الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الضجّة حول البرنامج النووي الإيراني جَمّدتْ قضية فلسطين لمصلحة إسرائيل

منعم زيدان صويص

2013 / 10 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


إرتبط البرنامج النووي الإيراني في أذهان الغرب، ولا يزال، بتصريحات الرئيس السابق أحمدي نجاد بأن أسرائيل يجب أن تزول من الخارطة، واستُغلت هذه العبارة أيما إستغلال من قبل الإعلام الغربي والإسرائيلي، وخاصة حكومة بنيامين نتانياهو الذي عطل أي بحث للنزاع العربي الإسرائيلي ريثما يتم هجوم غربي، أو إسرائيلي، لتدمير المنشأت النووية الإيرانية أو إجبار إيران على إلغاء برنامجها النووي، وهكذا أصبحت القضية الفلسطينية مجمدة، فلم يشهد تاريخها أسوأ من هذه الفترة، وتدعّمَ هذا الجمود بالثورات العربية الحديثة وخاصة الحرب في سوريا. وقد كرر حسن نصرالله في لبنان تصريحات أحمدي نجاد هذه، بصورة أو بأخرى. ونتيجة لهذا الإدعاء إرتفعت شعبية إيران وأحمدي نجاد وحسن نصرالله بين البسطاء والمخدوعين في العالم العربي ولم تخمد هذه الشعبية إلا بعد أن إصطفت إيران وحزب الله مع النظام السوري وأرسلوا قوات "شيعية" لتحارب في سوريا.

وبعد اشهُر من انتخابه في حزيران 2005 كرر احمدي نجاد عبارة للخميني ان اسرائيل يجب ان "تزول من الخارطة". ففي تشرين أول عام 2005 ، نقلت وكالة أخبار الجمهورية الإسلامية، إرنا، عن الرئيس الإيراني دعوته لإزالة إسرائيل من الخارطة، ومنذ ذلك التصريح لم يهدأ العالم أو يستقرولم يبق سياسي غربي إلا وشجب هذه التصريحات بأشد العبارات، وضاعفت الدول الغربية تأييدها ودعمها لإسرائيل، ماديا ومعنويا. أما أسرائيل فتلقفت تصريحات أحمدي نجاد بحماسة متناهية وأعلنت التعبئة العامة لإعلامها وإعلام أصدقائها وحلفائها، وأدانت أوروبا هذا "الكفر الشيطاني والتحدي الصارخ" وجددت الولايات المتحدة تأييدها للدولة العبرية وطمأنتها أن حماية امنها من أهم أهداف هذه القوة العظمى، و منذ ذلك الحين لم يُعرْ أحدٌ أيّ إهتمام للقضية الفلسطينية وكأنها غير موجودة.

وكان يمكن تفسير ما قاله أحمدي نجاد بطريقة أخرى، ومن وجهة نظر ثانية، وهي أن وجود إسرائيل غير طبيعي وشاذ في المنطقة وأنها ستزول إن عاجلا أو آجلا بطريقة طبيعية، ولكن الغرب وإسرائيل ركزوا على "تهديد" أحمدي نجاد بمحو إسرائيل من الخارطة ولم يلتفتوا إلى تفسيرات اخرى من الإيرانيين أنفسهم، ولا إلى تصريحاتهم بأن برنامجهم سلمي وأنهم ضد إقتناء الأسلحة النووية وأن الدين الإسلامي" يحرّمها،" كما صرح حسن نصرلله قبل أسابيع قليلة في تعليقه على تدمير أسلحة سوريا الكيماوية والبيولوجية.

ورغم أن الإعلام والمسؤولين الإيرانيين أعطوا تفسيرا منطقيا لتصريحات أحمدي نجاد إلا أن الغرب ومؤيدي إسرائيل لا زالوا على موقفهم من أن إيران تهدد وجود إسرائيل. واضطر وزير الخارجية الايراني منوشهر متقي أن ينفي أن إيران تريد «محو اسرائيل من الخريطة،» وقال خلال مؤتمر صحفي في بروكسل: «أسيء في اوروبا فهم ما قاله الرئيس، كيف يمكن ازالة بلد عن الخريطة؟ انه يتحدث عن النظام، ونحن لا نعترف قانونيا بهذا النظام.» واعترف متقي بأن الهولوكوست حقيقية، وقال امام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الاوروبي: «اصدقاؤنا في اوروبا يؤكدون ان هذه الجريمة حدثت وهم اعلنوا عن ارقام حقيقية. لا نجادل في هذا لكن ما نقوله الآتي: لماذا وجب على المسلمين ان يدفعوا الثمن لتصحيح هذا الحدث المروع ؟» ولكن متقي عاد ليضرب على نفس الوتر في ندوة عقدت في طهران في أول حزيران ، 2008، قائلا: "كما قال الامام الخميني ، اذا القى كل مسلم دلو ماء على اسرائيل ستزول من الوجود."

وفرض مجلس الأمن عقوبات إقتصادية على إيران أضرّت بالإقتصاد الإيراني بشكل واضح نتج عنها تراجع شعبية أحمدي نجاد، ونتيجة لذلك إنتُخب هذا العام حسن روحاني، الذي وُصف بالإصلاحي، رئيسا لإيران. ومع أن الرئيس في إيران يخضع لسلطة المرشد المتشدد - أو الأصح الدكتاتور- علي خامينئي، إلا أن الشعب الإيراني لم يعترض على إنفتاح روحاني على الغرب، ونتيجة لذلك بدأ التقارب بين إيران والغرب وخاصة الولايات المتحدة، وعقد روحاني والرئيس أوباما محادثات على الهاتف لمّح خلالها كل منهما إلى تنازلات وتغيير في المواقف، وفي خطوة غير مسبوقة، هنأ روحاني اليهود بعيد رأس السنة العبرية.

وقالت الأنبا أن «المرشد الاعلى السيد علي خامنئي أذن للرئيس حسن روحاني بإبداء مرونة وحسن نية إزاء حسن النية والمرونة الاميركية الظاهرة، حتى نرى الى اين ستسير الولايات المتحدة معنا والى اين سنصل معها.»
وقال "مصدر بارز في القيادة الايرانية" ان «الرئيس روحاني خطا خطوة جبارة تجاه اميركا وليس تجاه اسرائيل عندما قال ان كل جريمة ضد الانسانية، بما فيها الجرائم التي ارتكبها النازيون ضد اليهود، تستحق الشجب والادانة،» موضحاً ان «هذا الموقف هو لطمأنة اميركا ان ايران لا تعمل على إزالة اسرائيل من الوجود وان ما يقلق الولايات المتحدة من حيث الشكليات واللوبي القوي عندها، تتفهمه ايران ما دام لن يكون هناك بعد اليوم تهديد اميركي للجمهورية الاسلامية، وتالياً فإن مستوى الشك بين الطرفين سينخفض تدريجياً ولن يعود الى المربع الاول الذي وقف عنده احمدي نجاد.»

ماذ إستفاد الفلسطينيون من تهديدات أحمدي نجاد؟ إن التهديد غير المدعوم بإمكانية التنفيذ لا فائدة منه، وهو في الحقيقة ضار. الزعيم الحقيقي يجب أن يثبت مصداقيته وأن ينفذ ما يقول، ولكن القادة الإبرانيين لن يخاطروا في القضاء على نظامهم في مغامرة غير محسوبة. وإذا أراد الإيرانيون وحزب الله أن يزيلوا إسرائيل من الخارطة فمن في العالم العربي أوالإسلامي سيعترض عليهم؟ إن الذي يريد أن يحطم عدوه لا يتوعّده في العلن وينبّهه، وإنما يشن عليه هجوما مباغتا لكي يشل حركته ويمنعه من التحضير لهجوم مضاد.

القنبلة الإسلامية

في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن الماضي طوّرت الباكستان أسلحة نووية، وكان كل خوف الغرب مركزا على إسرائيل. وقد بدأ الحديث عن "القنبلة الإسلامية" منذ الستينات، عنما صرح ذو الفقار علي بوتو، الذي كان مغرما بالتحدث للصحفيين، بأن "المسلمين يحق لهم أن يمتلكوأ السلاح النووي لأن المسيحيين يمتلكونه واليهود يمتلكونه،" متعاملا مع المسألة بطريقة دينية، ولكنه نسي أوتجاهل جيرانه الهندوس. غير أن الهند، عدوة باكستان التقليدية، هي أيضا طورت سلاح نووي في نفس الوقت التي طورته باكستان. ولكن خوف الغرب من "القنبلة الإسلامية" تبدد بعد أن عقد وزيرا خاجية الباكستان وإسرائيل محادثات عام 2005، ليظهر هذا الخوف مجددا بعد أن أعلن أحمدي نجاد رأيه في إسرائيل.

لو أن إيران تمتلك أسلحة دمارشامل لترددت كثيرا في استخدامها ضد إسرائيل لأن معظم الضحايا سيكونون من الفلسطينيين الذين لا يملكون أية وسيلة وقاية، على عكس الإسرائيليين، فالحكومة توزع عليهم أقنعة واقية وتدربهم على هذا الإحتمال بانتظام. لقد إستُعملت القنابل النووية مرة واحدة، عام 1945، لتجبر الولايات المتحدة اليابان على الإستسلام وربما ثأرا للهجوم الياباني المفاجىء وغير المبرر على بيرل هاربر. ومع ذلك بقى الهجوم النووي على اليابان نقطة سوداء في تاريخ الولايات المتحدة، ولم تستعمل أي دولة قنابل نووية منذ ذلك التاريخ، وأصبحت هذه القنابل سلاح ردع فقط. ومن المنطقي القول بأن أي سلاح نووي إيراني سيشكل تهديدا، ماديا ومعنويا، لدول الخليج وليس لإسرائيل.

وبما أن إيران تقول وتؤكد أن برنامجها سلمي، وأنها لا ترغب في إمتلاك هكذا أسلحة، وأنها سترحب بالمفتشين، فالخلاف على البرنامج النووي الإيراني هو جدل قانوني وأكاديمي ليس له داع، وإسرائيل تستغل إنشغال العالم به لكي تبتلع ما تبقى من أرض فلسطين وتضع العرب أمام أمر واقع جديد وتقنعهم بأن ليس للفلسطينيين مكان على الأرض الفلسطينية وأنه من الأفضل لهم الرحيل إلى دولة عربية مجاورة. ونستطيع أن نرى ذلك بوضوح في المفاوضات الحالية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي