستبداد و ما سكتنا عليه بيضا صرنا نطارده فراخا ..هل يسمعون ؟
حسبنا الله و نعم الوكيل ..يحدث للدول أن تُصاب بالصمم و يحدث للدول أيضا أن تبتر بعض أعضائها من شدّة هشاشة أحشائها المدنية ..أمّا الشعوب فتتساقط أحلامهم كل يوم على قارعة الارتحال الديمقراطي و تناديهم أرواح شهداء سقطوا غدرا في عقر ديارهم ..أو ذُبحوا عنوة في حرمة ثكنات الجيش الوطني ..أن ادفعوا جيّدا بهذا الركح الى العدم .. فيخرجون الى الشوارع يصرخون بما تبقى في حناجرهم من حرقة على وطن يتوجّع . لكنّ صخرة سيزيف لا تتحرّك قيد أنملة ..و ترمقهم من بعيد عيون السوء ممزوجة ببسكويت الشكوطوم رضي عنهم جميعا و أسكنهم جنان جهنّم ..هذه الترويكا التي يرنّ اسمها فيما تبقى لنا من الصدى كما لو كانت كرّيطة يجرّها حمار أعمى ..يا لهذا الحمار ..و يا لأسمائه الصغرى ..لماذا يصرّ على أن يبقى حمارا على الطريقة الحزبية ؟ لماذا لا يستقيل فجأة فقد يُكتب له اسم في حكومة قادمة .أم أنّ الاستقالة غول يخيف كل حاكم سارق لثورة شعبه ؟ من سيبكي أولئك الذين يعيشون خارج التغطية بلا شغل و لا أمل و لا رغيف كريم ؟
لاهوت أحمر و طاعون الانفعالات الهووية على قدم و ساق .. مسعورون على القضبان ..قضبان الكراسي .. و للموت ألف أغنية حزينة ..حكومات الصمّ و حوارات الطرشان ..يا لصخور سيزيف و يا لغزلان الشعانبي التي تشرّدت مفزوعة من تفجيرات حكومية على كهوف ارهابية ..ما دخل الغزالة في ارهاب الدول ؟ هل ستهبنا هذي الحكومات المسعورة على الكراسي غزالة جديدة ؟ أم لن يولد في الشعانبي من هنا فهابطا غير النطيحة و الكسيحة و ما ترك الضبع ؟ كل الناس سمعت أصوات المتظاهرين في كل مكان من تونس و كل الناس الذين يرون أنفسهم مواطنين أحرارا قد تركوا ديارهم و صاروا يهيمون في الشوارع على وجه الوطن المجروح الساكن في قلوبهم ..يطالبون برحيل هذه الحكومة التي صارت أشبه بصخرة سيزيف ..ندفعها فتعود كي تسقط علينا ..ربّما لم تتقن السقوط في موضع خاصّ بسقوطها .. و ربّما لم تعثر بعدُ على موطن رحيلها ..أو ربّما هذه حكومة لم يصلها بعدُ نبأ سقوطها .. لم تسمع بعدُ أنّها سقطت من عيون شعبها ..ثمّة من الصمم ما قتل و ثمّة من الموتى من لا يعرف الطريق الى المقبرة ..
هل تكون فعلتها مثلما فعلها فان غوغ ذات مرّة ..ذاك الرسّام الهولندي ( 1853-1890) الذي قصّ أذنه اليسرى في يوم 24 ديسمبر 1880 بعد خصومة مع أحد أصدقائه .. من وراء قصّ أذن فان غوغ ؟ ربّما ثمّة ارهاب في اللوحات أيضا ..ارهاب الألوان الصامتة .. أم ارهاب عيون تحدّق فلا ترى غير أوهامها ...الحكومات تقوم هي الأخرى و تقعد على الخصومات أيضا ..فيحدث أن تقصّ أذنا أو أيّ عضو آخر شريطة أن تبقى دوما على كراسيها غير المتحرّكة . أيّ اختلال ديمقراطي و أيّ جنون ثوري يجعل دولة ما صمّاء عن صراخ أبناء شعبها؟ و تراهم يدمنون على شرعيّتهم كما لم يدمن على الخمر أحد ..شرعيون الى حدّ القتل ..شرعيون الى حدّ مطاردة الثعالب في القصرين و حرق الاكليل ..باسم البحث عن الارهابيين ..من سينصف الزعتر الوحشي و الحلفاء الحزينة التي احترقت بأخطاء الدول ؟
الرحيل ..الرحيل ..أي شيء يشبه رحيلهم ؟ رحيل الحبيب عن الحبيب أم رحيل الموتى عن الأحياء ؟ رحيل الرحل في لغة الناقة و البعير أم رحيل الحمير في يوم ضحل و تاريخ حزين ؟ من سيضع الرّحال و من سيشدّها و من سيركب الرحل بدلا عن الجميع ؟ لن نبكيهم لو رحلوا مثلما يبكي الحبيب هجر الحبيب .. انّهم لم يكونوا أحبّة لأحد ..فالحكومات لا تعرف غير المكر و دهاء الثعاليب .هؤلاء القادمين على عجل من سلالة الرحّل ، هؤلاء الذين أجبروا خيرة الأصوات الحرّة على الرحيل الى المقبرة قبل أوان موتهم ..هؤلاء الذين رحّلوا غزالات الشعانبي و عصافيره من أوكارها .. أيّة بيضة أخرى تلزمهم كي يسمعوا بنبأ سقوطهم ؟ بيضة فلّوسة عذراء أم بيضة دجاجة محنّكة ؟ و أيّ أدب للرحيل يلزمهم كي يرحلوا ؟ رحلة الادريسي "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ؟ " أم رحلات كريستوف كولمبوس الى الهند ؟ أم رحلة ابن القارح الى جنّة المعرّي؟ أم رحلة الشيطان الى جحيم دانتي ؟
قال بن علي في آخر خطاب له :" فهمتكم " ..متى يقول علي نفسه : " سمعتكم " ثمّ يرحل ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة