الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الجزيرة- الأمريكية

منعم زيدان صويص

2013 / 10 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


بدأت إحدى قنوات الجزيرة بالبث باللغة الإنجليرية للولايات المتحدة الأمريكية قبل أسابيع، وتستخدم الجزيرة في هذا البث موظفين أمريكان وأجانب على درجة عالية من المهارة والإحتراف.

لا أدري ماذا تهدف الجزيرة من هذا البث. هل الهدف هو تحقيق مكاسب إعلامية على حساب الإعلام الأمريكي الذي يقود العالم في الشرق والغرب؟ هل تتوقع الجريرة أن تخترق الإعلام الأمريكي الذي تسيطر عليه إسرائيل أو المؤيدون لها، وتؤثر على الرأى العام هناك؟ معظم أخبار "Al Jazeera America" هي أخبار أمريكية ومعنى هذا أن الجزيرة تنوي "بيع الماء في حارة السقايين" كما يقول المثل المصري، ولن تجرؤ على بث أي أخبار أو تعليقات لا ترضى عنها إسرائيل أو مؤيدوها. هل تظن قطر وجزيرتها أن شعوب امريكا وأوروبا نسوا كيف تحولت الجزيرة إلى بوق للقاعدة وطالبان وأسامة بن لادن وأيمن الظواهري بعد 11 أيلول، وجعلت الكثيرين في الغرب يربطون إسمها بالإرهاب، مع أنها كانت تخدم الإستخبارات الأمريكية لأنها كانت قريبة من القاعدة وطالبان، وربما كانت تتجسس على هؤلاء لصالح الولايات المتحدة؟

هل نسيت الجزيرة الخبر الذي عملت على نشره أثناء حرب أمريكا على العراق بأن بوش الإبن إقترح توجيه ضربة لها؟ لقد صدقها الكثيرون ولم يعلموا أن الأمريكان لا يمكن أن يدمروا أو يغلقوا أية وسائل إعلامية، لأنهم يراقبونها جميعا، وانقطاعها معناه إنقطاع الأخبار عنهم. يقال أنه في سني الحرب الباردة إكتشفت المخابرات الأمريكية أن صحيفة للحزب الشيوعي في أحد بلدان العالم الثالث توقفت عن الصدور، ولما إستفسرت المخابرات الأمريكية عن السبب علمت أن الحزب قد أفلس ولا يستطيع أن يستمر في نشر الجريدة، فما كان منها إلا أن بدأت بتمويل الحزب، عن طريق فريق ثالث، لإعادة نشر الصحيفة. إذا كانت المخابرات الأمريكية تفعل ذلك مع حزب شيوعي غير مهم فكيف يمكن أن تدمر محطة كانت ساعدها الأيمن في التجسس على القاعدة وطالبان؟ إذا كان بوش قال ذلك فلأنه غبي لم يكن يدري ما يدور حوله.

كان إطلاق قناة الجزيرة عام 1996 حدثا مهما جدا في تاريخ الإعلام العربي، فلأول مره يشاهد العرب محطة تلفزيونية ناطقة بلغتهم تنقل الأخبار بتجرد وحيادية وبمهنية منقطعة النظير تضاهي مهنية ال (BBC) التي تتلمذ معظم موظفي الجزيرة على يدها. كانت أول محطة لا تعظم أو تبجل الزعماء العرب بالطريقة الرخيصة التي نعرفها جميعا، وكانت أول محطة تخترق حاجز الخوف من ردود أفعال إجتماعية أو دينية وتنقل وجهة النظر غير الرسمية، وخاصة مواقف أحزاب المعارضة في البلدان العربية.

واستمرت هذه السياسة التحريرية العظيمة سنة أو سنتين، إتُّهمت خلالها الجزيرة بأنها عميلة للغرب وإسرائيل، لحياديتها واستضافتها مسؤولين إسرائيليين، وربما كان هذا هو السبب الذي جعلها تتجه إلى التطرف لاحقا وتأييد الحركات الدينية المعارضة للحكام، من موريتانيا إلى الباكستان. وبعد غزو الولايات المتحدة لأفغانستان أصبحت الجزيرة المتحدثة بإسم الحركات الدينية الإرهابية في العالم الإسلامي، بدءا بالقاعدة، ولم يبق مارق أو منشق أو مثير للشغب إلا وأعطته الجزيرة أفضل شيء يريده وهو وقت على الهواء ليدّعي بأ نه يحارب دفاعا عن قضية مقدسة، وحققت شعبية لم تعرفها أية وسيلة إعلام أخرى، وخاصة بين الشباب والمراهقين الذين شكلوا وقودا للمنظمات الإرهابية وحروبها في الصومال وغيرها. ومع إمتداد القاعدة للباكستان واليمن والصومال والعراق وشمال إفريقيا، خصصت الجزيرة برامج عن هذه البلدان والأقاليم لتنشر القلاقل فيها، وأصبحت بوقا لكل الحركات التي تسعى لزعزعة الإستقرار في البلدان العربية مثل تونس ومصر والأردن والمغرب وموريتانيا واليمن والسعودية، ولكنها لم تحاول التدخل في سوريا أو ليبيا حتى عام 2011 عندما انقلبت سياستها التحريرية مرة أخرى ووقفت ضد نظام الأسد وحزبالله في لبنان وإيران وبدأت تدعم تنظيمات الإخوان المسلمين. ولم تحاول الجزيرة أبدا أن تنتقد سياسة قطر ولا علاقاتها مع إسرائيل ولا الحكم الشمولي الرجعي للعائلة القطرية الحاكمة التي لا تمثل شعبها. لقد عملت الجزيره على تأليب سنّة العراق ضد شيعتها واستقطبت قادة المعارضة السنية واصبح بعضهم مقيما عندها في قطر تطلبهم إلى الأستودو متى تشاء للتعليق على الأحداث من وجهة نظر واحدة، مما باعد ما بين معتنقي المذهبين في العراق وعمق تعصبهم، وها هي تتبع نفس السياسة في تأليب سنّة سوريا ضد المذاهب الأخرى.

لقد ثبت أن أموال قطر ومهارة وخبرة الجزيرة إستعملت دائما، قبل الثورات العربية وبعدها، في إبتزاز الحكومات والدول العربية، ونشر عدم الإستقرارفيها، وتشجيع الحركات الإسلامية المتطرفة، ونشر الإسلام السياسى الذي أثبت فشله الذريع في الحكم. لقد أيدت الجزيرة حركات التمرد في البلدان العربية حتى نجح الإسلام السياسى في الإستيلاء على الحكم، وعندما بدأ يفشل، بدءا من مصر، جن جنونها وخصصت معظم برامجها لنقل الأخبار المؤيدة للإسلاميين السياسيين في مصروتونس وليبيا وسوريا واليمن وغيرها.

لقد إستخدمت الجزيرة أموالها ومهارتها لمحاربة التنوير في العالم العربي وبقاء المجتمع غارقا في التعصب المذهبى والجهل. لقد كان باستطاعة قطر والجزيره أن يستعملوا أموالهم الطائلة لنشر حرية الرأي الحقيقية بين الشعوب العربية وليس من خلال ما تسميه زورا وبهتانا "الراي والرأي الآخر،" والذي هو في الحقيقة رأي واحد فقط. كان بإمكان قطر، ولا يزال بإمكانها، أن تدعم التقدم الثقافي والعلمي في العالم العربي، أو تؤسس جامعات متقدمة ومراكز بحوث مستقلة، أو تفتح مراكزا لترجمة الكتب القيّمة في العالم إلى العربية، أو تؤسس جائزة محترمة كجائزة نوبل تُمنح للمفكرين التقدميين والعلماء من عرب وغير عرب. لو أن قطر وجزيرتها فعلت هذا لخلّدها التاريخ ولرفعت المستوى الثقافي في البلاد العربية بدل أن تصرف أموالها على الإثارة وجذب مشاهير الإعلاميين والمذيعين وإغرائهم بفلوس الغاز القطرى -- فكل منهم له ثمنه. ماذا يمنع الجزيرة من إنشاء جامعات في البلاد العربية على أعلى مستوى يعمل فيها علماء وأساتذة مشهورون على مستوى العالم، جامعات تُجري أبحاث مهمة وترفع سوية التعليم والبحث العلمي وتضاهي الجامعات المشهورة في العالم. بإمكانها أن تطلق إسم قطر عليها إذا أرادت، فهذا شرف عظيم: الجامعة القطرية في طرابلس أو الجامعة القطرية في غزة أو رام الله مثلا؟ كل ما تفعله قطر وجزيرتها هو التركيز على المواضيع المثيرة التي تخلق الفرقة بين الشعوب العربية وتشجع النزاعات الطائفية وتخطف عناوين الإعلام. لقد دفعت قطر بلايين الدولارات لتقنع فيفا بالموافقة على إستضافتها لكأس العالم فى 2022، ولا تزال تدفع البلايين لمنع فيفا من تغيير رأيها لأن عددا من الرسميين في فيفا إعترفوا بأنهم أخطأوا في إختيار قطر لإجراء الالعاب فيها لأسباب عدة منها أن حرارة الجو في قطر تصل أحيانا في الصيف إلى نهاية الأربعينات والخمسينات. وتتشدق الجزيرة بالدفاع عن حقوق الإنسان في الدول الأخرى ونشر الفضائح ضد هذه الدول، ولكنها لا تنتبه إلى العمال الآسيويين في قطر الذين يموتون بالعشرات من شدة الحر المصحوب بالمعاملة السيئة وساعات العمل الطويلة، كما تقول التقارير التي تنشر في الغرب، والتي جعلت أحد الأوروبيين يقول، ساخرا، بأن "أكثر من أربعة آلاف عامل آسيوي سيموتون في قطر من شدة الحر وسوء المعاملة، من الأن وحتى عام 2022."








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس


.. قتلوها وهي نائمة.. غضب في العراق بعد مقتل التيكتوكر -فيروز أ




.. دخول أول دفعة من المساعدات الإنسانية إلى خانيونس جنوبي قطاع


.. على وقع التصعيد مع إسرائيل .. طهران تراجع عقيدتها النووية |#




.. هل تتخلى حركة حماس عن سلاحها والتبعية لطهران وتلتحق بمعسكر ا