الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الرعاعية الى المواطنة الثورة السورية الممنوعة

لمى الأتاسي

2013 / 9 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


الفراعنة حينما بنوا حضارتهم اعتمدوا النظام الاقتصادي التالي كتبسيط 10 بالمئة تبقى بين يدي الطبقة الحاكمة و 90 بالمئة بيد الشعب و هكذا اصبح للشعب حافز حقيقي لبناء بلده ، فالحافز يبقى نوعية حياة و مستوى مادي ملموس انه التوازن الضامن و هو عكس ما اتبع في سوريا منذ عقود.
لكن هذا النظام الاقتصادي الغير متوازن و الذي ادى الى سقوط العائلة الاسدية هو ذاته كان متبع في المرحلة العثمانية التي سمى عبثا بالاقطاعية. فسوريا ليست اوروبا الاقطاعية و هم نظامان مختلفان تماما تاريخيا و حضاريا فلا يجوز ان نقارن .
الطبقة الحاكمة كانت تملك الاراضي و بيوت المال العثماني و تركز عبرها حكم الباب العالي و لكن ليس عندنا المعطيات التاريخية الا من جهة واحدة جهة الطبقة المتحكمة فالمتعلم و المثقف انذاك كان ينتمي بانحياز للطبقة ذات الميزات. و كذلك ليس عندنا دراسات و معطيات موضوعية عن مرحلة الانتداب الفرنسي من وجهة نظر سورية بحتة.
تطور مفهوم المواطنة و الشعور لدى كل فرد سوري بانه مواطن له حقوق وواجبات و ليس رعية و بانه شانه و حياته بيد حاكم وكله عليه من هو فوق الحاكم اي الامير العثماني ذو الدم الازرق هذا التطور لم يحصل بسهولة في سوريا و لربما لم ننتهي من تجاوز تلك المرحلة التطورية.
الحضور الفرنسي في سوريا كان ضعيف و فرنسا لم تستوطن لكي تاخذ مكان العثماني في سوريا لربما اكتفوا بمبايعة الاقطاعيين القدام هؤلاء نفسهم من اعتمدت عليهم الدولة العثمانية باستعمارها و هم نفسهم الذين سميوا فيما بعد بالوطنيين او البرجوازية الوطنية هؤلاء هم من اخذوا قرار النهضة بسوريا و العبور بها من عصر الرعية الى عصر المواطنة.
الزعامات البرجوازية تواجدوا في كل الملل و الطوائف دون استثناء حيث لم تكن الزعامة حكرا على ابناء السنة و العرب حيث اعتمد الغريب على ابناء كل منطقة حسب انتمائها فللعشائر زعامات و للكورد كذلك و للدروز و للعلوية و لكل ملة زعامات تقليدية كانت تتناسب مع عقلية المجتمع انذاك.
كان لا بد من امداد هؤلاء بميزات لكي تسير الامور كاجر للعملية الادارية المطلوبة منهم و كلما صعبت العملية الادارية كلما زاد الاجر و لكن نحن لا نملك معطيات اقتصادية تحليلية عن تلك المرحلة لكي نقيم بل لنا فقط سوى بعض الروايات الادبية التي تطرقت للفقر و الاضطهاد الذي عانوا منه العموم السوريين و ركزوا عليه الاقليات اكثر لان القليات عندهم شعور و معرفة اكثر بحقوقهم من الاخرين نظرا لقيامهم بعمل فكري ضروري لبقائهم وسط اغلبية لا تعي حقوقها لكي تصل لدرجة ان تعي حقوق الاخر
الشرعية التاريخية للنخبة العوائلية كانت مقبولة من الشعب الى ان امتد الفكر الماركسي للعقول السورية. و هنا بدات عملية اعادة النظر وتلك العملية لولا لعوائق الخارجية كتواجد النفط الذي احضر اسرائيل و البعث لكنا بالف خير.
للمفارقة البعث ولد في فرنسا على يد شخصيات سورية مغتربة انذاك ليست عادية بالنسبة للمجتمع السوري و متميزة بدرجة علمية فلسفية و ثقافية عالية نسبيا كالمرحوم عفلق و الاتاسي جمال (و ليس نور الدين) ، و لنا ان نتسائل لماذا لم يولد حزب البعث في روسيا؟
و لماذا ولد في بلد استعماري قوي بعدما ترك هذا الأخير سوريا ؟موضوع شائك و لكن باختصار وجد الفكر البعثي لتوازن مصالح ما بين اميركا و روسيا.
اكتشاف البترول في الشرق و ظهور الاتحاد السوفيتي هما اللذان كان يجب ايجاد التوازن بينهم للمصلحة الاميركية الغربية و هذا التوازن وجد في البعث. و لا يهم ان كان الفكر الشمولي يضحي بحقوق المواطن السوري او الاقليات او الاغلبيات المهم ان يبقى الوتر الحساس يعمل باسم الممانعة لحفظ مصالح نفطية بالمنطقة .
ان البعث درس بتمعن العقل السوري انذاك فانتج فكر القومية العربية لطرد فكرة اي انتماء لسوريا و تطويرها بمفردها دون ربطها حتميا بتطور كل الدول العثمانية العربية و لكي تجمل سوريا سلم الممانعة بالعرض و القضية الفلسطينية حتى بعدما باعها اصحابها و مطلوب عبر البعث كذلك تطبيق الاشتراكية فاسدة و كل هذا بالديكتاتورية التي تغسل العقول كمرض ستوكهولم المشعشع بنفوس السوريين من الطرفين اليوم و تاريخيا لكي يتم تحجيم النزعات الاسلامية و الغير اسلامية . و لكن الاهم هدف البعث هو تحجيم الفكر السوري و لكن اليوم و مع العولمة لم يعد ممكن فالهجرات و الانترنت اوجدت التمرد عند الشباب.
الثورات تقوم لعوامل اقتصادية يقودها النضج الفكري.
تطور الانسان السوري من مرحلة الرعاعية العثمانية الى مرحلة الشعور بالمواطنة و لو تحت الانتداب فظهر المواطن المستعمر ثم بعد ذلك تطور فكر الانسان السوري ليصل الى مرحلة المطالبة بالمواطنة الحرة هو مسار طبيعي و لكته غير مرغوب فيه حاليا لذا فهو يجد عراقيل مبرمجة لاطالة مدة الوصول لحق المواطنة و هذاما يشرح محاولات اجهاض الثورة قائمة منذ البداية.
النسبة التي اعتمدها الفر اعنة باسلوب توزيع الثروات و العدالة الاجتماعية ليس بكلام بل بارقام موثقة هي ما اعتمد في بدايات الحكم الاسلامي و لكن سرعان ما اندثرت في عصور الانحطاط من هنا فان شعبنا الذي لم يمنع من قرائة التاريخ الاسلامي و لم يجد مراجع قريبة من مفهومه و ثقافته سوى النظام الاسلامي فكان انه اعتمد الفكر الاسلامي كما شاء له بسهولة من الثوار.
الذين هم مقتنعين بانهم يواجهوا الغرب به و لكن الغرب هو من ارادهم هكذا. فطالما هناك نفط في المنطقة لن توجد مواطنة.
دعاة الدولة الاسلامية اليوم يرفضون المواطنة بالمفهوم العصري معتبرين كل ما ياتينا من الغرب عدو حتى و لو كان علم مفيد و ينسوا ان الغرب لكي يتطور استعمل العلم الاسلامي و الحضارة الاسلامية، فما المانع ان ستعمل علمهم النظري و فلسفاتهم الانسانية.
الديمقراطية الغربية المرتبطة بحقوق المواطن الفردية تجد رفضا كبيرا في لاوساط الشعبية التي تتدعي الاسلامية و المؤسف ان العالمين بخفايا الامور و المتاجرين بالدين يعلمون عدم فائدة هذا الرفض بل مدى حرمانه للانسان المسلم من حقوق هي ليست ضد الاسلام كما يتدعون.
و لكن هؤلاء نفسهم من لمعوا الرجل الالي " الربو" الاعلامي اي نجوم الفضائيات و الابطال الوهميين رواد الاتجاه المعاكس و وصلات الصراخ الاعلامي، اي السياسيين الخليجيين حامين مصالح النفط الغربي فهم نفسهم من يرفضوا للسوري اي امكانية خروج من وضع الرعية الى وضع المواطن، فهنا الدين هو السلاح الذي يستعمل لتسكيت عقولنا و اخمادها فالدين يحور كما يريدون و هناك نظريات و فلاسفة و مجتهدين كثر بالتاريخ الاسلامي يؤكدون كلامهم و بما ان السعودية هي القائمة على الدين الاسلامي فليس من مصلحة حكامها ان يتغير وضع الرعية فلماذا يصبح السوري مواطن و السعودي يبقى رعية ؟
ان الحرب اللبنانية كانت ممكن ان تؤدي لتطور لدى الرعية اللبناني من كل الملل و لكنها كرسته رعية و لكل ملة راعي يتوارث رعاية حظيرته الانسانية.
و للاسف الحرب السورية رفعت الغطاء عن كل من يرفض لسوريا التطور و الحضارة و النهضة لسوريا الحبيبة.و من الصدق ان نقاوم هذه المحاولات لطمس ثورة المواطنة باسم ثورة سنية و طائفية و جيش حر لم يعد الا اداة كالائتلاف و المعارضة بيد من يرفض الثورة ان الثورة هي ليست فقط على النظام بل على وضع الانسان السوري و تقييده فريا و انسانيا.
ان الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم
لا يجوز ان يستعمل اسم الله لقتل احد او لاقصاء احد او لتفسير دين مفصل للتجهيل و الاستعباد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قميص -بركان- .. جدل بين المغاربة والجزائريين


.. مراد منتظمي يقدم الفن العربي الحديث في أهم متاحف باريس • فرا




.. وزير الخارجية الأردني: يجب منع الجيش الإسرائيلي من شن هجوم ع


.. أ ف ب: إيران تقلص وجودها العسكري في سوريا بعد الضربات الإسرا




.. توقعات بأن يدفع بلينكن خلال زيارته للرياض بمسار التطبيع السع