الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتريات الحب والحرب : رواية الفصل23

حبيب هنا

2013 / 8 / 31
الادب والفن


- 23-
ما لم يفهمه العالم، أن الخوف من الحرب يستمر طالما لم تبدأ بعد، وعند بدئها لا معنى لاستمراره ما دامت الخسائر بدأت تدب بين الطرفين، وكثير من الصحافيين يسألون الناس : هل أنتم خائفون ؟ وعند إجابتهم لا، يستغرب الصحفي صاحب السؤال، بل ويقول في نفسه إنهم يحاولون التماسك وعدم إظهار الخوف، وفي أحسن الأحوال يتساءل في قراره : من أي مادة يخلقون هؤلاء البشر ؟
لم يكن يعرف المعنى الحقيقي للخوف، متى يبدأ ومتى ينتهي، كل ما كان يعرفه هو أن الناس إما أنهم يبالغون بعدم الخوف، وإما أنهم لا يرغبون بإظهار ضعفهم باعتبار الناس جميعاً عرضة للخوف بغض النظر عن أسبابه، ولو كان يعرف أن الخوف يفقد معناه عندما يصبح الإنسان لا خيار أمامه سوى الدفاع عن نفسه من أجل البقاء لما كان وجه السؤال من أصله . هذه المفاهيم والمعاني لم يتعلموها مهنياً كما هو حال العمل الصحفي، بل هي اكتساب من التجربة مضافاً إليها دراسات علم النفس وتفسيراته لمعنى الخوف الذي يتفاوت من حالة لأخرى .
وعليه، لا بد من النظر إلى المسألة من زاوية غير تقليدية ما دامت الحرب التي تسبب الدمار والهلع في محصلتها هي عمل غير تقليدي ولا إنساني بالمقاييس الأخلاقية . الأمر الذي يؤكد أن وقوع المحظور ينفي وجود الخوف، وبانتظار وقوعه تتفاقم حالات الخوف والهلع مما قد يحدث، وهو بالتالي غير معروف . عندئذ لن يكون أمام الناس سوى الأمل في أن يكون حجم الخسائر أقل من المتوقع، والقرارات التي تتخذها القيادة العسكرية والسياسية قرارات صائبة، الأمر الذي يدفع للالتفاف حول المقاومة مهما كانت ضراوة الحرب باعتبارها الخيار الوحيد المتبقي أمام الناس لتقليل حجم الخسائر ما أمكن .
ومع ذلك، على الصحفي أن يوجه سؤاله قبل الحرب على النحو الذي وجهه حتى يحصل على الإجابة التي من شأنها إقناعه دون طرف ثالث، عندها سيقال له نعم إننا خائفون وليس بيدنا ما نفعله . قد تدمر البيوت فوق رؤوسنا وقد لا نجد متسعاً من أسرة المستشفيات وربما لن يكون بوسع الأطباء علاج أعداد الجرحى والمصابين من جراء القصف وربما تنفد الأدوية من المستودعات ولا يكفي الشاش الأبيض لتضميد الجراح أكثر من يومين في أحسن الأحوال .
في هذا التوقيت من طرح السؤال يمكنه اكتشاف حالة الخوف التي يمر بها الناس، بل وحالات الهلع المصاحب للحرب كلما سمعوا صوت طائرة تجوب السماء، أو في أعقاب تهديد قادة الاحتلال بشن حرب لا تبقي ولا تذر، أما عندما تبدأ الحرب فسريعاً ما يعتاد عليها الناس بحكم الأمر الواقع ولا يبالون بمصيرهم طالما ليس هناك ما يمنع الاحتلال من شن عدوانه، بل وأبعد من ذلك، تأخذهم البهجة عندما يصاب أحد مواطني الاحتلال جراء سقوط صاروخ يبعد عنه عشرات الأمتار بحالة الهلع التي لم يعتادوا عليها من قبل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس


.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني




.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/