الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تطور حفظ السلام فى منظمة المتحدة

على حسن السعدنى

2013 / 10 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


بدءا بالمنحى التقليدي لحفظ السلام ...
تعود بدايات عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام إلى عصر الحرب الباردة يوم كانت وسيلة لحل النزاعات بين الدول عبر نشر أفراد عسكريين من عدد من البلدان، غير مسلحين أو يحملون أسلحة خفيفة ويعملون بقيادة الأمم المتحدة، بين القوات المسلحة التابعة للأطراف المتنازعة سابقا. يمكن دعوة قوات حفظ السلام عندما تكلف القوى الدولية الرئيسية الأمم المتحدة وضع حد للنزاعات التي تهدد الاستقرار الإقليمي والسلام والأمن الدوليين، لا سيما منها عدد من الحروب المعروفة ’’بالحروب بالوكالة‘‘ التي تشنها الدول العميلة لدى القوى العظمى.
لم يكن متوقعا أن يحارب أفراد حفظ السلام خصمهم باعتماد التكتيك نفسه. وقد كان يتم نشرهم عموما عندما ينفذ وقف إطلاق النار وتعطي أطراف النزاع موافقتها. فقوات الأمم المتحدة تراقب الحالة على أرض الواقع وترفع تقارير محايدة حول الالتزام بوقف إطلاق النار، وانسحاب القوات أو العناصر الأخرى في اتفاق السلام. وهذا يمنح الوقت ويفسح في المجال أمام الجهود الديبلوماسية لمعالجة الأسباب الكامنة وراء النزاع.
... وصولا إلى حفظ السلام المتعدد الأبعاد
سرع انتهاء الحرب الباردة في إحداث نقلة جذرية في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام وعمليات حفظ السلام المتعددة الأطراف. وانطلاقا من روح التعاون الجديدة، أنشأ مجلس الأمن بعثات لحفظ السلام أكبر وأكثر تعقيدا، بهدف المساعدة في غالب الأحيان على تنفيذ اتفاقات السلام الشاملة بين أطراف النزاعات الداخلية. وما برحت عمليات حفظ السلام تضم عناصر غير عسكرية حرصا على تحقيق الاستدامة. فتأسست إدارة عمليات حفظ السلام عام 1992 لكي تدعم هذا الطلب المتزايد على عمليات حفظ السلام المعقدة.
لقد حققت العمليات الجديدة نجاحا. ففي السلفادور وموزامبيق مثلا وفرت عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام السبل الهادفة إلى إحلال سلام ذاتي البقاء. وقد باءت بعض الجهود بالفشل، ربما بنتيجة تقييم متفائل أكثر مما ينبغي لما تستطيع عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام إنجازه. ففي حين كانت البعثات المعقدة في كمبوديا وموزامبيق جارية، أرسل مجلس الأمن قوات حفظ سلام إلى مناطق نزاع مثل الصومال، حيث لم يتم وقف لإطلاق النار أو الحصول على رضى جميع أطراف النزاع. ولم تكن هذه العمليات تملك القوى العاملة، أو تحظى بدعم الإرادة السياسية لتنفيذ الولايات المناطة بها. وقد عاشت عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام جراء حالات الفشل، لا سيما مجزرة سريبرينيتشا عام 1995 (في البوسنة والهرسك) والإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، فترة تخفيض في النفقات وفحص ذاتي.


3- ماذا فعلت الأمم المتحدة لتحسين عمليات حفظ السلام منذ التسعينات؟
عام 1999، قرر الأمين العام كوفي عنان أن إصلاح حفظ السلام في الأمم المتحدة أمر ضروري، فأجرى تقييما شاملا للأحداث التي أدت إلى سقوط سريبرينيتشا، وأعطى التعليمات لإجراء تحقيق مستقل عن التدابير التي اتخذتها الأمم المتحدة أثناء الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994. وقد أبرزت هذه التقييمات الحاجة إلى تحسين قدرة الأمم المتحدة على إجراء عمليات حفظ سلام وبشكل خاص، على إتمام الانتشار السريع والاضطلاع بولايات تلبي الحاجات على أرض الواقع. لقد كانت عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام بحاجة إلى قواعد واضحة للمشاركة؛ وتنسيق أفضل بين الأمانة العامة في الأمم المتحدة في نيويورك وبين الوكالات التابعة للأمم المتحدة على مستوى التخطيط لعمليات حفظ السلام ونشرها؛ وتحسين التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية. لقد كانت الأمم المتحدة بحاجة أيضا إلى مساندة الجهود الرامية إلى حماية المدنيين في النزاعات.
في الوقت نفسه تقريبا، راح الطلب على تدخل الأمم المتحدة يشتد من جديد إن من حيث حجمه أم نطاقه: فاتسع نطاق عمليات حفظ السلام لكي تشمل سيادة القانون، والإدارة المدنية، والتنمية الاقتصادية وحقوق الإنسان. وفي عام 1999، أنيطت بعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام مهمة إنشاء إدارة مؤقتة في تيمور-الشرقية تمهيدا لتحقيق الاستقلال. وفي العام نفسه، اضطلعت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ببعثة الإدارة الانتقالية في كوسوفو، بعد أن انتهت الهجمات الجوية التي وجهتها منظمة حلف شمال الأطلسي ضد جمهورية يوغوسلافيا الفدرالية. وفي العامين 1999 و 2000، كلّف المجلس إنشاء ثلاث عمليات جديدة في أفريقيا (في سيراليون، وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإريتريا وأثيوبيا).
تقرير الإبراهيمي
في آذار/مارس من العام 2000، طلب الأمين العام إلى فريق من الخبراء الدوليين برئاسة الأخضر الإبراهيمي (وزير خارجية جزائري سابق)، الذي يعمل لديه كمستشار منذ فترة طويلة، إجراء دراسة حول عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام وتحديد الظروف والأوقات التي تستطيع فيها هذه العمليات أن تعمل بأقصى فعاليتها، والسبل الرامية إلى تحسينها.
فقدم تقرير1 الفريق المعني بعمليات الأمم المتحدة للسلام، الذي عرف بتقرير الإبراهيمي، نصائح واضحة حول المستلزمات الدنيا التي تضمن نجاح بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام. وقد تضمنت هذه المستلزمات وضع ولاية واضحة ومحددة، وموافقة أطراف النزاع على العملية وتوافر الموارد الملائمة.
وبنتيجة التقرير، اتخذت الأمم المتحدة والدول الأعضاء عددا من التدابير لتحسين عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام. وأجيزت إدارة عمليات حفظ السلام رفع عدد الموظفين العاملين في المقر دعما للبعثات الميدانية. فقد ساندت هذه الإدارة مكاتب المستشارين للشؤون العسكرية وشؤون الشرطة. وشكلت وحدة أفضل ممارسات حفظ السلام لتحليل الدروس المكتسبة وتقديم النصح إلى البعثات حول المسائل الجنسانية؛ وسلوك أفراد حفظ السلام؛ والتخطيط لبرامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج؛ وسيادة القانون وغيرها من المسائل. وتم وضع آلية تمويل سابقة للولاية حرصا على توفير الميزانية قبل البدء بالبعثات الجديدة، وحصلت قاعدة الأمم المتحدة للسوقيات في برينديزي (إيطاليا) على تمويل يمكنها من الحصول على مخزون الاحتياطي الاستراتيجي. وجرى تعزيز التدريب المستمر لتوفير قدرة إضافية على الاستجابة سريعا.
أعادت إدارة عمليات حفظ السلام تنظيم نظام الأمم المتحدة للترتيبات الاحتياطية، وهو عبارة عن قائمة بالموارد الخاصة التي تملكها الدول الأعضاء، بما في ذلك الموظفون المتخصصون العسكريون والمدنيون، والمواد والمعدات المتاحة لعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام. وأصبح نظام الأمم المتحدة للترتيبات الاحتياطية الجديد يؤمن قوات في غضون 30 إلى 90 يوما اعتبارا من انطلاق العملية الجديدة. كما أحرز تقدم على مستوى الجهود المبذولة لكي يحدد مجلس الأمن ولايات واضحة وواقعية.

4- ما هي التحديات التي تواجه اليوم نجاح عمليات حفظ السلام؟
هائلة هي التحديات التي تواجه عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام عام 2004. ففي جمهورية الكونغو الديمقراطية على سبيل المثال تدعم الأمم المتحدة حكومة انتقالية في بلد شاسع يكاد يفتقر إلى الهياكل الأساسية والتماسك الوطني. وهي تهيئ كوسوفو والأطراف المعنية لمحادثات الوضع النهائي. وتعمل على بناء بعثة في ليبيريا، وإدارة خفض حجم عمليات الأمم المتحدة في تيمور-ليشتي وسيراليون. في الوقت نفسه، اشتعلت أزمات جديدة وتم التوقيع على اتفاقات سلام. والالتزامات التي تقع على عاتق العديد من القوى العسكرية الأكثر كفؤاً كبيرة، لا سيما في العراق وأفغانستان، بينما لا تملك البلدان النامية التي تأتي على رأس قائمة البلدان العشر الأكثر إسهاما في الأمم المتحدة في عمليات حفظ السلام سوى وسائل محدودة.
بحلول تموز/يوليه 2004، كانت إدارة عمليات حفظ السلام، تدير 17 عملية ميدانية (16 عملية حفظ سلام وبعثة سياسية واحدة) في شتى أنحاء العالم، من بينها عملية واحدة تم توسيعها مؤخرا في كوت ديفوار، وبعثتان أنشئتا حديثا في كل من بوروندي وهايتي. وعلاوة على ذلك، كانت الأمم المتحدة تواجه احتمالات إنشاء بعثة جديدة واحدة أخرى على الأقل في السودان. ونتيجة لذلك، كان من المنتظر أن يرتفع عدد الأفراد النظامين المنتشرين في عمليات حفظ السلام خلال العام، من 000 51 فرد، في أوائل عام 2004، إلى نحو 000 78 فرد، بإضافة 500 2 جندي و 500 2 فرد من أفراد الشرطة المدنية و 500 1 مراقب عسكري. وقد تستدعي الحاجة إلى نحو 42 مسؤولا أقدم من المدنيين والعسكريين والشرطة، لإدارة تلك العمليات ميدانيا، وإلى 500 6 من الأفراد المدنيين (يضاف ذلك إلى نحو 700 9 تم نشرهم منذ أوائل عام 2004) فضلا عن الموارد المادية الضرورية من المركبات والمعدات المكتبية وأجهزة الاتصالات. ونتيجة لذلك فإن ميزانية حفظ السلام قد تصل إلى ما يقرب من الضعف: إذ قد تتطلب البعثات الإضافية ما يقدر بـ 2.38 مليار دولار فوق الميزانية المقترحة الحالية البالغة 2.65 مليار دولار للفترة 2004-2005.
وفي أفريقيا، بشكل خاص، ازدادت عمليات حفظ السلام ازديادا ملحوظا، وقد يكون هذا إيذانا بقرب نهاية عقود النزاعات الكبرى في القارة. وتوجد في الوقت الحالي سبع عمليات حفظ سلام في أفريقيا بينما يتواصل التخطيط لإنشاء عملية أخرى في السودان. وتسير الصومال أيضا نحو إبرام اتفاقات سلام، قد تحتاج إلى الأمم المتحدة لحفظ السلام فيها.
العوامل الرئيسية
بعض العوامل أساسي على الصعيد العالمي لنجاح عمليات حفظ السلام، أينما وجدت. فعلى المجتمع الدولي أن يعطي التشخيص الصحيح للمشكلة قبل وصف عملية حفظ السلام كعلاج؛ فثمة سلام يجب حفظه؛ وينبغي أن ترضى كافة الأطراف في النزاع بوقف القتال وأن توافق على دور الأمم المتحدة في مساعدتها على حل منازعاتها. يجب أن يتفق مجلس الأمن على ولاية للعملية واضحة وقابلة للتحقيق وعلى الناتج المتوخى منها. كما يجب أن يتم الانتشار بالسرعة المطلوبة.
ويتعين على المجتمع الدولي أن يكون مستعدا لمواصلة السير. ولذا يكون لزاما على الدول الأعضاء أن تستجمع إرادتها السياسية لدعم الأمم المتحدة سياسيا وماليا وعملياتيا لتمكين المنظمة من تحقيق مصداقيتها كقوة سلام حقيقية. فإحلال السلام الحقيقي يتطلب وقتا، وبناء القدرات يتطلب وقتا، وإعادة بناء الثقة أيضا تتطلب وقتا. وعلى حفظة السلام الدوليين أداء تلك المهام بمهنية وكفاءة وأمانة.
وفي ما يلي بعض من القضايا الرئيسية التي تواجهها عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام:
على مستوى العاملين: يبقى إيجاد وحدات القوات لتلبية عمليات حفظ السلام المتزايدة، وزيادة مشاركة البلدان ’’الشمالية‘‘، همًّا من الهموم الرئيسية. بيد أن تحديا أكبر يواجه طلبات توظيف الآلاف من ضباط الشرطة المتمرسين والموظفين المدنيين من ذوي الخبرات في مجالات العدل والإدارة المدنية والتنمية الاقتصادية أو غيرها من الميادين المتخصصة. يجب أن تضمن عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام أيضا غير ذلك من القدرات من قبيل الدعم الجوي التكتيكي والمرافق الطبية الميدانية وعمليات مراقبة التحركات، وهذه موارد تؤمنها عادة الدول الأعضاء الراغبة في ذلك.
وفي الحالات المثلى، قد يملك هؤلاء العاملون ملمين ببعض من المعارف عن لغة البلد المعني وثقافته ووضعه السياسي. يجب أن يكونوا أيضا جاهزين للانتشار ضمن مهلة سريعة. وقد وسعت الأمم المتحدة مؤخرا نطاق الأهلية في الشرطة المدنية لكي تشمل الضباط المتقاعدين. كما وضعت في مقدم أولوياتها التدريب وتشكيل قوائم بالموظفين الكفؤ المستعدين للانتشار السريع.
من حيث الحاجة إلى إعادة إرساء الخدمات الأساسية وقواعد الحكم: في الماضي، كان المانحون الدوليون يترددون في دفع رواتب الخدمة المدنية أو تكاليف المعدات المكتبية الأساسية في الإدارات المحلية. بيد أن توافق الآراء آخذ في التزايد حاليا حول الحاجة إلى دعم الخدمات العامة الأساسية، بما فيها الخدمات على مستوى القضاء والإدارة المدنية والمرافق العامة، وإعادة المجتمعات التي تعيش مرحلة ما بعد الصراع إلى الأوضاع الطبيعية بأسرع وقت ممكن.
القانون والنظام: لقد أدرجت الأمم المتحدة سيادة القانون بوصفها جزءا حساسا من أجزاء التخطيط للبعثة، وأحرزت تقدما كبيرا في بناء القدرة على دعم الأنشطة التي تضطلع بها الشرطة والقضاء والإصلاحيات في العمليات الجارية.
في المجتمعات التي تعيش مرحلة ما بعد الصراع، يجب أن يكون النظام القضائي، الذي يتألف من الأطر القانونية والمحاكم والقضاة والمدعين العامين والسجون، قادرا على إرساء القضاء على أسس مستقلة عادلة في مرحلة مبكرة. فإذا كانت قوة الشرطة المحلية قد فقدت مصداقيتها لدى السكان، قد تقتضي الضرورة نشر قوة دولية مؤقتة أو الاضطلاع ببرنامج شامل لإعادة التدريب. وقد تستدعي الحالة إنشاء محكمة لمعالجة جرائم الحرب التي ارتكبت في الماضي، أو تشكيل لجنة لاستجلاء الحقائق والمصالحة.
الانتخابات وإرساء الديمقراطية: لقد كُلفت بعثات عديدة لحفظ السلام إجراء الانتخابات. والانتخابات ليست بحل سريع التنفيذ، بيد أن الأمم المتحدة أدركت أهمية إتاحة الأجواء الملائمة أولا، لا سيما توفير مستوى أمني مقبول، وإطار قانوني، وعملية شفافة لتسجيل الناخبين، وحتى وضع الدستور أحيانا، وذلك بتوافق جميع الجهات الفاعلة المعنية.
الأمن: يعيق افتقار البيئة إلى الأمن عملية بناء السلام وحفظه. فالنجاح في حفظ السلام غالبا ما يشترط توافر أعداد كبيرة من القوات، لا سيما في المرحلة الأولى من مراحل البعثة. فوجودهم يمكن أن يؤمن شيئا من الاستقرار والأمن بانتظار تشكيل قوة شرطة محلية تتمتع بالمصداقية.
لقد أثارت مسألة سلامة الموظفين الميدانيين وأمنهم قلقا كبيرا داخل الأمم المتحدة بعد الهجوم الذي تعرض له مقر الأمم المتحدة في بغداد في 19 آب/أغسطس 2003، وهو الأول من نوعه، الأمر الذي دفع بالأمين العام كوفي عنان إلى إعطاء الأمر باستعراض النظام الأمني في الأمم المتحدة برمته. والتحسينات جارية، وهي تستدعي مزيدا من الدعم من جانب الدول الأعضاء.
التحرك الجماعي: لقد يسّرت الأمم المتحدة، من خلال مجلس الأمن، منتدى لبلدان العالم لكي تقرر مجتمعة كيفية التصدي للتهديدات التي تحيق بالسلام والأمن. إن الخلافات الديبلوماسية التي سبقت نشوب الحرب في العراق، ألهمت الأمين العام تشكيل الفريق الرفيع المستوى المعني بالتهديدات والتحديات والتغيير لكي يضطلع بدراسة التهديدات والتحديات التي يواجهها العالم في مجالي السلام والأمن، وإصدار التوصيات حول كيفية التصدي لها بفعالية من خلال التحرك الجماعي. ويستحق صدور التقرير الذي يعده الفريق في مرحلة لاحقة من العام 2004.

5- من يقرر إرسال عملية لحفظ السلام تابعة للأمم المتحدة ومن المسؤول عنها؟
يضطلع مجلس الأمن في الأمم المتحدة عادة بإنشاء بعثات حفظ السلام وتحديدها، وذلك من خلال تحديد ولايتها، أي وصف المهام المناطة بها. بغية تشكيل بعثة جديدة لحفظ السلام أو تغيير ولاية بعثة جارية أو قوامها، يجب أن يصوت تسعة من أعضاء مجلس الأمن الخمس عشر لصالح هذا الأمر.
إنما، في حال صوت أي من الأعضاء الخمس الدائمين، أي الصين أو فرنسا أو الاتحاد الروسي أو المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة، ضد هذا الأمر فإنه يسقطه.
يوجه الأمين العام عمليات حفظ السلام ويديرها، ويرفع التقارير إلى مجلس الأمن بشأن تقدمها. وتقع معظم البعثات الكبيرة الحجم تحت إدارة ممثل خاص للأمين العام. وتساعد إدارة عمليات حفظ السلام الأمين العام في وضع السياسات والإجراءات لحفظ السلام، وإصدار التوصيات حول إنشاء بعثات جديدة وإدارة البعثات الجارية. كما تدعم الإدارة عددا صغيرا من البعثات السياسية، مثل بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان.
تعين الأمم المتحدة مباشرة كبار الضباط العسكريين وضباط الأركان العسكريين والمراقبين العسكريين الذين يعملون في بعثات الأمم المتحدة ، عادة من خلال انتدابهم من القوات الوطنية المسلحة التابعين لها. تشارك قوات حفظ السلام، المعروفة شعبيا بذوي الخوذات الزرقاء، في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام بموجب شروط تشكل موضوع مفاوضات دقيقة بين الحكومات، وتبقى خاضعة لسلطة تلك الحكومات. ويجري نشر القوات وقادتها بوصفها وحدات وطنية ترفع التقارير حول مسائل العمليات إلى قائد قوة البعثة، ومن خلاله إلى الممثل الخاص للأمين العام.
يبقى إرسال قوات حفظ السلام أو سحبها من صلاحية الحكومة التي تطوعت بها، شأنها في ذلك شأن المسؤولية تجاه الدفع والمسائل التأديبية وشؤون الموظفين.
وضباط الشرطة المدنية تساهم بهم أيضا الدول الأعضاء، وهم يعملون على الأساس نفسه كما المراقبون العسكريون، كخبراء في بعثة تدفع لهم الأمم المتحدة.
لمجلس الأمن أن يعطي الإذن بعمليات حفظ السلام التي تضطلع بها هيئات أخرى. ولا تخضع تلك العمليات لقيادة الأمم المتحدة. ففي عام 1999 مثلا، عندما انتهت حملة القصف التي قامت بها منظمة حلف شمال الأطلسي، أجاز لها مجلس الأمن حفظ السلام في كوسوفو. وشكل في الوقت نفسه بعثة الأمم المتحدة للإدارة المؤقتة في كوسوفو، وهي عملية حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، وأناط بها إدارة الإقليم، وإرساء القانون والنظام وإنشاء مؤسسات ديمقراطية للحكم الذاتي، لا سيما تأسيس شرطة مدنية فعالة. في السنة نفسها، أجاز مجلس الأمن قوة دولية بقيادة أستراليا إعادة الأمن إلى تيمور الشرقية التي تعرف اليوم بتيمور-ليشتي. وقد استعيض عن تلك القوة في العام التالي بعملية حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة. وعام 2001، أذن المجلس لائتلاف دولي الإبقاء على وجود عسكري في أفغانستان، في حين شكل بعثة سياسية تابعة للأمم المتحدة لدعم الحكومة الانتقالية.


6- ما هي التكاليف؟
عمليات حفظ السلام مجدية من حيث التكاليف إلى أبعد الحدود. فالأمم المتحدة تنفق على بعثات حفظ السلام سنويا في أنحاء العالم أقل مما تنفقه مدينة نيويورك في ميزانياتها السنوية على دائرة مكافحة النيران ودائرة الشرطة. كما أن بعثات حفظ السلام أقل كلفة بكثير من البديل، أي الحرب. ففي عام 2002، بلغت تكاليف بعثات حفظ السلام حوالى 2،6 بليون دولار. وفي العام نفسه، أنفقت الحكومات في أرجاء العالم أكثر من 794 بليون دولار على الأسلحة، وهذا رقم يمثل 2،5 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي ولا يظهر أي بادرة من بوادر الانخفاض.
عام 1993، بلغت تكاليف عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام حدا أقصى حيث ناهزت 3،6 بليون دولار، إذ عكست تكاليف العمليات في يوغوسلافيا السابقة والصومال. ومع حلول العام 1998، كانت التكاليف قد هبطت إلى ما دون البليون. ومع عودة العمليات الواسعة النطاق، ارتفعت تكاليف عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام إلى 3 بليون دولار عام 2001.
هذا وتصل الميزانية المقترحة لحفظ السلام للفترة 2004-2005، إلى مبلغ 2.65 بليون دولار غير أن هذا المبلغ، بالمتطلبات الإضافية للبعثات الجديدة والبعثات التي تم توسيعها مؤخرا وباحتمال إنشاء بعثة جديدة في السودان يمكن أن يرتفع بزيادة 2.38 بليون دولار كذلك. إن جميع الدول الأعضاء ملزمة قانونا بأن تسدد حصصها في تكاليف حفظ السلام وفقا لصيغة مركبة وضعتها الدول نفسها. وعلى الرغم من هذا الالتزام القانوني، فإن الدول الأعضاء مدينة، حتى أيار/مايو 2004، بما يقرب من 1.19 بليون دولار كمستحقات حديثة ومتأخرات سابقة لحفظ السلام.

7- كيف يتم التعويض على أفراد حفظ السلام؟
يتقاضى جنود حفظ السلام أتعابهم من حكوماتهم وفقا لرتبهم الوطنية وجدول المرتبات. وتسدد الأمم المتحدة التكاليف إلى البلدان التي تتطوع بأفراد من القوات النظامية للعمل في بعثات حفظ السلام بمعدل موحد يكاد يربو على 1000 دولار للجندي الواحد في الشهر الواحد. كما تسدد للبلدان تكاليف المعدات. وقد تأجل السداد مرارا بسبب النقص في النقد الناجم عن عجز الدول الأعضاء عن سداد مستحقاتها في حينها. وبما أن البلدان النامية تساهم بالغالبية الساحقة من القوات في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، فإن هذا الأمر يلقي بعبء إضافي على عاتق الدول الأعضاء الأقل قدرة على تحمله. ويتقاضى أفراد الشرطة المدنية وغيرهم من الموظفين المدنيين أتعابهم من ميزانية حفظ السلام المحددة للعملية.

8- من يساهم بالموظفين؟
ينص ميثاق الأمم المتحدة على أن يتعهد جميع أعضائها، في سبيل المساهمة في حفظ السلام والأمن الدوليين أن يضعوا بتصرف مجلس الأمن ما يلزم من القوات المسلحة والتسهيلات الضرورية. ومنذ عام 1948، ساهمت في عمليات حفظ السلام قرابة 130 دولة بأفراد من الشرطة العسكرية والشرطة المدنية. ولا تتوافر سجلات مفصلة بجميع الموظفين الذين خدموا في بعثات حفظ السلام منذ عام 1948، إنما يقدر عدد الجنود وضباط الشرطة والمدنيين الذين خدموا راية الأمم المتحدة بما يساوي المليون خلال السنوات الستة والخمسين الماضية. وقد ساهم 97 بلدا، حتى حزيران/يونيه 2004، بما مجموعه أكثر من 000 56 فرد من الأفراد النظاميين وهذا أعلى رقم منذ عام 1995.
وعلى الرغم من هذا العدد الكبير من البلدان المساهمة ما زالت تنهض بالعبء الأكبر مجموعة أساسية من البلدان النامية. فقد كانت البلدان العشرة الرئيسية المساهمة بالقوات في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، حتى حزيران/يونيه 2004، هي باكستان وبنغلاديش ونيجيريا، وغانا، والهند، وإثيوبيا، وجنوب أفريقيا، وأوروغواي، والأردن، وكينيا. ويساهم الاتحاد الأوروبي بنحو 10 في المائة من القوات والشرطة المدنية التي تم نشرها في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، بينما تساهم الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 1 في المائة (انظر الجدول الوارد في الصفحة 17).
قام المسؤول عن إدارة عمليات حفظ السلام، وكيل الأمين العام، جان-ماري غيهينو، بتذكير الدول الأعضاء بأن ’’ تزويد عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام بأفراد عسكريين وأفراد شرطة مجهزين ومتدربين ومنتظمين على أكمل وجه إنما هو مسؤولية جماعية تقع على عاتق جميع الدول الأعضاء. يجب ألا تتحمل بلدان الجنوب وحدها هذا العبء، ويجب ألا يتوقع منها ذلك‘‘.
وبالإضافة إلى الأفراد العسكريين وأفراد الشرطة، كان يعمل في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، حتى أيار/مايو 2004، أكثر من 400 3 من الأفراد المدنيين الدوليين، و 500 1 من متطوعي الأمم المتحدة، وما يقرب من 500 6 من الأفراد المدنيين المحليين.


9- هل بإمكان أفراد حفظ السلام اللجوء إلى القوة؟
وفقا للمفهوم التقليدي لحفظ السلام في الأمم المتحدة، يكون أفراد حفظ السلام غير مسلحين أو يحملون أسلحة خفيفة، ولا يمكنهم اللجوء إلى القوة إلا دفاعا عن النفس. خلال السنوات القليلة الأخيرة، أثارت الأحداث جدلا حول كيفية جعل أفراد عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام أكثر فعالية في البعثات الخطرة والمعقدة، مع الحفاظ على استقامتهم.
لقد أثبتت عمليات حفظ السلام التي تفتقر إلى الموارد والحجم وقواعد المشاركة الكافية أنها عاجزة عن احتواء الفصائل المسلحة التي تظهر خلال الفترة التي تلي الحروب الأهلية. وفي بعض الحالات، تعرض أفراد حفظ السلام أنفسهم للهجمات ولإصابات مستدامة. وشيئا فشيئا، أناط مجلس الأمن بعمليات حفظ السلام ولايات على أساس الفصل السابع(2) من ميثاق الأمم المتحدة، فسمح بذلك لأفراد حفظ السلام أن يكونوا جاهزين لشهر سلاحهم للردع. وتم تعزيز قواعد المشاركة التي ترعى اللجوء إلى القوة، بحيث سمحت لأفراد البعثات حيثما كان ذلك مضمونا ’’اللجوء إلى جميع الوسائل الضرورية‘‘ لحماية المدنيين المتواجدين في جوارهم ومنع ممارسة العنف ضد الموظفين والعاملين في الأمم المتحدة. وفي الوقت الراهن، فإن بعثات الأمم المتحدة، في جمهورية الكونغو الديمقراطية وليبريا وسيراليون وكوسوفو وتيمور - ليشتي وبوروندي وهايتي وكوت ديفوار تعمل بمقتضى الولايات الممنوحة بموجب ”الفصل السابع“.
ومع التأكيد على حق ذوي الخوذات الزرقاء في حماية أنفسهم ومن أوكل إليهم حمايتهم، شدد الأمين العام على وجوب عدم اعتبار هذا ’’المبدأ‘‘ الجديد وسيلة لتحويل الأمم المتحدة إلى آلة حربية مقاتلة، واعتبار اللجوء إلى القوة تدبيرا يتخذ كملاذ أخير.

2 يحمل الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة العنوان التالي ’’ فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان‘‘، وهو يتناول ’’تسوية المنازعات بالوسائل السلمية‘‘. وهو يحدد الظروف التي يجيز فيها مجلس الأمن القوات المسلحة ’’إنفاذ قراراته‘‘ في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان.

10- كيف تتعاون الأمم المتحدة مع المنظمات الأخرى المعنية بالسلام والأمن؟
منذ مطلع التسعينات، ما برحت الأمم المتحدة تدخل في شراكات مع المنظمات الإقليمية. وسوف تكتسي هذه الشراكات أهمية أكبر عام 2004 مع شروع الأمم المتحدة في عمليات جديدة تزيد في القدرات الحالية اتساعا.
أطلقت الأمم المتحدة أولى عملياتها ضمن موقع مشترك مع قوة حفظ سلام إقليمية في ليبيريا عام 1993. وقد قامت بنشر تلك القوة الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا. وعام 1994، بدأت عملية الأمم المتحدة في جورجيا عملها مع قوة حفظ السلام التابعة لكمنولث الدول المستقلة. وفي النصف الثاني من التسعينات، تعاونت العمليات من قبيل بعثة الأمم المتحدة في البوسنة والهرسك وبعثة الأمم المتحدة للإدارة المؤقتة في كوسوفو، بالتتابع، مع منظمة حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون والأمن في أوروبا. وفي أفغانستان، تعمل القوة الدولية للمساعدة الأمنية بقيادة منظمة حلف شمال الأطلسي مع بعثة الأمم المتحدة للدعم السياسي.
وفي الآونة الأخيرة، تقدم شركاء آخرون في حفظ السلام لمساعدة عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام في لحظات حرجة بغية سد الثغرات على مستوى الانتشار والقوة ودعم تنمية قدرات الاستجابة السريعة. ففي تموز/يوليه 2003، في جمهورية الكونغو الديمقراطية، نجحت عملية أرتيميس، وهي قوة تابعة للاتحاد الأوروبي بقيادة فرنسية، في تحقيق الاستقرار في إقليم إيتوري في بونيا حيث كانت الفصائل المتحاربة تستهدف المدنيين. وبتكليف من مجلس الأمن لمدة 90 يوما، نجحت القوة في وضع حد للعنف الدائر، واستولت على الأسلحة المنتشرة في الشوارع وأنقذت آلآف المدنيين. كما مهدت الطريق أمام لواء إيتوري الذي نشرته بعثة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية قبل انسحاب القوة التابعة للاتحاد الأوروبي. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2003، في ليبيريا ومؤخرا في كوت ديفوار، مهدت القوى التابعة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا الطريق أمام انتشار القوات التابعة للأمم المتحدة. وقد وضعت ترتيبات مماثلة مع بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في بوروندي والقوة المؤقتة المتعددة الجنسيات في هايتي وبالإضافة إلى ذلك يجري تشكيل ألوية إقليمية في أفريقيا كجزء من القوة الاحتياطية الأفريقية - وهي مبادرة أطلقها الاتحاد الأفريقي ورحبت بها الأمم المتحدة ودعمتها
أدت هذه الترتيبات التعاونية مع المنظمات الإقليمية وغيرها من المنظمات الدولية المعنية بالأمن إلى تحسين الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لإنهاء النزاعات في بعض المناطق، وساهمت في استعادة الثقة الدولية بفائدة بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام. كما أنها تظهر الحاجة إلى مواصلة بناء السلام والالتزام به في الحالات التي تعقب الصراع.

11- ما هي الإجراءات المتخذة لمعالجة مسألة فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسب على مستوى بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام؟


ترتكز الأمم المتحدة في سياستها الحالية إزاء فيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسب على عدم التمييز والتقيد بالقانون الدولي لحقوق الإنسان. وتحتل مقدم الأولويات التي تضعها الأمم المتحدة نصب عينيها منع انتقال الفيروس بين أفراد حفظ السلام والمجتمعات المحلية المضيفة، وهي تشجع بشدة إجراء الاختبار الطوعي السري وإسداء المشورة إلى أفراد حفظ السلام سواء قبل الانتشار أم داخل المنطقة التي تغطيها البعثة. وقد وضع برنامج تدريب موحد المعايير للبلدان المساهمة بقوات حرصا على حصول جميع أفراد القوات النظامية التابعة لعمليات حفظ السلام على المعلومات المتعلقة بالفيروس كاملة قبل انتشارهم. وفي بعثات عديدة لحفظ السلام، تتوافر الآن خلايا تدريب، وثمة مستشارون في شؤون الفيروس.
ويحمل أفراد حفظ السلام أيضا بطاقة التوعية الخاصة ببرنامج الأمم المتحدة المعني بفيروس نقص المناعة البشرية /متلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز) التي تحتوي على الحقائق الأساسية المتعلقة بطبيعة المرض وانتقاله. وحرصا على سلامة الدم والمنتجات المستعملة في نقله داخل عيادات البعثة، تستعمل إمدادات من الموارد الخاضعة للرصد الخاصة بمنظمة الصحة العالمية.


12- ما هي الإجراءات المتخذة لمواجهة الإتجار بالأشخاص في المناطق التي تشملها عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام؟
في حالات كثيرة، يحظى الإتجار بالأشخاص بدعم الجريمة المنظمة ومن هم في موقع يخولهم التحكم بمواطن الضعف التي تنشأ في ما بعد النزاع للحصول على إيرادات. والأمم المتحدة تعمل على الحؤول دون تحول أفراد حفظ السلام إلى مصدر طلب قد يستهدفه المتاجرون. وإن برامج التوعية الموجهة إلى الموظفين العسكريين والمدنيين جارية في البعثات الحالية والجديدة، كما يجري إعداد مواد تدريبية محددة. وتتضمن الأدوات الأخرى نصائح للكشف عن هذه الأنشطة وتحديدها، وتشريعا نموذجيا لخطط العمل الوطنية. وإنّ أي ضلوع لأفراد حفظ السلام في الإتجار بالأشخاص أو في أي شكل آخر من أشكال التحرش أو الاستغلال الجنسي يعتبر سلوكا سيئا خطرا ويستتبع اتخاذ تدابير تأديبية.
وتُبذل جهود في مقر الأمم المتحدة ومع الدول الأعضاء لتعزيز آليات الكشف عن المشاكل المتعلقة بالانضباط والتحقيق فيها، إضافة إلى اتخاذ إجراءات تأديبية ومتابعتها في البعثات.

13- ما هي الإجراءات التي تتخذها الأمم المتحدة لتشجيع مشاركة المرأة في عمليات حفظ السلام؟
لقد أعرب مجلس الأمن في قراره 1325 المؤرخ 31 تشرين الأول/أكتوبر 2000 عن اعتزامه الأخذ بمنظور المرأة في عمليات حفظ السلام، وحثّ على إدخال العنصر النسائي في بعثات السلام. وتأسست المكاتب التي تعنى بشؤون المنظور الجنساني داخل بعثات السلام الكبيرة الحجم والمتعددة الاختصاصات، وتم تعيين نساء كجهات مركزية في البعثات الصغيرة الحجم. واتخذ عدد من البعثات أيضا تدابير ترمي إلى تعزيز التوازن الجنساني في قوات الشرطة المحلية والتعاون مع قوات الشرطة التي أعيدت هيكلتها مؤخرا في مسائل تتعلق بالعنف المنزلي والإتجار بالأشخاص.
وتبقى الشغل الشاغل الحاجة إلى زيادة مشاركة المرأة في جميع جوانب عمليات السلام وعلى جميع مستوياتها، لا سيما عند أعلى مستويات صنع القرار. لقد عينت المرأة الأولى كممثلة خاصة للأمين العام عام 1992 في بعثة الأمم المتحدة في أنغولا. واليوم، بعد مرور سنوات ما زال منصب واحد من مناصب ممثل الأمين العام تشغله امرأة (في بعثة مراقبي الأمم المتحدة في جورجيا). وقد دعا الأمين العام الدول الأعضاء إلى زيادة التعيينات من النساء في وظائف المراقبين العسكريين وقوات حفظ السلام والشرطة المدنية.

14- لم ينبغي على البلدان أن تساهم بقوات في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام؟
لقد اتفقت كافة الدول الأعضاء في ميثاق الأمم المتحدة على توفير القوى المسلحة بغية الحفاظ على السلام والأمن الدوليين: فحفظ السلام مسؤولية دولية جماعية. وعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام واحدة من الأدوات المحددة والفريدة المتاحة للمجتمع الدولي لمساعدته على حل النزاعات ومنع الحروب الداخلية من زعزعة استقرار المناطق حيثما توافرت له شروط النجاح. وهي أيضا مجدية من حيث التكاليف مقارنة بتكاليف النزاعات التي تحدث خسائر في الأرواح وتتسبب بانهيار الاقتصاد.
وكاستثمار، تملك عمليات حفظ السلام التي تديرها الأمم المتحدة ميزة بارزة، كونها تحتوي بحد ذاتها آلية لتقاسم التكاليف المالية والمادية وتكاليف الموظفين، مقارنة بالعمليات التي تديرها الائتلافات المخصصة. كما أن الوقت اللازم الذي يستغرقه نشر مواد انطلاق البعثات الجديدة آخذ في الانخفاض بفضل قدرة الأمم المتحدة على الاستجابة سريعا.

15- ما هي بعض أحدث عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام؟
لقد نال بعض من عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام التي منيت بالفشل قسطه من الدعاية الحسنة، بيد أن قصص النجاح لم تستقطب هكذا اهتمام. فغياب النزاع لا يحتل غالبا العناوين الرئيسية. ومن بين عمليات حفظ السلام التي حققت مؤخرا النجاح، نذكر:
البوسنة والهرسك بانتهاء عمليات بعثة الأمم المتحدة في البوسنة والهرسك في كانون الأول/ديسمبر 2002، أنجزت الأمم المتحدة أوسع عملياتها لإصلاح الشرطة وأكبر مشاريعها في إعادة الهيكلة. فقد قامت البعثة بتدريب واعتماد قوة وطنية حصينة للشرطة قوامها 17000 عنصر. وإلى جانب المحافظة على الأمن الداخلي، حققت هذه القوة تقدما في كبح التهريب والإتجار بالمخدرات والأشخاص.
تيمور-ليشتي دعيت الأمم المتحدة إلى تيمور الشرقية (التي أصبحت اليوم تيمور-ليشتي) في أواخر عام 1999 لتوجيه التيموريين نحو إرساء قواعد الحكم في أعقاب العنف والتخريب اللذين حصلا بعد المشاورات التي قادتها الأمم المتحدة حول الاندماج بأندونيسيا. لقد عملت إدارة الأمم المتحدة الانتقالية في تيمور الشرقية ضمن ولاية متعدد الأبعاد لاستتباب الأمن والحفاظ على القانون والنظام، ومتابعة العمل بالمقابل مع التيموريين من أجل إرساء أسس الحكم الديمقراطي. لقد أسست الأمم المتحدة إدارة فعالة، ومكنت اللاجئين من العودة، وساهمت في تنمية الخدمات المدنية والاجتماعية، وأمنت المساعدات الإنسانية ودعمت بناء القدرات على الحكم الذاتي وساعدت على توفير الظروف الملائمة للتنمية المستدامة.
وما زالت الأمم المتحدة موجودة في تيمور-ليشتي المستقلة لحفظ السلام (بعثة الأمم المتحدة في تيمور الشرقية) للمساعدة على بناء الهياكل الإدارية وتطوير خدمات الشرطة والحفاظ على الأمن.
سيراليون
بفضل الجهود التي بذلها المجتمع الدولي لإنهاء حرب أهلية دامت 11 عاما والانتقال بالبلد نحو السلام، استطاعت سيراليون دخول فترة ديمقراطية انتقالية وإرساء قواعد أفضل للحكم بمساعدة بعثة الأمم المتحدة في سيراليون. فمنذ انتخابات أيار/مايو 2002، تتمتع سيراليون ببيئة آمنة محسنة، وهي تواصل العمل على تعزيز السلام. وتتضمن الاستحقاقات الرئيسية إتمام نزع سلاح قرابة 75000 محارب، من بينهم 7000 طفل، وتسريحهم وإتلاف أسلحتهم. لقد عمل أفراد البعثة على إعادة بناء الطرق، وتجديد وبناء المدارس ودور العبادة والعيادات؛ وأطلقت مشاريع زراعية وبرامج ترفيهية. ويتوقع أن تنسحب البعثة مع حلول نهاية عام 2004، بانتظار أن تجري تقييمات دقيقة للأمن على الصعيدين الإقليمي والداخلي.
جمهورية الكونغو الديمقراطية وبعثة الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية هي أيضا أحرزت تقدما. فمن بعثة مراقبين صغيرة عام 2000، تطورت لتصبح في البداية بعثة لفض الاشتباك والرصد، ومن ثم بعثة مساعدة وتحقق لبرامج نزع السلاح والتسريح وإعادة التوطين وإعادة الإدماج والإعادة إلى الوطن؛ إلى أن أصبحت اليوم بعثة مهمتها تيسير العملية الانتقالية من خلال الانتخابات الوطنية عام 2005. ومن خلال بقائها على اتصال بجميع الأطراف في الحكومة الانتقالية، ساهمت البعثة في توفير بيئة مؤاتية لاعتماد التشريعات الرئيسية المتعلقة بإصلاح الجيش والشرطة ومؤهلات شتى الوزارات والمؤسسات الانتقالية.
ينعم حاليا قسم كبير من البلد بالسلام، وقد اتخذت الخطوات الرامية إلى إعادة التوحيد: فالعلم الوطني الجديد يرفرف فوق أراض كانت تقع في السابق تحت سيطرة المتنازعين؛ وقد أعيد فتح مجرى نهر الكونغو أمام حركة الملاحة؛ وتعمل خطوط الطيران الجوية بين كينشاسا والمدن التي كانت يوما تحت سيطرة المتمردين؛ وقد اتسع نطاق شبكات البريد والهاتف الخليوي. وبفضل هذا الوضع استطاعت البعثة، التي تضم 10800 جندي، وهو القوام المأذون به، أن تنشر الوحدات في قطاع إيتوري الواقع في الشمال الشرقي، حيث استمرت الاضطرابات حتى مطلع عام 2004.
ليبيريا
أُرسلت بعثة حفظ السلام إلى ليبيريا بسرعة قياسية للمساعدة على تنفيذ اتفاق سلام شامل. وحتى قبل بلوغ الحد الأقصى من القوام المأذون به البالغ 15000 فرد من أفراد القوات النظامية، شهد الوضع الأمني في البلد تحسنا هائلا. فانخفضت حدة العنف وخروقات وقف إطلاق النار، ومهد أفراد الأمم المتحدة لحفظ السلام الطريق أمام توفير المساعدة الإنسانية وتسريح المحاربين القدماء ونزع السلاح وإعادة الإدماج. وسوف يستمر الانتشار الجاري للقوات والشرطة المدنية وموظفي الشؤون المدنية خلال عام 2004 لتيسير إعادة إرساء أسس الإدارة المدنية وشؤون الحكم.



16- ما الذي يجعل من بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام ضرورة؟
حيثما تعجز الهياكل السياسية غير الملائمة عن توفير انتقال منظم للسلطة، وحيثما يتم التلاعب بالسكان غير الراضين والضعفاء، وحيثما يؤدي التنافس على الموارد النادرة إلى رفع حدة الغضب والحرمان وسط السكان الذين يرزحون تحت وطأة الفقر، سوف يستمر الصراع المسلح في الاشتعال. فهذه العناصر تؤجج العنف داخل الدول أو في ما بينها، مستعينة بأعداد لا متناهية من الأسلحة الجاهزة للاستعمال في جميع أنحاء العالم. وتنتج عنها آلام بشرية غالبا ما تكون شاملة النطاق، وتهديدات على نطاق أوسع للسلام والأمن الدوليين، وتدمير حياة الشعوب ككل في المجالين الاقتصادي والاجتماعي.
قد تبدو نزاعات عديدة في أيامنا هذه بعيدة بعض الشيء عن خط النار، إنما على دول العالم أن تقارن مخاطر التحرك بالمخاطر المشهود لها الناجمة عن عدم التحرك. قد يؤدي عجز المجتمع الدولي عن محاولة السيطرة على النزاعات وحلها بالطرق السلمية إلى نزاعات أكبر، تضم مزيدا من الجهات الفاعلة. وقد أظهرت الأحداث التاريخية مؤخرا قدرة الحروب الأهلية بين الأطراف في بلد واحد على زعزعة استقرار البلدان المجاورة سريعا والانتشار في أرجاء المناطق برمتها. فقليلة هي النزاعات التي يمكن اعتبارها ’’محلية‘‘ حقا. فهي تثير في غالب الأحيان جمهرة من المشاكل، من قبيل الإتجار غير المشروع بالأسلحة والإرهاب، والإتجار بالمخدرات وتدفقات اللاجئين وإلحاق الضرر بالبيئة. وتظهر عواقبها بعيدا عن منطقة الصراع المباشرة. والتعاون الدولي ضروري لمعالجة هذه وغيرها من المشاكل العالمية. نحن نحتاج إلى الخبرة الميدانية التي اكتسبتها عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام على مدى نصف قرن، بوصفها أداة لا غنى عنها. وإن شرعيتها وعالميتها فريدتان، وهي تستقيهما من الإجراءات التي تتخذ باسم منظمة عالمية تضم 191 دولة عضو. فعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام قادرة على فتح أبواب كانت لتظل لولاها موصدة بوجه الجهود الرامية إلى صنع السلام وبنائه ضمانا للسلام الدائم.
البلدان الخمسة والثلاثون الأكثر إسهاما في عمليات الأمم المتحدة (حتى تاريخ 31 آذار/مارس 2004)

البلد عدد أفراد الشرطة العسكرية والمدنية
1 بنغلاديش 7151
2 الباكستان 6984
3 نيجيري 3386
4 الهند 2919
5 غانا 2494
6 نيبال 2292
7 أوروغواي 1870
8 الأردن 1844
9 كينيا 1817
10 أثيوبي 1812
11 جنوب أفريقيا 1466
12 أوكرانيا 1328
13 زامبي 934
14 ناميبي 860
15 المغرب 809
16 السنغال 794
17 بولند 738
18 الأرجنتين 674
19 غينيا-بيساو 649
20 الصين* 648
21 المملكة المتحدة* 577
22 البرتغال 557
23 سلوفاكيا 519
24 تونس 505
25 آيرلند 490
26 الولايات المتحدة الأميركية* 482
27 النمسا 429
28 اليابان 408
29 السويد 395
30 أسترالي 364
31 فرنسا* 330
32 روسيا* 320
33 ألماني 311
34 بنن 311
35 مالي 298
(إجمالي الموظفين العسكريين والمدنيين = 51697)
* عضو دائم في مجلس الأمن في الأمم المتحدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن