الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتريات الحب والحرب : رواية 38

حبيب هنا

2013 / 10 / 21
الادب والفن


- 38 -
أخذ خليل يحدث نفسه عندما ذهب إلى غرفته في الفندق وهو يتساءل : لماذا لا أقدم استقالتي من المؤسسة التي أعمل بها ؟ ولماذا لا يكون عملي مختلفاً عن مجال دراستي وتخصصي ؟ هناك أناس كثيرون لا يعملون في مجال تخصصهم، ورغم ذلك، فهم ناجحون في عملهم كأن بهم خلقوا لأجله . صحيح أنني ناجح في عملي ولكن هذا لصالحي وليس ضدي وبالتالي فهو يعزز إمكانية نجاحي في مجال آخر غير ما درست وتعودت عليه ، ثم أنني لن أخسر كثيراً إذا لم يحالفني الحظ . فبإمكاني العمل في أي مؤسسة أخرى فيما لو رفضت المؤسسة التي أعمل بها عودتي مجدداً . ثم أن كثيراً من الناس يقولون إن الأعمال الحرة تدر أرباحاً أكبر في حال نجاحها ، وأكبر دليل على ذلك هذا الرجل الذي ينوي إعادتي إلى غزة عبر الأنفاق ، فهو لم يكن يملك سوى بيت متواضع وأصبح الآن صاحب غابة من النخيل ، وهو يعرض علي العمل معه دون أن يطلب مني المال ، وهذا مبرر كافٍ لأن أثق به ، ومن الممكن أن تكون هذه أفضل فرصة تأتيني دون البحث عنها .
تابع الحديث مع نفسه وهو ما يزال يتساءل : لماذا لا أعمل معه ، على الأقل في بادئ الأمر ، وأنا على رأس عملي في المؤسسة ، وفي حال النجاح أقوم بتقديم استقالتي ؟ وهكذا أكون بمنأى عن أية خسارة .
على أية حال ، أمضي معظم الليل وهو يفكر في العمل ويضع الفرضيات والاحتمالات المختلفة ويقلب الأمر على مختلف الأوجه بما فيها إن بقائه في المؤسسة أفضل بآلاف المرات من المجازفة ، على اعتبار أن العمل في الأنفاق غير مضمون البقاء إلى مالا نهاية ، ومع ذلك ، ما لبث أن رأى أن أشهراً قليلة إذا قيض له النجاح تكفيه عن العمل حتى بلوغ سن التقاعد . ذلك أن حجم الأرباح لا يمكن تصوره بدون الممارسة الفعلية أو الاقتراب الحقيقي من الذين مارسوها ، فضلاً عن المثال الحي الذي بين يدي ، الرجل الذي يعرض عليّ العمل في وقت قصير امتلك غابة من النخيل وما كان له أن يمتلكها دون تجارة الأنفاق ، بالإضافة إلى الشاهد الملموس : ارتفاع أسعار العقارات بفضل استثمار الأموال العائدة من أرباح الأنفاق ، لدرجة لم يعد بوسع المواطن العادي الذي يمارس أياً من الأعمال الحرة توفير المبالغ التي تحتاجها شقة سكنية ، فكيف إذن يستطيع امتلاك عشرات الدنومات من الأراضي الزراعية .
ومع ذلك ، أي نوع من التجارة التي تدر هذا الربح ؟ هذا التساؤل أمضى ما تبقى من الليل دون الوصول إلى إجابة قاطعة عليه . قد تكون التجارة في الممنوعات من سلاح ومخدرات أو أسماك فاسدة أو مسروقات يبحث عنها البوليس الدولي ، وقد تكون مدخل تضليلي لغسيل الأموال التي يسعى إليها كبار تجار السوق السوداء في مختلف أنواع الممنوعات والتي يطاردها المجتمع الدولي ويتعقب الجهات التي تعمل في مجالها ، الأمر الذي من شأنه تعريض نفسه لخطر هو في غنى عنه .
وربما القدر وحده هو الذي هيأ كل شيء بتلقائية عفوية ودون تخطيط مسبق كأن بالرجل يعرفني منذ زمن وهو الذي لم يتحدث معي سوى قبل بضع ساعات .وهذا يؤكد أن كل شيء في هذا الكون إنما هو مسجل وفقط علينا الموافقة عليه . ولكن إذا لم أوافق ألا يعني ذلك أنه غير مسجل ، أم أنه مسجل مع إضافة الرفض له .
إن هذه الوقائع لهي محيرة ومربكة في آن معاً ! الأمر الذي أرهقه التفكير فيه لدرجة لم يعرف فيها بالضبط كيف غط في نوم عميق على وقع التفكير . ولم يصل إلى قرار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع