الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناقشة للحالة المصرية 7

بدرالدين حسن علي

2013 / 9 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


إن استجابة الإسلاميين لهذا الفشل الإخواني تنحصر في الغالب في الإقرار بالتقصير والعجز عن تطبيق المشروع الإسلامي ، لكن مع التشديد على ضرورة الإصطفاف وراء الحكم الإخواني -مع كل تقصيره- في وجه أعداء الإخوان من القوى الليبرالية واليسارية الثورية لأن "إسلامي متخاذل أو مقصر أفضل من علماني صريح" ولأن هذه السلطة الإسلامية المتخاذلة ستوفر الحماية للتيار الإسلامي و تمكنه من الاستمرار في الدعوة بدون قمع أو مضايقة على أمل أن تتحسن الأمور في المستقبل وتتوفر القابلية لتحقيق المشروع الإسلامي ، لكن هذا يبقى هروباً تكتيكياً وترحيلاً للأزمة واستغلالاً لمناخ الاستقطاب السياسي حتى يأتي فرج الله من عنده في إفلاس إستراتيجي واضح .
لكن ما فاقم أزمة الإسلاميين بقوة هو عجزهم عن مسايرة العالم الجديد الذي أتت به مرحلة مابعد ثورة يناير، والسيولة في الحركة والمبادرة والفعل لأجيال جديدة من الفاعلين السياسيين والإجتماعيين تقوم بتفكيك أنساق القوة والضبط والتحكم على مستوي إنتاج السلطة والثروة والمعرفة لصالح التجريب في التنظيم والحركية والفكر. وبالتالي فنحن أمام صعود قوى سياسية وإجتماعية شابة وجديدة عصية على التدجين والإحتواء والإرهاب، و قادرة على الإحتجاج وكسر إرادة القوى المسيطرة وتحدي الهيمنة والدفاع عن حريات المجال العام الجديد ، وبالتالي فإن قدرة السلطة الإخوانية على الإقناع والردع والحفاظ على الرساميل الإجتماعية من الثقة الشعبية التي اكتسبتها جماعة الإخوان عبر عقود قد تآكلت بشكل متسارع أمام كل هذه التناقضات والمستجدات ، فقد وصلت حالة الكراهية والنفور الإجتماعي من الحركة الإسلامية في مصر إلى درجات غير مسبوقة تاريخياً وتحتاج عقوداً طويلة من أجل تداركها.
وهكذا تقع المأساة الكبرى للإسلاميين الآن ، فهم لم يخسروا فقط هيمنتهم السياسية المستجدة ولكنهم خسروا أيضاً هيمنتهم الإجتماعية والثقافية العزيزة التي راكموها عبر عقود وبلغت قمتها أثناء ذروة اليوتوبيا الإسلامية من السبعينات وحتى التسعينات.
وماذا عن الطيف الواسع للتيارات السلفية؟ هذه بدورها تمر بعدم يقين وتخبط واضح فالتناقض بين إختياراتهم السياسية المستجدة عقب الثورة ومناهجهم الأصلية في النظر والحركة والعمل صار أكبر من أن يتم تحييده بدعاوى الموائمة وحساب المفاسد والمصالح. والمراجع والكيانات السلفية صارت عرضة لسهام الإتهام والشك وفقدان المصداقية من الجمهور السلفي الواسع. وما إنصراف العديد من السلفيين عن حزب النور أكبر الأحزاب السلفية بسبب "تخاذله عن حماية المشروع الإسلامي" إلا تعبير عن هذا التخبط و القلق. وجاءت نهاية الرئيس الإسلامي محمد مرسي بهذه الطريقة الدرامية لتثير مزيداً من الأسئلة حول جدوى العمل السياسي و معناه في إطار المنهج السلفي والعجز عن تطوير البدائل السياسية للتقنيات السياسية الحداثية العلمانية المرفوضة. ولعل مشهد إعتصام الإسلاميين في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة هو تعبير واضح عن هذا التخبط الإسلامي فبين الدفاع عن "الشرعية الديمقراطية للرئيس المنتخب" و"المشروع الإسلامي" تتذبذب شعارات المعتصمين ومن ثم قدرتهم على الإقناع وبناء خطاب متماسك. والأنكى أنه أوصل بعض هؤلاء الإسلاميين المعتصمين إلى القناعة بأن خطاب الدفاع عن المشروع الإسلامي هو خطاب يعزلهم عن باقي المجتمع وأن خطاب الدفاع عن الشرعية الديمقراطية وإن كان غير مقبول شرعياً إلا أنه الأكثر قدرة على إجتذاب المواطنين من خارج التيار الإسلامي ومن ثم إمتلاك أي قدرة علي النجاح في الدفاع عن مرسي. أي تخبط وأي فوضي مفاهيمية!!! الدعوة السلفية وذراعها السياسي حزب النور تعرف ما تريده. هدفها منذ البداية هو وراثة دور الإخوان المسلمين في قيادة التيار الإسلامي في مصر ولكي تحقق هذا الهدف على المدى الأطول فلابد لها أن تتمايز عن الإخوان سياسياً وتتموقع في صفوف المعارضة (باستثناء تحالفهم الإستراتيجي مع الإخوان في مسألة الدستور ومواد الهوية والشريعة) ولا تصطدم لا بمؤسسات الدولة القديمة ولا بحساسيات قوى التغيير الثورية. وهذه العقلانية البراجماتية قادت الدعوة السلفية وحزب النور بالطبع إلى الإعتراف بهزيمة مرسي والإخوان وقراءة المشهد قراءة صحيحة ومن ثم الإلتحاق بالمسار السياسي الجديد. وهذا النهج من الدعوة السلفية قد يحميها من الإقصاء ويضمن لها موقعاً مهماً في المجال السياسي الجديد (نجاح سياسي تكتيكي) لكن هل سيضمن لها إحترام وثقة أنصارها من السلفيين والإسلاميين أمام ما يرونه من خيانتها للرئيس الإسلامي؟ في الأغلب لا. وهنا ستنحصر قاعدة تأييد حزب النور في جمهور الدعوة السلفية فقط وهذا يضرب هدف الدعوة الأصلي (في وراثة الإخوان وقيادة التيار الإسلامي ككل) يضربه في مقتل. فالخسارة الأيديولوجية بالنسبة للإسلاميين تتحول إلى خسارة سياسية على مستوي حجم التأييد و الدعم والإسناد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية