الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراسة في مكونات المجتمع المدني وأدوارها في دولة المؤسسات, الحلقة الخامسة, -منظمات المجتمع المدني وأدوارها في قياس الرأي العام ومتبنياته-

هيثم الحلي الحسيني

2013 / 10 / 4
المجتمع المدني


دراسة في مكونات المجتمع المدني وأدوارها في دولة المؤسسات,
العراق نموذجا
الحلقة الخامسة
منظمات المجتمع المدني وأدوارها في قياس الرأي العام ومتبنياته
دهيثم الحلي الحسيني
باحث في الدراسات الإستراتيجية

دور المجتمع المدني في "تشكيل الراي العام"
تمثل المنظمات غير الحكومية NGO, أو المجتمع المدني CS، مرآة عاكسة للرأي العام، وإمكانات قياسه, ورسم مساراته, وبالمقدمة منها, المكونات التي تتولى مسؤوليات قياس وتوجيه الرأي العام, وخاصة المراكز البحثية العلمية التخصصية, والهيئات والتنظيمات المجتمعية ذات النشاط العام, والمعنية برقابة أداء الدولة والحكومة, وتقويم ومتابعة العمل السياسي والخدمي والإنمائي, فضلا عن مراقبة تفعيل السلوك الديمقراطي, وآليات ومسارات البناء السليم لمؤسسات الدولة, وفقا لإشتراطات الثوابت الديمقراطية, ومتطلبات فلسفتها وثقافتها, والتي تشكل واجهات الهيئات الدينية وأنشطتها الثقافية جزءاً منها.
إن هذه المكونات المجتمعية المدنية, تتمكن من ملاحظة الرأي العام ورصده, كونها حاضرة بتماس في المجتمع، كما أنها تمتلك الموارد والأدوات لقياس الرأي العام, وتنفيذ الاستطلاعات الميدانية التي تستهدفه، فضلاً عن رصد التقلبات التي تعصف بالرأي العام, وهي حالة طبيعية, في إستجابة للأطر السياسية والفكرية والثقافية المجتمعية, وعليه فإن منظمات المجتمع المدني غير الحكومية, هي الجهة الأكثر تأهيلا, لقياس الرأي العام, وخاصة المراكز البحثية العلمية, والمتخصصة في هذا الحقل العلمي والمجتمعي.
تتطلب الدورة المعلوماتية, الإستجابة الملحة لدى مركز صناعة القرار، لتغذية المجالس التشريعية, بمشاريع القوانين المنسجمة مع الإرادة الشعبية، وهذا الفعل المجتمعي, من حيث تأثيره العام, هو أقوى من التشريعات القانونية أو الدستورية, وأقوى من المجالس التشريعية نفسها، لأنه هو الذي يمنح الحكومة, الشرعية في الوجود والإستمرار، من خلال شرعية الأداء والإنجاز, لذا كان لزاماً لنجاح تطبيق القانون، أن يُصنع لها مسبقاً رأي عام، إذ لا قيمة للقوانين, إذا لم تكن منسجمة مع الرأي العام, وتستجيب لحاجاته.
مكونات الصراع المعلوماتي
إن الصراع الحضاري المعاصر، هو صراع معلوماتي إعلامي فكري وثقافي، وهو مثل أية بيئة وحقل للصراع, بين طرفيه المتناقضين، يتألف من عناصر ثلاث, في الأدبيات الإختصاصية لادارة الصراع وهي:
الإجراءات الساندة المعلوماتية ISM, Informational Support Measures,
التي تمثل الجانب الإيجابي الساند للقاعدة المعلوماتية الإعلامية، والتي تستند بالأساس, إلى إستطلاع الرأي العام والرأي العام المضاد، فيتشكل على ضوئه, مختبر صناعة الرأي العام والإعلام.
والإجراءات المضادة المعلوماتية ICM, Informational Count Measures ,
وهي الجانب السلبي في إدارة الصراغ المعلوماتي, الذي يستهدف التأثير في الطرف الآخر ومنظومته المعلوماتية, التي تشكل الرأي العام المضاد، وتتألف أدوات هذه الإجراءات, من الإعلام المضاد والدعاية المضادة والحرب النفسية.
ومن ثم الإجراءات المضادة للمضادة المعلوماتية ICCM,
Measures Informational Count to Count
وهي الجوانب السلبية والإيجابية, التي تستهدف حماية المنظومة المعلوماتية, الإعلامية والثقافية والفكرية, وبالتالي تحصين الرأي العام, من إجراءات المنظومة المضادة المعلوماتية المقابلة، سواء ISM أو ICM المقابلة, الممثلة بالإعلام المضاد, والإشاعة والدعاية المضادة المقابلة, والحرب النفسية المضادة, والتي تستهدف التأثير في الرأي العام ومساراته المرسومة, المقبولة فكراً وعقيدة وثقافة واتجاهات مجتمعية.
وعليه فإن منظمات المجتمع المدني, المهتمة بقياس الرأي العام, والتي تشكل فضاء واسعا, في التأثير فيه, ورسم مساراته وتوجهاته, فضلا عن وعي مزاجه وحاجاته, تكون معنية بشكل مباشر, في إدارة الصراع المعلوماتي, وكونه الأداة التي يستجيب لها الرأي العام, في مستويات الإستراتيجية الوطنية العليا, بمرتكزاتها في السياسة والإقتصاد والإجتماع والأمن.
وبالتالي ستكون هذه التنظيمات المجتمعية, مؤهلة للتعبير عن رغبات الناخبين, وعموم الكتلة الشعبية, والقدرة على إيصالها الى مراكز صناعة القرار, وبالتالي توجيه أداء الحكومة, وفق بوصلة الصوت الشعبي, في الإستجابة لمطالب الشعب المشروعة, وبخلافه ستكون الحكومة قد فقدت مصداقيتها, وبالتالي لشرعية الإنجاز, وحق البقاء في السلطة.
الإستطلاع الميداني للرأي العام
يعبر عن جزئية الإستطلاع الميداني, في أدبيات الرأي العام، بوسائل وأدوات قياس الرأي العام، إذ تمثل نتائجه, تقييماً لنجاح أو فشل هندسة الرأي العام، والذي على أساس مخرجاته البحثية الميدانية, تقدم الجهات القائمة بالإستطلاع, مقترحاتها للمؤسسات المعنية, في الدولة والحكومة, أو سواها من الأنشطة ذات العلاقة, ليجري التعديل في الخطط والآليات, وخاصة ذات الطبيعة الإستراتيجية, أو لتطوير القرار الإستراتيجي.
ويجري ذلك وفق ما يعرف بالتغذية المرتدةFeed Back ، التي تتولى مساراتها, منظمات المجتمع المدني المعنية, على أساس نتائج قياس الرأي العام, والذي تعبّر مخرجاته, عن الموقف الشعبي العام واتجاهاته، وبالتالي تضمينه في الدورة التخصصية, لصناعة الرأي العام, أو بعبارة أخرى, تلبية مطالبه المبينة في التغذية المرتدة, وإعادة تشكيله وإننتاجه وفقها.
آليات وطرائق قياس الرأي العام
يجري قياس الرأي العام عادة, من خلال البحوث الإجتماعية, التي تعتمد على المسوح الميدانية, لاستطلاع رأي شريحة منتخبة أو عشوائية، لجهة الموقف الشعبي, من ظاهرة أو فعالية سياسية, أو تغيير مرتقب, أو حالة تمس الوضع العام, في جوانب الاقتصاد ومستوى المعيشة, أو قضايا الثقافة، أو لقياس قبول أو رفض, لمشروع سياسي أو تشريع قانوني، يتم مسحه مجتمعيا, وفق قواعد وأصول البحث الإحصائي, وذلك ما تقوم المنظمات المجتمعية بقياسه, وتتولى تحسسه والإستشعار بمساراته.
وتجري دراسة النتائج الإحصائية في القياس وفق شطرين، الأول العملي الذي يتضمن جمع المعلومات ميدانيا, من الطرائق الميدانية المختلفة، والثاني النظري الذي يجري فيه جمع النتائج وتبويبها وبيان مؤشراتها وخلاصتها، ومن ثم الدلائل التي تفضي إليها, والاستنتاجات المترتبة عليها، والتوصيات المنتهية إليها.
وترتكز المسوح الميدانية للبحوث الاستطلاعية لقياس الرأي العام, على إختيار الموضوع، إختيار الوسط، تحديد العينات، صياغة الأسئلة وتسلسلها، الاختيار التجريبي، أجراء المقابلات، استخلاص النتائج، ومن ثم يجري عرض النتائج واتخاذ القرارات.
تجري عمليات قياس الرأي العام وفق أسلوبي الإتصال أو الملاحظة ، إذ يشمل أسلوب الاتصال, جميع الطرق التي يجري فيها القياس بالتماس المباشر, مع عينات البحث الميداني، وذلك يجري إما بطريقة الإستبيان أو بطريقة المقابلة, أما أسلوب الملاحظة, فهو ينجز نفس المهمة, ولكن دون التماس المباشر مع عينات البحث, وذلك من خلال القياس عن بعد.
وستنصرف الحلقة القادمة من الدراسة, الى التعريف بطرائق قياس الرأي العام, وأساليبه وأدواته, وبالتالي الى تقويمها وأساليب المفاضلة بينها, نسبة الى مزايا وتحديدات كل منها, والظروف الأكثر ملاءمة, لأختيار الأمثل فيها.
عملية تقييم "الراي العام"
تجري هذه العملية في "المراكز الدولية أو الوطنية المتطورة, لرصد وهندسة الراي العام"، بشكل آلي وطوعي, وبشكل مخرجات بحثية علمية وإحصائية, تجري حساباتها, بواسطة البرامج التقانية الألكترونية المحوسبة للمنظومة المتكاملة، وتقدم النتائج والمقترحات الإجرائية على شكل مخرجات لها، فيما تتغذى المنظومة بجميع المعلومات ذات الصلة, من جميع المصادر، الميدانية المتغيرة أو الثابتة, ويجري تحديثها باستمرار, تبعا للمتغيرات والمؤثرات, مع جميع الخيارات المتوقعة والمفضلة المخطط لها، بشكل مدخلات للمنظومة"I2C4" .
ويمكن التعبير عن هذه العملية, إستقرائيا وصفيا, بمقارنة الحالتين، "الحالة المخطط لها أو المقبولة", و"الحالة الواقعية على الارض, وقت الاستطلاع", وفي حالة التناقض بين الحالتين "القضيتين"، والذي يعبر عنه رياضيا, بأن تكون نتيجة الفارق رقما موجبا, وليس "صفرا", يجري اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعديل مسار الرأي العام, في الإستجابة لحاجاته وتطلعاته, وحل المعاضل المؤشرة فيها، من خلال الأنشطة الإعلامية الصحفية أو الندوات والحواريات والحلقات النقاشية، فضلا عن اتخاذ الخطوات الاجرائية العملية, إستجابة للمطالب العامة، المتضمنة في نتائج المسوح الميدانية "الاستطلاع"، أو المعبر عنها خلال المنظمات المجتمعية المدنية ووسائل التعبير الاخرى المباشرة أو خلال الإعلام.
مداخلة حول "التنبوء المستقبلي والرأي العام"
التنبوء المستقبلي، من الآليات المتقدمة في الإدارة العلمية الحديثة، يتم دراسته وتنفيذه والاستدلال إليه بطرق إحصائية ورياضية منطقية، وهي عملية تمكّن من تنظيم البحث العلمي بجوانبه المختلفة من اللازم والملزوم والملازمة، لأن كل شيء تحف به هذه الأمور الثلاثة, سواءَ التغيرات الطبيعية أو المجتمعية, فيكون التحليل قد أحال جزئية التنبوء المستقبلي, إلى أدوات الاستدلال المنطقي غير المباشر، وذلك بإقامة الدليل على ما يلازم المطلوب لإثباته، فالملازمة في إستدلال "الرأي العام المستقبلي", تستوجب برهاناً فلسفياً على اللازم, وهو السلوك الحالي أو في المرحلة السابقة لعناصر الرأي العام وشواهده، لغرض استخدام الدليل المنطقي في وصف الملزوم, وسلوك الرأي العام المستقبلي للمرحلة أو المراحل القادمة، على قاعدة في التفكير والعقل، قريبة من "النقيضان لا يصدقان معاً ولا يكذبان معا"ً.
كما ويمكن التنبوء بوقوع الحوادث قبل وقوعها, بارجاعها الى "مبدأ الحتمية" من العلوم التجريبية العقلية، إذ تؤدي الاسباب ذاتها، في الظروف ذاتها، الى النتائج ذاتها، وهو "القانون العقلي الخامس عند المناطقة" , من خلال مواءمتها وأدبيات المعلوماتية وعلم الاتصال والإعلام.
وعيه فإن آليات وأنشطة قياس الرأي العام, ومن ثم إعادة تشكيله, وفقا لمتطلبات الكتلة الناخبة, أو المجتمع عموما, فضلا عن إشتراطات الإستراتيجية الوطنية العليا, في المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية, والدفاع والأمن الوطني, تعد من المهام الخطيرة, التي ينهض بها المجتمع المدني, ومكوناته من المنظمات غير الحكومية حصرا, والتي على الدولة والحكومات, أن تتعامل معها, كتغدية مرتدة, لقياس شرعية الإنجاز للحكومة, ومدى نجاحها, في تنفيذ برامجها التي قدمتها في حملاتها الإنتخابية, فضلا عن متطلبات الغايات الوطنية العليا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا