الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


31 اب لم يعد وجود لهزائم أقبح لصنعها.

بهار رضا
(Bahar Reza)

2013 / 9 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لقد كانت ليلة شتوية قارصة من ليالي بغداد وقد قرب الفجر ,كانت لسعات البلاط تقرص قدمي الصغيرتين وأنا وأخوتي الثلاث الأصغر مني نركض حفاة خلف والدتي التي كانت متوجه لتفتح باب البيت للأمن الذين كانوا قد جاء لتفتيش بيتنا للمرة الرابعة خلال تلك الليلة .ما كانت لسعات البرد تؤذيني ولا زيارتهم التي تعودت عليها تخيفني .بعد ان رأيت الوان قوس قزح في عيني اختي الصغيرة وهي تهمس في اذني
ــ بهار هم يفتشون على بابا ! يعني ماما تكذب بابا مو ميت وهسة يرجع
كنت اكبر منها وافهم انها حرب أعصاب وهم يعرفون مصيره الذي حدد على أيديهم القذرة .
فتحت والدني الباب وبشجاعتها المعهودة سألتهم
ــ شتريدون ؟
ــ انريد أنور
ــ بالنجف
ــ انطينة عنوان واحنة نروح نجيبة
ــ يا ريت تجيبوا ، أولادة واني مشتاقيلة .وادي السلام .
ــ هــــــــــــــا ! لعد جيبي الولد نريدهم
كانوا اخوي الصغيرين سبع وثلاث سنوات. رمتهم والدتي خارجاً وأغلقت الباب وبدوءا يحادثوها من خلف الباب
ــ احنة نريد الكبار
ــ ما عندي كبار اكبرهم 15 سنة وهو مو بالبيت .تعبتوني بعد ! تردون اخذوهم ،تردون روحوا للنجف .هذا اخر شيء عندي .
بعد المضايقات الكثيرة قررت والدتي بكل شجاعة ترك العراق بعد ان قالت لأعمامي بأنها تخبرهم من باب الاخوة والاحترام بقرارها وهي مسألة محسومة وغير قابلة للنقاش.
من سبعة الى تسعة نيسان كنا محتجزين داخل زيل عسكري حيث المطر الهمجي، لا زاد ولا ماء .لنستفيق ونحن محاصرين من قبل مدرعات واليات والتي كانت قد طوقتنا ليلا. منظراً أرعبني وانا أرى الحيرة في عيني والدتي، والدتي مصدر القوة كانت خائفة! ترقبت الجموع بدون أي شعور بالجوع او بالعطش ولا بالبرد! لا بالعكس احسست بالدفيء بين سيقاني. نظرة لسيقاني مستغربة
ــ ماما ،شوفي اكو دم .

بالتأكيد كانت حالة الفزع هي التي جعلتني أنزف، لكن والدتي لم تعيرني الاهتمام فقد ترك الجلادون اخي الأكبر ,الوحيد الذي تركوه بعد ان احتجزوا جميع الذكور من سن العاشرة حتى الخمسين. اخذت بيده وهي تسابق الريح صوب إيران. وترتكنا وحيدين بين الجبال.
هذا الجزء الأقل ايلاما من حياتي لتبقى الغربة والحرب كوشم فرعوني على روحي. كل هذا لم يمنعني وانا المرأة العاملة والمسؤولة عن اسرة وعن أم ارهقتها السياسة والغربة ان أتوجه الى المظاهرة يوم31 اب في العاصمة الدنماركية كوبنهايكن والتي تبعد عن محل سكني 80 كيلو أي 160 ذهابا واياباً في يوم عطلتي اليتيم. آلمني كثيراً قلة المشاركة مخصوصاً كانت قبل أيام مظاهرة حاشدة للجالية المصرية التي هي اقل بكثير من الجالية العراقية. أتفهم أن البعض اختار النضال الصامت أيام البعث وشارك بصمته في صنع الهزائم. لكن اليوم لم يعد وجود لهزائم أقبح لصنعها. اليوم همّ وما تبقى من إنسانية اجيالهم على المحك. يشاهدون عبر وسائل الإعلان كيف هي حال الدول التي ميزانيتها ربع ميزانية العراق وحال نساءنا الارامل وهن يبحثن بالقمامة. حقاً انا حزينة .
تحية لكل من شارك وتحية لوالدتي الانسانة الشجاعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال