الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سؤال الهوية فى مصر

محمد نبيل صابر

2013 / 9 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تعيش مصر منذ الاستفتاء المشئؤم فى مارس 2011 والذى كان بداية الطريق لاجهاض انتفاضة يناير من نفس العام بالاتفاق بين ابناء مبارك العسكريين القدامى وجماعة الاخوان المسلمين وحتى الان صراعا حول سؤال الهوية المصرية
وكان هذا الاستفتاء والتعديلات الدستورية المتعلقة به على دستور 1971 هو العلامة على الطريق لنقل السلطة من يمين يحمل سمات علمانية من بعيد الى يمين يرفع يافطة دينية ببغرض الحفاظ على نفس النظام ونفس العلاقات الاقتصادية الحاكمة بين الطبقات مع تامين خروج آمن للقيادات الحاكمة قبل وبعد 11 فبراير 2011
كانت النقطة التى انطلق منها هذا الاتفاق هو استغلال سيطرة التيارات الدينية على الشوارع والقرى والاحياء الفقيرة والتعامل مع الحماسة الدينية والحديث ان كل الخطوات التى تمت هى عبارة عن معركة لحسم الهوية المصرية "الاسلامية الخالصة" كما قالوا ..هى معركة ضد الكفر والكفار باشكالهم المختلفة "مسيحيين ومسلمين لا ينتمون للاحزاب الدينية وملحدون ويساريين ...الخ"
لم يكد يمر على انتصار انتفاضة يناير سوى شهر واحد حتى كان الجميع يتحدث عن العلمانية والاسلامية والتعريف والتنظير والاغراق فى التفاصيل ويتعامل الالة الاعلامية للتيارات الاسلامية فقط فى تلميع رموز معينة للجبهة الاخرى وحالات فردية معينة تؤكد فقط ان مصر ستكون ماخور كبير فى حالة عدم الاجابة عن سؤال الهوية المصرية باختيار "الاسلامية"
كل هذا استمر طوال كافة الاستحقاقات الانتخابية ..فلم تكد توجد دعاية انتخابية واحدة لتلك التيارات غير مؤيدة بكم كبير من الفتاوى او غير مزينة بصور تتضمن ذقون متشابهة واسماء ما انزل بها من الله من سلطان تأمرك بالتصويت لهذا الحزب او هذا المرشح والا فالنار وبئس القرار
والحقيقة ان سؤال هوية تلك المجموعة البشرية الساكنة فى هذا المربع فى اقصى شمال شرق افريقيا ومثلثه الاسيوى كان سؤالا محيرا لكثير من الناس عبر كل العصور ..فالتاريخ يعلمنا ان مصر تركت بصمة واثرا فى كل ما مر عليها من حضارات واديان ومحتلين بدءا من الهكسوس وانتهاءا بالعرب المسلمين والعثمانيين الاتراك ..نعم كان هذا فى اطار التفاعل الحضارى بين الغازى والغزاة وخصوصا عقب استقرار الغازى لمدة طويلة الا ان التأثير المصرى كان مميزا ..فالهكسوس عقب هزيمتهم نقلوا المعبودات المصرية الخاصة بمنطقة الدلتا الى موطنهم الاصلى ثم جاء اليونان والرومان وانتقلت المعبودات المصرية كايزيس مثلا والعجل ابيس الى روما نفسها وتركت مصر اثرا لا ينمحى فى اليهودية مثل الترجمة السبعينية واما المسيحية فكان اثر الاباء المؤسسين للكنيسة الارثوذكسية وكتاباتهم اللاهوتية المفصلة اثر عميق فى الديانة ككل
وفى الاسلام حدث ولا حرج بدءا من الفقه وعلوم القران والحديث وانتهاءا بالتصوف ..الهوية التى تركت الكل فى حيرة كافية لتصف اسلام المصريين بأنه "سنى بقلب شيعى "
كل هذا تم دون ان نفقد الروح المصرية المرتبطة بالمجتمع الزراعى القديم منذ عهد الدولة القديمة والاهتمام بالعائلة والاديان ومتابعة نوات المطر ..لا يزال بيننا وعلى السنتنا حتى الان كلمات فرعونية وعادات وتقاليد فرعونية لم تتأثر بالبعد 7 الاف سنة عن مصدرها الاصلى
هذه الهوية المحيرة ظلت مجالا للصراع وطرف يحاول ان يحسمها ناحية اختيار ما دون النظر ان هذا الاختيار مكون اساسى فى الهوية بجانب مكونات اخرى لا يمكن اهمالها
حتى جاء الثلاثون من يونيو
فى هذا اليوم والايام التالية له فى اعتقادى تم حسم سؤال الهوية لصالح الاجابة الصحيحة "هوية المصريين مصرية"..الهوية التى ترفض التنطع فى الدين لصالح الهوية الوهابية المستوردة من مجتمع صحراوى منغلق وبلا تاريخ فكرى او حضارة راقية سابقة على ظهور الاسلام كما ترفض تماما حصر فكر المسيحيين المصريين داخل جدران الكنائس العالية
الهوية التى تستمع للموسيقى وتعشق ام كلثوم كما تحرص على تشغيل المذياع فى الثامنة مساءا لسماع القرآن ..الهوية التى تملأ المساجد فى رمضان وهى تدرك ان بامكانها مشاهدة التلفاز بعد التروايح فى تجمع عائلى وتحتفل بليلة العيد حتى الصباح دون ان ترى تعارضا
الهوية التى تقول "اللى فى القلب فى القلب " ولكنها تدفعك دفعا لاحتضان صديقك المسيحى والحرص على تهنئته والوقوف جانب جارك فى مصائبه
الهوية التى تدفع الجميع دفعا للبحث عن هجرة او عقد عمل ولكنها تصنع تلك القشعريرة فى مؤخرة رقبتك عندما تسمع اغنية وطنية او تمتلئ عينك بالدموع وانت تهتف باسم مصر
لا اناقش هنا ان كان كل ما سبق صح ام خطا؟..الهوية لا تسأل هذا السؤال .هوية اى شعب فى التصرفات العفوية والاجابات التلقائية ..هويته هى الجوانب الثقافية والاجتماعية المكونة للعقل الجمعى لهذا الشعب
ولقد كانت 30 يونيو كل هذا واكثر واوضحت كل هذا واكثر ..
يتبقى كلمة موجهة الى الجميع الى حزب النور والعلمانيين المتطرفين فى آن واحد "مع مثل هذا الشعب وهذه العقليات خاب وخسر من ظن ان بامكانه ان يهمل جانب من تلك الهوية لصالج جانب اخر "
مصر للمصريين ..وهوية المصريين هى مصر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الهوية المصرية ليست مستوردة من الخليج ولا أوروبا
Amir Baky ( 2013 / 9 / 16 - 10:26 )
مشكلة السلفيين إنهم يريدون إستيراد ثقافة خليجية تحت مسمى الإسلام وتطبيق الشريعة. فمستوى التضليل و إستغفال المصريين وصل لدرجة رهيبة. اما العلمانيين و الليبراليين و اليساريين فهم ضحيا التنظير و الكلام الأجوف الذى لا يصل للناس. فلو نعتوا أنفسهم بأسم مصرى لأكتسبوا أرضية أكبر فى الشارع

اخر الافلام

.. لابيد: كل ما بقي هو عنف إرهابيين يهود خرجوا عن السيطرة وضياع


.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #




.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع


.. #shorts yyyuiiooo




.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #