الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناقشة للحالة المصرية 6

بدرالدين حسن علي

2013 / 9 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


مناقشة للحالة المصرية 6
بقلم : بدرالدين حسن علي
إن فرص كل من السيناريوهات التي إستعرضناها مرهونة بأمرين ، الأمر الأول مدى تحلي الإسلاميين بالعقلانية والمسؤولية للتخلي عن عقلية المباريات الصفرية والصراعات الوجودية وسياسة الأرض المحروقة، والتي ستطالهم هم أولاً قبل غيرهم ، إضافة إلى ذلك يتعلق الأمر بمدى رغبتهم بإجراء المراجعات الشاملة المطلوبة والقبول بالمساومات والتفاوض السياسي حول مواقع لهم داخل المسار السياسي الجديد.
والأمر الثاني يتعلق بمدى قدرة المسار الجديد على دمجهم بشروطه ، وعلى الرغم من أن أمر الدمج يبدو صعب المنال ومحفوفاً بالمخاطر، إلا أن هذا السيناريو محتمل بسبب تداخل المصالح الاقتصادية والتجارية و الإجتماعية ، إضافة إلى الأدوار الإقليمية التي لعبها الإخوان في السنوات الأخيرة ، كما أن الاعتبارات العملية والأمنية التي تحكم المؤسسة العسكرية ممكن أن تؤدي إلى دمج الإخوان حتى دون أن يقوموا بمراجعات وتغييرات لازمة في فكرهم وتنظيمهم وذلك نظراً لتداخل الأدوار والمصالح.
المؤسسة العسكرية تقود المسار السياسي ولا ترغب بتحمل العبء والثمن الذين يمكن أن ينجما عن اصطدام واسع مع الإخوان وإقصائهم ، بالإضافة إلى هذا فعلي المدى الإستراتيجي الأبعد يمكن لنا أن نقول أن مؤسسات الدولة القديمة ترغب دائماً في إبقاء التيار الإسلامي على الساحة كتيار معارض رئيسي هو في حقيقة الأمر متصالح أيديولوجياً وسياسياً ًمع معادلات الحكم الخاصة بعلاقة الدولة السلطوية مع المجتمع والمواطن ، ويتم توظيف هذا التيار دائما كعامل إرباك وتشويش وتجريف واستنزاف للطاقة السياسية للمعارضة والقوى الشعبية ، من الناحية الأخرى فمن المرجح أن تستمر قيادات الإخوان فيما برعت فيه دائماً من خيارات تكتيكية مثل الحفاظ على وحدة الجماعة عبر منطق الإصطفاف لمواجهة الخطر الوجودي واستخدام شعارات الهوية والشريعة الإسلامية لتوحيد صفوف الجماعة وكسب تعاطف القوى الإسلامية الأخرى. ومن ثم يتم تأجيل التجديد الفكري والتنظيمي المطلوب إلى أجل غير مسمى.
لا يعني هذا أن سيناريو العنف و التصعيد غائب عن اللعبة بتاتاً، لكنه على الأرجح لن يكون على الطريقة الجزائرية شديدة الدموية، لأنه في حالة الجزائر وعقب الإنقلاب العسكري على نتيجة الإنتخابات البرلمانية في 1992 كانت هناك مؤسسات دولة قوية عازمة على استئصال الإسلاميين وكان هناك تيار إسلامي تعرض لمظلومية حقيقية (لأنه حرم من نتيجة فوزه الإنتخابي) وحاضنة شعبية تتعاطف مع هذا التيار، أو على الأقل لا تشارك في حرب الدولة ضده ، بينما في حالة مصر فالدولة لا ترغب في استئصال التيار الإسلامي ولا تريد تحمل تكلفة هذا ، ومن الصعب الحديث عن مظلومية التيار الإسلامي في مصر فقد أخذ فرصة حقيقية للحكم وفشل فيها وفقد شرعيته وأخيراً فالمجتمع المصري قد ثار بالفعل ضد حكم الإخوان وأبدى معدلات عالية من الكراهية والنفور الإجتماعي ضدالتيار الإسلامي ، وبالتالي فهو لن يوفر أي حاضنة شعبية للعنف الإسلامي ، إذن فالمرجح هنا هو أن أي عنف إسلامي في مصر سيفهم بصيغة تقزيم الشعب ،و العنف العشوائي على مستوي القواعد الشعبية الإسلامية هنا وهناك إضافة إلى التعبئة السياسية الاحتجاجية الإسلامية المستمرة عبر الإعتصامات والمسيرات والتظاهرات ، وهذه التعبئة الإحتجاجية تلعب أدواراً مركبة فهي مطلوبة من جانب الإخوان من أجل إبقاء المجال العام هشاً وضعيفاً ومحاصراً و تخريب المسار السياسي وبالإضافة إلى هذا فهي توفر مساحة للدفاع نفسياً وإجتماعياً عن وجود التيار الإسلامي وإثبات قوته وقدرته على المواجهة والكفاح والبقاء والصمود أمام الممانعة الإجتماعية العاتية ، وذلك حتى تتغير الظروف والأحوال و تسمح بالـعودة ، "الرسالة هنا موجهة للأنصار والاعداء
معا " ، يحتاج التيار الإسلامي إلى تمثيل معين للنضالية والمعركة وإلا بهتت جذوته ، أيضاً من الممكن له أن يكتسب تعاطف الكثير من المتدينين الذين أقنعتهم البروباجندا الإخوانية بأن الرئيس القادم بعد مرسي سيستهدف مظاهر هويتهم الدينية ويمنعهم من أداء الطقوس والشعائر الدينية الإسلامية مثل أداء الصلوات وارتداء النساء الحجاب وغيرها ، وفي مقابل هذا التصعيد من جانب الإسلاميين فلن تتردد المؤسسة العسكرية في الاستخدام الانتقائي للعنف المفرط ضد الإسلاميين من أجل ترسيم الخطوط الحمراء في الإشتباكات وتحديد ما لن تتسامح معه (مذبحة أحداث الحرس الجمهوري فجر الثامن من يوليو 2013 نموذجاً). ففي مقابل صمت الجيش أمام معارك الإخوان مع الأهالي في مناطق مختلفة منذ إنتفاضة 30 يونيو في الإسكندرية والجيزة والصعيد (لعله نوع من الاستنزاف للطرفين لكي يتعزز دور المؤسسة العسكرية في النهاية شعبياً كحامٍ للمجتمع) تحرك الجيش وبمنتهى الوحشية أمام محاولة الإخوان الإقتراب من أبنية الحرس الجمهوري مؤكداً أن مناطق نفوذه و مايراه "هيبة للدولة" هي الخط الأحمر الحقيقي بالنسبة للمؤسسة العسكرية ، وهذا بالظبط نظرة المؤسسة العسكرية لإعتصامات رابعة العدوية والنهضة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس


.. قتلوها وهي نائمة.. غضب في العراق بعد مقتل التيكتوكر -فيروز أ




.. دخول أول دفعة من المساعدات الإنسانية إلى خانيونس جنوبي قطاع


.. على وقع التصعيد مع إسرائيل .. طهران تراجع عقيدتها النووية |#




.. هل تتخلى حركة حماس عن سلاحها والتبعية لطهران وتلتحق بمعسكر ا