الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التهميش سيكولوجيا انكار الآخر

علي عبد الرحيم صالح

2013 / 9 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لكل شخص الحق في العيش والتمتع بنفس الحقوق بغض النظر عن مذهبه او دينه او عرقه او حتى جنسه ولون بشرته ، إذ لجميع البشر الحق في العيش حياة كريمة ومطمئنة ، فلا يوجد لأي شخص الحق أن يشبع دوافعه وحاجاته ويحقق ذاته ومكانته على حساب الآخر ، وهذا ما تكفله القوانين الانسانية والدساتير التشريعية والإلهية ، فالجميع متساوي في كل شيء ما عدا الفروق الفردية أي الذكاء والقدرات والسمات الشخصية .
وعلى الرغم من حلاوة تطبيق هذا الكلام على ارض الواقع إلا أنه يظهر بصورة مخالفة تماما ، إذ تمارس الكثير من الجماعات التهميش والاستبعاد النفسي والاجتماعي بحق جماعة أخرى ، وقد يصبح أداة رئيسة في ابعاد الأخر ونفيه وحرمانه ، على سبيل المثال نجد في العراق أن ابناء بعض احزاب ومكونات ممن ينتمون الى المذهب السني وشيعي قد حاولوا تهميش بعضهم الاخر في السكن والتعليم والعمل والسياسة ، وفي فلسطين يحاول الإسرائيليون كل يوم تهميش الفلسطينيون من اراضيهم ووطنهم .
إن أكثر جماعة تعاني من التهميش بصورة دائمة الاقليات في الكثير من الدول ، فنجد هذه الجماعات تعاني العزلة والبعد والحرمان من اشباع ابسط متطلبات الحياة بل نجد أن البعض منها يصبح كبش فداء وتُفرغ عليه أقسى مشاعر العداء والكراهية والقتل مثل ما يحدث الآن من قتل وتفجير لتركمان طوز خورماتو في العراق والمسيح في مصر وابناء الشعب السوري على يد الاسلاميين المتشددين .
ويأخذ التهميش كما يشير إليه عالم النفس Hilary Silver,1994 وYoung,2000 أشكال متنوعة وصور مختلفة
1. فقد يأخذ التهميش صورة فردية أو جماعية : فأحيانا نحن نهمش الاشخاص الذين تختلف مصالحهم معنا ، فنحاول حرمانهم وعزلهم ومعاقبتهم حتى يخضعوا لنا ولسلطتنا أو نشبع حاجتنا على حسابهم وحقوقهم في حين قد يصل التهميش على مستوى العلاقة بين الجماعات فتحاول كل جماعة ان تهمش الجماعة الأخرى وتسلب حقوقها وأن تعيش على حسابها وتحرمها من التمتع بإنسانيتها وخير مثال ما طرحناه سابقا من أمثلة .
2. قد يظهر التهميش على أشكال نفسية واجتماعية مختلفة ، ومنها : التهميش البيولوجي ويتمثل في حرمان الفرد او الجماعة المهمشة من الطعام والشرب والتحكم فيه .التهميش الانفعالي ويتمثل في حرمان الفرد او الجماعة المهمشة من الامان والحب والاحترام والتقدير. التهميش الاجتماعي ويتمثل في عزل الفرد او الجماعة المهمشة ومنعها اقامة العلاقات مع الاخرين. التهميش المعرفي ويتمثل في منع الفرد او الجماعة المهمشة من الحصول على المعرفة والمعلومات التي تحتاجها كي تطور من امكانياتها وقدراتها.
وعلى العموم هناك تفسيرات عديدة لعملية التهميش فعلى الصعيد الفردي ، قد يرجع التهميش الى نمط شخصية الفرد فالشخصية العدائية والمتسلطة دائما ما تحاول تهميش الأخر من أجل تحقيق ذاتها ، ويظهر التهميش بين الافراد بسبب المصالح الذاتية والتنافس على اشباع الحاجات ، وكذلك قد يشجع النظام الاجتماعي او فلسفة المجتمع التنافس والتهميش الفردي ، فالشخص الذي ينشأ في مجتمع رأسمالي يحفزه على العيش بحياة نفعية وذاتية ، أما على صعيد التهميش بين الجماعات فيرى تاجفل وتيرنر ان التهميش يظهر عندما تكون هناك جماعتان متنافستان مع بعض على سبيل المثال (مسلمين ويهود) فتحاول كل جماعة أن تحقق مصالحها (اليهود) على حساب الأخرى ، في حين ترى نظرية التهميش الممنهج أن التهميش يظهر عندما تحاول جماعة ما أن توسع نفوذها على حساب الجماعات الأخرى حتى لو لم تكن معادية لها . وبذلك فإن التهميش هو الطريق لتعفن إنسانيتنا ورحمتنا تجاه الآخرين ، فهو أداة لنكرهم وسلب حقوقهم والاعتداء عليهم ، فبدلا من أن نعيش معا تحت سقف واحد نجد ان التهميش يزيل الآخر ويحاول أن يقلع جذوره ويقطع انفاسه من هذه الحياة الفارغة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في


.. ماذا تضم منظومات الدفاع الجوي الإيرانية؟




.. صواريخ إسرائيلية تضرب موقعًا في إيران.. هل بدأ الرد الإسرائي


.. ضربات إسرائيلية استهدفت موقعاً عسكرياً في جنوب سوريا




.. هل يستمر التعتيم دون تبني الضربات من الجانب الإسرائيلي؟