الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المأزق السعودي ... والبئر العميق التركي

جاك جوزيف أوسي

2013 / 9 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


قلبت الحرب الأميركية على العراق الموازين السياسية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط، فقد أدت هذه الحرب إلى تدمير العراق الذي كان يُشكل الرادع وعامل التوازن في المنطقة ضد إيران التي انتهزت فرصة هذه الحرب لتزيد نفوذها في العراق والمنطقة، وفي مقابل ذلك انشق الصف العربي وانهار التوازن الذي كان يحكم المنطقة العربية منذ الخمسينيات والذي كانت أعمدته الأقوى الرياض – القاهرة – دمشق عندما قررت دمشق الانضمام إلى محور الممانعة الذي تشكّل من دمشق وطهران وفصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية. هذا الأمر أدى إلى تراجع نفوذ ما بدأ يُعرف في الأدبيات السياسية "بِعرب الاعتدال" وقابل تمدد محور الممانعة وتسجيله لانتصارات عديدة على أكثر من محور. وعند هذا المنعطف بدأت أنظار محور "عرب الاعتدال" تتجه صوب تركيا كحليف جديد لها ضد إيران، وخصوصاً عندما قررت المملكة العربية السعودية أن صراعها مع إيران هو صراع طائفي وليس صراع سياسي، واعتقدت الرياض أن الشعب التركي الذي يتقاطع مذهبياً مع محور "عرب الاعتدال" وجيشه القوي يستطيع أن يلعب الدور الذي كانت يلعبه بغداد كحارس للبوابة الشرقية ليمنع تغلغل النفوذ الإيراني في المنطقة العربية.
لكن تركيا، في تِلك الفترة، رفضت العرض السعودي بأن تكون زعيمة العالم الإسلامي بدبلوماسية، وأكّدت أنها دولة علمانية النظام وأنها ضد الاستقطاب المذهبي والطائفي فالمنطقة وأنها تؤيد الحوار مع طهران، ولكنها في الوقت نفسه استثمرت هذه الحاجة الرسمية العربية لها في توقيع العديد من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية مع العالم العربي من المحيط شرقاً إلى المحيط غرباً.
داود أوغلو وعودة العثمانيون الجدد
كشفت سياسة العمق الاستراتيجي التي وضعها داود أوغلو عن خلاف واسع بين الإسلاميين والكماليين في قراءة الإرث العثماني في المنطقة. فبينما يعتبر أنصار مصطفى كمال أتاتورك أن التاريخ العثماني الإسلامي كان السبب في تخلّف البلاد، اعتبر الإسلاميون هذا التاريخ مصدر فخر واعتزاز بالنسبة لهم، معتبرين أن الدولة العثمانية قد منحت رعاياها العدالة والأمن والازدهار، حيث كان الوضع في القوقاز والبلقان وعموم منطقة الشرق الأوسط أفضل حالاً تحت حكم العثمانيين.
ويعتبر الإسلاميون في تركيا، أن الدولة العثمانية قد نجحت في تحقيق العدل وإقامة مجتمع متسامح متعدد الأعراق بغض النظر عن الدين أو المذهب، واستمرت هذه الحالة حتى استشرت دسائس الأوروبيين التي عملت على تغذية الانقسام داخل المجتمع والتركي وحرّضت الأقليات غير التركية من غير المسلمين على التمرد، مما تسبب في النهاية في سقوط الدولة العثمانية. ويعتقد داود أوغلو أن مغالاة الكماليين في إبعاد تركيا عن تاريخها وجغرافيتها كانت السبب في تحجيم قدرة تركيا منعها من التأثير بشكل قوي على الأحداث التي عصفت في المنطقة. الأمر الذي دفعه إلى وضع نظريته "العمق الاستراتيجي" في محاولة للخروج من الطريق المسدود التي وصلت إليه السياسة الخارجية والداخلية التركية، ومعالجة المشكلة الكردية والعلوية في تركيا عن طريق تبني نهج مغاير لنهج الكماليين الذين اعتمدوا القومية والعرقية كمبدأ أساسي في رسم الشخصية التركية.
إن الغزو الأميركي للعراق سمح لأنقرة بالتمدد اقتصادياً داخل الدول العربية وتَبِع ذلك غزو ناعم خططت له أنقرة بهدوء وصبر وكان رأس حربة هذا الغزو المسلسلات التركية المدبلجة التي قدمت نمط حياة مختلف لدولة كانت معقل لِأخر خلافة ولجمهورية عصرية يحكمها حزب ذو توجه إسلامي. وبعد أن مهدت أنقرة "بقيادة العثمانيون الجدد" الطريق اقتصادياً واجتماعياً، لم يبقى لها سوى أن تسيطر سياسياً حتى تتمكن من أن تصبح عاصمة مهمة عالمياً ... وهذه الفرصة لاحت عندما هبّت عواصف "الربيع العربي" حاملةٍ إلى سدة السلطة تيارات الإسلام السياسي في المنطقة. لكن الرياح "الربيع العربي" جرت بما لا تشتهي سفينة العثمانيون الجدد، فقد نامت تركيا على قصص العمق الاستراتيجي التي كتبها داوود أوغلو وطاقمه من حزب العدالة والتنمية عديم الخبرة وفاقد البصيرة والكفاءة، ليستيقظوا وتستيقظ معهم تركيا ويجدوا أنفسهم مرمين في بئر عميقة من المشاكل الداخلية والخارجية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - آمون ياربي! للسلام في الشرق الأوسط!
حميد كركوكي ( 2013 / 9 / 30 - 07:00 )
أعتقد إن الشرق الأوسط تعبت والجميع تعبان وهلكان يحتاجون إلى سلام وأمان لتذهب خلافة السلاطين والشيوخ إلى الجحيم، ومرحبا بكم في طهران و ميهرباد الدولي، الشعوب الإيرانية جرعت الزعاف من شعار ( مرگ بر آمريكا ) ولذلك على أوباما أن تكون مع جانب إيران 34 عاما ! لم يتمكنوا زحزة العمامات السوداءة ولا البيضاءة بل زادوا عليهما عمامة خضراءة في نجف الأشرف بيد البوشين الأب والإبن!! نعم الآن نقراء إسم أوباما بالپارسية { أو،،، با،،،ما است } أي إنه معنا! و كذلك جشن نوروز 2717 به همه جهان خجسته باد و متشكريم،،،

اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة