الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة الاخوان

على حسن السعدنى

2013 / 10 / 13
كتابات ساخرة


أبرع طبيب فى العالم,قد لا يمكنه إدارة مستشفى صغير,كما أن عثمان أحمد عثمان,ربما لم يكن أبرع مهندس عندما أنشأ المقاولين العرب,المسألة باختصار أن هناك فارق شاسع,مابين فن إدارة مواهبك الشخصية,وفن إدارة مواهب الآخرين وعيوبهم كذلك,ثم الخروج بأفضل ما عندهم,والأهم هو تلافى أو تقليل مشاكلهم,فإدارة وحسن اختيار الآخرين فى حد ذاتها موهبة,حتى ولو لم تكن أنت شخصياً تمتلك أياً من المواهب الفذة التى لديهم,فمابالك بإدارة دولة مثل مصر,تمتلىء بطوفان ممن يظنون أنهم الأفضل لإدارتها,ناهيك عن مشكلاتها التى تكمن فى صناديق مغلقة,لن تملك مفاتيحها حتى ولو أتيت للحكم بالصناديق!!

وتلك هى خطيئة الإخوان المسلمين الإستراتيجية الكبرى,التى أودت بهم من فوق كراسى الحكم,الذى وصلوا إليه بعد طول اشتياق,أدمنوا فيها على مدى تاريخهم,لعبة الصراع مع السلطة الحاكمة,والظهور دائماً بمظهر المغلوبين على أمرهم,من سلطة غاشمة تنكل بهم كل فترة كلما تطلب الأمر ذلك,والغريب أن هذا التنكيل لا يأتى إلا بعد فترات من التحالف القوى بينهم وبين من فى السلطة,فيستخدمهم فى لعبته السياسية,ثم يكتشفوا فجأة أنهم كانوا مجرد سلم لصعوده فوق رؤوسهم ,فيكون ردهم عنيفاً بأعلى درجات العنف,بعد أن كان توددهم بأعلى درجات الود,لكنهم ينسون دائماً أن هذه هى عواقب اللعب على كافة الأحبال,وهى السقوط المدوى لأسفل سافلين!!

حدث لهم هذا مع نظام الملك فاروق,ثم مع نظام عبدالناصر,ثم مع نظام السادات,حتى ارتضوا لأنفسهم دور "المحلل" السياسى فى عهد مبارك,فلعب بورقتهم جيداً مع أمريكا والغرب,وهم كانوا يعلمون بذلك واستغلوه أحسن استغلال,حتى استخدمهم المجلس العسكرى,وهم يظنون بأنهم هم الذين يتلاعبون به,لعبة شد وجذب قديمة وحديثة,لكن وحدهم الإخوان هم الذين يدفعون ثمنها فى النهاية!!

لكن فى ظل كل تلك المناورات,نسى الإخوان الحقيقة الأهم التى تخصهم دون غيرهم,وهى أنهم بالفعل مستبعدون منذ زمن طويل,من أى مناصب قيادية أو إدارية فى أى من مفاصل الدولة الرئيسية,فأى إخوانى مهما بلغت درجة تميزه العلمى,هو محدد فى موقعه سواءً فى جامعة أو فى وزارة أو جهاز,وبسقف معين من التقارير الأمنية,ناهيك عن منعهم من الإنخراط فى سلك القضاء أو الشرطة أو الجيش أو الخارجية وكذلك الإعلام,باختصار كان الإخوان بعيدين كل البعد عن كل أجهزة الدولة السيادية,أومناصب الدولة الإدارية العليا,فى وزارات مهمة كالتموين والنقل والمالية والتخطيط!!

إلى هنا ويبدو الأمر تحيزاً ضد الإخوان,لن نناقش فى هذه النقطة فربما للإخوان حق فى الوطن,لكن للأجهزة الأمنية وجهة نظر,خصوصاً بعد اغتيال السادات على يد الجماعات الإسلامية,وقد اتضح مؤخراً مدى الإرتباط الفكرى,بين الجماعات الجهادية والإخوان,وبالنظر إلى من التف حول محمد مرسى فى أيامه الأخيرة,نكتشف أن كل الطرق تؤدى إلى العنف,كما أن الإخوان الذين لم يحاولوا الانخراط مع باقى القوى السياسية,ضد إعادة عسكرة الدولة أيام المجلس العسكرى,لكنهم ظلوا دائماً يلعبون على وتر الدولة المدنية كلما كان ذلك فى مصلحتهم,وعلى وتر الدولة الدينية كلما أرادوا استدعاء أغلبية الصناديق!!

لكن بعد كل هذا الاستبعاد من المناصب الإدارية,أو ببساطة الجهل الإدارى للإخوان,وما أدراك به فى دولة مشبعة بالمشكلات مثل مصر,نجد الإخوان يتناسون كل تلك الحقائق,ويضعون أنفسهم فى صدارة المشهد السياسى,بل ويحنثون بعهدهم بعدم تقديم مرشح رئاسى,فإذا لم يكونوا على علم بكم المشكلات التى تنتظرهم,فهم بالفعل غير أهل لتلك المسئولية,أما إن كانوا يعلمون بها وأصروا على المضى قدماً,فهذا يخرج من باب السذاجة السياسية,ويدخل فى باب الغباء السياسى المطبق!!

لكن السؤال الذى يطرح نفسه,بعيداً عن التربص الإعلامى والدولة العميقة,وإعادة عسكرة الدولة ولماذا لم يأخذ الرئيس فرصته الكاملة حتى نهاية مدته,تلك الاسطوانات التى يرددها السذج,أعتقد أن كل هذا كان يجب أن يوضع فى الحسبان لدي الإخوان أولاً,لو كان عندهم أى حس سياسى,لكن السؤال الأهم : ما الذى أجبر الإخوان على وضع أنفسهم فى كل ذلك؟؟,وعدم الاكتفاء بكونهم قوة انتخابيه فاعلة,ترجع كفة من يريد الوصول للسلطة,اللهم إلا سرعة القفز عليها قبل أن يعاد ترتيب الأوراق,وتجد قوى أخرى قاعدة شعبية قوية لها,أو أن يعود الوضع كما كنت قبل 25 يناير,وقد حدث هذا بالفعل!!

تخيل معى لو أن الإخوان قد انفتحوا قليلاً على قوى أخرى,وانخرطوا معها ووقفوا خلف مرشح ثورى بكل قوة,فى نظير دفع كوادرهم فى الصف الثانى من الجهاز الإدارى للدولة,ولمدة فترتين رئاسيتين على الأقل أى 8 سنوات,يكونوا فيها قد تعلموا فن الإدارة الحقيقية للدولة,وأسرار ودهاليز نظامها الحكومى العتيق,بعد أن أُبعدوا عنه فى مجتمع كثير المشاكل,ثم يفكروا بعد ذلك فى الدفع بمرشح رئاسى,أو تشكيل حكومة فى فترة مستقرة لا فترة انتقالية,يمكنهم فيها تنفيذ مشروعهم للنهضة إن كان موجوداً فعلاً,وليس خيالاً يضحكون به على البسطاء من الناخبين,للوصول لسدة الحكم بأى ثمن!!

فليرحم الله الذين قُتلوا,فداءً لخطأ استراتيجى قاتل,ولست أدرى من هذا الذى وضع للإخوان خططهم السياسية,التى لايبدو أن فيها أى شىء من السياسة,بل إنها الغباء بعينه,ليقعوا هكذا فى أخطاء ساذجة,سوف يدفعوا ثمنها لسنين طويلة قادمة,وعلى رأسها أنهم استلموا مفتاح "كرار" يسكن فيه قط كبير!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصدمة علي وجوه الجميع.. حضور فني لافت في جنازة الفنان صلاح


.. السقا وحلمى ومنى زكي أول الحضور لجنازة الفنان الراحل صلاح ال




.. من مسقط رأس الفنان الراحل صلاح السعدني .. هنا كان بيجي مخصوص


.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..




.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما