الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتريات الحب والحرب : رواية الفصل26

حبيب هنا

2013 / 9 / 12
الادب والفن


- 26 -
إن قيمة الحرب 2008 تعيد إنتاج نفسها بشكل جديد ونشط مع اختلاف في الأساليب تستحق الذكر والتوقف عندها، فبالإضافة إلى الأهداف السابقة التي تم الحديث عنها ، كان الغرض من وراء هذه الحرب ، تحويل غزة الصابرة المحاصرة ، المحرومة من الضوء والماء ، إلى مرتعاً للفوضى والبشاعة وإشاعة الجريمة والرفض لمكونات المجتمع الذي بات خياره الوحيد الالتفاف حول المقاومة .
وعلى ضوء ذلك تم التقاط المعنى الهارب من أهداف الحرب ليشكل بحد ذاته انتصارا مبررا وغير مسبوق ، يضاف إلى انتصارات المقاومة في صد العدوان وجعل العدو يدفع الثمن الذي لم يكن يتوقعه جراء وصول الصواريخ إلى عمق المدن وتشريد سكانها وجعل ما تبقى منهم محاصراً داخل الملاجئ .
هذا المعنى يؤكد أن المقاومة فضلاً عن أنها استفادت من دروس حرب 2008 عند تقيمها واستخلاص العبر الناتجة عن كثير من الأخطاء والإفادة منها بما يطور الأداء الميداني عند أي حرب وخلالها ، واكتشاف الوجع الحقيقي للعدو ، والعمل بجد وجهد من اجل توفير الإمكانيات وإلحاق الهزيمة المعنوية به أولا ، وثانياً إلحاق الهزيمة السياسية الممثلة بعدم تحقيق أهدافه من جهة والسعي الحثيث من اجل التوصل لتهدئة تضمن له إعادة ترميم قواته ورفع معنويات مواطنيه الذين وصلت معنوياتهم الحضيض ، وباتوا يطالبون القيادة بإيقاف الحرب بأي ثمن من الجهة الأخرى .
ومع ذلك ، علينا أن نفهم بطريقة أفضل ، الأسباب الحقيقية التي تدفع العدو لشن حروبه المدمرة على الفلسطينيين كلما طاب له ذلك ، فالأمر ليس فقط بمثابة تجريب أسلحة حديثة الصنع، بل هي رغبة في استمرار الصراع الذي يوفر التعاطف والدعم الدوليين واستقدام اليهود من أركان الدنيا بغرض الدفاع عن الدولة التي أصبحت مهددة بحسب ادعائه . فضلاً عن إبقاء العرب خارج سياق الصراع جراء مشاهدة القتلى والدمار وما يأتي بعدهما من حصار دولي استجابة وتأكيداً على انه قادر على تحشيد العالم لصالح مصالحه وقتما شاء، علاوة على عدم السماح للمناخات العربية التطور بشكل طبيعي من الضروري أن يترافق معه القدرة على المواجهة عندما يحتاج الأمر ، لاسيما وأن العديد من قادة العرب ، حتى هذه اللحظة ، مازالوا يرددون : دون مبالغة في مواقفنا ، فنحن غير مستعدون لدخول حرب مع الاحتلال لأنه يملك من القوة ما يفوق قوتنا جميعاً . وهذا الموقف يطرح العديد من التساؤلات جميعها يتلخص في : متى تملكون القوة ؟
وعليه، نقول لهؤلاء القادة : لم نسعَ يوماً إلى إشعال نار صوفية تلهب الروح ، غير أنهم هم الذين أشعلوها ويطلبون منا إطفاءها بكل الوسائل ، أو جعل وقودها من أجسادنا تخليداً لروح الشر التي تعاظمت عندهم وقادتهم إلى ما نحن فيه من شرور لا نهاية لها حتى الآن .
نقول ، لم نأت من كل بقاع العالم لنحتل أرضهم وندنس مقدساتهم . وما الرعب الذي أنتم به سوى غرسه واظب الاحتلال دوماً على ريها من دمنا حتى تنمو ويستحيل معها السعي إلى مواجهته بشتى أنواع الذرائع .
لا أحد ، على أيه حال ، يعرف كالاحتلال نفسه أن مغامراته صوب غزة لا تشكل أي خطر حقيقي على مستقبله الدولي ، أو على وجوده كدولة محتلة لأراضي الغير . هذه المعادلة التي كانت تتحكم بتصرفاته كلما لجأ إلى تصدير أزماته الداخلية . الآن انكسرت ، باتت الصورايخ تطول معظم المدن التي كانت بمنأى عن الخطر ، الأمر الذي فرض عليه إعادة حساباته قبل الإقدام على مثل هذه المغامرات ، لاسيما وأن الدول الداعمة له لا تستطيع الصمت في حال استخدام القوة المفرطة التي بموجبها يحرق الأرض والناس دون تمييز أو كابح .
وكان على ضوء هذه المعادلة يسأل نفسه : لماذا الإقلاع عن هكذا مغامرات ما دامت لا تشكل خطراً عليه ؟ الآن لا يستطيع النظر إلى الأمور من نفس الزاوية .
صحيح أن إسرائيل لم تكن خسرت الحرب ولا مرة واحدة بالمعني السياسي في تاريخها ، وذلك لأن العرب جميعاً كانوا مفككين على الدوام ، وبالتالي كانت دوماً تفرض شروط المنتصر على الزعماء العرب واستخدام لغة القوة والتخويف والتهديد من أي حرب قادمة، ولم يكن سهلاً على الزعامات التنازل عن سلطانهم وفتح المجال أمام القوى التي هي مستعدة أن تعد العدة وتخوض الحرب معها بمعايير مختلفة عما كانت عليه فيما مضى، ولكن في هذه الحرب،رغم بشاعتها وسفك الدم في طرقاتها وعلى أرصفتها وفوق أسرة المستشفيات وفي أحضان الأمهات وعلى مرأى من العالم وسمعه ، إلا أنها انصاعت بتقديم بعض التنازلات من أجل وقفها بغرض إعداد العدة للجولات القادمة ، الأمر الذي شكل بداية لتراجعها عن أهداف الحروب السابقة ، لاسيما وأنها لم تستطع تعميم حكمها السابق على الأجيال اللاحقة من خلال فرض شروط المنتصر على المهزوم ، بعد أن نفضت الأمة عن كاهلها أعباء الهزائم المتلاحقة في نصر بسيط شكل رافعة مهمة من روافع الانتصارات التي غدت تلوح في الأفق العربي والفلسطيني ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع