الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
عندما يعبد الإنسان نفسه سيكولوجيا التخليد والطغيان
علي عبد الرحيم صالح
2013 / 9 / 1الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إن من أعنف ما واجهه تاريخ الجنس البشري على مر الفترات ظهور السلاطين والطغاة ، إذ ظهرت جماعات منحرفة في قيمها وفلسفاتها ورؤاها للعالم والخروج عما هو مألوف عن الطبيعة الخيرة للإنسان ، وقد وصلت بعض الانحرافات في تلك القيم إلى حد عبادتها وتأليهها وجعلها فوق كل الرسالات والفلسفات السامية ، فوضع هتلر وموسوليني وصدام والقذافي عبر كتابه الاخضر وأخيرا مرسي مجموعة من القوانين والتشريعات فوق الكل حتى عبدوها ومن ثم نصبوا أنفسهم آلهة على الناس ، بل تخيل بعضهم أنهم خالدين في الحياة فصنعوا التماثيل والقصور الشاهقة والصور الكبيرة والقصائد الخالدة ، وأمروا الناس بالولاء والطاعة ، وبهذه الطريقة تصيغ القيم المنحرفة سيكولوجيا الطغيان ، وتصنع الطغاة والمتسلطين والقاهرين للبشرية والحب والجمال .
وعلى العموم تتكون سيكولوجيا الطغيان من ثلاثة عناصر متفاعلة هي :
1. الطاغي : إن الطاغي إنسان منحرف ومشوه ، ومتعجرف ، ونرجسي ، ويعتقد بصحة أفكاره ونزاهة قيمه ومبادئه وأن فلسفته تصلح لكل زمان ومكان وللأشخاص في العالم كله، وكذلك يظن أنه مركز الكون والحياة ، وأن الناس خلقوا من أجله فقط لذلك يأمرهم بالولاء والطاعة ، فضلا عن ذلك أنهم مدمرين ومعاقبين ومكفريين لمن يخالفهم ، واستحواذيين ويفكرون بالسيطرة على العالم ، فهم كما يعدون أنفسهم منقذين هذه الامة ، وقد ذهب البعض الى الاعتقاد بأنه المهدي.
2. فلسفة الطاغي : غالبا ما تظهر فلسفة الطاغي في البداية جميلة وبراقة تحمل مبادئ عديدة تحت مسميات العدالة والديمقراطية ، فتلبس قناع الخير والسلام ونصرة المظلوم ، وكذلك تظهر فلسفة الطاغي وشعاراته بأنها منقذة للإنسانية ، وأنها السبيل الوحيد للرخاء والعيش الرغيد ، فضلا عن ذلك تحاول فلسفة الطاغي أن ترفع من شان الاتباع ، وتزيد من تقديرهم لذاتهم ، وغالبا ما تكون هذه الفلسفة محبوكة بالرموز المقدسة ، والخرافات ، والمعجزات المبهرة ، وتظهر هذه الفلسفة في الخطب والمناهج الدراسية والاغاني والشعارات. وما أن يتمكن الطاغي في السيطرة على رعيته سرعان ما تتحول هذه الفلسفة الى رؤى عدائية ، وتعصبية ، تعمل على تخليد الطاغي لنفسه ، وكذلك تكون تآمريه تعمل على خلق الاعداء ، وتصفية العدو المفترض ، ومن ثم تتحول هذه الفلسفة الى تشريعات مقدسة لا يجوز المساس بها ، بل يجب عبادتها ، وتقدسيها وتعميمها على كل البشرية .
3. المقدسين : إن وراء كل طاغية رعية يؤمنون به ، فالطاغي لا يتكون عن فراغ بل جماعة يصدقون الوهيته وقيمه الفاسدة ، ويبررون جميع الافعال الشنيعة التي ارتكبها بحق مخالفيه بأنها افعال شرعية وقانونية هدفها نصرة القائد من أعدائه ومعارضيه ، ومن خصائص هؤلاء الرعية التملق ، والحب الاعمى للطاغي وفلسفته، والولاء الدائم له ، فالخروج عن الطاغي أثما كبيرا ، وخطيئة لا تغتفر ، بل يعقاب المقدسين على من يتجرأ على طاغيهم بأبسط الاقوال والاشارات والتلميحات بأشد صنوف العذاب، فضلا عن ذلك نجد أن الرعية تقلد طاغيها في كل شيء في الاقوال والملابس وطريقة الكلام وحتى اشارات الجسد على سبيل المثال كان البعثيون يقلدون صدام حسين في طريقة كلامه وحركاته مثل (يول) ، وكان النازيون يسلمون على الناس بتحية هتلر المشهورة.
وبذلك فأن بواسطة هذه العناصر الرئيسة يتكون الجلاد ، ويدوم حكمه وظلمه ، فالمقدسين يصنعون الطاغي ، والطاغي يخدع المقدسين بفلسفته التي تشبع فيهم حاجة التقدير والاعلاء وعزة النفس ، فضلا عن ان الفلسفة هي الطريق التي يحكم بها الطاغي رعيته ويسن اراءه ورؤيته للكون ، وبذلك يغذي كل عنصر من العناصر السابقة سيكولوجيا الطغيان ويدعم وجوده .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. رويترز عن مصادر أمنية: 36 قتيلا بقصف إسرائيلي على حلب بينهم
.. شعارات الحملات الانتخابية..جدل الإنجازات وسخاء الوعود
.. المرصد: الغارات الإسرائيلية على حلب استهدفت مستودعات أسلحة ت
.. مسؤولون أميركيون: أضعفنا قدرات الحوثيين لكن الحرب ضدهم لم تن
.. كيف نراقب الوزن في شهر رمضان؟ |#رمضان_اليوم