الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناقشة للحالة المصريه 4

بدرالدين حسن علي

2013 / 9 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


مناقشة للحالة المصرية 4
بقلم بدرالدين حسن علي
نأتي الان إلى النقطة الهامة جدا وهي الفشل المزري للإخوان في إدارة دولاب العمل الحكومي ، ولعبت عوامل عدة دوراً في إنضمام المواطنين العاديين للاحتجاجات بعد انسداد آفاق الأمل بتحسن الأوضاع التي اتسمت باحتدام أزمات الكهرباء وارتفاع أسعار المحروقات وإزدياد غلاء المعيشة ، كما شهدت البلاد حالة من السخط العام على جماعة فشلت في إدارة البلاد، وتديره بمنطق الطائفة والمافيا المغلقة ذات المصالح الخاصة والإمتدادات الإقليمية والدولية، وتثير المخاوف حول تدخلها في الحياة الخاصة للمواطنين بشكل يحد من حريات الناس ، وعلاقة المواطن العادي بالطائفة الإخوانية تبقى دائماً علاقة مركبة ، ففي أوقات المظلومية التاريخية لهذه الطائفة في عصر ما قبل الثورة من الممكن أن يتعاطف المواطن مع الإخوان بل ويشعر بالإعجاب بتقواهم وورعهم الذي يتمنى أن يكونه ، لكن هذه المشاعر تتبدل بسرعة شديدة إلى العداء والنفور والكراهية إذا ما أحس أن هذه الطائفة لا تهتم إلا بمصالحها الذاتية وأن ولاءها لامتدادتها الخارجية وليس لهذا البلد وأنها تعمل ضد مصلحة البلد ، إن هذا الإنتقال من مشاعر التعاطف الشديد إلى الكراهية الفائقة تحكمه دائماً وضعية غربة الطائفة وأنها ببساطة كيان متماه مع نفسه فقط ولا يقبل الإندماج داخل المجتمع ، ولقد حاول الإخوان تجسير هذه الفجوة و حققوا نجاحاً نسبياً في العام الأول للثورة وكانت ذروة نجاحاتهم في الإنتخابات البرلمانية عام 2011 ، كان تصويت أحد عشر مليون مواطن لهم هو استجابة لمحاولات الإخوان إستخدام خطاب غير ديني وغير إخواني أثناء الإنتخابات وعبر شعار "معاً نحمل الخير لمصر" ، حاول الإخوان تصوير أنفسهم علي أنهم حزب وسطي محافظ قادر على تمثيل الشعب وتحمل مسؤولية قيادته ، ساعدهم في ذلك ترشيح أحمد شفيق وهو ما يعتبره الأحوان وغالبية الشعب المصري من فلول نظام مبارك حسني لكن وأمام إنخراط الإخوان في مسار الثورة المضادة أكثر فأكثر وزيادة الإفتراق بينهم وبين قوى الثورة وتعقد الحسابات بينهم وبين مؤسسات الدولة القديمة، قاموا بتغيير التكتيك واستعادوا خطاباتهم الإخوانية الإسلامية الكلاسيكية اعتماداً على قاعدة التأييد الإسلامية (وبدا هذا في المرحلة الأولى من إنتخابات الرئاسة في 2012 مثلاً) وقد أوجد هذا حالة الشقاق والنفور من عامة المواطنين والتي تصاعدت مع تزايد الإحباطات والأداء المخيب للآمال كما أسلفنا.
وهكذا تلاقى غضب قوى التغيير الثورية ومؤسسات الدولة القديمة وجموع المواطنين العاديين لتصبح السلطة الإخوانية معزولة ، وأصبح اعتمادها على قاعدة تأييد التيار الإسلامي فقط، وهو الذي زادت ممارساته التحريضية والتكفيرية الساخطين سخطاً ، صحيح أن الشعب المصري في غالبيته مؤمن ومسالم ولكن لا يمكن وصفه بالغباء والجبن ومن المنطقي أن يسقط حكم الإخوان هنا لأن من يعادي الجميع يخسر، ومن المدهش أن كل الفرص الممكنة لتفادي نهاية حكم الإخوان قد أهدرها الإخوان الواحدة تلو الأخرى بإصرار عجيب ، فمنذ استفحال الاستقطاب السياسي في مصر إثر أزمة الإعلان الدستوري الدكتاتوري الذي أصدره الرئيس مرسي في نوفمبر 2012 والإخوان مصممون على الإستمرار في مواجهة صفرية الطابع، لا تحتمل إلا إحدى نهايتين إما الفوز بكل شيء أو خسارة كل شيء ، و تحت الضغط السياسي تغلبت عقلية الطائفي المؤدلج (الذي لا يري العالم إلا عبر ثنائية الثبات و الظفر بكل شيء أو المحنة و الإنكسار) ، قد تغلبت على عقلية التاجر المفاوض عند قيادة الإخوان. وهكذا رفض الإخوان (قادة وجماهير) تقديم أي تنازلات سياسية حقيقية لقوى المعارضة خاصة بتغيير الحكومة والنائب العام وضمانات لنزاهة الإنتخابات البرلمانية ورفض الإخوان كل شيء إلا الإستمرار في سياستهم الفاشلة في التعامل مع مؤسسات الدولة القديمة ، ورفضوا أخذ تصاعد الغضب الشعبي تجاهم بجدية ونحوا جانباً السياسة (بمعنى التفاوض والتهادن والحلول الوسط) لصالح تكسير العظام وعض الأصابع ، و قام الإخوان بكل ما يستطيعون لإفشال أي محاولة للتغيير والإصلاح مع بقاء حكم الرئيس مرسي ، وقتلوا فرص أي تدخل سياسي ناعم من الدولة القديمة للضغط من أجل الإصلاح ، وتم حصار أعداء الإخوان من قوى ثورية ومؤسسات دولة قديمة ومواطنين عاديين في ركن ضيق عنوانه "لا خلاص إلا عبر إسقاط حكم الإخوان." والمدهش أن يفعل الإخوان كل هذا مع أنه من المفترض أنهم يعرفون أنه لا فرصة أمامهم للفوز في معركة صفرية يتحد كل الخصوم أمامهم فيها ، وكانت انتفاضة الـ 30 من يونيو التي خرج فيها الملايين بمثابة الضربة القاضية في سقوط الإخوان ، وكالعادة أهدر الإخوان فرصتهم الأخيرة في "الخروج الآمن" عبر التضحية بمحمد مرسي والإستجابة لمطلب جماهير 30 يونيو بالدعوة إلى إنتخابات رئاسية مبكرة. كانت هذه الإستجابة ستخلق المخرج لهم وكانت ستضمن عدم تدخل الجيش المباشر وتقوم بتهدئة الجماهير بمنحهم مايطلبون وتمنع العنف والتصعيد من جانب الإسلاميين وتمنح الأخوان فرصة التفاوض حول مواقعهم داخل المسار السياسي الجديد عقب الإنتخابات الرئاسية المبكرة ، لكنه منطق اللعبة الصفرية الذي حكم قرارات الإخوان من البداية إلى النهاية ، فلم تجد المؤسسة العسكرية بديلاً عن التدخل المباشر لعزل مرسي، خوفاً من أن يؤدي تصاعد المد الشعبي الغاضب إلى انهيار الدولة ككل ، كما جاء هذا التدخل في محاولة لامتلاك زمام المبادرة، وترويض الحركة الجماهيرية، وبناء مسار سياسي جديد للثورة المضادة يستكمل ما فشل المسار الأول المنهار في تحقيقه ، وللتذكير فقد كان أحد أسباب دخول الإخوان إنتخابات الرئاسة في 2012 هو ضرورة تفادي أن تسيطر مؤسسات الدولة القديمة على مقعد الرئاسة وما قد يستتبعه هذا من إقصاء أو تهميش للإسلاميين ، وللمفارقة وبعد وصولهم للرئاسة، قام الإخوان بكل الجرائم التكتيكية والمواجهات الصفرية الإنتحارية الممكنة الكفيلة بجعلهم يلاقون نفس المصير الذي خاضوا الإنتخابات الرئاسية من أجل تفاديه ، ولكن بأي تكلفة؟ بفاتورة أكبر بكثير دفعت حسابها عملية التحول الديمقراطي وفرص التغيير الثوري في مصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك