الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 8 – الميلاد الثاني أو الأدلجة المسيحية!!
توماس برنابا
2013 / 9 / 19العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الانسان بكافة الوانه دائماً يود أن يسير وفق نسق أيدولوجي يعتنقه يملأ عقله وفكره وإن لم يقدر على تكوين أيدولوجية خاصة به فهو ينزح الى إعتناق أيدولوجية موجودة بالفعل ويتبناها... وهكذا فى كافة أوجه الحياة... أما فى الجانب الديني وخاصة المسيحي يقول المسيحيون أن المسيحية ليست ديانة بل منهج حياة ، فالمسيح لم يؤسس عقيدة بل ترك لنا منهج حياة نسير وفقه فى ضوء إيمان قلبي يجتاح الكيان كله! و يظل الفكر بحاجة الى أن يمتلأ بأيدولوجية عقائدية! وهكذا بنائنا العقلي! وبما أننا مختلفون ومميزون فأفكارنا وأيدولوجياتنا ستظل فى تنوع مستمر وستتزايد عدد الايدولوجيات والعقائد لتتساوى مع عدد البشر في العالم لأننا فى القرن الحادي والعشرين وداخل إطار دين واحد مثل المسيحية إنتقل الاقتناع المذهبي من مستوى المجامع الطائفية الى مستوى الإقتناع الشخصي!! ويجب أن نتعلم من الان فصاعداً أن نقبل وجهات نظر بعضنا البعض ولا نملي أفكارنا على الاخرين. فنحن لسنا عبيداً لأصنام العقائد بل نحن أسياد عليها فى قبولها أو رفضها !!
فكيف تكون المسيحية منهج حياتي وليست ديانة، وباقي الأطر الأيدولوجية الدينية أديان؟! في سياق ما ذكر فأن العقل الإنساني دائما ما ينزح الى إعتناق أيدولوجية أو فلسفة يملأ بها عقله وتتحكم في سلوكياته وأقواله! فالإنسان مثل شخص وُجد في صحراء وخواء فكري ولذلك فهو بحاجة لبنيان فكري عقائدي حتى يصبح إنساناً سوياً!! يحتاج الى سوفتوير Software للمخ والعقل الذي يُعتبر Hardware للإنسان! ولكن المُعول عليه هنا هو امتلاء العقل بنسق أيدولوجي معين ؛ ربما تكون فلسفة موجودة فعلاً مثل المثالية أو البراجماتية أو الواقعية أو الوجودية، أو تكون دين موجود فعلاً مثل المسيحية أو الاسلام أو اليهودية أو البوذية وغيرها ، أو إن لم يقبل الانسان ما هو موجود من فلسات وأديان ، فهو ينزح بالضرورة الى خلق وإبتداع بنيان أيدولوجي يتكون من ارائه الشخصيه في كافة أوجه الحياة وقد يكون ذلك النسق الإيدولوجي فريد ولا يتشابه فيه مع أحد وقد يتبعه أخرين ليصبح مذهب أو دين أو فلسفة جديدة!!
(إن تمحور البسطاء والجهال وتزايدهم حول وهم ما يصنع منه حقيقة مطلقة يدور فى فلكها ويتفلسف المفكرون المؤدلجون!!) إن عملية الأدلجة ليست صعبة في المفهوم؛ فنجد الانسان في حالة تقبل سلبي لا ارادي غير ناقد لدين أو بنيان عقائدي ما وخاصة وقت الطفولة! حيث يتقبل الطفل لكل ما يقال له دون نقد أو تشكك وتتراكم هذه المعلومات بمرور الزمن لتكون أيدولوجية فكرية تتحكم في سلوكياته فيما بعد حتى ولو كانت هذه السلوكيات غير منطقية أو منافية للعقل وللإنسانية! بل نجد إنسان حاصل على أكثر من دكتوراة وهو يدور بصورة بلهاء داخل إطار أيدولوجي ديني بصورة حلقية circular thinking بل ويتفلسف فيما نصيبه من الفلسفة والحكمة الإنساني ( صفر) !! ولا يستطيع الهروب من هذا الإطار، هذا الصندوق، هذا القفص، هذه الايدولوجية، هذا الدين، الذي يعيق ويحد من تحليقه في سماء الحرية الفكرية!
وللخروج من عقيدة ما، يلزم التشكيك فيما قد تعتنقه أولاً ثم هدم أسس ذلك البنيان العقائدي شيئا فشيئاً الى أن يتم إنهيار البنيان الإيدولوجي بمجمله ليصبح الإنسان في حالة خواء معرفي مثل الطفل الصغير! ثم سكب ( بالإقناع) أيدولوجية جديدة أيا كانت دينية أم سياسية، في عقله!! وهذا ما يسمى ب غسيل الدماغ Brain- Washing وهو يحدث بكثرة في الأوساط الدينية فما ذكر يحدث لمشاهدي قناة إسلامية او مسيحية بكثرة حيث تشكك هذه القناة في معتقدات والبنيان الايدولوجي لدين معين حتى يتم هدمه في عقل المشاهد ثم يتم إقناع المشاهد بالبديل وهو الدين الاسلامي أو المسيحي!! وحينما يتقبل الإنسان ويؤمن بالدين المسيحي بصورة كاملة يسمى born- again Christian أو الميلاد الثاني حيث تتغير إتجاهات وسلوكيات الإنسان بصورة مغايرة تماماً ويشعر الانسان بأنه إنسان جديد فعلاً ويرى العالم بصورة جديدة! نعم فقد تغيرت النظارة Eyeglasses التي كان يرى بها العالم! وهذا التغيير قد يحدث لإنسان تحرر من الأديان بمجملها وأصبح لاديني لا تتحكم فيها تهديدات وترغيبات الدين، و نحت طريقه في الصخر ليكُون بنيانه الفكري الخاص به من خلال خبراته الشخصية والإجتماعية وقراءاته المتعددة!!
وأختم بعبارة بسيطة جدا وهي : الديانات تحيا وتبقى فى عقول معتنقيها فقط إذا أبتعدوا عن دراستها ونقدها! وتموت حين يتم فحصها ونقدها والتفكر فيها بصورة حيادية! وحينئذ يتحرر الانسان من التأطر الإيدولوجي ليكون حراً مثل عصفور قد كسر القفص وأصبح حراً يحلق فى الأجواء المختلفة ليحط على أي شجرة أراد وليأكل أي نوع من الحبوب أراده! دون تقييد، ودون ترهيب وتخويف، ودون ترغيب، بل دون غباء!!
مقالات سابقة من نفس السلسلة:
1- سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 1 – منع أبن الزوجة الثانية من الكهنوت! .... الرابط : ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=376580 )
2- سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 2 – شفاعة القديسين! .... الرابط : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=377452 )
3- سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 3 – قديسي الواقع أفضل من قديسي الخيال! ..... الرابط: ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=377455 )
4- سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 4 – قصص القديسين الوهمية كوسيلة تسلب أذهان الأقباط لتقبل الإضطهاد!! ... الرابط : ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=377462 )
5- سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 5 – وسائط النعمة في كنيسة بلا جدران!! ... الرابط: ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=377591 )
6- سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 6 – سياسة ترغيب الفقراء في المسيحية!! ... الرابط: ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=377747 )
7- سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 7 – أصل الإيمان الخرافي بالإله والملائكة والقديسين!! ... الرابط: ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=377993 )
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تسجيل صوتي لقائد حماس العسكري يدعو الشعوب العربية والإسلامية
.. حزب مودي يواصل التضييق على المسلمين ويغلق مدرسة إسلامية بولا
.. الشريعة والحياة في رمضان| مسائل فقهية في الزكاة والصدقات
.. ما العلامات الروحانية لليلة القدر؟
.. مدينة القيروان في تونس تستعيد ألقها الروحي خلال شهر رمضان |