الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلقة التاسعة من السياسة البريطانية في العراق عشية 14 تموز

وصفي أحمد

2013 / 10 / 5
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


درء المخاطر ... ومأزق النظام
بما أن الخطر الحقيقي على النظام , الذي تمثله بشكل رمزي المعارضة الحالية , يأتي من خارج البلاد , فإن هناك حدوداً لا يمكن لأي حكومة عراقية أن تفعله عبر اجراءات إيجابية داخل البلاد من أجل خفضه . إنهم يدركون أن التطور الاقتصادي ساهم بالفعل في الاستقرار , وأن عليهم ان يمضوا قدماً بهذا التطور ويمدوا نطاقه على نحو واسع وسط السكان ككل . ويرى كثيرون منهم أن هناك أيضاً أفقاً كبيراً لإجراءات اجتماعية واقتصادية تدريجية و هم مساعدون للشروع بها . وبمرور الوقت سيكون بالإمكان التطلع غلى خفض متواصل في حجم الفقر الشديد في الريف , وخصوصاً في الجنوب , وأيضاً في أحياء الصرائف المحيطة بالمدن الكبيرة . ومع ذلك , لا توجد مؤشرات كثيرة على أن هذا سيحدث بالسرعة التي يتطلبها الوضع . فالسياسة الاجتماعية للبلاط ولنوري السعيد هي بالأساس على المدى البعيد . وهي تقوم على حقيقة أن زعماء العشائر وغيرهم من مالكي الأراضي , مع ما يمكن ان يمارسوه من نفوذ على رجال عشائرهم ومستأجري أراضيهم هم القوة المهمة الداعمة للاستقرار في البلاد , والقوة التي سيكون من الخطورة استعداؤها إلى أن يصبح الاقتصاد و المجتمع في العراق أكثر تنوعاً وأكثر حداثة ما هما عليه الآن . ومع ذلك , وبما أن الضغوط على الموازنة الوطنية للعراق كبيرة جداً وستصبح أكبر عندما يتعيّن دعم موازنة الإتحاد العربي أيضاً , لن يمكن تنفيذ معظم الاجراءات التدريجية إلا بالتدخل في حقوق مالكي الأراضي أو رفع الضرائب عنهم . إن فشل الحكومات المتعاقبة في القيام بخطوة غير محببة كهذه بجرأة و شجاعة يغذي القناعة العامة بأنهم ( الحكام ) ليست لديهم أي نية في اتخاذ اجراء حاسم للتخفيف من الفقر بل أنهم لا يرغبون إلا في منح الأثرياء الفرصة لأن يصبحوا أكثر غنى . وتولد هذه القناعة من دون شك موقفاً لدى الناس الأكثر فقراً يمكن لناصر و المعارضة أن يستغلوها بالرغم من ذلك , لا أعتقد أن الفقر أو غياب فرص اقتصادية سيؤدي بحد ذاته , طالما يتدفق النفط , إلى نشوء وضع متفجر . إن الخطر الأكبر في الميدان السياسي وفي تلاعب عبد الناصر بمشاعر الاحباط الناجمة عن غياب منافذ التعبير الحر والنشاط السياسي . فالاستياء من الحرمان من الحريات السياسية يفسر من دون شك الكثير من أسباب عدم شعبية النظام وشعبية عبد الناصر . لذل فإن احدى المسائل المهمة هي ما إذا كان بعض الضغوط على النظام يمكن التخفيف منه بإعطاء المزيد من الحريات السياسية , أي بالاستجابة إلى المطلب الأساسي للمعارضة . إن تخفيفاً كلياً للقيود الحالية على حرية التعبير بالترابط مع انتخابات حرة كلياً سيؤدي في فترة قصيرة جداً إلى حدوت فوضى وربما ثورة . ولكن كل خطوة صغيرة في هذا الاتجاه لن تؤدي إلا إلى زيادة الضغوط نحوها , ويمكن تفهم التردد الذي أبداه البلاط والحكومات المتعاقبة – أن الخطوة التي يحتمل على الأكثر أن تشيع فوراً الشعور بالرضا والتي يمكن أن تؤدي – إذا كانت ناجحة إلى تهدئة تدريجية , هي تشكيل أحزاب سياسية . والسبب المشار إليه في الفقرة ( 2 ) أعلاه , أن هذا ليس بتطور سيلقى الترحيب من البلاط . ويجب الاقرار بأنه ستكون لدى البلاط أسباب جيدة للاعتقاد بأن نتائجها العملية لن تكون مفيدة , لأن من المشكوك فيه بأن احتمال أن تؤدي إلى تحقيق استقرار سياسي أكبر سيفوق ما جرى عندما سمح للأحزاب في السابق . فالعراقيون , مثل معظم العرب , يجدون صعوبة في خلق التماسك الذي يمكن للأفكار وليس الأشخاص يمكن أن يمنحوه , بل أن الوضع الحالي في العراق أيضاً لابد أن ينتج ما لن يكون في الواقع سوى حزبين , أولئك الذين يؤيدون النظام والسياسات الحالية , وأولئك الذين يؤيدون عبد الناصر . وبما أن المجموعة الأخيرة ستميل نحو الانحدار نحو التمرد , فقد تبرز الحاجة إلى قمع حزبهم خلال فترة وجيزة ولن يجري كسب أي شيء إطلاقاً سوى زيادة في المرارة ضد الحكومة . لكن , مرة أخرى , يجادل الكثير من العراقيين المعتدلين بأن بعض التنفيس للمشاعر هو أمر ممكن ومرغوب على السواء وانه سيكون بالإمكان ابقاء المعارضة ضمن حدودها . وأميل إلى وجهة النظر بأن هذا شيء يستحق أن نجربه . وعلى الرغم من أن المخاطر واضحة , اعتقد أنها أقل من تلك التي تنجم عن مواصلة القمع السياسي بشكل كامل . وصحيح أنه إذا أمكن لواحد أو أكثر من الأحزاب اليمينية أن تطور قادة يملكون جاذبية تجاه الجزء الواعي من السكان , فإنهم قد يمتصون بعض السموم الموجودة في النظام ويوفرون على البلاط الكراهية التي جلبها له إبقاء اجراءات قمعية . وقد جرّب نوري السعيد هذا النهج في الماضي لكنه فشل في ظل ما كان على الأرجح ظروفاً سياسية أقل صعوبة , إذ أن الرئيس عبد الناصر لم يكن حينها يقف في أعالي الفرات , وليس مستبعداً أن يتمكن رجل أقل سناً يملك قوة الشخصية وسعة الأفق ذاتها ولكن مع جاذبية أكثر مع الجمهور , من تحقيق النجاح في المستقبل . كل ما يمكن أن يقوله المرء هو أن مثل هذا الشخص لم يبرز بعد . وهناك بضعة رجال في الحياة السياسية ربما توجد لديهم بعض السمات المرغوب بها , مثل خليل كنة , الرئيس السابق لمجلس النواب , وسعيد قزاز , وزير الداخلية . لكن الأول رغم كونه يمتلك عزيمة و قوة , فإنه يعتبر موالياً لسنة لدرجة تجعله غير جذاب للشيعة ويستعدي آخرين بسبب طموحه المكشوف لأن يخلف نوري السعيد . أما الثاني , فبالرغم من كونه يحظى بشعبية نسبياً وبعيد النظر , فإنه كردي لا يمكن أن يستجيب لعواطف النزعة العروبية ويعبّر عنها في العراق . أما بالنسبة إلى د . فاضل الجمالي , فإنه بالرغم من خصاله التي تدعوا للإعجاب من شجاعة و نزاهة , ليس كبيراً بما يكفي وليس رجلاً يملك مقدرة تكفي لقيادة هذا البلد المضطرب من دون خبرة نوري السعيد وراءه . يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ


.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا




.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟