الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتريات الحب والحرب : رواية الفصل29

حبيب هنا

2013 / 9 / 21
الادب والفن


- 29 -
على المستوى السياسي المحلي والعربي والدولي ، كانت قيادات الاحتلال المتعاقبة تطالب الزعامات الفلسطينية والعربية الإعلان على الملأ بالتوافق على كثير من القضايا بعد تسطيحها بهدف تمريرها على الشعب وكأنها لا تمس مستقبله . والغرض من ذلك هو خلق حالة إثبات أن الاحتلال كان يتصرف بناءً على رغبة القيادات الفلسطينية والعربية ، وليس بدافع الانتقام من الشعب ، بحيث تثبت الوقائع الممهورة بالتصريحات العلنية التوافق بين مختلف أطراف الصراع وبالتالي لا يحق لأي كان المطالبة بتعويضات عما أصابه من أضرار جراء البطش ، وفي أسوأ الحالات عدم اللجوء إلى القضاء الدولي ومحكمة الجنايات . وبكلمة إن الاحتلال يسعى دائماً لأن يكون بين يديه ما يثبت توافقه المطلق إزاء القضايا التي من الممكن أن تقوده إلى محكمة الجنايات،علماً أنه ضامن لعدم قدرة المحكمة على تنفيذ قراراتها بفضل الفيتو الأمريكي .
هذا التوافق ( التواطؤ ) لا يكون فجّاً بقدر ما هو عملية تراكمية تبدأ بما هو صغير ولا يؤثر على نحو عميق على مستقبل العلاقة باعتبارها متكافئة ، ثم يتم بعد ذلك تجريعهم المواقف ببطء حتى تغدو يقينية ، ثم عادة ، من حقهم الدفاع عنها بمختلف المسوغات على اعتبارها اختلاف في وجهات النظر السياسية وهي بالتالي شرعية . مثل مفهوم المقاومة بكل أشكالها ومفهوم المقاومة الشعبية اللذين لا يمتان بصلة إلى بعضهما البعض ، بل إن الفروق واسعة بينهما ، الأمر الذي يدعو الاحتلال للمطالبة بتغيير بعض قرارات الأمم المتحدة بشأن حق المقاومة ضد الاحتلال المكفول في المؤسسة الدولية بغض النظر عن نوع الاحتلال ومواصفاته والجهة الداعمة له .
هذا التصرف أشبه ما يكون بمصوري الفضائيات اليوم وفي زمن الحروب ، فهم يعتقدون أنهم يخاطرون بحياتهم من أجل الوطن وحريته وفضح جرائم الاحتلال ، ليكتشفوا فجأة أنهم على نحو ما يخدمون الاحتلال عندما يصورون الأماكن التي لا تستطيع الطائرات تصويرها بدقه وإظهار التفاصيل التي هي بحاجة إليها من أجل معاودة قصف المكان لأن هناك ما هو ضروري ينبغي الإجهاز عليه وإلحاقه بكومة الدمار .
على أيه حال ، القادة السياسيون أكثر قدرة وبراعة من الناس البسطاء في رؤية آلة التصوير على مقربة منهم في الوقت المناسب والتعامل معها بارتياح شديد ولافت للنظر .. إنهم أول من يركض صوبها ، وأول من يرتب هندامه ، وأول شيء ينصاعوا إليه تبعاً لإرشادات المصور ..يتحدثون بأفضل الكلمات التي في جعبتهم والتي تناسب الموقف مهما كان .. إنهم يدغدغون مشاعر الناس ويسطون عليها كي يجردوها من الاستقلالية التي هي حق لهم ولا يجوز سلبها منهم بالكلمات المنمقة التي لا تعوضهم عن رغيف الخبز أو البطالة التي تطول حياتهم في صميم اليومي والدفع باتجاه استمرار بقائهم على هامش التأثير على مجريات الأمور بفضل الركض المتواصل وراء العوز والبحث عن مخرج أو فرصة عمل تخرجهم من طابور العاطلين الذين لا ينفعون المجتمع في شيء .
ومع ذلك ، فان تصريحاتهم غالباً ما تفضحهم . تفضح المهمة الأساسية لتبوّء هذه المكانة لأنها قناع يخفي وراءه القمع والاعتقالات ومصادرة الحريات ، ولو لم يكونوا على هذا القدر من المسؤولية لما استطاعوا الصعود سريعاً إلى هذه المكانة ، بل لبقوا في أدنى درجات السلم وفقاً للتراتبية في مختلف الحركات السياسية التي غالباً ما يبرز نشاطها عند المفاصل المهمة التي على ضوئها يتم التجديد لموهبتهم أو إحالتها إلى من هم أكفأ منهم وأقدر على لعب هذا الدور في أدق المراحل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الموسيقي طارق عبدالله ضيف مراسي - الخميس 18 نيسان/ أبريل 202


.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024




.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-


.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم




.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3