الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


درس في النفاق و آخر في الصدق

مصطفى ملو

2013 / 10 / 16
الادب والفن


-عندي لك مفاجأة هذا العشاء.قالت.
-أوكي أتمنى أن تكون خيرا.
-ماذا تعني,أتمنى أن تكون خيرا؟ !
-معذرة,عنيت أن تكون جميلة كباقي مفاجئاتك الجميلة.
-أوكي.
حل موعد العشاء,فسحبت من حقيبتها شرائح من لحم الخنزير,قدمت له القطعة الأولى,التهمها على مضض مجهدا نفسه ليحافظ على ملامح وجهه عادية غير متأثرة و لا متغيرة بسبب مذاق الخنزير المسبب للاصطكاك,و ما كاد يتمها حتى ناولته القطعة الثانية فالثالثة..
حس برغبة في التقيؤ,قبل أن تفاجئه بالسؤال:
-ما رأيك في المفاجأة؟
-إنها فعلا لذيذة.
بعد هنيهة شعر بحرب بدأت تدب في معدته و بحلقه يجف و حموضة تصعد من معييه الغليظ إلى خيشومه مستحضرا منظر الحلوف المثير للتقزز و النفور,ولأنه كان يكتري غرفة تحوي في نفس الوقت مرحاضا صغيرا,فقد خاف أن ينكشف أمره أمامها إن هو توجه نحو المرحاض لإفراغ حمولته من فمه لا من مخرجه,لذا استأذنها الخروج إلى الشارع زاعما أنه ذاهب لإفراغ كيس الأزبال في صندوق القمامة.
استغل الفرصة لينفجر قيأ حتى أفرغ معدته من "ابن الحلوف",ثم عاد و وجدها ممددة على السرير تنتظره,بادرها بابتسامة منافقة متفاديا الاقتراب منها أكثر,لأن فيه كانت تنبعث منه رائحة أكره من رائحة الخنزير نفسه:
-شكرا حبيبتي,لقد كان عشاء لذيذا,وبالمناسبة فأنا بدوري أعدك بعشاء لذيذ يوم غد.
-أوكي حبيبي.
في اليوم الموالي أعد لها عشاء بالكرداس المقدد,و ما كادت تأكل القطعة الأولى ثم الثانية حتى شعرت بمعدتها تتلوى كما تتلوى الأفعى.
-كيف وجدت المفاجأة يا حبيبة قلبي؟
-أحس بألم في معدتي و برغبة في التقيؤ,ما هذا اللحم إنه لحم نتن و مقزز؟
أصابته كلماتها بالدهشة و الصدمة,قبل أن تهرول نحو المرحاض لتنفجر مخرجة ما في جعبتها من كرداس من الباب الذي دخل منه !
في اليوم الثالث,أعدت له طورطيا إسبانية بالبيض و البطاطس و كانت من ألذ ما يطلب و أعز ما يؤكل, وبعد أن أتى على كل ما في الصحن,توجهت إليه بالسؤال:
-ما رأيك في عشاء اليوم؟
وجد الفرصة سانحة "لرد الاعتبار و الانتصار لشرفه و كرامته و الانتقام منها" بعد أن واجهته بالحقيقة في اليوم الماضي و مرغت أنفه في الوحل:
-أشعر بأن معدتي ستنفجر,لم آكل مثل هذا الطعام من قبل و لم أر مثله سوءا,بالله عليك كيف صنعتيه و مم؟
-إنها La Tortilla وهي من أشهر و أرقى الأكلات عندنا في إسبانيا,يقبل عليها الناس من كل أنحاء العالم و يعجبون بمذاقها.
-أوكي,للأسف أني لم أستحسنها و لا أعرفها و لا أتمنى -حتى مجرد- تذوقها مرة أخرى(زعم ذلك أما في قرارة نفسه فقد كاد يلتهم أصابعه من ورائها على حد تعبير المغاربة).
ثم أردف:
-غدا يا حبيبتي في وجبة الغذاء سأطهو لك Pizza berbère .
في اليوم الموالي و بعد الانتهاء من أكل البيتزا سألها:
-ما رأيك في وجبة اليوم؟
-يا لك من طباخ ماهر,تمنيت لو أنك أعددت الكثير منها,أحس برغبة في المزيد.
فبهت أيم يكون البهت,بهت لصدقها أم بهت لنفاقه,هو أعلم؟ !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق




.. شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا