الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسباب خسارة الإتحاد الوطني الكوردستاني

قاسم محمد علي

2013 / 10 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أدلت الشعوب الكوردستانية بأصواتها في الإنتخابات الپرلمانية في إقليم كوردستان في 21 ايلول عام 2013 ، وأظهرت نتائج الإنتخابات خسارة الإتحاد الوطني الكوردستاني، كما كان متوقعاً وحصل فقط على 18 مقعداً.
صوتت الجزء الأكبر من الجماهير الكوردستانية هذه المرة بوجدانها، فهنيئاً لها، والإنتصار الحقيقي كان للعملية الديمقراطية رغم جميع نواقصها وخروقاتها وتجاوزاتها، وللجماهير الكوردستانية الواعية التي توافدت بلهفة وحماس على صناديق الإقتراع.
في ظل العملية الإنتخابية الديمقراطية لايوجد هناك خسارة دائمة ولا فوز دائم، ومسألة خسارة أو فوز أي حزب في الإنتخابات ليست بمشكلة ، إذا كان ذلك الحزب يؤمن بالممارسة الحقيقية للديمقراطية وبالتداول السلمي للسلطة وفق الإستحقاق الإنتخابي. في ظل إنتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة يتوجب على الأحزاب المشاركة، إحترام قرار وإرادة الجماهير والقبول بنتائج الإنتخابات وبالتداول السلمي للسلطة. وبالتالي خسارة اي حزب في الإنتخابات ليست نهاية الدنيا، إنما من الضروري أن يقوم الحزب بمراجعة برنامجه السياسي وإعادة تنظيمه، وتقييم عمله السياسي داخل مؤسسات الدولة والحزب، بالأضافة الى تقييم الأداء السياسي لقيادته ومسؤوليه، في سبيل تشخيص ومعالجة أخطاء الحزب وتحسين إدائه السياسي للمرحلة القادمة وتطهيره من العناصر الفاسدة.

خلال إنتخابات عام 2009 حصل الإتحاد الوطني الكوردستاني على 29 مقعداً، أما في الإنتخابات الپرلمانية الأخيرة في إقليم كوردستان في 21 ايلول عام 2013 حصل على 18 مقعداً، بمعنى إن الحزب خسر نصف مقاعده. هذه الخسارة تتطلب حقاً وقفة جدية عندها. أحاول من خلال هذا المقال، من وجهة نظري وبحيادية وفي منتهى الموضوعية تشخيص بعض النقاط الرئيسية التي تسببت في خسارة الإتحاد الوطني الكوردستاني خلال الإنتخابات الأخيرة:

1- فقدان الهوية السياسية وإستقلالية الحزب
2- موافقة الإتحاد على تمديد ولاية رئاسة الإقليم لمدة سنتين في 30 حزيران عام 2013
3- أزمة القيادة داخل الإتحاد الوطني الكوردستاني في مرحلة مابعد الأستاذ جلال الطالباني
4- تفشي حجم الفساد السياسي والإداري والمالي وفقدان العدالة الإجتماعية بشكل مفرط في مناطق نفوذ الإتحاد
5- إزدياد أموال وشركات ومقاولات بعض المسؤولين والقيادات ذوي أصحاب القرار داخل الحزب
6- سعي بعض المسؤولين والقيادات ذات النفوذ السياسي وأصحاب القرار داخل الحزب وراء مصالحهم ومنافعهم وإمتيازاتهم الشخصية أبعدهم عن مهامهم الوطنية وعن خدمة الجماهير وتوفير مستلزمات الحياة لهم وتحسين أوضاعهم المعيشية
7- فقدان ثقة الجماهير بقيادات ومسؤولي الحزب وبأسلوب إدارة الإتحاد الوطني الكوردستاني للحكم
8- إنهيار مصداقية قيادات ومسؤولي الإتحاد الوطني الكوردستاني أمام الجماهير

السياسات الخاطئة للإتحاد أوقعته بين مطرقة الإنتقادات الشديدة والحادة للمعارضة وسندان الضغوطات السياسية للحزب الديمقراطي الكوردستاني. إن هذه الحالة السياسية وتأرجح الإتحاد بين هذين القطبين أفقده التوازن السياسي والهوية السياسية والإستقلالية الذاتية في إتخاذ القرارات بما فيها مصلحة الجماهير.

تمديد ولاية رئاسة إقليم كوردستان لمدة سنتين بموافقة بعض قادة الإتحاد الوطني الكوردستاني، من أجل إمتيازاتهم ومنافعهم المادية والشخصية، في 30 حزيران كان إستخفاف الحزب بإرادة الجماهير الكوردستانية وبدورها من العملية السياسية، وكان بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة في جبين إستقلالية الحزب، حيث إعتبرت الجماهير الكوردستانية هذا التمديد مخالفة قانونية والقفز على القواعد الأساسية للديمقراطية وإغتصاب حقوقها الإنتخابية.

إبتعاد الأستاذ جلال الطالباني عن قيادة الحزب بسبب مرضه أحدث فراغ قيادي وأزمة قيادة داخل التنظيم ولم تتمكن قادة الأجنحة المتصارعة داخل المكتب السياسي للإتحاد الإتفاق على شخصية مقبولة لدى جميع الأطراف ليحتل موقع سكرتير الحزب. وبالتالي لايستطيع الإتحاد الوطني الكوردستاني أن يستمر في العمل السياسي بالعزف على أنغام أسم الأستاذ جلال الطالباني لكسب الجماهير، مع كل تقديرنا وإمتنانا الى شخصية ووطنية الأستاذ جلال الطالباني، لأن الحزب هو فكر وبرنامج ومنهج وعمل سياسي بين الجماهير ويجب أن يكون في صيرورة دائمة ليواكب العصر ومتطلبات المرحلة، بغض النظر عن الأشخاص.

إزدياد حجم المحسوبية والمنسوبية وتوزيع المواقع والمناصب داخل مؤسسات الدولة والحزب ليس وفق المعايير المهنية والعلمية والنزاهة والشفافية وإنما على أساس صلة القرابة والولاء لقيادات وأعضاء المكتب السياسي للإتحاد بالإضافة الى تقديم، بعض قادة الإتحاد ذوي اصحاب القرار، الإمتيازات المادية لذويهم ومعارفهم ومؤيديهم في سبيل توسيع نفوذ سلطاتهم السياسية وقاعدتهم الجماهيرية، أدى الى هدر المال العام والى التوزيع الغير عادل والغير منصف لخيرات وثروات الشعب وفقدان نظام العدالة الإجتماعية. حجم الفساد السياسي والإداري والمالي وصل الى حد لايمكن إخفاؤه عن الجماهير، حيث بدء المواطن يشعر بالغبن والإشمئزاز والإحباط من الوضع السياسي ومن شكل إدارة الحكم الفاسد الذي رسخه الإتحاد في مناطق نفوذه على وجه التحديد. هكذا فقدت الجماهير الثقة بقيادات ومسؤولي الحزب وبطريقة إدارتهم للحكم.
من جانب آخر، هدر المال العام من أجل إشباع رغبات وملذات القيادات والوزراء ومسؤولي الإتحاد وطريقة حياتهم الإرستقراطية، كذلك إزدياد أموال وأرصدة وممتلكات وشركات ومقاولات بعض مسؤولي وقيادات الإتحاد جاوز كل الحدود المعقولة وأصبح يتردد على ألسنة الناس. من يعيش في القصور الملكية والجنائن المعلقة وتحت تصرفه جيش من الحماية الشخصية ورصيد حزبي مفتوح، كيف يمكن له أن يشعر بحال المواطن وإحتياجات المواطن والظروف المعيشية للمواطن وبحال البلد؟ وبالتالي سعي بعض قيادات ومسؤولي الحزب وراء مصالحهم وإمتيازاتهم ومنافعهم الشخصية أبعدهم كثيراً عن مهامهم الوطنية والقومية وعن خدمة الجماهير وتوفير مستلزمات الحياة لها وتحسين ظروفها المعيشية. قراءة نتائج الإنتخابات وخسارة الإتحاد هي قصاص وحكم الجماهير على الفساد وفقدان العدالة الإجتماعية وتجسد رفض الجماهير لقيادات الإتحاد التي فقدت مصداقيتها بين الجماهير.

أين موقع الإتحاد الوطني الكوردستاني من الخارطة السياسية في إقليم كوردستان لمرحلة 4 سنوات القادمة، في السلطة أم في المعارضة؟
مشاركة الإتحاد الوطني الكوردستاني في السلطة بقيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني هي بمثابة الإنتحار السياسي للحزب، لأن تشكيل الحكومة وتوزيع الوزارات والمسؤوليات يعتمد على الإستحقاق الإنتخابي، وبما إن عدد مقاعد الإتحاد هو أقل من نصف مقاعد الديمقراطي الكوردستاني، يضع الحزب في موقف ضعيف داخل الحكومة وفي إتخاذ القرارات ويسمح له بالقرار بقدر عدد مقاعده وبقدر حجمه وهذا ما يزيد بالتأكيد من غضب وسخط الجماهير عامةً وأعضاء ومؤيدي الحزب خاصةً ضد الإداء السياسي للإتحاد للمرحلة القادمة، ومن جانب آخر تزداد وتيرة إنتقادات المعارضة ضد السلطة وضد سياسة الإتحاد الوطني الكوردستاني مما يؤدي بالضرورة الى إبتعاد القسم الأكبر المتبقي من جماهير الإتحاد عن الحزب، وبالتالي يستمر الخط البياني للإتحاد بالهبوط أكثر وأكثر في المرحلة القادمة.
هذه من ناحية ومن ناحية أخرى سوف يقوم الحزب الديمقراطي الكوردستاني قريباً إعادة صياغة الإتفاق الأستراتيجي بين الحزبين (هذا إذا لم يقدم الإتحاد الى إلغاء الإتفاق من جانبه) ليتناسب وحجم الحزبين بعد الإنتخابات، مما يعني عملياً تحجيم الدور السياسي للإتحاد الوطني الكوردستاني في إقليم كوردستان وعلى مستوى العراق أيضاً. إن التبعية وخضوع الإتحاد الوطني الكوردستاني لسياسات الديمقراطي الكوردستاني يزيد من سخط وغضب جماهير الإتحاد ضد قيادتها.

الإتحاد الوطني الكوردستاني بوضعه الداخلي الحالي لا يستطيع أن يختار طريق المعارضة الفعالة أيضاً، لأن من مهام المعارضة كما هو معروف مراقبة إداء الحكومة وكشف الفساد داخل مؤسسات الدولة والدفاع عن مصالح وحقوق الجماهير بالإضافة الى ممارسة أعلى درجات الضغط السياسي على الحكومة لإبداء الشفافية في أعمالها ومشاريعها وداخل مؤسساتها، ومن مهام المعارضة الفعالة أيضاً أيصال غضب وسخط الجماهير الى داخل قبة البرلمان. هل يتمكن الإتحاد أن يؤدي هذا الدور بجدارة، وهو غارق في الفساد وعدد كبير من قياديي ومسؤولي الحزب منشغلون بتجاراتهم وشركاتهم ومقاولاتهم؟ هل يتمكن الإتحاد أن يؤدي دور المعارضة الفعالة ويدافع عن حقوق الجماهير، وهو طرف في نهب ثروات البلد لتمويل مؤسساته الحزبية والعسكرية والإستخباراتية؟ هل يستطيع الإتحاد أن يؤدي دور المعارضة الفعالة ويطالب بتوحيد الأجهزة الأمنية والعسكرية والإستخباراتية، في سبيل إنشاء جيش وطني لحماية إقليم كوردستان من إحتمال الخطر الخارجي، ومن أجل بناء جهاز أمن الدولة لتوفير الأمن للمواطن وليس لحماية السلطة، بينما هو صاحب الأجهزة الأمنية والعسكرية في مناطق نفوذه؟ وبالتالي لا ولم يتمكن الإتحاد الوطني الكوردستاني أن يتخذ دور المعارضة الفعالة والبناءة بوضعه الداخلي الحالي، وهو بحاجة الى ثورة ثقافية حقيقية داخل الحزب لتطهير التنظيم من المسؤولين والقيادات المنشغلة بالتجارة والمقاولات والشركات بالإضافة الى تطهير الحزب من العناصر الفاسدة والمشبوهة التي تمثل واجهة الحزب أمام الجماهير والإستعاضة بها بكفاءات وطاقات ومؤهلات علمية وسياسية نزيهة وشفافة تكون موضع ثقة الجماهير وتواكب متطلبات العصر والمرحلة وتنبذ عملية التكتلات والمؤامرات داخل الحزب وتنزل الى الشارع لأستيعاب الجماهير وطلبات الجماهير وتنهض بالحزب الى الواجهة السياسية من جديد ليكون موضع فخر وإعتزاز الجماهير.

وفي الختام نذكر المسؤولين والقادة ذوي أصحاب القرار داخل الإتحاد الوطني الكوردستاني، عندما ينتصر اي حزب في الإنتخابات أو في أية عملية سياسية فيكون التمجيد والتعظيم للقائد وللقيادة السياسية ، ويتجسد الإنتصار بشخصية القائد وبعبقرية القائد وجهود القيادة السياسية ، وبالتالي يعلو أسم القائد وقيادة الحزب. ولكي تكون هذه المعادلة السياسية متوازنة ومتكافئة، بالمقابل عندما يخسر الحزب، يجب أن يتحمل القائد والقيادة السياسية مسوؤلية الخسارة، ويدفعوا ثمنها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في


.. ماذا تضم منظومات الدفاع الجوي الإيرانية؟




.. صواريخ إسرائيلية تضرب موقعًا في إيران.. هل بدأ الرد الإسرائي


.. ضربات إسرائيلية استهدفت موقعاً عسكرياً في جنوب سوريا




.. هل يستمر التعتيم دون تبني الضربات من الجانب الإسرائيلي؟