الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التدين قبل و أثناء الثورة السورية

علي الأمين السويد

2013 / 9 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يمثل الإلتزام بتعاليم الأديان و مقاصد الشرائع السماوية صمام أمان الانضباط الذاتي في الدنيا و جواز عبور للجنة و النجاة من النار في الآخرة. وقد جُبل الإنسان على إتخاذ مرجعية روحية في الحياة يعود اليها كلما راق له ذلك بحيث يتدرج مابين عدم مفارقته لدور العبادة و عدم تذكره أو حتى إكتراثه لحقيقة أنه مخلوق و أن عليه واجب العبادة.

و مجتمعنا السوري ذوالأغلبية المسلمة السنية ينطبق على أفراده ما ينطبق على الناس أجمعين من درجات التزام بتعاليم الدين من الشدة الى التفلت، وهذا أمر طبيعي علماً أن المكلفين بالعبادة يعلمون تبعات التزامهم أو عدم التزامهم بتعاليم دينهم.

قام النظام الأسدي بإغتصاب السلطة في سوريا واجتهد في تقمص دور الحرباء في تغيير لون جلده حين يتعلق الأمر بصبغته هو حفاظاً على وجوده. فعندما ادعى العلمانية قام بمضايقات للمتدينين الاسلاميين فمنع اقامة بعض الشعائر الرئيسية في مؤسساته الحكومية، بينما سمح لباقي المتدينين بالديانات الأخرى كالمسيحية و الشيعية و العلوية و غيرها من ممارسة شعائرهم دون أية منغصات. فكيف يكون علمانيا وهو لا يضايق إقامة شعائر الدين اليهودي و المسيحي مثلا و يرفض التعايش مع الدين الإسلامي؟

وعندما استتبت الأمور لحافظ الأسد واصبح المسيطر المطلق على سوريا مدَّ بصره الى سوق التدين وقرر أن يبتاع لنفسه مُقدِّسين منه، فقام بالسماح لشعائر "يقال عنها اسلامية" بالانتشار تحت مسمى الطرق و المدارس الصوفية ، فكان النجاح الباهر له حين أوجد مطبلين و مزمرين و مسبحين بحمد السلطة يلتحفون الدين مما زاد في ابتعاد المجتمع السوري في المحصلة عن أصول التدين و عن مقاصد الشريعة المفترضة.

ونتيجة لطبيعة المجتمع السوري المكون من موزاييك ثقافات و تقاليد متنوعة تنوع الورود في بستان دمشقي عريق، و بسبب انتاج النظام الأسدي لـ "اسلام" بميزات بعثية، ونتيجة لحربه الخفية على الإسلوب السلفي في التدين الإسلامي اصطبغ المجتمع السوري بلون باهت دينياً لا يميز كثيراً بين الدين أياً كان وبين اللادين.

تماهت المعتقدات الايمانية في المجتمع السوري حتى وصل الأمر ببعض ما يسمى بــ "المتدينين" لاعتماد اقصر طرق للوصول الى الله بواسطة حب الاولياء الصالحين من الأحياء أو الأموات، و اقامة الموالد بمناسبة و بدون مناسبة حيث تجري بعض الطقوس التي تشابه طقوسا أخرى في ديانات أخرى كالشيعية و البوذية من رقص و "ضرب الشيش"، و لطميات، واناشيد وغيرها من تقبيل للرؤوس و للأيادي مما أوصل المجتمع الى حالة من التميع الديني الذي أوصل بـ "السنة" في مرحلة من المراحل يقدسون "عدوهم" العقدي حسن نصر الله.

قامت الثورة السورية طلباً للحرية من الظلم و العبودية التي أبقت سوريا في قعر الدول المتخلفة وبجدارة. ومن جملة من ثار الشعب عليه هو هذا الوضع الديني الأشبه باللاديني، فكانت الثورة على كل من يساند النظام الأسدي، فانضوى تحت قبة المنافحين عنه شخصيات دينية ذات مراتب رفيعة عند السوريين كالراحل محمد سعيد رمضان البوطي و مفتي الجمهورية أحمد حسون و أصحاب الطريقة النقشبندية و جماعة القبيسات اللواتي كنّ يقفن يساندن الشبيحة على بعض الحواجز في مدينة دمشق وغيرها.

بحث الثائرون عن كل ما يغيظ النظام مهما كانت. فمن تطهير الشعارات بتنقيحها لتبتعد عما يبثه النظام، الى تحطيم تماثيل الأسد والكفر بكل ما كان يؤمن به. و من جملة ما كان يغيظ الأسد، أو هكذا اعتقد الشعب السوري، كان اظهار التدين بالفكر السلفي في مواجهة التدين البعثي والطرقي المدعومين من النظام حتى النخاع. فوصل الأمر بإغاظة مشايخ النظام بإظهار الحب والاحترام لمشايخ السلفية فهتف أهل حماة يوماً " يا بوطي ... قول الحق ... العرعور شقك ولا ... لأ." فتولد شعور بالحاجة إلى الانقلاب على الموروث الديني المدجن من قبل النظام لصالح ما كان يرفضه النظام ويقمع الناس لاجله.

استخدم "بعض" الثوار الفكر السفلي "لفظاً " و "اقتداءاً" ببعض من وفد إلى سوريا ممن يدعون بأنهم حملة لهذا الفكر الديني إمعاناً في غيظ الأسد و من لفّ لفه. فتم التعامل مع تلك الجماعات المقاتلة على أنها مجاهدة و مخلصة بغض النظر عن عشرات المخالفات الشرعية لتصرفاتهم و التي أساسها عدم أهلية من يحمل السلاح فيها للتفسير القرآني و لا للفتوى التي صارت حق مكتسب بحكم فوهة البندقية المسلطة على رأس من يعترض.

فوقع بعض السوريون في ورطة اعتماد مالم ينتجوه بأنفسهم و هم اهل العلم الشرعي بشهادة نبي الاسلام عليه الصلاة والسلام. قد تخلصوا من مياعة الصوفية و بعثية المشايخ فابتلوا بتطرف الجهَّال للدين الذين يحفظون بعض الأيات القرآنية على اطراف لسانهم ولا يفقهون منها الا بقدر ما يفقه الببغاء مما يقول. فانطبق على بعض السوريين المثل الذي يصف حالهم بأنهم انتقلوا من تحت "الدلف الى تحت المزراب."

إن الكثيرين في سوريا من بينهم كاتب السطور هذه و بصفة شخصية يرحبون بالمنهج الاسلامي السلفي بوصفه اسلوباً علمياً يمثل ما عليه الاسلام و يبرز ماهية مقاصد الشريعة الحميدة، وندعو اهل الاختصاص لفعل كل ماهو لازم لايصال رسالة الاسلام بهذا الشأن وفق هذا المنهج الى أبناء هذا المجتمع الذين خنقتهم كثرة الهرطقات و الأيديولوجيات التي أفرزت أناساً انتقلوا من استسهال كل ذنب الى المبالغة في العقوبة على أتفه تصرف بالذبح و القتل .

فلينظر كل مسلم ما قدم لغده هو وليبتعد عن حلم حرق المراحل بتقديم عبادات يبتدعها هو نتيجة لجهله على العبادات الاساسية قبل أن تحرقه هو في نار جهنم قبل غيره. و ليعلم المسلمون بأن الاسلام ماض الى يوم القيامة لا يضره متآمر أو "حاقد" مهما علا شأنه أو صغُر. والله خالق كل شيء يرزق من يشاء بغير حساب، ويرزق المشرك والكافر كما يرزق المسلم الفاسق و المسلم المؤمن ويتقبل ما يشاء ممن يشاء. فإن أراد الله إدخال ابا لهب الجنة ما كان لبشر الاعتراض ولا يملك أحد القدرة على ذلك حتى لو أراد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال طائفي بامتياز
أمل مشرق ( 2013 / 9 / 15 - 15:40 )
لا يمكن حوار مثل هذا المقال المفعم بكراهية الآخر ويعبر عن حالة عنيفة من العنصرية الدينية التي تنضح من بين كلماته، مكان الكاتب والمقال الصحيح في صفحات الإسلام الوهابي وليس على صفحات الحوار المتمدن
الدكتاتورية الأسدية لا تقاوم بدكتاتورية دينية تحتقر التعددية الطائفية والإثنية. لا نريد دولة دينية بدل دولة البعث البغيض. نريد دولة علمانية يفصل فيها الدين عن السياسة بشكل مطلق. حواز السفر الوحيد هو باسبور محترم بين الدول وليس جوازات السفر للجنة مثلما تفضل الكاتب فهذه ليس مكانها الدول
اؤمن ان الشيخ مصطفى راشد فيه من الحكمة وبعد النظر ما لا يمكن أن تحويه عقول المتأسلمين بالوهابية البغيضة
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=372547
تحية


2 - شرقنا الأوسط فاض بالأفاعي والحيات الملتحيةالسامة
الأشورية _من أرض أشور _ العراق ( 2013 / 9 / 15 - 18:57 )
شعوب الشرق الأوسط كلهم(السريان والأشوريين والأقباط والكلدان والأرمن والمارونيين والصابئة وو)كانت مسيحية,وهم كانوا أصحاب وأصلأء الشرق,قبل حلول العرب البدو من شبه الجزيرة الصحراوية,وهم حاملين السيف ليفرضوا ديانتهم وأسلأمهم بالقوة(أسلم تسلم أو الجزية أو سيف فوق الرقاب)لأ نعرف هل نشر دين معين يفرض بالحب والرحمة والسلأم أم بالقوة والغصب والهيمنة؟؟؟ثم لماذا التسفيه وأهانة ديانة الأخر أي كان ,وهم الأسبقين والأقدم من الديانة الأسلأمية القادمة من الجزيرة اليعربية؟؟؟ومن حضرتك لتفرض رأيك على الخالق نفسه ألذي أوجد الخليقة والأديان بأشكال وبصور متنوعة؟؟؟ شعوب وقوميات(سوريا والعراق ولبنان ومصر ووو)ذو حضارات وثقافات وتراث عريق قبل ظهور كل الأديان(اليهودية والمسيحية والأسلأمية وووو)...وأتباعكم الملتحيين(القاعدة وجماعة أخوان المسلمين الأرهابيين والسلفيين وجبهة النصرة الدموية أكلة أكباد وقلوب الأبرياء ,والجيش الكر وحماس الأرهابية وبلأد العراق والشام الأسلأمية ووو)كل هؤلأء هم مسلميكم وأسلأمكم وقدوتكم ,وعلى سراطكم وهداكم الغير سوي مجاهدين,وحياة الناس الأبرياء بالظلم والأضطهاد والشر والدماء غارقين.


3 - المناصب لو وصلتم لها لأ تبدلكم بل تكشف أقنعتكم
الأشورية _من أرض أشور _ العراق ( 2013 / 9 / 15 - 19:28 )
كل الأديان ليسوا على هواكم لأنهم لأ بنثرون ويسفكون دماء الناس الأبرياء هنا وهناك...والذي يجري اليوم بسبب جماعتكم (السنة)في العراق وسوريا ومصر وتونس وليبيا ووووو تجده هو الأصح والأصلح لأنهم يطبقون سنتكم وشريعتكم وما تبتغونه (أي تصفية وهدر دماء الأخر الأنسان الشيعي والعلوي والدرزي والمسيحي واليهودي والملحد والبوذي واللأديني وووووو من الشرق الأوسط والعالم كله لو كان بمقدروكم )...أهذه عي لغة جماعتك السنة ,أي أن أفواهكم خرساء لأ تتكلم ولأ تتحاور ,ولكن الصحة والعافية كلها في أيديكم وكفوفكم ,وطبعا ليس مد اليد للأخر للسلأم والتقرب والحب بل للقتل والدماء وأبادة الأخر المختلف...ومهما أمثالكم (الرافضين الأخر المختلف )أعتليتم أرفع المناصب والكراسي فدواخلكم (النفس)للأسف فاسدة ومليئة بالشر والحقد والكره والبغضة لن تستطيعوا مطلقا اقديم المحبة والرحمة والسلأم لأنكم أصلأ فاقدين للكل(فاقد الشىء لأ يعطيه) وكل أناء بما فيه سينضح شئنا أم أبينا... من السهل أن ينصح الإنسان غيره ومن الصعب أن ينصح نفسه...


4 - التدين والتحزب والتعصب ضلالة وكل ضلالة بالنار
مروان سعيد ( 2013 / 9 / 15 - 19:36 )
اولا تحية لشيخنا الموقر على الامين السويد
وتحيتي للجميع
كتبت ولكن لم تصدق كانت سوريا تكفل حرية الاديان والطوائف وشجعت عليها لاانه الالتهاء بالدين يبعدك عن التفكير بالسلطة وينيمك مثل التنويم المغنطيسي ليتحكم بك عبر نافثي السم اي الشيوخ ورجال الدين
ومن سؤ جظ المسلمين انهم كانوا متخلفين وذلك لاانشغالهم بالتفوق العددي والتزاوج وانجاب عدد كبير من الاولاد بسبب تعاليمهم المال والبنون زينة الحياة
وزاد عدد المشردين بسبب الطلاق وزاد الجهل حتى بداؤا التمسك بالدين اكثر والتعصب له حتى ان الجاهل السعودي والقطري والاردوغاني يتحكم بهم ويعطيهم الاسلحة ويدفعهم لخراب بلدهم والاقتتال
ولو كان عندهم ذرة وعي لنجحت ثورتنا ولكنا الان لدينا رئيسا جديدا ودمقراطي يسعى الى ولادة سوريا الجديدة بقيادة مثقفيها ومخلصيها
ولكنهم يريدون خلافة جديدة بقيادة اردوغان ويريدوها اسلامية وجهل اكثر من السابق لذا تركوها خراب وستصبح افغنستان ثاني يقودها الاهابيين والمجرمين
ارجوكم اصحوا ابعدو الدين والتعصب عن الدولة والسياسة لننجح
وللجميع مودتي


5 - عجيب
علي الأمين السويد ( 2013 / 9 / 15 - 20:54 )
أرجو ممن يود التعليق أن يقرأ المقال جيدا ولا ينظر الى صورة الكاتب.
فعلا عجيب أمر القراءة في مجتمعاتنا

اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد