الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنت متأمرك... بل أنت

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2013 / 8 / 31
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


تطالع "فيسبوك" و"تويتر" وأيّ منفذ للتعليقات مهما كان صغيراً أم كبيراً، فتجدها تتجه أكثر نحو الغرابة، والتناقض مع كلّ شيء وصولاً للتناقض مع نفسها بين يوم وآخر ولحظة ونظيرتها. تحاول أن تجمع الأطراف عساك تتمكن من وضعها كلّها في قعر واحد، ولتخبط بعضها بعضاً ما شاءت، فتنفلت الأطراف نفسها، لتنفلش وتمتد أبعد من أيّ جدوى. تعليقات وآراء وأفكار لكتاب بارزين وسياسيين وناشطين وصولاً إلى أدنى مرتبة في السلّم الإجتماعي أو الفكري، لا تختلف عن بعضها بشيء. كلّها تتناقض بزخم متجدد يشحن نفسه بنفسه ويتوالد ذاتياً، ولا يترك أمامك إلاّ الغرق فيها، أو البحث عن المحرك الأساس لها، فتجد نفسك تقع وسط آلاف التناقضات الأخرى؛ تحاول تبسيطها وفك عقدها بعناوين عريضة مختلطة بادئ ذي بدء فيظهر لك أنّ:

- السعودية تنفذ مشروع أميركا وتعادي إيران وتنظيم القاعدة وحزب الله والمقاومة ضد إسرائيل، وتمول كلّ الحركات التابعة لأميركا في المنطقة.
- إيران تنفذ مشروع أميركا وتمنع استقلال الأحواز، وتهيمن على العراق، وتحتل جزر الإمارات، وتهدد الخليج بالنووي بالتعاون مع إسرائيل وحزب الله والقاعدة.
- دول الخليج تنفذ مشروع أميركا وتؤمن لها القواعد العسكرية الأكبر في الشرق الأوسط في السعودية وقطر والبحرين والكويت.
- بشار الأسد ينفذ مشروع أميركا في ضرب المعارضة السورية، وعدم ضرب إسرائيل.
- المعارضة السورية تنفذ مشروع أميركا في ضرب الجيش السوري، لصالح أميركا وإسرائيل، تحت راية تركيا والخليج، مع الترحيب الدائم بأي ضربة أميركية للنظام السوري.
- تركيا تنفذ مشروع أميركا في دعم الإخوان المسلمين والمعارضة السورية ونشر الباتريوت وفتح الباب أمام الدرع الصاروخية.
- حزب الله ينفذ مشروع أميركا في نقل سلاحه من الجبهة الإسرائيلية إلى الجبهة السورية، وعمله على تهديد أمن الخليج.
- تنظيم القاعدة صنيعة أميركية ما زال ينفذ مشروعها في العالم العربي وباقي العالم.
- الإخوان المسلمون في مصر ينفذون مشروع أميركا ويعملون بتمويل منها.
- الجيش المصري ينفذ مشروع أميركا ويتلقى مساعدات سنوية منها.
- حسني مبارك أميركي.
- لا محمد البرادعي أميركي.
- المجتمع المدني في العالم العربي يتلقى دعماً أميركياً لمشاريعه وينفذ مشروع أميركا.
- الأردن مملكة أميركية.
- نوري المالكي إيراني ينفذ مشروع أميركا.
- المعارضة العراقية تتلقى الدعم من السعودية وتنفذ مشروع أميركا.
- إقليم كردستان يحظى بأفضل علاقات مع تركيا وينفذ مشروع أميركا.
- التيارات السلفية تتلقى الدعم من السعودية وتعمل وفق المشروع الأميركي.
- محور الممانعة تابع لإيران وبالتالي ينفذ مشروع أميركا.
- 14 آذار في لبنان ومن على شاكلتهم في سوريا ومصر وفلسطين يحملون مشروعاً أميركياً ويحاولون تنفيذه.
- حماس تنفذ مشروع أميركا باقترانها بالإخوان المسلمين وقطر وإيران ومعاداة بشار الأسد.
- السلطة الفلسطينية تنفذ مشروع أميركا بلجوئها الدائم للمفاوضات والتخلي عن المقاومة ومعاداة حماس.
- المعارضة في كلّ بلد عربي تتهم السلطة بتنفيذ مشروع أميركا.
- السلطة في كلّ بلد عربي تتهم المعارضة بتنفيذ مشروع أميركا ولو بطرق ملتوية.
- الثورات تتهم بعضها البعض بالعمالة للمشروع الأميركي.
- الثوار يضربون بعضهم بعضاً، وكلّ منهم يتهم الآخر بتنفيذ المشروع الأميركي والعمالة للنظام... المتأمرك طبعاً.

حتى لو انطلقنا إلى المغرب العربي وسقوط بن علي وقتل القذافي، ونزلنا إلى الصحراء، وغرّبنا نحو الساحل، أو عدنا إلى القرن الأفريقي، واليمن، لن يتغير شيء فكلّ كيان سياسي يتهم الآخر بالتهمة نفسها: أنتم تنفذون مشروعاً أميركياً. كما هو الحال لو أخذنا الأمور بمسار طائفي؛ يبقى الأمر نفسه؛ فكلّ طائفة تتهم أخرى أنّها تنفذ مشروعاً أميركياً؛ بعضها لضرب الدولة الفلانية، وأخرى لإخضاع الدولة الفلانية، وثالثة لتطهير المنطقة من وجود الطائفة الفلانية.

ما هذه المسألة إذاً!؟ لا يوجد لدينا سوى قاسم مشترك وحيد يعيش الجميع على نكرانه وإلصاقه بالآخرين؛ هو "المشروع الأميركي". نتفق جميعاً على وجوده ونختلف على أدواته. هو أمر حاصل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، على أقل تقدير، والإتهامات مستمرة مع تغير أشكال الصراع، فيما التوصل إلى الحقيقة عبث لا يبتعد عن جدران الكيان المحدِّد لها أو الطائفة المعرِّفة لها، وأميركا هي المستفيد الوحيد الأوحد دائماً وأبداً.

إذاً هو مشروع أميركي يجب محاربته، وهو ما تزعم كلّ الأطراف فعله، لكن أليس من الأجدى محاربة هذا المشروع في المنبع الأصلي له؛ الولايات المتحدة الأميركية نفسها، بلا لف ولا دوران!!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان


.. أثناء زيارته لـ-غازي عنتاب-.. استقبال رئيس ألمانيا بأعلام فل




.. تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254