الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نجوم الرقص - برنامج سوري- من سحر آسو - فيينا

هيثم حموي

2013 / 10 / 11
الادب والفن


في فيينا يُعرض في هذه الأوقات برنامجٌ ترفيهي أسبوعي اسمه “نجوم الرقص”. يشارك في هذا البرنامج نجوم من المجتمع النمساوي في مختلف جوانبه الرياضي والفني والإعلامي. ولا شك أن يشد هكذا برنامج اهتمام النساء بالدرجة الأولى لما يظهر فيه المشاركون من أزياء الرقص ورشاقة وخفة حركة وجمال ...الخ وهذا شيء طبيعي، حيث يتبارز الفنانون كأزواج رقصٍ أمام لجنة تحكيم ويخرج من الجولة من يجمع أقل عدد من النقاط، والجمهور في المنازل يمكنه أيضاً أن يشارك بالاختيار.
هكذا الحياة هنا في الغرب، مزيج من الإنتاج والبناء والترفيه والرياضة والإبداع الفني والتكنولوجي والأدبي وحتى الترف الثقافي. يعني ببساطة ما تنتجه الحرية في مجتمع ديموقراطي.
طبعاً أرجو ألا يعتقد القارئ أنني أعتبر برنامج "نجوم الرقص" هذا ترفاً ثقافياً، لا بل إنه ثقافة فعلية وحقيقية، وهو يعكس إحدى أوجه حياة المجتمع هنا.
التمس العذر هنا فحتى الآن لم يستفد السيد عمار قربي المعتقل في سجون الاحتلال "عفواً أقصد سجون الصخرة التي تتحطم عليها مؤامرات الرجعية والإمبريالية، كما تعلمنا صغاراً" من القصة أعلاه، كما لم يخفف النص حتى الآن عن آلام السيدة يزبك الكاتبة المحترمة التي تعرضت للضرب لأنها "قالت" ما قالت أمام القصر "العدلي" في دمشق يوم التاسع من مارس 2006، ولا عن آلام زملاءها وأخوتنا في المواطنة الذين كانوا معها.
أعتذر وأستطرد بأن موضوعنا هنا هو بأنني شاهدت مرةً مقاطع من البرنامج هذا، وباعتبار أن أغلبنا في الغرب يعيش كابوساً أسمه "سورية" يتألم لها يومياً ويعتصر قلبه لحالتها ومستقبلها ولشعبها وتنتابه حالات من الهستريا عند سماع آخر الأخبار من الوطن فقد تبادر إلى ذهني مباشرة برنامجٌ مماثل يمكن أن يعرضه التلفزيون السوري، حيث يقوم به رجال المجتمع السوري (نجوم الفن والرياضة والثقافة والأدب) بالمبارزة بأحسن ما لديهم لكسب الجائزة.
وتبادر إلى ذهني ... بأي شيء يا تُرى يمكن أن يتبارز نجوم المجتمع في سورية؟ وليكن ببرنامج اسمه "نجوم المجتمع السوري" أو "شيله حطّه" أو "شيلا طبّت". وباعتبار أن فناني التلفزيون والإذاعة، الممثلين والممثلات، والمذيعين والمذيعات السٍمان والسمينات، الأميين والأميات، الحاصلين على شهاداتهم بالواسطة والنقل والحاصلات، والصحفيين والصحفيات، المتلعثمين والمتلعثمات، والمزوّرين للحقائق والمزوّرات، والمختلقين للأحداث والأخبار والمختلقات، والرياضيين والرياضيات، الفاشلين والفاشلات، المحرومين من المواهب والمحرومات، والمتحدثين والمتحدثات، الملتزمين بما كتب لهم والملتزمات، والظاهرين على الشاشات الرسمية والظاهرات، والكاتبين الذين تتبناهم السلطة والكاتبات، وأبطال التحرير والبطلات من المظليين والمظليات، أو من الضباط، وجميع من يُصنَعون ليُصبحوا نجوماً، كل هؤلاء لا يملكون إلا معياراً واحداً ومؤهلاً وحيداً وهو "الولاء" وأحياناً "الإنتماء"، لذلك فإن جُلّ ما يمكن أن يتبارى به هؤلاء في برنامج ترفيهي هو المبارزة بـ "الواسطة"، فيجلس كل واحد منهم ومنهن ويتبارى أمام الجمهور بمقدار الانحطاط الأخلاقي والخلقي لواسطته - التي دعمته وتدعمه ليصبح ويبقى ويدوم - ووحشيتها وحجم إجراميتها ومقدار نهبها وربما عدد الجثث التي مشت عليها أو عدد العائلات التي شردتها أو الأطفال التي يتّمتها بجدارة أو بحجم الكرش التي يحملها كل نجم ونجمة أو بحجم كرش واسطته أو واسطتها.
أما الجمهور الكريم فلا مشكلة بتدبيره فهذا أسهل ما يمكن، فقد تم دائماً تدبير جماهير غفيرة للتصفيق والتهليل أو للضرب بالعصي والهراوات على رأس أناسٍ مهذبين محترمين.
وإليكم عينة من برنامج التسلية والترفيه لنجوم المجتمع السوري:
عندما يقول النجم للآخر: "فتح عينك أنا واسطتي نهب خلال سنوات أكثر من أربعة مليارات دولار وتمكن من تهريبها كلها إلى خارج سورية"، تواجهه النجمة المقابلة له وتقول "هذا لا شيء. لا تتبختر وتشوف حالك، فأنا واسطتي قتل عشرين ألف مدني، وفي روايات أخرى أربعين، وجمّع أكثر من واسطتك بكثير". هنا يصفق الجمهور مرحاً مؤيداً وصارخاً طالباً من الخاسر أن يخرج من الجولة ليلتقي الفائزون في الحلقة القادمة، ... وهكذا.
وهذا البرنامج - كما هو الحال في البرنامج النمساوي "نجوم الرقص" - يعبر أيضاً عن جوانب الحياة في المجتمع السوري، مزيج من الهدر والتخريب والضغط النفسي وتفشي الأمراض وتراجع العناية الصحية والتخلف في المجال الفني والتكنولوجي والأدبي والثقافي، يعني ببساطة ما ينتجه نظام الاستبداد في مجتمع مقهور مقيد لا يعرف للحرية طعم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه