الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكتوبر 1917: انقلاب أم ثورة اجتماعية؟ مشروعية الثورة الروسية- الفصل السادس: مفاهيم لينين التنظيمية

إرنست ماندل

2013 / 10 / 16
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


صدرت دار الالتزام عام 1998 الترجمة العربية لكتيب ارنست ماندل " أكتوبر 1917 : انقلاب أم ثورة اجتماعية؟ مشروعية الثورة الروسية

في ذكرى الثورة، نعرف بالكتيب بنشر مقدمة الطبعة العربية ونصين: الأول تقديم للرفيق فرانسوا فركامن بعنوان " أطوار ثورة عام 1917" والثاني لماندل بعنوان " مفاهيم لينين التنظيمية "



هل فتحت تصورات لينين التنظيمية الطريق أمام تجاوزات ثورة أوكتوبر والديكتاتورية الستالنيية؟

إن إحدى الأطروحات، التي يشيع تقديمها من جانب نقاد البلشفية، تقول إن التجاوزات التي طرأت منذ عام 1917 –حل الجمعية التأسيسية، الإرهاب، إطالة مدة شيوعية الحرب- ناتجة في التحليل الأخير من تصورات لينين التنظيمية. يمكن أن نلخص هكذا التصورات التي ينسبها هؤلاء المؤلفون إلى لينين، ويعتبرونها مصادر الشر الأخيرة: الثورات "يصنعها" الحزب الثوري، وليس الجماهير. هذا الحزب ينبغي أن يتكوَّن من زمرة ضئيلة العدد من الثوريين المحترفين ممركزة إلى أبعد الحدود. إنه، بذلك، متحرر إلى حد بعيد من رقابة الطبقة العاملة، وهذه الطبقة عاجزة عن الارتفاع إلى مستوى العمل السياسي الثوري، ناهيكم عن بلوغ الوعي السياسي الثوري (1).

إن كتّابا آخرين، كلويس فيشر، يقومون بخطوة إضافية ويقولون إن تصورات لينين التنظيمية هذه، كما جرى التعبير عنها بصورة كلاسيكية في كراس ما العمل؟ أوحت بها ملامح بسيكولوجية قليلة الدماثة للشخص المذكور: حقد أعمى على القيصرية والطبقات المالكة، التعطش إلى الثأر بسبب إعدام الأوتوقراطية لشقيقه، الاقتناع بأن العنف، والإرهاب، و"إبادة العدو"، تلعب دورا أساسيا في كل ثورة.

كل هذه التأكيدات، أيا تكن تنويعاتها، هي في أحسن الأحوال رؤى وحيدة الجانب للواقع التاريخي، ولكتابات لينين والأعمال التي ألهمها أو قادها.

لينين والسلطة

قبل كل شيء، إن صورة للينين متوترا، مثل مهووس أحادي، نحو الاستيلاء على السلطة الشخصية المطلقة، لا تتناسب إطلاقا مع صورة الشخص كما تبدو من الشهادات المتعددة لأولئك اللواتي والذين عاشروه. ويلاحظ في هذا الصدد نيكولاي فالنتينوف، النقدي جدا حيال الزعيم البلشفي، أنه:

"خطأ خطير جدا، ويقترفه كثيرون، لا بل الجميع تقريبا، أن يتم اعتبار لينين كرجل حديدي، لا قلب له، ولا ينتج غير قرارات سياسية، غير مبال إطلاقا بجمالات الطبيعة، وغير حساس حيالها. لقد كان يعبد الحقول، والمروج، والأنهار، والجبال، والبحر والمحيط" (2).

إن الأهمية المحدودة بالأحرى التي كان يوليها لينين لدوره الشخصي إنما يكشفها رد فعله حين اقترحت اللجنة المركزية البدء بنشر أعماله الكاملة:

"لماذا؟ هذا غير نافع إطلاقا. فمنذ ثلاثين عاما، تمت كتابة كل ما كان يمكن تخيله، ولا جدوى من نشر كل ذلك"(3).

إن أسطورة لينين متهكم وعديم الذمة في "الصراع لأجل السلطة" تستند بوجه خاص إلى افتراء سافل كفاية تمثِّل بالتأكيد القائل إنه قبل بـ"الذهب الألماني" عام 1917 لتمويل الدعاوة البلشفية. لقد شكل ذلك الافتراء قاعدة للاضطهادات – ضد البلاشفة غداة أيام تموز/يوليو 1917 الثورية.

وفي ما يشكِّل، فضلا عن ذلك، إحدى أفضل سير لينين، يبرهن رونالد و. كلارك عن لا أدرية في هذا الصدد، حين يتوصل تقريبا على التلميح بأنه لا دخان من دون نار. لا بل روى –من دون أن يستبعد بالكامل- تأكيد موظف في وزارة الخارجية الألمانية، أن 50 مليون مارك ذهبي "جرى توظيفها" في الحركة البلشفية (4).

لكن رونالد كلارك ذاته يورد بشكل عابر البرهان الأكثر دمغا على الطابع غير القائم على أساس لهذا الافتراء: كانتا البرافدا، جريدة البلاشفة الرئيسية، بحاجة دائمة إلى المال. وقد أُطلقت نداءات ضاغطة ومتواصلة لجمع عشرات ألوف الروبلات (5). فكيف يمكن حركة تلقت عشرات الملايين من الماركات الذهبية أن تكون معدمة إلى هذا الحد؟

ما العمل؟ والسنوات 1905-1907

ثم إنه يستحيل الاستناد إلى كرا ما العمل؟ وحده –المكتوب عام 1902! للحكم على تصورات لينين التنظيمية. لا يمكن انتزاع الأطروحات التي يدافع عنها هذا الكتاب، مع بعض المبالغة بلا ريب، التي اعترف بوجودها لينين ذاته في ما بعد، من سياقها التاريخي المحدد، الخاص بحزب صغير يعمل في السرية الأكثر دقة.

لم يرفع لينين هذه الأطروحات يوما إلى مستوى النظرية العامة في التنظيم، الصالحة لكل البلدان (بما فيها روسيا) وفي كل زمان، بغض النظر عن العصر والشروط الملموسة التي ينمو فيها صراع الطبقات.

كانت التصورات البديل التي اقترحها المناشفة آنذاك تبخس تقدير ما تشكله اللاشرعية من إكراه، والتهديد الذي كانت تمثله بالنسبة لاستمرار النشاط الطبقي، ودور المركزة السياسية –الضرورية لكن الصعبة- لتجربة النضالات المتشذرة، وبوجه خاص الطابع الأساسي للنضال من أجل الاستقلال السياسي، وفي ما بعد لأجل هيمنة الطبقة العاملة في الثورة. إن الانشقاق إبان المؤتمر الثاني للحزب عام 1903، كمان ينطوي مذاك بصورة كامنة على بذور التمايز السياسي المركزي اللاحق بين البلاشفة والمناشفة بخصوص دور البرجوازية الروسية في الثورة (بات الانقسام بين هذين التيارين داخل حزب العمال الاشتراكي-الديمقراطي الروسي رسميا عام 1912) (6).

حتى في كراس 1902، ما العمل؟ نجد مقاطع ذات منحى "لوكسمبورغي-تروتسكي" بشكل واضح:

"ليس من معنى لتظيم الثوريين المحترفين إلا في علاقة بالطبقة الثورية حقا، التي تنخرط في القتال بشكل عفوي (...)"

"من المرجح أن الجميع يوافقون على أن مبدأ الديمقراطية الواسعة، يستتبع شرطين صريحين: أولا، العلنية الكاملة وثانيا، الانتخابات لكل الوظائف []. سوف نسمى الحزب الاشتراكي الألماني منظمة ديمقراطية، لان كل شيء يتم فيه علانية، حتى جلسات مؤتمر الحزب (7) [].

بعد تجربة ثورة 1909 المهمة جدا، وسّع لينين لهذا التصّور أكثر أيضا، بصورة ناقدة للذات جزئيا، عبر استخدام صورة" القضيب الملوي جدا في اتجاه ما". بما أن خصومه "لووا القضيب" –أي المحّاجة- "في اتجاه ما"، كان عليه أن يلويه في الاتجاه الآخر لإعادة التوزان):

"من 1903 إلى 1907 [...] على الرغم من الانشقاق، أعطت الاشتراكية-الديمقراطية الجمهور أوسع المعلومات حول وضعها الداخلي (محاضر المؤتمر الثاني المشترك، والمؤتمر الثالث البلشفي، والمؤتمر الرابع أو مؤتمر استوكهولم المشترك). على الرغم من الانشقاق، عرف الحزب الاشتراكي-الديمقراطي، قبل الأحزاب الأخرى، أن يستفيد من فترة الحرية العابرة لتحقيق منظمة شرعية مع نظام ديمقراطي مثالي، ومنظومة انتخابية وتمثيل في المؤتمر تبعاً لعدد أعضاء الحزب المنظمين (8).

"طبعا، يمكن السبب الأساسي لهذا النجاح (نجاح البلاشفة في ثورة 1905-1907) في واقع أن الطبقة العاملة، التي شكّل أفضل عناصرها الاشتراكية-الديمقراطية، تتميز لأسباب اقتصادية موضوعية عن كل طبقات المجتمع الرأسمالي بقدرة أكبر على التنظيم. لولا هذا الشرط، لكانت منظمة الثوريين المحترفين لعبة، مغامرة، واجهة لا شيء خلفها [...]"، ويعبر لينين عن فكرته بشكل أوضح أيضا حين يؤكد أنه:

"يبدو لي أن الرفيق رادين على خطأ حين يطرح [...] هذا السؤال:

سوفييت النواب العمال أو الحزب؟ أعتقد [...] انه يلزم إطلاقا لهذا الحل:سوفييت النواب العمال والحزب معاً [...] يبدو لي أن على سوفييت النواب العمال بوصفه منظمة مهنية أن يتجه لضم نواب العمال، والمستخدمين، والخدم، والمأجورين في الزراعة، الخ. كل أولئك الذين يريدون ويستطيعون النضال معاً لتحسين معيشة الشعب الكادح، كل أولئك الذين يمتلكون شهامة سياسية أولية، الجميع ما عدا المائة السود (9).

"(وفي المؤتمر التوحيدي لعام 1906، اتفقنا جميعا على مبدأ المركزية الديمقراطية، وعلى ضمانة حقوق كل أقلية وكل معارضة مستقيمة، وعلى استقلال كل منظمة حزبية، وعلى الاعتراف"بأن كل كوادر الحزب يجب أن يكونوا منتخبين وقابلين للتنحية، وملزمين بتقديم حساب عن عملهم" (10).

"إن مبدأ المركزية الديمقراطية واستقلال (المنظمات) المحلية يعني بالضبط حرية النقد، بالكامل وفي كل مكان، طالما لا يعيق وحدة عمل محدد [...]"(11)

"ليس من حق اللجنة المركزية إطلاقا أن تشترط على منظمات الحزب تبنّي قرارها (...). كل أعضاء الحزب مجبرون على النظر إلى المسألة بكل استقلال وبكل روح نقدية وعلى تأييد القرار الذي يحل المشكلة في رأيهم، بالصورة الأصح في إطار قرارات المؤتمر التوحيدي (...) إن منظمة الحزب تقوم الآن على قاعدة ديمقراطية. وهذا يعني أن كل أعضاء الحزب ينتخبون المسؤولين، وأعضاء اللجان، الخ، (...) أن كل أعضاء الحزب يحددون ما يجب أن يكون التكتيك (...)."(12).

إن مؤلفاً كلويس فيشر يعرف مصادره تماماً. إلا أن يتغاضى عن سابق تصور وتصميم عن هذه المقاطع من كتابات لينين، ومقاطع أخرى كثيرة تتخذ المنحى ذاته (13). وفي هذا إثبات مكشوف لافتقاد الشرف الفكري وهو معتاد على ذلك في كل حال.

لقد أقام في الاتحاد السوفييتي ما بين عام 1923 و1936 كمراسل أجنبي، لاسيما للمجلة الأمريكية The Nation. وبهذه الصفة امتدح محاكمات موسكو. وهو الأمر الذي كان مفيدا جدا لستالين والستالينية العالمية (14). وفي السيرة التي كتبها عن لينين بعد ثلاثين عاما، أورد على العكس أن: "أعمال الثأر التي مارسها ستالين ضد تروتسكي أغرقت روسيا في حمام من دم. إن محاكمات موسكو خلال الثلاثينيات، التي كانت تستهدف تروتسكي في الواقع، كلفت البلد حياة قادته الكبار (...) وفي عام 1937 جاء دور قادة روسيا العسكريين وبالآلاف، أفضل مدراء المصانع، والكتاب، والمخططين، والإداريين، (...) سوف يستحيل إلى الأبد قياس ما عادت به هذه السياسية المجنونة من كوارث على روسيا (...)" (15).

ذلك الذي جعل من نفسه في 1936-1938 محامي تلك "السياسة المجنونة" لا يرى أنه من الضروري صياغة كلمة أسف واحدة، أو اعتذار، أو نقد ذاتي. إنه يفضل الانتقال إلى الجهة الأخرى من المتراس.

بالأمس كان ستالين العبقري مواصل (سياسة) العبقري لينين. واليوم، الطاغية ستالين نتاج فرعي لميل لينين إلى السلطة الشخصية والعنف. نلاحظ ما يشترك به هذان الموقفان التعادليان: في التحليل الأخير، ستالين يتحدر من لينين، البارحة لأجل الخير، واليوم للشر.

حزب غير وحيد الاتجاه

نقع هنا على تزوير تاريخي أكثر عمومية بكثير، نجده لدى كتاب آخرين عديدين يعالجون تاريخ روسيا السوفييتات في السنوات 1918-1923 (16). أين كان إذا هذا الحزب البلشفي المزعوم أنه وحيد الاتجاه، منبثق من ذلك الاستحواذ اللينيني المزعوم للمركزة المفرطة؟

في الواقع، لم يُر يوما حزب عمالي ينطوي على هذا القدر من الاختلافات في الرأي ومن حرية التعبير، بما فيه التعبير العلني، إلا الحزب البلشفي في تلك الفترة –وبالتأكيد ليس الحزبان الاشتراكيان- الديمقراطيان الألماني أو النمساوي حتى في أفضل أوقاتهما. وفي وسعنا إيراد أحداث لا حصر لها، نكتفي بإيراد ما يلي منها:

- خلال النقاش حول ملاءمة ثورة أوكتوبر عمد زينوفييف وكامينيف، وكان من أعضاء اللجنة المركزية الرئيسيين، إلى اتخاذ موقف علني ضد قرار الأكثرية، في مقال ظهر في جريدة ماكسيم غوركي.

- خلال النقاش حول تشكيل حكومة تحالف كل الأحزاب العمالية، غداة المؤتمر الثاني للسوفييتات، اتخذ ستة أعضاء في اللجنة المركزية وعدد من أعضاء مجلس مفوضي الشعب موقفا علنيا ضد قرار الأكثرية. لا بل استقالوا من مناصبهم لإعطاء معارضتهم وزنا أكبر (17).

- صوّت ريازانوف ولوزوفسكي، وكانا قياديين بلشفيين، ضد حل الجمعية التأسيسية، في كانون الثاني/يناير 1918، في اجتماع للجنة التنفيذية المركزية للسوفييتات.

- خلال توقيع صلح بريست-ليتوفسك، اصدر "الشيوعيون اليساريون" المتحلقون حول بوخارين، صحيفة يومية للدفاع عن موقفهم الأقلي علانية.

- إن الاتجاه المسمى "مركزيا ديمقراطيا" بقيادة "الشيوعي اليساري" أوسينسكي دافع في مجلة كومونيست منذ عام 1918 عن مشروع للتسيير العمالي للصناعة مختلف تماما عن مشروع غالبية اللجنة المركزية، وقد بدأ يضعه في الممارسة، وإن بصورة تتسم بالحياء.

- عمدت المعارضة العمالية بقيادة شليابنيكوف ومياسنيكوف وكولنتاي، والتي تأسست عام 1920، على الدفاع علانية عن مواقفها الأقلية.

- في عام 1921 أيضا، اقترح القيادي في التشيكا إ.فاردين (ميغالدزه) بوجه معارضة لينين، إضفاء الشرعية على كل الأحزاب والتجمعات المعارضة التي تقبل بمنظومة الحكم السوفييتية. كان ينبغي الترخيص لهم بتقديم لوائح مرشحين منفصلة إلى انتخابات السوفييتات، وبحيازة صحافة حرة تتناسب مع أحجامهم (18).

وترمز على هذا الجو الحر رواية رواها ايليين-زينيفسكي، مفوض الشعب الملحق بالدفاع. ففي آذار/مارس 1918، انعقد أول كونفراس للجنود والبحارة في الجيش الأحمر. ولدى افتتاح الكونفراس، قُدِّم اقتراح بانتخاب رئاسة شرف مؤلفة من لينين وتروتسكي وزينوفييف. فاعترض الفوضويون. وقد تم تبني الاقتراح، لكن فقط بغالبية ضعيفة، إذ إن عددا مهما من البلاشفة صوّتوا مع الفوضويين.

وضد معارضة قادة الوفد البلشفي، وايليين-زانوفسكي، ممثلا الحكومة، فرضا كتلة من الفوضويين والبلاشفة اليساريين أن يتمتع الكونفرانس بسلطات تشريع وقرار، وفرضت الكتلة نفسها أيضا زيادة مهمة في رواتب الجنود والبحارة كانت الحكومة أعلنت إنها غير قادرة على تنفيذها (19).

ويمكن الاعتراض بأن لينين وقف بعنف –عنف لفظي بشكل أساسي لا يفضي إلى أي تدبير قمعي إداري- ضد تلك التخليات عن الانضباط.

هذا صحيح، لكن ذلك يبقى خارج الأشياء الجوهرية. لأن ما تثبته هذه الأحداث، هو أن الحزب المنبثق من تصورات لينين التنظيمية، كان من جهته غير وحيد الاتجاه، وأن الكثيرين من القادة والكوادر فيه، أكانوا عمالا أو مثقفين، احتفظوا باستقلال فكري كبير، وبروح نقدية مفرطة الحدة، وأن ممارسة هذا الحزب اليومية كانت تعكس هذا الاستقلال النقدي أكثر بكثير مما أي تربية مونوليتية (وحيدة الاتجاه) أو مفرطة في المركزية.

ينبغي أن لاحظ فضلا عن ذلك إن الهام لينين لم يكن مختلفا بشكل أساسي. ففي المؤتمر العاشر للحزب، في آذار/مارس 1921، خلال حظر التكتلات، عارض اقتراع حظر الاتجاهات أيضا. أكد بوضوح أنه حين يكون الحزب منقسما على مشكلات مهمة، يستحيل منع انتخاب قيادة على قاعدة برامج اتجاهات متمايزة.

وهو بالذات، ومرارا، حين بات في وضع الأقلية داخل القيادة، قرر تجاوزها وسعى لتنظيم اتجاه أقلي، لا بل دافع علانية عن مواقف أقلية.

لا يمكن إخفاء هذه الوقائع من دون تشويه تاريخ روسيا السوفييتات في أيام لينين.

توتر داخل اللينينية

صحيح أن في كتابات لينين وممارسته ملامح مختلفة أيضا، أبوية، وسلطوية، واستبدالية. ففي الواقع، إن مجمل نظرية لينين وممارسته التنظيميتين يبدو تحت سيطرة حركة رقّاص أوضحها وأعطى صورة عنها كل من مارسيل ليبمان، وبول لوبلان، والبحث الممتاز لستيفن كوهن، الذي سبق الاستشهاد به (20).

يمكن، في تقريب أول، أن نلخص على الشكل التالي نظرية حركة الرقّاص هذه: في أطوار الصعود الثوري، والاندفاع الصاخب لحركة الجماهير، تتغلب النبرات الديمقراطية، لا بل الفوضوية، في كتابات لينين وممارسته. وفي أطوار الانحسار الثوري، انحطاط نشاط الجماهير، تتغلب موضوعة المركزية وحلول الحزب محل الطبقة.

إن تفسير هذه الازدواجية بالماكيافلية في غير محله وغير صحيح. إنه ينطلق من مسلّمة ذات طابع علمنفسي لا يمكن البرهان على صحتها إطلاقا (21).

يمكن إذا اقتضى الأمر استبدال هذه المسلمة بمعادلها السوسيولوجي. إن لينين الديمقراطي والفوضوي قد يتصرف تحت ضغط الجمهور والطليعة العماليَّين. أما لينين المفرط في المركزية والاستبادالي فيبحث عن حل براغماتي في وضع لا تفعل فيه الجماهير عملياً.

لكن هذا التفسير السوسيولوجي لا يعطي هو الآخر لينين حقه. هو لا يعطي صورة عن مجمل تاريخ روسيا في 1918-1923. وهو لا يسمح بوجه خاص بفهم العنف شبه اليائس الذي اتسم به رد فعل لينين بدءا بعام 1922، إذا لم يكن منذ نهاية 1921، بمواجهة التبقرط المتزايد للدولة والحزب (تبقرط وعاه آنذاك). وهو لا يفسر "معركة لينين الأخيرة" تلك ضد البيروقراطية الجرموزية (*). ولا عنف مواجهته النهائية مع ستالين، ولا النبرات المشجية حقا التي لجأ إليها في تلك المناسبة:

"أنا مذنب جدا، على ما أظن، أمام عمال روسيا لأني لم أتدخل بما يكفي من القوة والقسوة...." (22)

إن أي تفسير "سوسيولوجي" لا يمكن أيضا إلا أن يتجاهل واقعة تاريخية، تصعب مع ذلك المجادلة فيها، عارض بها بول لوبلان بصورة سليمة الرواية الميكانيكية جدا لـ"الرَّقاص" كما صاغها ليبمان. في سنوات الردة، ما بين 1908، و1911، وفي النضال ضد الاتجاه "التصفوي"، أعاد لينين، على حد بعيد، جمع وتكوين الكوادر البلشفية التي سمحت لحزبه بأن يحرز الهيمنة منذ عام 1912 داخل الحركة العمالية الروسية.

الاستقلال الفكري

إن المثال الروسي يوضح قاعدة تاريخية أعم: في الفترات غير الثورية بالضبط تولد المقدمات المنطقية البرنامجية، السياسية أو التنظيمية لـ"اختراق" الحزب الثوري خلال الصعودات اللاحقة للنضالات.

إن الأطروحة القائلة بأن الحزب الذي تصوره لينين كان حزبا يسيطر فيه بشكل أساسي مثقفون برجوازيون، لا عمال، إذا لم يكن مؤلفا من هؤلاء، لا تمتلك أي أساس فعلي (23). يدافع عن هذا الرأي، على سبيل المثال، ألفرد ميير، الذي يؤكد أيضا أن المركزية الديمقراطية كانت منظومة: "اشتغلت جيدا طالما كان الحزب بقيادة زعيم قوي، يحكم بيد من حديد" (24).

إن هذا التأكيد الثاني لا يتناسب مع الوقائع أكثر مما يفعل الأول. وللبرهان على العكس، يكفي الاستشهاد بـ بيريل وليامز، المعادي جدا مع ذلك للبلاشفة ولينين:

"لقد تزايد عدد أعضاء الحزب بالتناغم مع صعود شعبية البلاشفة. عبر هذه السيرورة، تحول الحزب إلى حد أنه لم يعد يمكن التعرف إليه. ففي أوكتوبر، كان قد أصبح حزبا جماهيريا، بعيدا عن تجمع النخبة المثقفة لعام 1903، أو عن الفكرة التي تكوِّن عنه غالبا. يصعب إحصاء أرقام الأعضاء، لكن يبدو أنها تضاعفت عشر مرات، خلال العام (1917) إلى حدج تخطي ربع المليون. وفي أوكتوبر، كان الشغيلة يمثلون غالبيتهم الكبرى [...] ومن جديد، خلافا للاعتقاد الشعبي، لم يكونوا منظمين أو موحدين بشكل وثيق، مع أنهم كانوا يتمتعون على الأرجح بانسجام أكبر، وبلا ريب بقيادة أقوى من قيادة خصومهم. لكن كانت هناك فروق كبيرة في المساعي بين اللجنة المركزية، "والنخب الدنيا" المحلية في لجان المقاطعات والسوفييتات، و"النخب ما تحت الدنيا" في المنشآت. كان المناضلون القاعديون، والمتعاطفون معهم، يميلون للعمل باستقلال ملحوظ" (25).

هذا الوصف الشريف يعطي صورة عن الاشتغال الفعلي للحزب البلشفي أصح بكثير من الخرافات المتنوعة حول "المركزية الديمقراطية" في ظل لينين. إنه يسمح بأن نفهم لماذا اضطر لينين للاصطدام بقسوة بـ"رجال اللجان" هؤلاء أربع مرات على الأقل: في 1905-1906، في بداية ثورة شباط/فبراير 1917، عشية أوكتوبر، انطلاقا من 1921-1922. في المرار الثلاث الأولى، انتهى الصدام سريعا لمصلحته، بفضل الدعم الذي حصل عليه من طليعة عمالية واسعة، بما فيه خارج الحزب. أما في المرة الرابعة، فقد غاب ذلك الدعم، مع النتائج المأساوية المعروفة التي ترتبت على ذلك.

نحو تصور منسجم

لم يقدم لينين يوما تصورا إجماليا، متماسكا كليا عن الحزب ومبادئه التنظيمية. لكن يبدو، على ضوء المعطيات التاريخية، أنه كان يتقدم خطوة فخطوة في هذا الاتجاه. إن الوحدة الديالكتيكية بين النشاط الذاتي للطبقة ودور حزب الطليعة، التي هي عنصر في سيرورة التوضيح هذه، كانت تتأكد تدريجيا، إلا في "السنوات السوداء". 1920-1921 (يقول البعض 1919-1921).

يؤكد مؤلف كليوبولد هايمسون أن المثقفين والماركسيين الروس لم يتمكنوا يوما من حل مشكلة التناقض بين العفوية والوعي، بين عمل الجماهير وعمل الطليعة الملهَم والمنظَّم. مع ذلك، قدمت ثورة أوكتوبر هذا الجواب، الذي تبرزه الصيغة المصورة والكلاسيكية التي قدمها تروتسكي في كتابه تاريخ الثورة الروسية:

"من دون منظمة قائدة، قد تتبدد طاقة الجماهير مثلما البخار الذي لا تحتويه أسطوانة مزودة بكباس. بيد أن الحركة لا تأتي من الأسطوانة ولا من الكباس، بل من البخار"(26).

يبقى أن المثال التنظيمي لـ ما العمل؟ وإن طُُبِّق خلال فترة محدودة، أنتج عواقب: نموذجا من المسؤولين، "رجال اللجان"، غير القادرين كيرا على التكيف مع حركة جماهيرية صاخبة. إن رفيقة لينين، كروبسكايا، تكتب في هذا الصدد أن:

"رجال اللجان" كانوا عموما أشخاصا واثقين كفاية من أنفسهم. كان يمكنهم أن يروا التأثير الكبير الذي يمارسه عمل اللجان على الجماهير، وعموما لم يكونوا يعترفون بديمقراطية داخلية في الحزب. إنهم قد يتحججون بأن الديمقراطية الداخلية في الحزب لا تقدم إلا مشاكل مع الشرطة. "نحن مرتبطون بالحركة الفعلية". في أعماق ذاتهم، كانوا يزدرون بالأحرى مناضلي الحزب في الخارج [أي في المنفى] الذين، في رأيهم، لم يكونوا يجدون شيئا أفضل من التخاصم في ما بينهم – "ينبغي إجبارهم على العمل ضمن شروط روسية". كان رجال اللجان، ينتقدون التأثير المسيطر لمركز الخارج [أي لينين]. في الوقت نفسه، كانوا يرفضون أي تجديد. لم تكن لديهم لا الرغبة ولا القدرة على التكيف مع شروط تتغير بسرعة" (27).

على كل حال، لا يمكن فهم التاريخ الفعلي لروسيا السوفييتات بين 1918 و1923 إلا تبعا لكل هذه العناصر المتناقضة، لا لخطيئة أصلية ما عند لينين.

إن من يريد الاهتمام بتحديد أصول الستالينية يجب أن يبحث عنها بادئ ذي بدء في القوى الاجتماعية والعلاقات في بينها، وهو أمر يتناسب مع مبادئ المادية التاريخية أكثر من عدم الاهتمام إلا بميدان الأفكار. لكن بخصوص المصادر الفكرية، لا تشكل تصورات ستالين التنظيمية امتدادا لتصورات لينين: إنها تمثل على العكس نفيها الفظ والإرهابي.

إعادة إرساء الديمقراطية السوفييتية

كيف كان بالإمكان التصدي بفعالية لسيرورة التبقرط في روسيا عام 1920، وكانت بلدا مستنزفا، أصابته المجاعة، وكانت منظومة النقليات فيه مفككة بالكامل، مع طبقة عاملة انخفض عددها إلى أقل من النصف، إذا لم يكن إلى ثلث ما كان في عام 1917، أو يكاد. طبقة عاملة في الطريق إلى التسريح السريع، لا بسبب نهاية الحرب الأهلية، بل الضرورة المطلقة للحصول فرديا على المؤن. في شروط مادية واجتماعية كهذه، كانت الإعادة الفورية للديمقراطية السوفييتية، لا بل القيام بخطوات حاسمة نحو التسيير العمالي، طوبى فاقعة.

كان على قيادة الحزب والدولة أن تعطي الأولوية لإعادة إطلاق الإنتاج الزراعي قبل كل شيء، ولرفع إنتاجية العمل، وإعادة التوظيف والاستخدام.

كان خطأ لينين وتروتسكي أنهما نظَّرا للشروط الاستثنائية المؤقتة وعمّماها. منذ بداية النيب في 1921-1922، كان قد جرى إيقاف التناقض العددي للطبقة العاملة وانحداراها الطبقي. كان قد جرى عكس الاتجاه.

في تلك الفترة بالذات، كان يمكن توسيعا تدريجيا للديمقراطة السوفييتية أن يسرِّع الترميم الاجتماعي-السياسي للطبقة العاملة، بما يسهّل تسيُّسها البطيء مجدداً. لكن إذ حدَّ القادة السوفييتيون في تلك الفترة بالضبط وبصورة صارمة ما كان باقيا على صعيد الديمقراطية، فاقموا على العكس من خطر اللاتسيُّس لدى البروليتاريا والحزب (28).

يستحيل الحكم إلى أي حد كان يمكن "مسارا جديدا" فعليا" أن يتوّج بالنجاح. لكن النتائج المأساوية للسياسية التي جرى إتباعها في عام 1921 واضحة جدا بحيث يمكن الوصول إلى الاستنتاج التالي: ما كان طوباويا عام 1920 لم يعد كذلك انطلاقا من عام 1922.






إحالات

(1)ان ستيفين ف.كوهن Bolchevism and Stalinism (في: روبرت س. توكر: Stalinism-essays in historical interpretation نورتن، 1977) يستشهد بعدد كبير من المؤلفين الذين يعبرون عن هذا الحكم. والمصادر كيرة جدا بحيث يصعب نقلها هنا. فلنشر فقط، على سبيل المثال، إلى المؤلفين ميرل فاينسود، هنا ارندت، روبرت دانييلز، ميكايل كاربوفيتش، اولام، بارنغتون مور، ارثر ب.ميندل، زبيغنييو برجنسكي، روبرت هـــ.ماكنيل، الكسندر سولجنستين. واستشهاد واحد كاف لإعطاء فكرة توليفية عن حكمهم. وهو مأخوذ من ميرل فاينسود، "من الجنين التوتاليتاري ستولد التوليتارية الناجزة".

(2)ن-فالنتينوف، Encounters With Lenin اوكسفورد يونيفرسيتي برس، 1968.

(3) ل.ب. كامنييف، Lenins Literarischs Erbe هامبرغ، 1924.

(4) المرجع ذاته، ص 227

(5)المرجع نفسه.

(6) فضلا عن ذلك، لقد جرى عمليا نسيان أن المناشفة، وليس لينين، هم الذين خلقوا مفهوم المركزية الديمقراطية.

(7) لينين، ما العمل؟ المؤلفات الكاملة، الجزء الخامس، ص 489.

(8)لينين، مقدمة لمجموعة "في 12 عاما"، المؤلفات، الجزء 13، ص 102-103. في 1905-1907، شهدت روسيا موجة مهمة جدا من النضالات الثورية. كانت تلك التجربة، بالنسبة لكل المنظمات، تجربة عظمى، بالحجم الطبيعي، امتحانا –رائزا لصحة برامجها ولنوعية بناها. إن تطور تلك المنظمات اللاحق- وتطور النظام القيصري –انطبع بعمق بتلك السنوات الأساسية. انظر بوجه خاص- ت شانين، The roots of otherness: Russia’s Turn of century, Revolution as Moment of truth, Volume 2,Russia 1905-1907.

(9)لينين، "مهماتنا وسوفييت النواب العمال"، المؤلفات، الجزء العاشر، ص 11-31. "المائة السود" هي التسمية المعطاة لجمعية الشعب الروسي، إحدى المنظمات الرئيسية لأقصى اليمين التي تأسست خلال ثورة 1905-1907 لمهاجمة القوى الثورية. كانت هذه المنظمات تريد أيضا الرجوع عن تدابير الإصلاح الدستورية التي اتخذها النظام تحت ضغط الأحداث في تشرين الأول/أوكتوبر 1905.

(10)لينين، خطاب إلى حزب مندوبي المؤتمر التوحيدي، أعضاء التكتل "البلشفي" القديم، المؤلفات، الجزء العاشر، ص 327.

(11)لينين، "حرية النقد ووحدة العمل"، المؤلفات، الجزء 10، ص 466-467.

(12)لينين، "على العمال أن يقرروا"، المؤلفات، ج 10، ص 531.

(13)لوي فيشر، لينين، باريس: بورجوا 1966.

(14) بمناسبة "محاكمات موسكو" بالضبط. في الثلاثينات، استصدر ستالين الأحكام على غالبية الكوادر الثورية في الحزب الشيوعي وتولى تصفيتهم بهدف توطيد حكم البيروقراطية.

(15) المرجع ذاته، ص 462.

(16)يسهب هايمسون، من جهته، بخصوص بنوة لينين المزعومة حيال الشعبوي/الإرهابي تاشيف. لكنه لا يقول كلمة عن مواقف فيكتور ادلر وكارل كاوتسكي حول ضرورة إدخال الوعي الاشتراكي من الخارج، أي بواسطة مثقفين، إلى الطبقة العاملة. يمكن البرهان مع ذلك، بدعم من النصوص، على أن تلك هي البنوة الحقيقية للمقطع المشهور الذي جرى انتقاده كثيرا، الوارد في كراس لينين، ما العمل؟ (انظر ل.هايمسون ) The Russian Marxists and the origins of Bolchevism بوسطن، 1966، ص 16.

(17)هذا الحدث غير المعروف غالبا يستحق التفصيل: "حين صادق المؤتمر الثاني للسوفييتات على استيلاء البلاشفة على السلطة في 25 أوكتوبر، كان ثمة تفكير عام، حتى بين البلاشفة، بأن الحكومة الجديدة ستضم ممثلين من كل الأحزاب السوفيتية. وقد حاز اقتراح مارتوف، الذي طلب أن يضع المؤتمر فورا على جدول الأعمال هذه النقطة –إرساء نظام من هذا النوع-، حاز دعم لوناتشارسكي، وتبنّاه المندوبون بالإجماع (...) وكانت القيادة البلشفية الوسيطة تؤيد هذا الاقتراح بقوة. لقد جرى صد لينين في بتروغراد، وكانت منظمة مدينة موسكو، بقيادة ريكوف ونوجين، تدعم زينوفييف وكامنييف علانية. كان مكتب موسكو المناطقي، المميز بتلوينه اليساري، قد قرر القبول بائتلاف إذا احتفظ البلاشفة بأغلبية المقاعد الوزارية. في 2 تشرين الثاني/نوفمبر، بدأت النقطة المتعلقة بالائتلاف تصبح ملحة حين تبنت اللجنة التنفيذية المركزية (للسوفييتات) قرارا ينص على انه يجب أن يحصل البلاشفة على نصف المقاعد على الأقل. ولقد صوّت كل اليمين البلشفي ضد شرط الحد الأدنى هذا –كامينييف، زينوفييف،... –فضلا عن نصف مجلس مفوضي الشعب تقريبا (ريكوف، لوناتشارسكي، نوجين، ميلبوتين، تيودوروفيتش) وآخرين من بينهم لوزوفسكي والمنشفيان السابقان ريزانوف ويورينيف (...). في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر، انفجرت الأزمة. كانت اللجنة التنفيذية المركزية تناقش تدابير للحكومة بهدف كم أفواه الصحافة غير الاشتراكية، وقد انضم ممثلو المعارضة البلشفية الخائفون من خطر قيام نظام ديكتاتوري، إلى أولئك الذين كانوا يدينون القيود التي فرضت على الصحف التي لم تكن تدعو للعصيان عمليا. قدم لارين (...) مشروع قرار بهذا المعنى، وقد رفض بأكثرية 31 صوتا ضد 22، مع عدد من الامتناعات [...] وقد غادر الأعضاء الخمسة المنتقدون للينين داخل اللجنة المركزية الجلسة [...] وأعلنوا [...] فلتعش حكومة الأحزاب السوفييتية [...] انضم شليابنيكوف، مفوض الشغل، إلى هذه المجموعة في تصريح ورد فيه: "نحن ندافع عن الموقف القائل انه ضروري تشكيل حكومة اشتراكية من كل الأحزاب الموجودة في السوفييتات [...]. النص مأخوذ من ر.دانييوف "" The Conscience of the Revolution نيويورك، 1969، ص 64-66.

(18)الاستشهاد وارد في س.فاربر، مرجع مذكور، 206.

(19)أ.ف. ايلين زينيفسكي، The Bolcheviks in Power, Reminiscences of the year 1918، لندن 1948، ص 48-51.

(20)م.ليبمان، مرجع مذكور، ب.لوبلان، Lenin and th Revolutionary party، هيومانيتز برس، 1990، س.كوهن، مرجع مذكور.

(21).في رأي ل.هايمسون، كان لينين مقتنعا، أكثر من ماركس و"الماركسيين الأروذكسيين" بأن الأهواء تلعب دورا مركزيا في الخيارات الفردية والاجتماعية. لكنه كان يحذر بعمق هذه الأهواء، بما فيها أهواؤه هو. من هنا تصلبه الإيديولوجي. إن بعض الاحباطات الشخصية، لاسيما في علاقته ببليخانوف، فعلت فعلها فيه بهذا الخصوص (مرجع مذكور، ص 139، 186-187). لكن هايمسون ذاته يعترف بأنه في نهاية المؤتمر الثاني لحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي، تبنى لينين موقفا تصالحيا حيال المناشفة، لاسيما مارتوف. كان مستعدا للتراجع عن اقتراحه تعديل تركيب لجنة تحرير الإيسكرا، وتصلب مارتوف لا تصلبه هو تسبب بالانشقاق (المرجع ذاته، ص 182-183).

(*)الجرموزية هي المجهزة بجراميز (جمع جرموز)، أو مجسّات، وهي زوائد مفصلية قابلة الانمغاط والانكماش توجد عند بعض الحيوانات تمكنها من القبض على فريتها أو التماس طريقها (م).

(22)إنها الجملة الأولى من مذكرته المؤرخة في 30 كانون الأول-ديسمبر 1922 حول "مسألة القوميات أو الحكم الذاتي" حي ينتقد بعنف سياسية ستالين في هذا المجال (المؤلفات 36، ص 618). حول تلك الفترة، انظر م.ليفين، le dernier combat de Lénine باريس، 1978.

(23)حول تركيب الحزب البلشفي ذي الغالبية العمالية الساحقة، انظر، The Worker’s Revolution in Russsia- Th View from Below مرجع مذكور.

(24)أورد هذا الاستشهاد ب.لوبلان، مرجع مذكور، ص 60 و126.

(25)ب. وليامز، مرجع مذكور، ص 28-29.

(26)ل.تروتسكي Histoire de la Revolution Russe باريس، 1950، ص 35.

(27)ن.ك.كروبسكايا، Reminiscences of Lenin نيويورك، 197، ص 124-125.

(28)فلنذكر بأنه في آذار/مارس 1921، بالضبط، حظر المؤتمر العاشر للحزب التكتلات، وحد من الديمقراطية داخل الحزب. فضلا عن ذلك، إن "فوج لينين" المشهور لعام 1924، الذي تمثّل بموجة تطويع أدخلت إلى الحزب مئات الألوف من العمال غير الحاصلين على تربية سياسية وغير المتمرسين بتجربة النضال، ساهم بشكل متناقض في نزع تسيّس الحزب والبروليتاريا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا