الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة الوعي وعودة الإبن الضال

بدرالدين حسن علي

2013 / 10 / 10
الادب والفن


عودة الوعي وعودة الإبن الضال
بقلم : بدرالدين حسن علي

درست على مدى سبع سنوات ضمن ما درست مادة النقد المسرحي بالتركيز على كتاب المسرح السودانيين والعرب والإفارقة وفي شتى دول العالم . هناك كاتب مسرحي واحد أتعبني كثيرا ، وهو توفيق الحكيم ، ولذا قرأت جميع أعماله الروائية والمسرحية والسينمائية والقصصية : شهر زاد ،بيجماليون ، الملك أوديب ، سليمان الحكيم ، عودة الوعي ، عودة الروح ، الأيدي الناعمة ، عصفور من الشرق ، يوميات نائب من الأرياف وأشياء أخرى سقطت من الذاكرة ، وكان أستاذ النقد المسرحي د. أحمد حسن عيسى مجنون توفيق الحكيم يسميه " أبو المسرح الذهني " .

في السينما رغم رحيله الفاجع ما زلت مبهورا به وبمدرسته الرائعة ، ذلكم هو يوسف شاهين ، هذا رجل رائع وعظيم بحق وحقيقة وأيضا شاهدت له العديد من الأفلام السينمائية مثل : باب الحديد ، إسكندريه ليه ، إسكندرية كمان وكان ، حدوته مصرية وهي فوضى وعودة الإبن الضال الذي أخرجه عام 1976 والذي أكاد أحفظه عن ظهر قلب بمثلما أحفظ أشعار صلاح جاهين ، وما زلت أسمع ماجده الرومي بصوتها الشجي المفرح وأعشق محمود المليجي وشكري سرحان وهدى سلطان وهشام سليم والرائعة سهير المرشدي ، ولا أخجل أن أقول أن يوسف شاهين هو" أبو السينما المصرية " .
الآن بدأت الأحوال تهدأ قليلا في جمهورية مصر العربية، أعداد تزيد هنا وتنقص هناك ، ومع هدوء الأحوال إلى حد ما عاد الإهتمام بالمسرح والسينما في السودان ومصر ، واهتمامي بالمسرح السوداني لم يتوقف على الإطلاق ، لأن جميع العاملين في المشهد المسرحي السوداني يعانون ، كما عانى الكبار أمثال الفكي عبد الرحمن ، مكي سنادة ، صلاح تركاب ، عثمان قمر الأنبياء ، عثمان جعفر النصيري ، يوسف خليل ، الفاضل سعيد ، يوسف عايدابي ، حمدنالله عبدالقادر ، حسن عبدالمجيد ، هاشم صديق ، عوض صديق ،عبدالهادي الصديق ، محمد رضا حسين وغيرهم ، ومع ذلك يتمسرحون ويضحكون ويشخصون ويسخرون ، وبدأت الحياة تعود قليلا إلى المسرح السوداني رغم الظروف الصعبة التي يعيشها أهل المسرح ، بل حقيقة التي يعيشها الشعب السوداني .
في غمرة هذه الظروف الصعبة شاهدت المسرحية السودانية " النظام يريد تغيير الشعب " وهو الإسم الذي طالب به الجهاز الأمني ، حيث لا يخفى عليكم أن الإسم هو " الشعب يريد إسقاط النظام " عرض مسرحي يحكي الواقع السوداني ، ويسلط الضوء على الأوضاع السياسية التي تشهدها الساحة السودانية في إطار ساخر ! وتشكل المسرحية عودة الحراك المسرحي وتفاعله مع القضايا السياسية وتذكرت تلك التغييرات التي كان يطالب بها جهاز الرقابة في السودان على مسرحيات مثل : حكاية تحت الشمس السخنة ، المشي على الرموش ، نبته حبيبتي ، الزوبعة ،حصار الخرطوم وحتى مسرحية الفاضل سعيد " أكل عبش " لم تسلم من ذلك .
شاهدت المسرحية فضحكت من كل قلبي ، ليس فرحا وسرورا وإنما تذكرت ذلك التاريخ الرائع العظيم للمسرح السوداني في ستينات و سبعينات القرن الماضي ، وقرأت الكثير من المقالات النقدية عن المسرحية وسررت لعودة الجمهور السوداني للمسرح ، فرحت نعم ، ولكن حزنت كثيرا للأوضاع المؤلمة التي يعيشها كبار فطاحلة المسرح أمثال مكي سناده ، ابراهيم حجازي ، صالح ألأمين أحمد ، صلاح تركاب ، محمد شريف علي ، تحيه زروق ، وقائمة طويلة من أبرز الفنانين المسرحيين السودانيين ،لا أحد ينكر عدد المسارح التي بنيت ولكنه يعشعش فيها الطير ويسكنها البوم ، أفلأجل هذا صرفت عليها تلك الأموال الطائلة ، الوضع مأساوي بمعنى الكلمة ، والمسرحيون يقولون نصف الحقيقة ، فجهاز الأمن يراقب حتى الذباب في حركته وبحثه عن قطعة سكر في زمن إختفت فيه سلعة السكر ، وأصبح السكر قاصرا على أصحاب البنايات الشاهقة .

في مقابل ذلك حزنت كثيرا لحالة من الركود يشهدها المسرح المصري – حاليا – والسوري والعراقي أيضا ، فلا جديد يقدم علي خشبة المسارح منذ فترة طويلة، فمسارح الدولة شبه متوقفة كما قال الأستاذ عيد عبدالحليم ، وإن وجد لها نشاط، فهو هامشي لا يكاد يسمع به أحد ، فتذكرت عمالقة أمثال كرم مطاوع وسعد أردش ونبيل الألفي ، نجيب سرور ، جلال الشرقاوي ، شوقي خميس ، سناء جميل ، سميحه أيوب ، سهير المرشدي ، محمد صبحي ، الفريد فرج ، محمود دياب ، على الراعي ، السيد راضي ، لينين الرملي ، عادل إمام ، فؤاد المهندس ، نعمان عاشور وغيرهم ، وتذكرت أيضا كبار فناني المسرح في العراق وسوريا القباني ، جورج أبيض ، دريد لحام ، طلحت حمدي ، سعد الله ونوس ، عمر حجو ، محمد الماغوط ، وليد إخلاصي وغيرهم ، وفي العراق حقي الشبلي ، عوني كرومي ، قاسم محمد ، سامي عبد الحميد ، سامي قفطان ، ابراهيم جلال ، سعديه الزيدي وغيرهم ، وإنه لأمر يدعو للمناقشة أن المسرح يمضي قدما في الشارقه مثلا ويتدهور في بلدان عربية رائدة في فن المسرح .
والأزمة ليست وليدة اليوم، بل هي نتاج تراكمات عدة وتعدد أخطاء باتت تدمنها المؤسسة الثقافية الرسمية، أخطاء في الإدارة، وأخطاء في القائمين علي إدارة العملية المسرحية، بالإضافة إلي ضعف التمويل المالي الخاص بإنتاج العروض.
وهذا أدي بالتالي إلي هروب عدد كبير من نجوم المسرح إلي التليفزيون والسينما هجرة نهائية نظرا للإغراءات المادية والانتشار الجماهيري.
كذلك فإن القائمين علي العملية المسرحية لم يحاولوا تجديد خطابهم المسرحي، لدرجة أن المسرح المصري لم يقدم عرضا له قيمة منذ أكثر من خمس سنوات اللهم إلا بعض المحاولات التجريبية للينين الرملي وبعض المخرجين المتميزين أمثال ناصر عبدالمنعم وعصام السيد وإميل شوقي وغيرهم.
كما أننا نجد عودة إلي النصوص القديمة علي الرغم من مئات المسرحيات التي طبعت في الهيئة المصرية العامة للكتاب والهيئة العامة لقصور الثقافة وغيرهما من دور النشر لكتاب جدد وآخرين مخضرمين.
وهنا لابد أن نتساءل لماذا لا يتم استغلال مثل هذه النصوص وعدد كبير منها يحمل درجة عالية من الجودة؟
والجواب واضح أن الشللية والمحسوبية مازالت تسيطر علي الهيئات الثقافية، وهو ما نطالب بضرورة تغييره خاصة بعد ثورة 30 يونيو، والتي لن تستكمل أهدافها إلا باحترام العقل والثقافة وتمكين أصحاب المواهب بالمكانة التي تليق بإبداعهم الذي يمتلك حس الوثوب إلي المستقبل، كذلك لابد أن تنظر المؤسسة الثقافية إلي مسرح الأقاليم نظرة جادة، فهناك ما يزيد علي 300 فرقة تابعة لقصور الثقافة، وبها مواهب متميزة في التأليف والتمثيل والإخراج بحاجة إلي اهتمام، ولعل مستقبل المسرح المصري متعلق بنهضة هذا المسرح الإقليمي الذي كان دائما رافدا مهما للمسرح الرسمي من خلال أسماء تألقت علي خشبة مسرح الدولة.
أليس غريبا أن ينظر إلى فنان المسرح في العراق ونحن في عام 2013 باعتباره فنانا حقيرا والمسرح العراقي مسرح حقير ؟؟؟؟
أليس محبطا ومعيبا ومقززا إزدراء إشعاعات نور مثل معهد الفنون الجميلة وأكاديمية الفنون الجميلة في بغداد ؟؟؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع


.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر




.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته


.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع




.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202