الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
دور الإسلام السياسي في تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد
جاك جوزيف أوسي
2013 / 9 / 6مواضيع وابحاث سياسية
ارتكز مشروع الشرق الأوسط الجديد على مبدأ أساسي هو ضرب وتفتيت الوحدة الاجتماعية لدول المنطقة، وذلك بهدف تسّهيل عملية السيطرة المباشرة على موارد المنطقة وثرواتها الباطنية، لأن تمزيق المنطقة سيؤدي إلى خلق كيانات صغيرة وضعيفة متصارعة لا يمكنها مقاومة القوى الإمبريالية الطامعة في خيرات المنطقة. حيث يعتقد مخططي المشروع أن التعامل مع مجموعة قليلة من السكان حيث تتواجد الثروات الباطنية يرفع من أرباح التي ستصب في خزائن تلك القوى الطامعة في خيرات هذه المنطقة، ويحرم في الوقت نفسه الكتلة الكبرى من سكان تلك المنطقة بعد تفتيت مجتمعاتها من التمتّع بخيرات بلادها والتنعّم بمواردها ويحولها إلى كم من اليد العاملة الرخيصة التي ستكون وقود الآلة التي ستعيد بناء وتشكيل المنطقة بعد تدميرها بسبب الصراعات الداخلية والحروب العبثية التي ستنشب بين أبناء الوطن الواحد، كما ستوفر تلك الكيانات الناشئة المكان المناسب لبناء القواعد العسكرية لتكون رأس الحربة الموجّهة نحو آسيا بهدف محاصرة إيران واحتواء الهند وخنق الصين حتى تتمكن من تفتيت روسيا الاتحادية بعد استخدام الدول الإسلامية التي خرجت من تحت عباءة الاتحاد السوفياتي السابق كنقطة وثوب نهائي نحو العاصمة الروسية موسكو.
مشروع الشرق الأوسط ناسب التوجّه السياسي والاقتصادي والثقافي للإسلام السياسي، فمن الناحية الاقتصادية يُصنف أتباعه في خانة "النيو ليبرالية" من خلال تبنيهم لمبدأ حرية السوق المطلقة التي لا تقيم أي اعتبار للوطنية أو لدور الدولة من المجال الاجتماعي والتنموي، وهم من أنصار الملكية الخاصة واحتكار الثروة ومرّكزة رأس المال، الأمر الذي يؤدي إلى دعمهم لدولة تنحصر وظيفتها باحتكار السلطة بأيدي قلة من الأفراد تسهم في عرقلة النمو وتشجيع الفساد وتوجيّه موارد الدولة بما يخدم توسيع نشاط البرجوازية الكمبرادورية في الدولة بهدف الوصول إلى خصخصة موارد الدولة بهدف دمجها الكامل في السوق الرأسمالية العالمية.
والإسلام السياسي هو ضد الحرية الفكرية والثقافية وهو في هذه الجزئية يتقاطع مع المشروع الشيطاني الذي تحاول الدول الاستعمارية الترويج له في المنطقة، فالإسلام السياسي في نسخته الوهابية هو ضد حرية الفكر والفن والمعتقد وهو يحارب الحريات الفردية والاجتماعية، واضعاً في دائرة استهدافه النهائي الدولة كمؤسسة قانونية والمجتمع كوعاء جامع لكل أطياف المجتمع على مختلف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والعرقية والقومية، وهو يشجع فساد النظام لأن الفساد يشكل المكون الجوهري للمنظومة الاقتصادية الليبرالية الدائرة في فلك الامبريالية العالمية.
وفي المقابل تدرك الولايات المتحدة والدول الغربية جيداً أنه لا يوجد مستقبل مشرق للتيارات الإسلامية فهي أصبحت خارج التاريخ ومن المحال أن تتواجد ويكون لها دور بنّاء في رسم مستقبل المنطقة وشعوبها، فهي قد وُجدت للقيام بدور محدد كمعرقل لقوى اليسار والتقدم ولضرب التيارات القومية بهدف جر مجتمعات المنطقة لمزيد من التخبط والصراع البيني حتى تتقوض مسيرتها نحو المستقبل ... إذ أن سبب وجودها هو لوضع العصي داخل عجلة التقدم حتى تبقى هذه المنطقة تعيش في أحلام الماضي ولهذا فهذه التيارات لا تستطيع القيام بأكثر من هذا الدور بحكم إفلاسها في التعامل مع أدوات ومحددات هذا العصر.
ومن هنا يزول استغرابنا من احتضان الغرب لكافة رموز هذا التيار على أرضه ومنح رموزه حق اللجوء الإنساني وتوفير كل الإمكانيات والدعم اللازم لهم لنشر أفكارهم. ويجب أن لا نندهش عندما نرى الغرب المؤمن بالحرية والديمقراطية يمنح المأوى ويقدم الدعم المالي والحماية القانونية لجماعات لا تؤمن بالحرية ولا بالديمقراطية، لا بل هي متهمة بانتهاك حقوق الإنسان في بلادها ومتورطة في تخطيط وتنفيذ أعمال إرهابية في الدول الغربية.. فهذه التيارات هي المنفّذ الرائع لمخططات الغرب الاستعماري والخادم الوفي لمصالحه الاستراتيجية في المنطقة، فالقوى الامبريالية الغربية تعمل دائماً على هز استقرار الأنظمة التي تخرج أو تحاول التمرد على السياسات المرسومة لهذه المنطقة، ولا يوجد أفضل من الفزاعة الإسلامية لإظهارها كلما حاولت شعوب هذه المنطقة شق طريقها نحو المستقبل.
إن الولايات المتحدة كممثل عن القوى الامبريالية العالمية والوكيل الحصري للرأسمالية الدولية، تضع في خزائن وكالات مخابراتها المختلفة أوراق ووثائق تيارات الإسلام السياسي لتستخدمهم كطابور خامس عند الضرورة. وهي تعمل على دعمهم وتجهيزهم كبدائل عن الأنظمة القائمة عند مجيء اللحظة المناسبة، فحضور هذه التيارات في المشهد السياسي في الشرق الأوسط سيكون أفضل بكثير من وجود أنظمة وطنية ذات قرار مستقل في سُدّة حكم بلدان هذه المنطقة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. المجلة - هل يغير اعتداء موسكو الأرهابي قواعد الاشتباك في الح
.. هل يغير اعتداء موسكو الأرهابي قواعد الاشتباك في الحرب الروسي
.. الشيف عمر يجهز أشهى برياني وكبسة ومندي شغل أبو راتب ????
.. الذيل أو الذنَب.. كيف فقده الإنسان والقردة قبل ملايين السنين
.. في تونس.. -الانجراف- الاستبدادي للسلطة يثير قلق المعارضين •